عوده ابوتايه

البحث العام

عودة ابوتايه

حياته - دوافعه في الثورة العربية - أثره في الثورة العربية

باشراف الدكتور كامل ابو جابر

إعداد

فواز ابوتايه

العلوم السياسية السنه الرابعة

كلية الاقتصاد والتجارة - الجامعة الاردنيه / عمأن

1969/1970

البحث العام المقرر لنيل درجة البكالوريوس في قسم العلوم السياسية


الإهداء...........................................................................

المقدمة...........................................................................

خطة البحث......................................................................

منهج البحث التاريخي:....................................................................................................................

منهج البحث الميداني :.....................................................................................................................

المنهج التحليلي:.................................................................................................................................

بيئته العامة.......................................................................

بئيته الخاصة.....................................................................

نسبهم:.....................................................................................................................................................

نسب عوده ابوتايه:............................................................................................................................

نشأته...........................................................................

شخصيته وصفاته...............................................................

ولكن ماذا عن النساء في حياة عوده؟..........................................

هل كان عوده ابوتايه متدينا؟..................................................

ولكن هل كان عوده يؤمن بالأحلام والخرافات والتعاويذ؟......................

غزوات عوده ابوتايه قبل قيام الثورة العربية:........................................................................

الحرب مع قبيلة شمر : -1908.............................................

الحرب مع قبيلة عنزه : 1905-1909......................................

الحرب مع قبيلة الشرارات:-.....................................................................................................

الحرب مع قبيلة الحويطات ( أتباع آل الجازي):-.............................................................

الحرب مع قبيلة بني صخر 1910-1912...................................

ولكن هل كان النجاح حليفه دائما ؟...........................................

دوافعه للثورة:......................................................................................................................................

عامل حب الشهره............................................................

طبيعة علاقة عوده مع الحكومة التركية:-.............................................................................

كراهيته العميقة للأتراك....................................................

شعوره بأن الدولة عاجزة عن اتخاذ إجراءات فعاله ضده:-.......................................

بدء استعمال القطارات والسيارات والطائرات:-............................................................

العامل الاقتصادي:-........................................................................................................................

عامل رغبة في تحرير العرب:-...............................................................................................

العامل الديني.................................................................

أثر عوده ابوتايه في الثورة العربية:...........................................................................................

تمهيد:..................................................................................................................................................

العمليات العسكرية باختصار..................................................

والسؤال الذي يرد هو ما هي أهمية فتح العقبه؟...............................

ولكن من هو فاتح العقبه الحقيقي؟.............................................

العمليات التي نفذها رجال الحويطات بقيادة عوده ابوتايه دون مشاركة من الجيش النظامي والقبائل الأخرى:-    

العمليات التي اشترك في تنفيذها عوده ابوتايه ورجاله مع قوات فيصل والقبائل الأخرى:-           

الآثار المعنوية التي نجمت عن انضمام عوده إلى الثورة العربية..............................

عوده ابوتايه بعد الثورة.........................................................

أسباب الخلاف بين الأمير عبد الله وعوده ابوتايه..............................

المراجع........................................................................

المقابلات الشخصية.............................................................

ملحق رقم 1....................................................................

ملحق رقم 2....................................................................

ملحق رقم 3....................................................................

 


الإهداء

إلى الرعيل الأول من أبناء أمتي ، الذين بذلوا النفس والنفيس في سبيل تحرير أبناء أمتهم ، وبعث عزتهم القومية . . .

اهدي هذا الجهد المتواضع


المقدمة

        راودتني فكرة الكتابة في هذا الموضوع منذ زمن ، إلى أن تكرم الأستاذ الدكتور كامل أبو جابر بالأشراف على هذا البحث ، مما أتاح لي فرصه ثمينة بادرت إلى استناحها.

        وبالرغم مما في هذا البحث من إحراج شخصي لي كحفيد للرجل الذي أتناول حياته ، فأنني حاولت أن أكون متجردا وموضوعيا بقد ما تسمح به الطبيعة البشرية.

        وعليه فقد أوردت ما للرجل من حسنات وما عليه من مآخذ.  أوردت الأولى لا مدحا ، و أوردت الثانية لا قدحا .  و أنما أتيت بهذه وتلك كمحاولة لإبراز صوره اقرب ما تكون إلى الواقع.  مستعملا في ذلك منهج البحث العلمي اتقاء للهفوات وتجنبا للمبالغات.

        و أود أن أسجل شكري وتقديري هنا لأستاذي الكبير الدكتور كامل أبو جابر وإلى الأستاذ سليمان موسى والأستاذ محمود العابدي لما تكرموا به من توجيه و إرشاد كما أود أن اشكر كل من السادة محمد علي العجلوني وسليمان كريشان ومحمد ابوتايه لما تفضلوا به من معلومات قيمه ، كانت العون الأكبر في إتمام هذا البحث.

خطة البحث

هذا النوع من الأبحاث والذي يدعى "بالتراجم الشخصية " أو "السير" يتطلب إتباع أنواع محدده من مناهج البحث العلمي، ولذلك اتبعت المناهج التأليه:-

منهج البحث التاريخي:

من المحتم علينا ونحن نكتب عن أشخاص وحوادث سابقه أن نتبع هذا المنهج ، وذلك بالإطلاع على الكتب التي وضعت في هذا الموضوع على أن نكون حذرين وأن نسلط ضوء العقل والمنطق على كل ما نقرأ.  وأهمية هذا المنهج تنبع من كونه وسيلتنا الأولى لوضع الأشخاص والأحداث في إطارها التاريخي الصحيح.

منهج البحث الميداني :

بما أنه يوجد عدد من الأشخاص ممن شاركوا في أحداث الثورة العربية ما يزالون على قيد الحياة ، فأنني عمدت إلى تجهيز عدد من الأسئلة مسبقا وتوجيهها لهم ، هذا بالإضافة إلى فتح المجال لهم ليذكروا أي شيء آخر لم تتناوله الأسئلة.

المنهج التحليلي:

بعد تجميع المعلومات من المصادر المكتبية والميدانية ، بدأت في عملية تدوينها كما وردت ، ثم قمت بتحليلها محاولا الوصول إلى بعض النتائج من جهة ، ومحاولا بيأن مدى قوة هذه المعلومات أو ضعفها من جهة ثانيه.

بيئته العامة

        بقيت منطقة شرق الأردن خاضعة رسميا للحكم العثماني حتى عقدت معاهدة لوزان عام 1919 ، وكأن قد تم تحريرها فعليا قبل ذلك

        وبذلك انتهت السيطرة العثمانية التي استمرت 400 عام ، فقد تهاوى عهد المماليك في معركة مرج دابق الحاسمة عام 1516 التي دارت بين المماليك والعثمانيين في شمال سوريا ، ومنذ تلك المعركة توالت الانتصارات العثمانية حتى شملت جميع البلاد العربية في آسيا وأفريقيا تقريبا.

        ولما دانت تلك البلاد للعثمانيين لو يعملوا على إصلاح أحوالها وتوطيد الأمن فيها ، إلا بقدر ما كانت تستوجبه مصالحهم العليا.  ويقول محمد جميل في كتابه ( الحلقة المفقودة في تاريخ العرب) " كان هم العثمانيين ينحصر في جمع الأموال وتجنيد الرجال".  ولم تحاول الدولة العثمانية تأسيس جهاز حكومي فعال في البلاد ، بل كانت تكتفي بتسيير حملات عسكرية إلى هذه الجهة أو تلك لتضرب السكان لفرض هيبة الدولة في النفوس.

        ويكفي أن نورد مثالا  للدلالة على انحطاط البلاد في عهد العثمانيون.  فقد ذكر المؤرخ خليل الظاهري - وهو أحد الذين عاصروا احتلال العثمانيون لسوريا - أنه كان هناك نحو :- 1000 قرية في حوران ، 300 قرية في الغوطه ، 60 قرية في وادي التيم.

ويذكر محمد كرد علي في كتابه ( خطط الشام) أن عدد تلك القرى كان قبل جلاء العثمانيون : 400 قرية في حوران 50 قرية في الغوطه ، و30 قرية في وادي التيم.

        ويستطيع المرء أن يتصور من هذا مدى انحطاط جميع مرافق الحياة في الدولة العثمانية ، خصوصا إذا علمنا أن البلاد لم تكن على خير حال أيام المماليك.  فهم لم يحافظوا على ذلك المستوى الرديء الذي كانت عليه حينما استولوا عليها بل زاد الطين بله وهبطوا بمستواها إلى الحضيض.

