الوقاية من مرض شرايين القلب التاجية
الدكتور حسان شمسي باشا
يعتبر مرض شرايين
القلب التاجية القاتل الأول في أمريكا وأوروبا . وللأسف الشديد يزداد حدوث هذا
المرض في بلادنا ازديادا مريعا ، فأصبحنا نرى شبابا في الثلاثينات والأربعينات من
عمرهم ، وقد أصيبوا بجلطة في القلب . فالتدخين ، والإفراط في الأكل ، والكسل ،
وعدم الحركة ، والتعرض للضغوط النفسية الشديدة يهيء المناخ لمرض شرايين القلب
التاجية .
ما هي شرايين القلب
التاجية ؟
شرايين القلب التاجية
هي الشرايين التي تغذي عضلة القلب ذاتها . فهناك شريانان تاجيان أساسيان يخرجان من
الشريان الأبهر ( الأورطي ) ، ثم يتفرع الشريان التاجي الأيسر إلى فرعي .
ما هو مرض شرايين
القلب التاجية ؟
يحدث هذا المرض نتيجة
تضيق أو انسداد في الشرايين التاجية ، ويحدث ضيق الشريان بسبب تصلبه ، أي أن
الشريان يفقد مرونته وتترسب فيه الدهون والألياف مما يعيق مجرى الدم . ويظهر المرض
على صورتين : الذبحة الصدرية ، و جلطة القلب ( احتشاء عضلة القلب ) .
ما هي " الذبحة
الصدرية " ؟
ويطلق هذا الاسم على
الألم الصدري الذي يحدث عندما لا تستطيع عضلة القلب تأمين حاجتها من الأوكسجين ،
نتيجة تضيق في شرايين القلب التاجية . ويحدث هذا الألم عادة خلال الجهد ، ويزول
بتوقف المريض عن الجهد .
ما هي جلطة القلب (
احتشاء عضلة القلب ) ؟
تحدث جلطة القلب عندما
يسد أحد الشرايين التاجية بجلطة ( خثرة ) ، فلا تسمح للدم بالمرور عبره. فيتخرب
جزء من عضلة القلب كان يروى بذلك الشريان المسدود . وجلطة القلب هي القاتل الخفي
الذي يقبع وراء كثير من حالات الموت المفاجئ التي تداهم الشخص وهو في أوج عافيته
وصحته .
ما هي العوامل المسببة
للإصابة بمرض شرايين القلب ؟
هناك مجموعة من
العوامل المهيئة للإصابة بهذا المرض . ونطلق على هذه العوامل اسم " عوامل
الخطر" Risk factors وتقسم هذه
العوامل إلى :
1.عوامل لا
يمكن التحكم فيها : كالعمر والجنس والوراثة .
2.عوامل يمكن
التحكم فيها والسيطرة عليها : كالتدخين ، وارتفاع كولسترول الدم وارتفاع ضغط الدم
، ومرض السكر ، وعدم القيام بالرياضة البدنية ، والبدانة وغيرها.
وتتضاعف خطورة مرض
شرايين القلب إذا كانت لدى المريض عدة عوامل مهيئة للمرض ، فإذا كنت مدخنا فإن خطر
حدوث هذا المرض عندك هو ضعف ما هو عليه عند غير المدخنين . وإذا كنت في الوقت ذاته
مصابا بارتفاع كولسترول الدم أيضا ، فإن الخطر يزداد إلى أربعة أضعاف .
وإذا كنت مدخنا ومصابا
بارتفاع كولسترول الدم ، وارتفاع ضغط الدم ، فإن احتمال حدوث مرض شرايين القلب
يصبح ثمانية أضعاف ما هو عليه عند الخالين من هذه الأمراض .
الذبحة الصدرية :
يحدث ألم الذبحة
الصدرية غالبا خلف عظم القص في وسط الصدر . وكثيرا ما ينتشر الألم عبر الصدر أو
إلى الذراعين ، وخاصة الذراع الأيسر . ويحدث الألم عادة عند الجهد ، ويزول بالراحة
أو باستعمال حبوب النيتروغليسرين تحت اللسان .
