الدكتور حسان شمسي باشا
استعمل الإنسان العسل في علاج الأمراض منذ قديم
الزمن . فاستخدمه المصريون القدامى والإغريق والرومان والصينيون والهنود .
ولعل أروع ما جاء في وصفه قوله تعالى :
( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من
الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون . ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا
يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ) النحل
68 – 69
وقد جاء في كتاب " الطب من الكتاب
والسنة " لموفق الدين البغدادي : " وقد كان رسول الله عليه الصلاة
والسلام يشرب كل يوم قد عسل ممزوج بالماء على الريق ، وهذه حكمة عجيبة في حفظ
الصحة " .
وقال
عليه الصلاة والسلام : " عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن " .
ومن
الاعتقادات الشائعة بين الناس أن مربي النحل يعمرون ويحيون حياة صحية مديدة أكثر من
غيرهم .
ويذكر
المؤرخون أن " فيثاغورث " صاحب نظرية فيثاغورث الشهيرة ، قد عاش أكثر من
تسعين عاما ، وكان طعامه يتألف من " الخبز والعسل " . وأن أبولونيوس عاش
أكثر من مئة عام ، وكان غذاؤه الخبز والعسل .
ولا
عجب إذا عرفنا أن أبا الطب " أبو قراط " الذي عمر أكثر من 108 سنوات كان
يأكل العسل يوميا . وكان العسل الطبيعي من الأشياء المحببة للشاعر الإغريقي "
أناكريون " الذي عاش أكثر من 115 عاما .
وفي
حفل عشاء للاحتفال بعيد الميلاد المئوي ليوليوس روميليوس ، سأله يوليوس قيصر عن
سبب قوة صحته العقلية والجسمية حتى تلك السن المتأخرة ، فأجاب " العسل من
الداخل والزيت من الخارج " .
ومن
الصعب جدا إثبات القول الشائع : " إن العسل يطيل العمر " ، فيقول
الدكتور كروفت في كتابه Honey
& Health : " لو أردنا أن
نقوم بتجارب على البشر لنجيب على هذا السؤال لاحتاج الأمر إلى أجيال عديدة ، حتى
نتأكد من صحة البحث علميا ، وهذا أمر مستحيل " .
ولكن
.. كانت هناك دراسات علمية عديدة أجريت على العسل خلال السنوات القليلة الماضية ،
فكانت هناك دراسة في المجلة الطبية البريطانية " B.M.J " أدى فيه إعطاء العسل
للأطفال المصابين بالإسهالات إلى سرعة شفاء هؤلاء الأطفال. وكانت هناك دراسة في
مجلة الجراحة البريطانية عام 1988 م حول استعمال العسل في الجروح والقروح الملتهبة
التي لم تستجب للمضادات الحيوية ، فكان له العسل شفاء خالصا .
كما
نشرت المجلة الأسترالية الطبية ( Aust - N - Z - J - Obstet – Gynecol ) في شهر نوفبمبر
1992دراسة قام فيها باحثون أستراليون ، استعملوا فيها العسل في علاج 15 مريضة ،
تفتحت الجروح عندهن بعد إجراء العملية القيصرية . ويقول هؤلاء الباحثون : "
إن وضع العسل على الجروح المتفتحة كان فعالا وغير مكلف ، كما ألغى الحاجة إلى
إعادة خياطة هذه الجروح وتعريض المريض لعملية جراحية أخرى " .
ونشرت
مجلة Surgery عام 1993
دراسة قام بها الدكتور Efen عالج فيها
عشرين مريضا مصابا بنوع من الغرغرينا تسمى " Fournier's Gangrene " بالعسل
موضعيا على الغرغرينا إضافة إلى استعمال المضادات الحيوية عن طريق الفم .
وعولجت
مجموعة مماثلة بالطرق التقليدية . فوجد الباحثون أن وضع العسل على الغرغرينا قد
أعطى تفوقا واضحا على العلاج التقليدي ، وكانت استجابة المرضى أكثر عند من وضع
عليه العسل .
كما
نشرت مجلة اللانست البريطانية الشهيرة عام 1993 مقالا ذكرت فيه فوائد العسل في
علاج الجروح والقروح ، وفي الحفاظ على قطع الجلد المزروعة عند المرضى .
وظهر
حديثا عام 1992 في مجلة Infection
الأمريكية
الشهيرة بحث حول تأثير العسل على الجراثيم المسببة للالتهابات في جروح العمليات .
وتبين أن العسل الطبيعي غير المصنع قد استطاع في أطباق المختبر ، تثبيط نمو معظم
الجراثيم والفطور المسبب لالتهابات تلك الجروح ، باستثناء جرثوم يدى العصيات الزرق
Pseudomonas وآخر يدعى Clostridium . وقورن في
التجربة نفسها تأثير العسل بتأثير محلول سكري مركز ، له نفس الخواص الفيزيائية
للعسل ، فتبين أن المحلول السكري لم يستطع تثبيط أي من الجراثيم أو الفطور .
واستنتج
الباحثون أن العسل يعتبر علاجا مثاليا في تضميد الجروح المتقيحة بعد العمليات
الجراحية .
وكانت
هناك دراسة أخرى ظهرت في المجلة الاسكندنافية للأمراض الهضمية ، أجرى فيه الباحثون
دراسة على الفئران حول تأثير العسل في وقاية المعدة من حدوث التهاب فيها نتيجة
التخريش المستمر للكحول . وكانت نتائج الدراسة إيجابية جدا ، واقترح الباحثون
إجراء دراسات مماثلة على الإنسان .
كما
قام الباحثون بإجراء دراسة أخرى حول تأثير العسل الطبيعي على جرثوم Helicobacter Pylori الذي يسبب التهابا في المعدة . فتبين أن إعطاء
محلول من العسل بتركيز 20 % قد استطاع تثبيط ذاك الجرثوم في أطباق المختبر .
ومن
نيوزيلاندة ، خرجت حديثا دراسة لمعرفة أفضل أنواع العسل النيوزيلاندي غير المبستر
في تأثيره على الجراثيم . وكان أفضلها نوع يدعى Manuka Honey . ولا شك أن أفضل أنواع العسل هو العسل
الطبيعي غير المصنع ، إلا أن العسل التجاري المنتج من دولة واحدة وخاصة عسل
الأكاسيا يظل غذاء نافعا بإذن الله تعالى .
وهكذا
تتوالى الدراسات العلمية من أماكن مختلفة من العالم تثبت بعضا من فوائد العسل التي
اكتشفت حتى الآن .
ويقول
البروفسور كروفت في كتابه Honey
& Health " إن
تناول العسل الصافي يمكن في أحسن الأحوال أن يقوم بعمل رائع جدا ، ولو افترضنا أنه
لا يفيد ، فإنه قطعا لا يضر . وليس هناك من أنواع الطعام إلا النــزر القليل جدا
من تنطبق عليه هذه الأوصاف .
من شاء التوسع في
فوائد العسل فلينظر كتابنا " معجزة الاستشفاء بالعسل . حقائق وبراهين "
وهو من إصدار مكتبة السوادي بجدة ودار القلم بدمشق .