        هذا فضلا عن الفتن الداخلية بين الحكام أنفسهم وعن اقتتال طوائف الجند الأتراك ، والغزوات الخارجية مثل حملة إبراهيم باشا المصري ، وغزوات الوهابيين.

وكانت أهمية شرق الأردن تنبع من كونها طريقا للحاج الشامي من المسلمين في طريقهم إلى الحجاز ذهابا وإيابا.  مما حدا بالعثمانيين إلى بناء سلسلة من القلاع على طول طريق الحاج ، وكل قلعة كانت مزوده ببئر ماء أو بركة لخزن الماء ، وذلك ليستريح الحجاج بها وليتزودوا بحاجتهم من المياه.

        كانت شرق الأردن مسرحا لطغيان البدو فبالإضافة إلى غزواته المتبادلة على بعضهم البعض ، فقد كانوا يهاجمون قوافل الحجاج ، وكانت الحكومة مضطرة -لذلك - بأن تدفع لزعماء البدو وهدية مالية لكي تضمن الأمن والطمأنينة لقوافل الحجاج.[1]

        ابتدأ الأتراك في شهر أيلول سنة 1900 بإنشاء الخط الحديدي الحجازي ، وقد واجه إنشاؤه مصاعب كثيرة فقد اخذ البدو يشنون الغارات على العاملين بقصد إفشال المشروع ، لأنهم كانوا يخشون ما سيجره عليهم من خسارة إذ سيعرض الحجاج عن استئجار ابلهم ، وستقطع عنهم الهبات السنوية .  ومن هنا اضطرت الحكومة إلى مقاومة غارات البدو ، وخصصت قوات عسكرية لحماية العمل.

وفي سنة 1910 سنت الحومة قانون الخدمة العسكرية الأجباريه ، وقامت بجمع السلاح من السكان.  و زادت مقدار الضرائب المرهقة المفروضة على السكان.  مما زاد في نقمة السكان وفي هذه الفترة حصلت عدة ثورات منها : ثورة الشوبك وثورة الكرك ، وثورة الدروز.  ولكن الحكومة سيرت الحملات العسكرية وقمعت تلك الثورات في مهدها [2]

بئيته الخاصة

تقطن قبيلة الحويطات في جنوب شرق الأردن.  وتتجول تلك القبيلة في المنطقة الواقعة ما بين وادي الموجب شمالا حتى العقبة جنوبا ، ومن وادي عربه غربا حتى وادي السرحان شرقا.  وهذا التحديد ليس دقيقا تماما لا أنه يعطي فكره عن المنطقة التي تقطنها في اغلب الأحيان ، إذ كثيرا ما يضطرها البحث عن المراعي والمياه إلى التوغل في نجد والعراق وشرقا وسوريا شمالا وصحراء السبع غربا.

وهذه القبيلة تقوم برحلتين طويلتان في كل سنه:-

رحلة الشتاء:- حيث تبدأ بالرحيل باتجاه الصحراء خلال شهر تشرين الأول ، وذلك بسبب البرد الشديد والثلوج التي تهطل على جبال الشراه في فصل الشتاء ، بينما تكون الغدران قد امتلأت بالمياه من مياه الأمطار ونبتت الأعشاب في الصحراء.\

رحلة الصيف:- تجف الغدران وترتفع حرارة الصحراء مع بداية شهر حزيران فتبدأ رحلة العودة إلى جبال الشراه حيث تتوفر ينابيع المياه وحيث يتزودون بحاجتهم من المؤن والأعلاف.  ويقطنون في الجبال حتى أواخر شهر أيلول حيث تبدأ رحلة الشتاء وهكذا.

ويصفهم الرحالة بيركهارت الذي زار قبيلة الحويطات عام 1816 في طريقه إلى مصر بقوله :-" يشبه عرب الحويطات المصريين في ملامحهم ، وهم اكثر نحافة وطولا من عرب الشمال.  وبشرة الكثير منهم تكاد تكون سوداء.  أن قوة مركزهم في الجبال تجعلهم آمنين من هجمات القبائل الأخرى ، إلا أنهم مع ذلك في حالة حرب مستمرة معها.  وأحيانا يقومون بغزوات تستدعي رحلة تستغرق عشرين يوما وذلك لكي يباغتوا مضارب أعداءهم في سهول نجد.  وهم يرعبون بني صخر اكثر من غيرهم وذلك بسبب معرفتهم بالبلاد ، وقلما يسود السلام فتره طويلة بين القبيلتين.  ويقبض الحويطات مبالغ كبيره جدا من النقود كأتاواه من محمل الحاج المصري.  كما أنهم يفرضون ضرائب معينه على القلاع الواقعة على طريق الحاج الشامي بين معان وتبوك.  وسكان القرى يفلحون الأراضي المجاورة تحت حماية عرب الحويطات الذين يدفعون لهم أتأوه مقابل ذلك" [3]

أن ما ذكره بيركهارت بقي مستمرا حتى العقد الثاني من القرن العشرين.  فقد كانت كل قبيلة في حرب مستمرة مع القبائل الأخرى.  وحتى ضمن القبيلة الواحدة كانت النزاعات والحروب كثيرا ما تنشب بينهم.

وبالاضافه إلى موارد الحويطات من الغزو ومن الهبات التي تأتيهم من الحكومة التركية ومن تربية المواشي والإبل ، بالاضافه إلى ذلك كانوا يمارسون التجارة مع غزه وبئر السبع ومصر.

وقد أشاد الحويطات أبراجا عديدة مثل برج ضأنا انتهوا من بناء أحدها وهو برج الطفيله قبيل زيارة بيركهارت بفترة قصيرة أي حوالي عام 1806  [4].

نسبهم:

        يدور جدال حول نسب الحويطات ، فقد ذكر بيك باشا ما يلي " يدعي الحويطات أنهم شرفاء النسب أي ابنا النبي محمد من ابنته فاطمه.  لكن قيل عنهم ما يسترعي الانتباه ويستوجب الدرس والتمحيص وهو أنهم من بقايا الأنباط الذين كانوا مسيطرين على طرق قوافل تجارة البهارات وكانت عاصمتهم البتراء"[5]

        ويقول خير الدين الزركلي " الحويطات فرع من قبيلة طيء التي عاشت في نجد ، وقد استوطن قسم منهم في جنوب شرق الأردن.[6]

نسب عوده ابوتايه:

        هو " عوده بن حرب بن صباح بن محمد (التايه) بن فراج بن محمد بن فريج بن سلامه بن علوان بن قبال بن غازي

ويقال أن جده الأعلى المذكور هو ابن شريف مكة حسب الرواية التي يوردها فردريك بيك "[7]

        وعند البحث في شرف النسب هذا لا نجد ادله قاطعه على ذلك ، لا سيما أن عائلة ابوتايه لا يحتفظون بشجرة لنسب العائلة.  وانما هي رواية يتناقلها الأبناء عن الأباء.  ومن الصعب إثبات أو نفي هذا النسب.

        واما عن سبب تسمية عائلة ابوتايه بهذا الاسم فقد سمعت الرواية التالية من الأمير تركي بن سعود وهي:

        في إحدى غزوات فراج - الجد الخامس لعوده ابوتايه - مع الأمير سعود أمير الدرعيه في ذلك الوقت ، نقصت التموينات وبدأ التذمر يسود الصفوف ، فأنفصل محمد بن فراج عن القوم بحثا عن مصدر للتموين.  فأفتقده القوم واخذوا في البحث عنه ظنا منهم بأنه تاه في الصحراء فلم يعثروا له على اثر .  وما هي ألا فتره حتى ظهر محمد يسوق أمامه عددا من الجمال موسوقة طحينا وتمرا.  فقد عثر على قافلة لبعض التجار فهاجمها وقتل عددا من حراسها واستولى عليها.  فسر الأمير سعود سرورا عظيما وأطلق عليه اسم التايه أي "التائه" تحببا وإعجابا ومنذ ذلك الحين اصبح الشيخ فراج يكنى بابي التايه او ابي تايه.

        ولقد سألت عددا من المسنين والمشايخ فأكدوا صحة هذه الرواية.  وأضافوا بأن اسم هذه العائلة قبل تلك الحادثة كان "أبناء فراج"[8]

نشأته[9]

        كأن ميلاد عوده على ارجح الروايات عام 1865 ، وهو الابن الرابع بين خمسة أشقاء وشقيقه واحده هي "علياء" التي اشتهر بنخوته بها إذ كان يلقب ب "أخو علياء"

        ووالده حرب ابوتايه هو زعيم القسم الشرقي من قبيلة الحويطات القاطنين على سيف الصحراء ، وكأن أتباع حرب ابوتايه دائمي الحل والترحال بعكس بقية قبيلة الحويطات القاطنين في جبال الشراه والذين عرفوا نوعا من الاستقرار.  وكأن أتباع حرب ابوتايه حالة حرب مع أتباع أسرة " آل الجازي" أبناء عمومتهم بسبب النزاع على الزعامة بين الأسرتين.