كيف تشخص الذبحة
الصدرية ؟
قد يطلب الطبيب عددا
من الفحوص مثل تخطيط القلب الكهربائي ، واختبار الجهد على السير أو بالأشعة
النووية . وقد يضطر الطبيب لإجراء القسطرة القلبية للتأكد من التشخيص .
كيف تعالج الذبحة
الصدرية ؟
تعالج نوبة الذبحة
الصدرية بحبوب النيتروغليسرين تحت اللسان . وتستعمل هذه الحبوب عند الحاجة . ولكن
ينصح بعدم تناول أكثر من حبتين في الوقت نفسه .
وهناك عدد من الأدوية
التي تستخدم في علاج الذبحة الصدرية كمركبات النترات مثل أيزورديل ، وحاصرات بيتا مثل التنورمين
، أو مضادات الكالسيوم كالأدالات
والأملور وغيرها ، وإذا تكررت
الآلام ولم تستجب
للعلاج فقد يحتاج المريض إلى توسيع للشريان التاجي بالبالون ، أو ربما عملية وصل
شرايين القلب التاجية CABG .
وينبغي التأكيد على
ضرورة التوقف عن التدخين ، وتخفيف الوزن ، ومعالجة ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع
كولسترول الدم إذا وجد عند المريض .
جلطة القلب ( احتشاء
عضلة القلب ) :
تحدث جلطة القلب حينما
يسد أحد الشرايين التاجية بخثرة ( جلطة ) فلا تسمح للدم بالمرور عبره . فيتخرب جزء
من القلب كان يغذى بهذا الشريان . فإذا كان هذا الجزء صغيرا فإنه يتطور إلى نسيج
" ندبي " scar ، ويعود المريض تدريجيا لحياته العادية .
أما إذا كانت مساحة الجزء المتموت واسعة ، أو كان مكان الإصابة هاما وحساسا فمن
الممكن أن تحدث اختلاطات خطيرة .
كيف تشخص جلطة القلب ؟
يشكو المصاب بجلطة (
احتشاء ) القلب من ألم شديد جدا عبر الصدر ، وينتشر الألم عادة إلى الذراع الأيسر
، وقد يترافق بغثيان أو ضيق نفس أو إغماء .وقد يبدو المريض شاحبا ومتعرقا . ويحتاج
تشخيص هذه الحالة إلى توثيق بواسطة تخطيط القلب الكهربائي وإجراء معايرة أنزيمات
القلب في الدم .
كيف تعالج جلطة القلب
؟
ينبغي التأكيد على
ضرورة نقل المريض المشتبه بإصابته بجلطة القلب إلى المستشفى بأسرع وقت ممكن. فكل
دقيقة لها حساب عند مريض الجلطة القلبية . ووصول المريض إلى المستشفى بسرعة يزيد
من فرص استعمال الدواء الحديث الذي يمكن أن يحل جلطة القلب . حيث أن الفائدة
المرجوة من استعمال هذا الدواء تكون على أشدها في الساعات الأولى من بداية ألم
الجلطة القلبية . ويعطى
المريض فورا حبة من
الأسبرين ( ما لم يكن مصابا بقرحة في المعدة ) ومسكنات الألم كالمورفين .
ويدخل المريض إلى غرفة
العناية القلبية المركزة حيث يوضع تحت الرقابة المكثفة لمدة 24 ساعة على الأقل
.وقد يعطى المريض عددا من الأدوية مثل النيتروغليسرين بالوريد ، وحاصرات بيتا
كالتنورمين
والهيبارين ،
والكابتوبريل وأمثاله .
ويبقى مريض الجلطة في
المستشفى حوالي 7 أيام . وقد يجرى اختبار الجهد قبل خروج المريض من المستشفى .
وإذا لم يستطع المريض إكمال هذا الاختبار أو حدث ألم في الصدر فقد يفكر الطبيب
بإجراء فحوص أخرى كالقسطرة القلبية .
هل يحتاج مريض الجلطة
إلى علاج بعد خروجه من المستشفى ؟
معظم المرضى يحتاجون
إلى دواءين أو أكثر . واستعمال الأسبرين وحاصرات بيتا كالتنورمين مثلا أمر روتيني
في معظم الحالات للوقاية من حدوث جلطة أخرى .
