الطفل والأسرة 

تمهيد:

 لقد خلق الله البشر، وجعل منه الذكر والأنثى قصد المؤانسة والمعاشرة وتكوين الأسر من أجل إعمار الأرض وتطبيق شرع الخالق فيها، وحث الأبوين على الإنجاب وتربية الأبناء حتى تستمر الحياة...

الطفل والأبوان:

 لا يختلف اثنان في أهمية الرعاية الأبوية للأبناء وما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على تنمية شخصية الطفل وضمان الاستقرار النفسي، فالطفل الذي يعيش في كنف أبويه وحضنهما تستقيم سلوكه وتتهذب أخلاقه وتصفو سريرته ضمنيا وبشكل تدريجي خلافا لما يتعرض له الطفل المحروم من دفء الأم والأب حيث الانفصام في الشخصية والأزمات النفسية ناهيك عن السلوكات الشاذة والانحرافات المتكررة.

 فالأبوان لهما تأثير جد قوي على مسار التكوين النفسي والمادي للطفل مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يولد الطفل على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ).

فالطفل يستقي الأخلاق الفاضلة والممارسات الإيجابية والتصرفات الصائبة من أبويه بشكل عميق والعكس أيضا صحيح، فالولد يحاكي أباه ويقلده في كل شيء والبنت هي الأخرى تحاكي أمها وتقلدها في أدق الأمور.
  لدى بات من اللازم أن ينتبه الأبوان لكل صغيرة وكبيرة بشكل دائم ومستمر، وأن يحرصا كل الحرص على ما تتلفظ به أفواههما وما تفعله جوارحهما لأن الطفل يثق في أبويه ثقة عمياء.

 كما ينبغي عليهما ألا يأمرا أبناء هما بفعل شيء أو يحضهما على التحلي بخصال أو ممارسات لا يقومان بها أو يفعلان عكسها، فهذا يؤدي بشكل غير مباشر إلى اضطرابات نفسية داخلية لا يعلم خطورتها إلا الله.

  فليتمعن الآباء في قول الشاعر، وليجعلوه نصب أعينهم صباح مساء:

لا تنهى عن خلق وتأتي مثله   * * * * *   عــار عليك إذا فعلت عظيــــم

إذا نحن أردنا ذرية صالحة فلنشمر على سواعدنا ولنحذر من فلتات ألسننا ولنراقب تصرفاتنا وحركاتنا فالابن سر أبيه والبنت سر أمها كما يقال.

الطفل والإخوة:           

غالبا ما يعاني الطفل وحيد أبويه من مشاكل قد تؤثر سلبا على علاقاته الاجتماعية في المستقبل، فهذا الصنف من الأطفال يشتكون من معوقات اجتماعية ونفسية كالخجل والوحدة والعزلة والطبع الحاد.

 فالإنسان بشكل عام اجتماعي بطبعه، يحتاج لنسج علاقات تساعده بشكل أو بآخر في إخراجه من العزلة والانطوائية. وبالتالي فالطفل الذي يجد أخا أو أختا أو هما معا بجانبه لا شك أنه سيتخلص من تلك المشاكل النفسية والاجتماعية، كما أن دفء إخوته سيكسبه جملة من الخصال والتصرفات الإيجابية :

·        الاستشارة الدائمة.

·        تبادل الأفكار.

·        المشاركة في اللعب.

·        التأثر والتأثير.

·        الحماية والاطمئنان.

·        الارتقاء في التحصيل.

·        صقل المواهب والمهارات.

   

 ففي ظل الأسرة المتعددة الأفراد، تنسج علاقات لا حصر لها وتمرر عدة توجيهات وتأثيرات إيجابية وسلبية في نفس الوقت، لدى أريد أن أنبه الآباء إلى عدم التمييز بين الأبناء والحرص على اعتبارهم سواسية في الحقوق والواجبات وعدم خلق فوارق تفاضلية بين الكبير والصغير ولا بين الذكر والأنثى.

 فإن من تسول له نفسه اعتماد مبدأ التمييز بين أبنائه قد يجره سلوكه هذا إلى حرب مدمرة قد تأتي على الأخضر واليابس وتنسف كل مجهودا ته من أجل تكوين الأسرة الفاضلة.

 فاحرصوا أيها الآباء على اعتماد مبادئ الديمقراطية بين أبنائكم وشاركوهم همومهم وأفراحهم ولنرجع إلى ديننا الحنيف ففيه ما يشفي الغليل ويقنع الجاحد ويرشد الحيران.

 

الطفل وباقي أفراد العائلة :     

  قد يحتاج الطفل إلى توسيع علاقاته والخروج بها من مجال الأسرة الصغيرة خاصة عند بداية المراهقة إلى ما هو أوسع. وهكذا يجد الطفل أو المراهق في أفراد العائلة الكبيرة المتنفس والحل الأقرب للتنفيذ. فالطفل يجد أحيانا في أفراد عائلته الخارجية السند المتفهم والمحاور الديمقراطي والناصح الأمين والمرشد السديد.

    قد يتعذر على الطفل مصارحة أبويه أو إخوته لدى يلجأ إلى باقي أفراد عائلته لأنهم يمثلون بالنسبة إليه أشخاصا بعيدين عن أسرته الصغيرة ومحط ثقة كبيرة، فقد يبوح لهم بأسراره ويشركهم همومه وطموح

بقلم: ذ. عبدالرحمان سكتــان

اطبع هذه الصفحة