        في مثل هذه الظروف شهد عوده ابوتايه النور ، وعلى عادة لبناء البادية كان عوده منذ عهد الطفولة يخضع لنظام تربوي قاسي وصارم.  فقد كان يتكفل خادمان من العبيد بنزعه من فراشه الدافئ منذ ساعات الفجر الأولى - وهو ما زال طفلا - فيعلمانه ركوب الخيل واستعمال السلاح وأساليب الهجوم والدفاع وحيل الفرسان ، ثم يعيدانه إلى مضارب القبيلة في الضحى ، ثم يعيدان التدريب من العصر إلى ساعات الغروب.  وكانت هذه العملية تتكرر يوميا ، ولقد استمر هذا التدريب إلى أن بلغ الخامسة عشر من العمر.

        وخلال ذلك كان يرسل للرعي مع الخراف الصغيرة قريبا من المضارب ، حتى اصبح غلاما عهد أليه الرعي مع قطعان الماشية.  وقد أمضى عامين كاملين في رعاية الأغنام ، ونحو ثلاثة أعوام في رعاية الإبل.

        وكأن زعماء البدو يرسلون أبناءهم لرعاية المواشي ليتعلموا شظف العيش وقسوة الحياة.

        وأما والدة عوده ابوتايه فقد اشتهرت بشجاعتها وعدم تهاونها ، ولعل في أيراد الحادثة التالية ما يدل على شدة بأسها وشجاعتها:

        أغارت قبيلة معاديه على مضارب حرب ابوتايه فنهبت المواشي والإبل ، وكأن معظم الرجال غائبين في أحد غزواتهم بقيادة حرب ابوتايه.  ولم يكن موجودا في المضارب ألا عوده ابوتايه - وكأن غلاما حتى أنه لم يستطيع مرافقة والده في تلك الغزوة - وبعض العبيد.  فركب عوده حصانه ولحق بالغزاة فقتل عددا منهم وارجع الإبل المنهوبة وكسب بعض خيل الغزاة.  وعندما عاد إلى المضارب وجد أمه تحمل سكينا ، فسألها عند سبب وجود السكين بيدها فأجابته بأنها كانت ستقطع الثدي الذي رضع منه لو أنه جبن وهرب . . . على يد هذه ألام الباسلة تربى ونشأ عوده ابوتايه[10].

        وكانت تلك الحادثة آخر مره يرعى فيها عوده الإبل.  إذ عهد إلى أحد العبيد الأشداء ويسمى "عبدالله" بتدريب عوده على أصول الحرب فوق الهجن في فصل الصيف وهذه نهاية التدريب واصعب مرحلة فيه.

        وكان عوده في صغره وشبابه يمارس صيد الغزلان والنعام والبقر الوحشي ، وكأن مغرما بالقنص بواسطة الصقور.

        ولعل من الغريب أن نذكر أن عوده ابوتايه لم يتزوج ألا بعد أن تجاوز العشرين من عمره ، على عكس عادة أهل البادية في الزواج المبكر جدا ، إذ كان الفتيان يتزوجون قبل أن يبلغوا الخمسة عشر والسبب في ذلك هو رغبة البدو في الإكثار من نسلهم ليزيد بالتالي عدد أفراد القبيلة لأن كل قبيلة يتحدد مركزها بالنسبة إلى القبائل الأخرى بمقدار ما تملك من رجال محاربين ، بالاضافة إلى رغبتهم في أتجاب أولاد يحملون اسم العائلة لاسيما أن الإنسان في البادية معرض للقتل في كل لحظه.

        ومن الطبيعي في تلك البيئة البدوية أن لا  يلتقي عوده حظا ولو قليلا من العلم ، فقد كانت المدن والقرى تفتقر إلى المدارس فكيف يكون الحال في البادية.  وهكذا عاش عوده ابوتايه أميا.  وكانت مدرسته الوحيدة هي مجالس البدو حيث حمل قدرا كبيرا من قصص البدو وغزواتهم ، واستظهر الكثير من أشعارهم.

شخصيته وصفاته

وصفه لورنس بقوله [11]" أن الزعيم الحويطات هو عوده الذي لا مثيل له.  هو في الخمسين من عمره تقريبا ، ولكن قامته الطويلة لا تزال منتصبة كالرمح.  أنه منافر البدن ، قوي ، خفيفة الحركة ، له نشاط الشباب ، أما وجهه الشاحب المتجعد فوجه بدوي خالص البداوة :  جبينه عريض واطئه ، وأنف حاد مرتفع اقنى ، وعينان رماديتان ، وفم كبير ، وذقن مدببة وشاربان دقيقان ، هو كريم لا يجارى حتى الحق به كرمه الفقر.  وبفضل زعامته صار التوايهه اكفأ قوة محاربة في غرب الجزيرة العربية " ويمضي في وصفه قائلا " يمكن أن تعتبر عوده سريع الغضب شديد المراس.  ولكنه مع ذلك صبور ، واسع الصدر ، يتقبل النصح والإرشاد والنقد والتجريح - أو يتجاهلها - بابتسامه ساحرة لا ينضب معينها.  ولن تجد شيئا في العالم يمكن أن يزحزحه عن موقف اتخذه لنفسه.  وهو يرى الحياة من خلال بطولاتها.  ويغني لنفسه بصوت ضخم لا يخلو من العمق والجمال، حينما لا يجد من يصغي لقصصه واشعاره.  وعندما يتحدث عن نفسه فأنه يذكرها بضمير المفرد الغائب، وبالرغم من صراحته فأنه متواضع ، طيب القلب ، مستقيم ، أمين ، عاطفي ، بسيط ، يحبه أصدقاؤه رغم ما يكابدون منه "

ويستطرد لورنس في وصفه " أن عوده يشبه (القيصر) من حيث أقامته في منطقة مفتوحة بها حلقه عظيمة من الأعداء - وترى نوري الشعلان يتظاهر بمودة عودة ولكنه مثله مثل شيوخ القبائل الأخرى - يبذل جهودا كبيره لتفادي استثارة عوده وإغضابه.  وهو لا يضيع فرصة تسنح له كي يزيد عدد اخصامه ، وسعادته غامرة بالوضع الحالي لأنه يمنحه وضعا مثاليا للهجوم على الأتراك.

وقد أرسل إلى متصرف الكرك رسالة عنيفة جاء فيها " من عوده ابوتايه إلى متصرف الكرك.  بعد السلام ، أنذرك بلزوم مغادرة بلاد العرب قبل نهاية شهر رمضان.  البلاد بلادنا ونريد أن يحكمها أهلها.  إذا لم تغادر البلاد فأني سأعتبرك عاصيا ، وسأهجم عليك حتى يقضي الله بيننا).

أن عوده افضل رجل في جزيرة العرب يمكن أن يكون إلى جانبك في معركة ، بل أنك تكون مقداما بعيد ألهمه إذا استطعت أن تجاريه طويلا.

أنه فسيفساء ذات رونق كيشوتي ، وعندما يموت فأن العصور الوسطى للصحراء تكون قد بلغت نهايتها".

ونورد فيما يلي ما كتبه لويال توماس تدليلا على كرم عوده ابوتايه " أن 25 رجلا يستطيعون أن يصطفوا دفعه واحدة حول منسف عوده".

وذكر لويال توماس لعوده ذات يوم أن بلاده تخلو من الإبل.  فاجابه بأنه يقدم له عشرين ناقه من نياقه العمانيه البيضاء.  واضطر لورنس عندئذ إلى استعمال أساليبه البلاغية كلها حتى استطاع أن يقنع عوده باستحالة قبول هذه الهدية.

وشبهه توماس هذا ب"روبن هود المشهور في تاريخ الإنجليز القديم".