متى يعود مريض الجلطة
إلى حياته العادية ؟
إذا كانت الأمور كلها
على ما يرام فإن المريض يزيد من نشاطه تدريجيا يوما بعد يوم . ولكن ينبغي تجنب
الأعمال المجهدة في الأسابيع الستة الأولى بعد الجلطة . وإذا لم تكن هناك أية
أعراض ، يمكن العودة إلى قيادة السيارة بعد 4 - 6 أسابيع ، وإلى المعاشرة الزوجية
بعد حوالي 4 أسابيع كما يمكن العودة إلى العمل بعد حوالي 6 - 8 أسابيع .
هل فات الأوان ؟
سؤال يطرحه الكثيرون .
والجواب قطعا : لا . فالأمل عظيم في أن يتمكن كل إنسان من التحكم في طريقة الحياة
التي يحياها ف مواجهة عوامل الخطر . فلو تحكمت في واحد من هذه الأخطار خطوت خطوة
لزيادة فرصتك في حياة أسلم . وإذا تحكمت بها جميعا ، يمكنك أن تقوم بهجوم مضاد
لأولئك القتلة الصامتين لقلب الانسان .
كيف تقي نفسك من مرض
شرايين القلب التاجية ؟
1) توقف عن التدخين :
فإذا كنت مدخنا ، فإن
أيسر وأكثر الوسائل فعالية في حماية قلبك من حدوث جلطة ( احتشاء ) فيه هي أن تتوقف
عن التدخين .
والحقيقة أن فوائد
التوقف عن التدخين تبدأ منذ اليوم الأول الذي تقلع فيه عن التدخين . وبعد خمس سنين
تقريبا من التوقف عن التدخين فإن احتمال حدوث مرض في شرايين القلب يصبح مساويا لمن
لم يدخن في حياته قط . وتذكر أن التدخين يشمل الشيشة والسيجار والبايب فكلها تحتوي
على مواد ضارة للصحة بنسب مختلفة . وتؤكد الاحصائيات أن تدخين السجائر ذات القطران
أو النيكوتين لا تقلل من مخاطر الاصابة بأمراض القلب .
2) تناول غذاء صحيا :
فقد أكدت الدراسات أنه
كلما زادت كمية الدهون المشبعة في الطعام زاد انتشار مرض شرايين القلب . والغذاء
الغني بالدهون يرفع كولسترول الدم ، وبالتالي يحدث تصلبا في الشرايين . وبالمقابل
فإن الغذاء الفقير بالدهون المشبعة ينقص الكولسترول ويوقف عملية تصلب الشرايين ،
ويقلل من احتمال حدوث جلطة في القلب .
3) مارس نوعا من أنواع
الرياضة البدنية :
فقد أكدت الدراسات
الحديثة أن إجراء تمارين رياضية كالمشي السريع أو الجري أو ركوب الدراجة أو السباحة
لمدة 20 - 30 دقيقة مرتين أو ثلاث مرات في الاسبوع يفيد في الوقاية من أمراض
شرايين القلب .
والمشي السريع من أفضل
أنواع الرياضة البدنية ، والأشخاص النشيطون جسديا يتمتعون بشرايين قلبية أوسع من
الأشخاص الخاملين .
4) تجنب البدانة :
فالبدانة ترفع ضغط الدم
وتؤهب لمرض السكر . ولا شك أن اتباع نظام سليم وممارسة الرياضة بانتظام تجعلك
تحافظ على وزنك المثالي .
5) عالج ارتفاع ضغط
الدم أو مرض السكري :
فلحماية قلبك من مرض
الشرايين لا بد من السيطرة على ضغط الدم إن كان مرتفعا عندك ، ومعالجة مرض السكر
بحكمة ودراية .
6) تجنب الانفعالات
النفسية قدر الامكان .
ولا شك أن أفضل أساليب
الوقاية التي تعود عليك بالفائدة المثلى هي تلك التي تؤثر في أطفالك ، فإذا كان
غذاؤك قليل الدسم ، واتبعت بعض التمارين الرياضية بانتظام ،وامتنعت عن التدخين ،
وكانت هذه العادات الصحية جزءا من حياتك اليومية في البيت ، فإن أطفالك سوف
يترعرعون على هذه الأمور ....