وكان عوده ابوتايه جريئا ، ومن دلائل جرأته أن قائد إحدى الطائرات الإنجليزي حمله ذات يوم في طائرته ، ولشد ما كانت دهشته بالغة عندما أخذ عوده يحضه على التصعيد في الجو اكثر فاكثر ، بدلا من أن يبدي تخوفه من تلك التجربة الأولي في حياته.[12]

ويذكر السيد سليمان الموسى بأن محمود كريشان قص عليه القصة التالية عن شجاعة عوده ابوتايه:-

كأن عوده مطلوبا للحكومة التركية بتهمة قتل بعض الجنود ، لذلك لم يكن يدخل أية بلدة يوجد فيها قوات أمن.  ولكن ذات ليلة أننا فوجئنا بوصوله إلى منزلنا في معان ولم يكن لنا مفر من الاحتفاء به ، ولكن والدي خشي أن يذيع نبأ وجوده في البلدة فحدثه بذلك قائلا أنه يرى أن يغادر البلدة قبل طلوع النهار .  وصمت عوده ولم يجب.  وفي الصباح حاول والدي أن يستعجله ولكنه أبى أن يغادر الدار قبل أن يتناول طعام الإفطار .  وسمعنا بأن وجوده لم يعد سرا وأن قائد الشرطه أرسل اثني عشر شرطيا لالقاء القبض عليه وأنهم يقفون مستعدين خارج الدار في الطريق.  وحدثه أبى بذلك فلم يكترث.  وبعد أن أكل اقترح عليه والدي أن يخرج من باب آخر بحيث يتجنب الشرطه ، ولكنه أصر على الذهاب في الطريق التي جاء منها. وركب فرسه وسار ونحن نتبعه ، وعندما مر برجال الشرطه طرح عليهم السلام ومضى في سبيله فلم يجروء أحد على التعرض له.

ويبدو أنه لا بد من إيراد العديد من أقوال لورنس لرسم صوره واضحة لشخصية عوده وصفاته ، وذلك يعود لسببين رئيسيين:-

                      1.موهبة لورنس في الكتابة وأسلوبه المتين ومقدرته الفائقة على الوصف.

                      2.ملازمته لعوده ابوتايه فتره طويلة من الوقت مما أتاح له دراسة عوده في حالات غضبه ورضاه وهدوءه وثورته ، ونجاحه وفشله.

واليك وصفه لعوده في لقائهم الأول في الوجه:[13]

"رفع الحجاب ودخل رجل ضخم ذو منكبين عريضين وملامح خشنه ، متحمس ، خطر، هو عوده ابوتايه "

" فلم تمر دقائق حتى عرفت كيف المح قوة هذا الرجل وأخلاقه القويمة " " كان عوده يلبس ثيابا بسيطة للغاية ، وعلى عادة أهل الشمال ، هو نسيج ابيض وعمامة حمراء.  يزيد عمره على الخمسين .  وشعر رأسه اسود تتخلله بعض خيوط بيضاء ، خفيف الحركة كأبن الثلاثين .  له وجه جميل متناسب القسمات ، لولا ندوب من الأحزان لا تمحى مدى الدهر على ولده الأحب أليه (عناد) الذي قتل في معركة ، فبددت المصيبة ألذ أحلام حياته ، وستكون الأجيال المقبلة عاجزة عن ممثل يحمل اسم (ابوتايه) وعظمته.  له عينان واسعتان ، ناطقتان بما يكنه جنانه.  " أما إذا غضب تقلصت ملامحه وتعذر عليه وقف تشنجاته ، واصبح في الحال صريع ثورة غضب ونوبة ترجاف لا تسكنان ألا بالدم ، وفي هذه الأحوال يكون عوده وحشا مفترسا تهرب من حوله الرجال.  فلا قوة في الأرض تحوله عن عقيدته ، ولا يهتم لشعور غيره إذا صمم على أمر ما.  ينظر إلى الحياة كأنها اسطوره خرافية ، وأن الحوادث لا بد من حدوثها".

"أن كل من يحتك به يصبح بطلا".

لعل فيما ذكرنا من أمثله يكفي لإظهار صفة الشجاعة عند عوده ابوتايه.  ولكن خيطا واهيا يفصل بين الشجاعة والتهور . . . فهل كان عوده ابوتايه متهورا؟

لعلنا نجد الجواب الشافي عند لورنس في قوله:-

"أن عوده كمحارب كان خبيرا لا يجازف حتى في ثورة جنونه ، بل يدرس الخطط قبل التنفيذ بكل دقه وتأن.  ويحسب حساب المحتملات والمفاجآت ويصبر عند العمل صبر الجمال".

ووصف الارشمندريت بولس سلمان بقوله :-[14]

"عوده أقوى زعماء الحويطات ، أغناهم ، وأوسعهم ملكا ، وعدد رجاله 7 آلاف والمسلحون 4 آلاف ولهم سطوة ودولة".

ووصفه أمير اللواء محمد علي العجلوني بقوله:-[15]

"ابوتايه يجمع إلى بطولته في الحرب - الدهاء وحصافة الرأي ويلم بسائر الاتجاهات العشائرية ، مع صدق في عزيمته واخلاص عروبته".

ويصفه سليمان موسى بقوله :" بالرغم من أنه لم يكن مثقفا يفهم القومية العربية ونظرياتها التي نعرفها اليوم ، ألا أنه كان رجلا شريفا ، مخلصا لبلاده ، لا يتذبذب ، ولا يبدل مواقفه ولا يتأرجح بين بين . . . ."[16]

ويصفه محمد علي العجلوني أيضا بقوله :-وعوده ابوتايه اشهر من أن يعرف به.  كان رجلا وطنيا من الدرجة الأولى ، وقد ضحى كثيرا من اجل الثورة العربية ، ورفض عروض الأتراك المغرية للانحياز إليهم".[17]

ويصفه فايز الغصين بقوله:-"عوده ابوتايه كان رجلا بكل ما في كلمة رجولة من معنى.  شجاع إلى حد التهور ، مخلص للقضيه العربية عن عقيدة وأيمان.[18]

ويصفه الدكتور عبدالرحمن شهبندر بقوله:- " وقد كان قص علي المجاهدون القصص العجيبة عن أعماله وبطولته ، واجمعوا على أنه اشتهر في قومه بالتوفيق او حسن الطالع حتى قالوا أنه على قلته في المال والرجال ما غزا قط ألا وعاد يتعثر بأثواب الكسب".[19]

وعندما توفي عوده ابوتايه ابنه محمد الشريقي في جريدة (الشرق العربي) بقوله:-" كان شجاعا في القول والعمل ، واسع العينين ، حاد النظر ، وكأن نموذجا للبطولة العربية الفطرية ، وكثيرا ما استنكر الغزو ، غير أنه كان يقول : أن عوده لا يذل … أنه زعيم الحويطات وفاتح العقبة ، وصاحب الشهره الواسعة في بادية الشام والعراق".[20]

وقد يكون أول من كتب عن عوده ابوتايه كما يقول سليمان موسى - شاب من بيت لحم يسمى حبيب حنازبلح [21]وكأن قد أقام فتره في مؤته الكرك في أوائل القرن الحالي[22].  وهو يذكر أن عوده ابوتايه اشهر فرسان العرب ، وأنه ابتاع منه في مؤته حمولة مائة بعير من الشعير ، وكانت ترافقه أخته عليا ، ووصفها بأنها سيدة حسناء ، مهيبة الطلعه ، ذات رزأنه وتعقل ، وكأن التوايهه ينتخون باسمها ويلقبونها ( النشميه[23])

ويذكر الارشمندريت بولس سلمان بأن عوده ابوتايه كان يطرب لسماع الشعر البدوي الجيد ويستضيف الشعراء " ويأمر لهم بالجوائز السنية والانعامات الجزيله.  وكان له سوق للشعر مكون من مضرب كبير مفروش بالأثاث الثمين يتقاطر أليه الشعراء وينشدون الأشعار، وما جاء منها يسطر في قلوب الحاضرين"[24].  ومن اشهر الشعراء الذين نظموا القصائد المطولة في مدح عوده ابوتايه شاعر يدعى (ابي الكباير).  واليك بضع أبيات مما نظمه هذا الشاعر بمناسبة انتصار عوده ابوتايه على عرب الصخور عام 1909

صار الصياح والقلب وشب بالقلب نار
ا

 

الطرش جاض وشهدن العذارى

ذاب الرجال والقلب حارا

 

النفس للأنسأن كنوز ثمينات

صاحوا وصحنا وتنبه ذكر عوده

 

روّح كمسيل قوي مدوده

اكم قرم من هواته يقوده

 

قبل الضحى يبقى على القبر فولت

ومما يذكره الارشمندريت بولس سلمان أن عوده ابوتايه اشتهر أيضا بأنه قاض عشائري ثاقب النظر ذكي الفؤاد ويورد القصة التالية:"اختلف شخص من الشرارات مع شخص من بني صخر ، فرفع الشراري دعواه إلى قاض الصخور فواز بن فايز فحكم على الشراري، ثم استأنف حكمه إلى قاضي الشرارات كاسب اللحاوي وقاضي الغنيمات سالم ابو الغنم ، وقدم لكل منهم رزقة بعيرا عظيما ، وحكم الجميع عليه.  فأستأنف الشراري دعواه في المرة الرابعة إلى عوده ابوتايه أمير الحويطات … فأخذ كل واحد منهما على حدته واستقرهم على المكان الذي حدث فيه الخلاف ، فزور الصخري حكاية ملفقة ، وذكر الشراري حكايته.  فأرسل عوده رسلا إلى المكانين اللذين وصفاهما فظهر مكر الصخري ، فأمر عوده بضربه أمام الجميع ، ورد إلى الشراري حقه مضاعفا".

        وذكر ت الرحالة الإنجليزية (جرترود بل ، بأنها زارت عوده ابوتايه عام 1913 - أثناء تجوالها في سوريا - وقد أثنت على استقباله الطيب لها[25].

        وقد تعرف الرحالة التشيكي (الويس موزيل) على عوده ابوتايه أثناء رحلته التي قام بها إلى شمال الحجاز عام 1910 وقال في وصفه:-" أن عوده اشتهر بقسوته ، حتى أنه قيل أنه كان يشرب من دم أعدائه .  وأحيانا يتناول القلب من صدر عدوه ويمضغ قطعه منه"[26].

ولكنني أميل إلى الشك في صحة ما رواه ولويس موزيل ، وذلك لعدة أسباب

 1. أن عوده نفسه عُرف بعدم ميله إلى التمثيل بقتلاه أو حتى عدم قتل العزل من السلاح أو العجزة، ومما يؤثر عنه - حسب ما أعلمني بعض الذين عامروه وما زالوا على قيد الحياة - أنه كان يمنع دخول رجاله إلى القرى ونهبها ، بل كان من عادته أن يعسكر برجاله خارج القريه ويبعث في طلب زعيم تلك القريه ويطلب منه توفير ما يحتاجه من مؤن وغيرها .. وهذه تقدم مجانا - بالطبع - ولكنها على كل حال اقل ضررا من دخول الرجال إلى القريه ونهبه وتدميرها.

 2. أن البدو بشكل عام لم يؤثر عنهم حصول حوادث التمثيل بقتلاهم ، وأن كان هناك بعض الحوادث النادرة من هذا النوع ، والتي لا تصلح أن تكون مقياسا في هذا المجال.

 3. كما أن هناك قواعد عرفيه تحكم العلاقات بين البدو في حالتي السلم والحرب.  وبموجب هذه الأعراف فأنه ليس هناك من وصمة عار يمكن أن يوصم بها البدوي ابشع من وصمة بعار قتل امرأة أو طفل أو أعزل.

 4. دليل آخر يجعلنا نشك في صحة رواية (الويس موزيل)  هو ما ذكره لورنس فسر وصف شعور عوده ابوتايه نحو الأسرى الأتراك بعد فتح العقبة ، إذ يقول :- أن عوده أنسأنا رحيما ، وأنه شعر بالعطف وتأثر أمام هذا العدو المغلوب المعرض للقتل او العفو حسب دوافع الزمن.  بالرغم من أنه كان بالأمس تحت رحمة هذا العدو وبين مخالبه"[27].

        ولكن ماذا عن النساء في حياة عوده؟

ذكر سابقا أن عوده لم يتزوج حتى تجاوز العشرين من عمره بعكس ما جرت عليه عادة العرب في الزواج المبكر.  ولعل السبب في ذلك يعود إلى ما ذكره بعض من سألتهم عن هذه الناحية من أن عوده ابوتايه قد فشل في حبه الأول.  فقد احب فتاه اشتهرت بجمالها وقد بادلته الحب بحب مماثل.  ولكن والده حرب ابوتايه رفض تزويجه منها لسبب كانوا يعتبرونه وجيها - آنذاك - وهو أن والد الفتاه عرف بأنه جبان.  وقد تمثل والده ببيت شعر مشهور عند البدو وهو:-

بنت الردي لو زهت بالعين

 

ما يرفع الراس طاريها

أي أن المرء لا يمكن أن يفخر بالزواج من ابنة الجبان حتى لو كانت آيه في الحسن والجمال.

        وقد تزوجت تلك الفتاه من أحد أقاربها.  واشتهر عن عوده أنع كان دائم العطف على تلك المرأة وعلى أبنائها وكأن يمنحهم الهدايا طيلة حياته ، مما يدل على أن حبها بقي عالقا في قلبه.  ويروى أن زوجها قد جاء إلى عوده وعرض عليه أن يطلقها له، ولكن عوده رفض ذلك.

واما عن زوجاته فقد بلغ عددهن 28 امرأة -  كما يذكر لورنس [28]- ولكن من سألتهم ممن عامروه قالوا أن عدد زوجاته كان نحو 40 امرأة[29].

        ومن الطبيعي أن هذا العدد الكبير من الزوجات كان القصد منه أتجاب اكبر عدد ممكن من الأبناء.  ولكن هناك سبب آخر وهو سبب سياسي ، ذلك أن عوده كان يتزوج من بنات مشايخ البدو لكي يوطد ويحتفظ بصداقتهم وتأييدهم.  وبالرغم من هذا العدد الكبير من الزوجات فأنه لم يحتفظ بأكثر من أربع زوجات في وقت واحد ، وذلك لا الشريعة الاسلاميه تحرم الزواج بأكثر من أربع نساء في وقت واحد.  والذي كان يحدث هو أنه كان يطلق بعض نسائه ويتزوج غيرهن وهكذا.

        ولعل من الطريف أن نذكر أنه لم يولد له سوى ثلاثة أولاد وثلاثة بنات.  أما الأولاد فقد قتل أحدهم وهو عناد وتوفي آخر وهو (الحميدي) وبقي الابن الأصغر وهو (محمد).  واما بناته فقد توفيت اثنتان وما تزال الثالثة على قيد الحياة.

        هل كان عوده ابوتايه متدينا؟

اجمع الذين قابلتهم على أن عوده ابوتايه كان مواضبا على أداء صلواته كل يوم.  وهذه الصفة عرفت عنه منذ صباه حتى وفاته.  لا بل يضيفون أن عوده كان يجبر كل من يرافقه في حروبه وغزواته على أداء الصلاة جبرا.  وإذا تناهى أليه أن أحد رجاله أو مجموعه من رجاله انقطعوا عن الصلاة أو ارتكبوا فاحشه فأنهم يأمرهم فورا بالعودة إلى منازلهم ويفصلهم عن جيشه.  ويذكر أحد المسنين من أهالي معان أن عوده كان يستثني الحضريين من هذه الأوامر المشددة.  وكأن لدى عوده مؤذنا خاصا وإماما للمصلين يلازمه حيثما ذهب ، على حد قول هارون بن محمد كريشان.

ولكن هل كان عوده يؤمن بالأحلام والخرافات والتعاويذ؟

يروي العديد من الناس بأن عوده كان يؤمن بالأحلام كدليل مما سيحدث في المستقبل.  ويزعمون أن أحلامه تلك كانت تصدق في كثير من الأحيان.

واما عن التعاويذ فأن لورنس يروي الحادثة التالية:-" [30]بعد انتهاء معركة ابو اللسن اسر إلى عوده بأنه ابتاع تعويذة قرآنيه ب 120 دينار ذهبا ، وبفضلها لم يجرح قط منذ اشتراها منذ 12 سنه ، ولم تكن تلك التعويذة سوى نسخه من كتاب مطبوع في جلاسكو تباع بثمانية عشر بنسا.  لكن أن أيمان عوده الساذج لا يدعو إلى الضحك، ولم يكن أحد يهزأ من اعتقاده الراسخ"[31].

وقد حاولت استقصاء صحة هذه الرواية ممن قابلتهم ، فأجابوا بأنهم لم يسمعوا قط بهذه التعويذة التي يذكرها لورنس ولكنهم في نفس الوقت لم يستطيعوا البت في نفيها أو إثباتها. 

من مجموع ما أوردناه من أقوال المؤرخين والمعاصرين في ذكر صفات عوده الجسدية والنفسية ، نستطيع أن نخرج بفكره عامه عن شخصيته وصفاته.  وهذه الصفات بمجموعها - في رأي - هي التي جعلت منه أهلا للدور الذي لعبه في مسرح الأحداث في تلك الفترة من الزمان.  ومما لا شك فيه أن الظروف الموضوعية المتوفرة في ذلك الزمان أيضا أثرها الكبير الذي أتاح لتلك الشخصية أن تتبلور وأن تنجز ما أنجزت.

غزوات عوده ابوتايه قبل قيام الثورة العربية:[32]

وسأحاول أن أتعرض في هذا الجزء من البحث إلى أهم الغزوات التي قام بها عوده ابوتايه منذ توليه زعامة قبيلته عام 1885 وحتى عام 1916 أي إلى قيام الثورة العربية بقيادة الحسين بن علي.

بلغ حرب ابوتايه من العمر عتيا فتولى الزعامة ابنه محمد.  وفي عهد محمد وصلت الحويطات إلى ذروة قوتها وسيطرتها.  قتل محمد في إحدى غزواته من قبل (الكواكبه) وهم فرقه من قبيلة الروله ، وكأن ذلك في عام 1885 تقريبا.

فانتقلت الزعامة إلى عوده ابوتايه وهو في نحو العشرين من عمره - بالرغم من وجود أشقائه الأكبر سنا - وسرعان ما ذاع صيته بين القبائل ولمع اسمه في محافل البادية.

بل أن الخشية من غزواته الخاطفة لم تقتصر على البدو وانما امتدت إلى رجال الدولة العثمانية ، وقد بدأ ذلك عندما حاول عدد من الجنود اعتقاله ، بحجة أنه لم يدفع الضرائب المستحقة وكأن هو يصر أنه دفعها.  ولما أبى الامتثال رموه بالرصاص فأخطأوه ، فرد عليهم ببندقيته فأردى اثنان منهم قتلى وفر الباقون.  ومنذ ذلك الحين اصبح لا يدخل اي مدينه للحكومة فيها حاميه جند ، واعتبر الحكومة من جملة اخصامه الكثيرين الذين كانت تقاليد البادية منحه حرية غزوهم في أي مكان وزمان.

هذا بالاضافه إلى أنه اصبح ملجأ يحتمي به كل شخص محكوم بالسجن او لم يدفع الضرائب أو فرارا من التجنيد الإجباري.  فكانت مضافته تزدحم بهؤلاء بشكل مستمر ، وكنت تجد منهم الحضري والقروي والبدوي لا بل المسلم والمسيحي  العربي والارمني والشركسي.

ولعل هذا هو ما حدا بالصحفي الأمريكي لويل توماس بأن يصفه بـ (روبن هود ) الذي كان ملجأ للمظلومين من تعسف أمراء الإقطاع في تاريخ إنجلترا القديم.

والآن نعود إلى تناول غزوات عوده ابوتايه ، ذكر لورنس أن عوده قام بمائة غزوه ناجحة ، وسوف نتعرض إلى أهم تلك الغزوات.  وبقصد التوضيح فأننا نستعمل كلمة (حرب) وكلمة (غزوه).

وكلمة (حرب) سنستعملها للدلاله على مجموعة من الغزوات تشن على قبيلة واحدة لمده طويلة نسبيا ، بقصد إخضاع قبيلة معينه لبعض الشروط.

وكلمة (غزوه) سنستعملها للدلاله على معركة واحدة تستغرق يوما واحد أو جزء من اليوم ، بقصد الاستيلاء الإبل والمواشي.

الحرب مع قبيلة شمر : -1908

استجار به غضبان بن رمال ، وهو زعيم شمر القاطنين في  نجد ، لأنه طرد من قبل أبناء عمومته وسلبوه الزعامة.  فشن عوده عليهم عدة غزوات حتى أنهكهم.  فجاؤا طالبين الصلح وأعادوا غضبان إلى مركز الزعامة.

الحرب مع قبيلة عنزه : 1905-1909

قام ( عسكري العواجي) بطر (زيد المرتعد) وهو زعيم قبيلة عنزه من مضارب قبيلته واستولى على نبع ماء يدعى (الحيزاء) يخص زيد المرتعد.  فاستجار هذا الأخير بعوده ابوتايه.  وقام عوده بشن عدة غزوات على تلك القبيلة ، حتى رضخت لشروطه وهي إعادة زيد المرتعد إلى مركزه و إعادة نبع الماء.

الحرب مع قبيلة الشرارات:-

ويذكر لويس موزيل بأنها حدثت عام 1902[33]. وقد كانت قبيلة الحويطات تخشى من الدخول في نزاع مع الشرارات بسبب كثرة عددهم الذي يفوق عدد الحويطات كثيرا.  وكأن الشرارات يعلمون ذلك ، فكانوا يزعجون الحويطات بسرقاتهم المتكررة بالرغم من أنهم لا يعلنون عدائهم صراحة.  بدليل أن عوده عندما (رد النقا ) على الشرارات وهو تعبير يعني (اعلأن الحرب) كان شيوخ الشرارات ضيوفا في بيت عوده.

وقام الطرفان بغزو بعضهم بعضا ، وكانت المعركة الحاسمة هي معركة ( ابو عمود) والتى سقط فيها نحو 300 قتيلا من الشرارات ، و27 قتيلا من الحويطات من بينهم شقيق عوده الأصغر.

الحرب مع قبيلة الحويطات ( أتباع آل الجازي):-

انقسمت قبيلة الحويطات إلى قسمين متخاصمين منذ أيام صباح ابوتايه (هو جد عوده ابوتايه، وليس من السهل معرفة متى تولى الزعامه على وجه الدقه)  [34]، بقي أولها مواليا لآل الجازي بينما انضوى الفريق الثاني تحت زعامة آل ابوتايه.  ويقال أن الحرب التي نشبت بين الأسرتين في عهد عوده ابوتايه كانت الحرب الرابعة،  وذلك بسبب رغبة كل فريق ضم أتباع الفريق الآخر إلى زعامته.  وقتل في تلك الحرب عبطان زعيم الجازي وعناد نجل عوده الأكبر.

الحرب مع قبيلة بني صخر 1910-1912

عقد الصلح بين القبيلتين بعد عهد طويل من الاقتتال على يد محمد ابوتايه ( الأول) وطراد بن زبن.  وكأن عوده يريد الحفاظ على ذلك الصلح.  ولكن عشيرة الهقيش من بني صخر واصلت غزواتها على الحويطات.  فكتب عوده إلى بني صخر عدة رسائل يطلب فيها ردع تلك العشيرة عن تصرفاتها.  ولكنهم واصلوا غزواتهم.  فتردد عوده في إعلان الحرب أو بتعبير البدو (رد النقا) لا بني صخر ذوي سطوة ، وشدة بأس وكثرة عدد.  وصلت غزوات الهقيش حدا لا يمكن معه السكوت ، فغزاهم عوده في شرق زيزياء وأنتصر عليهم واستولى على الكثير من الإبل.  فلما كان فصل الشتاء التالي رد بني صخر بغزوه معاكسة، فتراجع الحويطات إلى جبال الطبيق  ، وهناك دارت معركة حاميه أنتصر فيها عوده ودحر بني صخر إلى ديارهم.  وسميت تلك المعركة باسم (غزوة الطور ) وكأن ذلك في حوالي عام 1910. [35]

هذا فيما يتعلق بما أسميناه (الحروب) تجاوزا بقصد التمييز ، واما غزواته فمنها:-

يذكر سليمان الموسى أن عوده ابوتايه غزا على جهات حلب ثم عطف صوب العراق وقطع نهر الفرات ، كما غزا الطائف ووادي الدواسر ونجد [36]

واما غزواته التي ذكرها الأشخاص الذين قابلتهم فمنها [37]:-

 1. غزا قبيلة حرب بالقرب من المدينة المنورة - الحجاز

 2. عزا قبيلة مطير في الدهناء - الحجاز

 3. غزا قبيلة عتيبه في (وادي الفرس) - الحجاز

 4. غزا بادية آل الصباح - الكويت

 5. واما أطول غزوه في حياته والتي استمرت 4 شهور فهي تلك التي قام بها ضد قبائل العراق وسوريا ، عاد بعدها مثقلا بالغنائم.  ومن تلك القبائل ما يلي:-

   ·   غزوة الدهامشه بقرب الزبير

   ·   غزوة الهذال بقرب كربلاء

   ·   غزوة الدليم بقرب القبيسه

   ·   غزوة الزقاليط بقرب شط الفرات

   ·   غزوة العيثا بقرب القايم

   ·   غزوة السبعه في البشري

   ·   غزوة الفدعان في شبيح والحص

   ·   غزوة شمر الجزيرة غربي الموصل.

هذه بعض الغزوات التي قام بها عوده ابوتايه ، والتي كان منه نتيجتها أن ناصبته معظم القبائل العداء.  وجعلت لورنس يقول بحق :" عوده يقوم بغزواته كلما سنحت له الفرص.  يذكي نار الضغينه بين رجاله وبين قبائل الصحراء الاخرى لتتسع شقة الخلاف ، ويتسع له المجال العمل المثمر".[38]

ولكن النتيجة الأهم من ذلك هي أثر تلك الغزوات على رجال عوده ابوتايه ، اذ جعلت منهم قوة مدربه لا يستهان بها.  فلما قامت الثورة كانوا مهيئين للمعركة على احسن وجه.  فانتقلت تلك الكفاءة القتالية من مجال الغزوات إلى مجال التحرير.  وفي هذا المجال يقول لورنس :-" فأصبح رجال الحويطات بفضل قيادته وشجاعته اشد جنود الصحراء مراسا  ، وأبعدهم صيتا ، وتضرب بهم الأمثال.  وكأن أولئك البدو يشعرون في نفوسهم بالتفوق على غيرهم، شعورا لا يفارقهم حتى آخر نسمة من الحياة".

ولكن هل كان النجاح حليفه دائما ؟

 والجواب بالنفي. فقد اسر عوده ذات مره ، وفشل مرة أخرى.

ففي أحد معاركه مع قبيلة شمر ، أصيب بعيار ناري في ساقه وقتلت هجينه ، فأحاط به الأعداء وعزلوه عن قومه أسروه.  ولكن تخلص من الأسر بحيله بارعة… فقد طلب آسريه أن يوفدوا عددا من رجالهم إلى الحويطات لاسترداد ابلهم مقابل إطلاق سراحه … فلما وصل وفد الأعداء ألقى الحويطات القبض عليهم ورفضوا إطلاق سراحهم ألا إذا اطلقوا سراح عوده بالمقابل.  وهكذا كأن.  وهكذا نجا عوده بحيلته واحتفظ بغنائمه في نفس الوقت.[39]

أما فشله : فقد غزا عام 1921 على قبائل العراق ، وعندما اقترب من مضارب الأعداء شاهده أحدهم ، فسارع إلى إنذار قبيلته.  ولما كان عنصر المفاجأة من أهم متطلبات نجاح الغزو ، فقد فشلت الغزوة ، وعاد عوده مع قومه فخفي حنين[40].

دوافعه للثورة:

وصلت رسل فيصل إلى عوده ابوتايه[41] يدعوه للانضمام إلى الثورة.  وقد بادر عوده إلى تلبية النداء بدون تردد، بينما بقي الزعماء الآخرون مترددين حتى يتبينوا الكفه الراجحة.  فما هي دوافعه إلى تلبية نداء فيصل بمثل هذه السرعة؟  أن هذه الاستجابة السريعة لنداء الثورة تدل على وجود دوافع قويه ، توفرت لعوده ، جعلته يلبي النداء ويضع كافة إمكاناته المادية والمعنوية في خدمة الثورة. 

ولكن سيكون من الصعب أن نعرف أي هذه الدوافع أقوى من غيره.  وذلك يعود إلى أننا نبحث في حوادث ماضيه، فلا بد من استعمال المنهج التاريخي والمنهج التحليلي لالقاء الضوء على هذه الدوافع من ناحية ، لاكتشاف مدى أهمية كل دافع من ناحية أخرى .

وترتيب هذه الدوافع - كما سنذكرها - لا يدل على قوتها وأهميتها بحسب التسلسل الذي ترد به.

ولست ازعم أن كل دافع قد اثر بقدر متساوي للدوافع الأخرى، إذ مما لا شك أن كل دافع قد اثر بقدر مختلف عن غيره من الدوافع.  ولكنني اقر بعدم تمكني من بيان أي الدوافع أثر بشكل أقوى من غيره.  لعل من أسباب ذلك هو عدم كتابة قادة الثورة أي مذكرات شخصيه خلال الثورة.  فعوده ابوتايه من ناحيته كان أميا ، واما بقية القادة فقد كانوا مشغولين بالأعمال الحربية.  ومن كتب منهم فقد كتب بعد انتهاء الثورة بفترات تطول أو تقصر ، معتمدين على الذاكرة.  ولا يخفي ما تتعرض له الذاكرة من عوامل النسيان والخطأ ولعل  لورنس - وهو الإنجليزي - هو الشخص الوحيد الذي كتب مذكراته عن الثورة أولا بأول ، ومن الواضح أنه لا يجوز الاعتماد على مصدر واحد للمعلومات في أي بحث علمي.

وقد أشار إلى هذا النقص الخطير في مصادر تأريخ الثورة الأستاذ سليمان الموسى ، والأستاذ محمود العابدي، والأستاذ اكرم زعيتر وغيرهم ممن كتبوا عن الثورة العربية 

واليك بعض هذه العوامل التي تشكل - كما اعتقد - الجزء الأكبر من مجموعة العوامل التي دفعت عوده إلى الإسهام في الثورة:-

عامل حب الشهره

فأن عوده ابوتايه - كزعيم بدوي ، وصاحب نفوذ كبير في بادية الشام - عرف عنه الطموح الشديد وحب الزعامة والشهره.  ولعله رأى في الثورة العربية التي أعلنها الشريف حسين فرصه سانحه لتوسيع شهرته ونفوذه.

ويقول لورنس في مذكراته أتاحت الثورة لعوده ابوتايه فرصة " حصد الشهره في حقول قبائله".[42]

ويقول سليمان الموسى في معرض حديثه عن قيام الثورة وانضمام عوده أليها" واهتبل عوده الفرصة السانحة ، ليخلد لنفسه بذلك ذكرا لا تمحوه الأيام".[43]

ومن هنا نرى أن هذا العامل يعتبر من العوامل التي لا يمكن إنكارها في انضمام عوده إلى الثورة العربية.

طيب كيف وهو ما بعرف إذا بدها تنجح ولا لا ومعضم الناس ضدها كما هو بيقول ؟؟؟؟؟

طبيعة علاقة عوده مع الحكومة التركية:-

ويمكن التعرض لهذا العامل من ثلاثة زوايا هي:

كراهيته العميقة للأتراك

        فقد كان العداء مستحكم بينه وبين الدولة العثمانية ، وكأن يستغل كل فرصه لتعميق هذا العداء.  إذ كانت الحكومة تطالبه بضرائب مستحقه ، ولكن عوده يرفض دفعها ، لأنه كان يرى ذلك أهانه له، ويشبهها بـ(الخاوة) التي يدفعها له القرويون.  كما أنه اصطدم مرات عديدة مع رجال الأمن الأتراك وقتل أعدادا منهم.  يقول لورنس " أما قتلاه من الأتراك فلا تقع تحت حصر، لان عوده اهمل معهم كل حساب ما عدا عملية الضرب".

[44]وكدليل آخر على كراهيته العميقة للأتراك نورد المحادثة التالية: في لقاء عوده الأول مع فيصل في الوجه.  جلس الجميع إلى المائدة وبعد برهه نهض عوده وخرج فسمع الجالسون صوت شيْ يتحطم فقد كان عوده يحطم طاقم أسنانه التي أهداها له جمال باشا.  ولما سئل عن ذلك أجاب " استغفر الله أن آكل من طعام الشريف بأسنان تركيه ".  وبعد هذا العمل " الطائش الجميل" على حد تعبير لورنس ، بقي عوده محروما من أكل اللحم الذي كان يحبه لمدة شهرين اي إلى أن فتحت العقبة، فأرسل له (السير ريجالند وينجت) طبيب  أسنان من مصر ليصنع له " أسنان اتحادية".

شعوره بأن الدولة عاجزة عن اتخاذ إجراءات فعاله ضده:-

وكان عوده يعلم ذلك جيدا ، فهو الشخص المحكوم بالسجن عدة مرات، وهو الممتنع عن دفع الضرائب، وهو المتهم بقتل العديد من الجنود الأتراك.  ومع ذلك فلم تستطع الحكومة أن تلقي القبض عليه.  ولذك فأنه التحق بالثورة دون أن يخشى من انتقام سريع من الدولة العثمانية، حتى ولو فشلت الثورة.

ولعل عجز الدولة ناجم عن :

قلة عدد الحاميات في المدن.

عدم تعاون الأهالي مع قوى الأمن التركية بسبب كراهيتهم لأولئك الجنود، فلا تجد من يتبرع بالإدلاء بأية معلومات تساعد قوى الأمن على إلقاء القبض على أي شخص مطلوب.

        كما أن وسائط النقل التي استعملها الأتراك كانت تقتصر على البغال التي تعجز عن التوغل في الصحراء بسبب حاجتها المستمرة للماء، وسرعتها البطيئة.  في الوقت الذي كان البدو يستعملون الخيول العربية الاصيله، والجمال السريعة.  هذا بالاضافه على سوء طرق المواصلات.

بدء استعمال القطارات والسيارات والطائرات:-

        شعر عوده ابوتايه كما شعر غيره من زعماء البادية ، بأن عجز الدولة عن فرض الأمن على البادية هو عجز مؤقت، بعد أن رأوا الدولة تمد سكة حديد الحجاز، وبعد أن سمعوا عن بدء استعمال السيارات والطائرات في الجيش التركي.  مما يسهل عليها نقل قواتها وفرض السيطرة في زمن قصير.

وقد حاول البدو تعطيل عملية حد سكة الحديد ولكنهم فشلوا في ذلك، بسبب تسيير الحملات العسكرية لمرافقة العمال والمهندسين في ذلك الخط.

وبناء على ذلك شعر زعماء البادية بأن عهد السيطرة التي كانوا يتمتعون بها قد قاربت نهايتها.  ولذلك فما كادت الثورة العربية تعلن حتى بادروا إلى الالتحاق بها، لأنهم رأوا فيها أملا ينقذهم من سيطرة الأتراك التي أوشكت أن تطبق عليهم.  وكأنهم عملوا بالمثل العامي الذي يقول " تغدى على عدوك قبل أن يتعشى عليك". أي بادر بالقضاء على عدوك قبل أن يقضي عليك.

العامل الاقتصادي:-

قبل قيام الثورة كان عوده ابوتايه على جانب من الغنى بالمفهوم السائد آنذاك، ورغم أن كرمه كان يستهلك معظم وارداته ، ألا أن غزواته الناجحة كانت معينا لا ينضب، فقد كان يمتلك قطعان عديدة من الإبل والمواشي.

ورغم ذلك فأننا لا نستطيع أن ننكر أثر الذهب الذي أغدقه فيصل على عوده ابوتايه.  فهو بدون شك كان من العوامل القويه التي ضاعفت الحماس في نفس عوده.

ولكننا لا نستطيع أن نقول بأن الذهب هو العامل الوحيد أو حتى العامل الأكثر قوة في التحاق عوده بالثورة.  والدليل على ذلك هو ما سنود فيما يلي:-

                       1. يقول سليمان موسى[45]"شعر الأتراك بالمركز الخطير الذي يحتله عوده في جيش الثورة نظرا لما يتمتع به من نفوذ وهيبة بين عشائر البادية.  فأرسلوا له وفدا مكون من : الشيخ حسين كريشان(زعيم معان) والشيخ ذياب العوران (زعيم الطفيله) وعدد من شيوخ الروله وشيوخ الحويطات، اعتمادا على صداقتهم لعوده لكي يقنعوه بالانحياز إلى الترك، وأغروه بالأموال الطائله والمناصب الرفيعة: فقد عرضوا عليه أن يعينوه ( أميرا للشراه)، بالاضافه إلى تسوية القضية العربية وفق ما يريده المعتدلون من أقطاب حزب اللامركزية.

ولكن عوده رفض تلك العروض قائلا أنه يساهم في الثورة لا طمعا بمال او جاه وانما يدافع من أيمانه بقوميته العربية وحق أمته في الحرية والحياة الكريمة"

والعجيب أن ذلك الوفد المفاوض قد عاد بعد أن وعد بالوقوف إلى جانب الثورة حينما تحين الظروف المناسبة.  وقد أعطاهم عوده مبلغ من الذهب من جيبه الخاص.

من هذه الحادثة يظهر جليا أنه لو كان الطمع بالمال هو العامل الوحيد أو حتى هو العامل الأقوى، فلا شك أنه سيتراجع عن ثورته ، لا سيما وأنه عرض عليه مالا اكثر ومنصبا ارفع، هذا من ناحية.  ومن ناحية أخرى[46] أنه دفع مالا من جيبه الخاص بقصد اكتسابهم إلى صفو ف الثورة.

                       2. أن الأموال التي قبضها عوده من الشريف فيصل لم يحتفظ بها جميعا لنفسه، بل كان يدفع لكل محارب من رجاله راتبا (يسمى معاش الحربية) وهو مبلغ شهري يتراوح بين 3-6 جنيهات ذهبيه، حسب نوع المقاتل، فالفارس يأخذ راتبا اكثر من صاحب الهجين.  والمقاتل الفعلي يأخذ راتبا اكثر من الخدم والطهاة وساسة الخيول.

                       3. عند وصول الأمير عبدالله [47]إلى معان في خريف عام 1920 خف العديد من زعماء الأردن لاستقباله، ولكن بعضهم تراجع عندما تبين لهم أن الأمير خالي الوفاض من الذهب.  وفي صدد ذلك يقول الأمير عبدالله "[48] وقد لاح لي من هذا كله - أي تراجع بعض الزعماء عن مساعدته - أن الحركة أن لم تكن مؤيده بالمال فأنها لا تقوم لها قائمه، وكأن الظن مني أن الوطنية الحقه ستسوق الناس إلى دفع ما يملكون لحفظ أوطانهم وعزتهم القومية".

"[49] فشكى عبدالله الأمر إلى عوده ، ففتح عوده صندوق ما ادخر وزود عبدالله بكل ما يحتاجه من مال ومؤن واعلاف "

هذه الحوادث وغيرها تؤيد ما سبق أن أشرت أليه من أن الطمع بالمال لم يكن هو الدافع الوحيد، وأن كنت ما أزال أؤكد أهمية الذهب في رفع درجة حماس عوده في الثورة.

ولعل في هذه القصة التالية التي يرويها لورنس ما يؤكد هذا الاتجاه وهي [50] بعد انتهاء معركة ابو اللسن " وفي إحدى الاستراحات همس عوده بأذني بأن اطلب له من فيصل هديه جميلة عندما نحتل العقبة ".  وسواء أكانت هذه الحادثة صحيحه ام مختلقه فهي ليست بعيدة التصديق، لأن البشر يتأثرون بالناحية الاقتصادية لدرجة أن بعض المفكرين يحاولون تفسير كل سلوك أنسأني على ضوء العامل الاقتصادي ، اعتقادا منهم أن كل تصرف أنسأني هو نابع في الأصل من عوامل اقتصادية، وحججهم في هذا الصدد من القوه بحيث لا نستطيع إنكارها.

عامل رغبة في تحرير العرب:-

قبل الثورة كان عوده يعمل على حماية العرب من طغيان الدولة، فكأن يحمي الضعفاء والمستجيرين به ممن حكموا بالسجن أو الإعدام.

ولعل هذا هو ما دفع لويل توماس بتشبيهه بروبن هود مع الفارق.  فقد كان عوده يحمي ابناء عرقه من تعسف عرق آخر مسيطر ، فالحماية هنا قائمه على أساس قومي.  بينما كان روبن هود يحمي أبناء طبقته الفقيرة من تحكم طبقة الإقطاعيين، فالحماية هنا قائمه على أساس طبقي.

فلما قامت الثورة وجد عوده أن الفرصة سانحه لتحرير أبناء أمته من الاستبداد التركي إلى الأبد.  يقول لورنس في هذا الصدد "[51] لعلعت نار الشهوة في نفس عوده لاكتساب فضل أولوية تحرير العرب المستعبدين" وهذه الرغبة النابعة عن شعور قومي تتضح أيضا من نص رسالة عوده إلى متصرف الكرك - وقد سبق ذكرها.  فقد ورد فيها العبارة التالية " أنذرك بلزوم مغادرة بلاد العرب قبل نهاية شهر رمضان البلاد بلادنا ونريد أن يحكمها أهلها".وهي تدل دلالة قاطعه على تبلور ذلك الشعور القومي في نفس عوده ابوتايه وعقله.

العامل الديني

[52]كانت الدولة العثمانية تضم قوميات عديدة لا يجمعها رابط من لغة او عرق سوى رابطة الدين.  إذ من المعروف أم معظم رعايا الدولة العثمانية كانوا من المسلمين، بالإضافة إلى نسبه ضئيلة من النصارى واليهود.

ولذلك كانت الرابطة الدينية من أقوى الروابط التي تربط العرب المسلمين بالدولة العثمانية.  وبالتالي كان الخليفة العثماني يتمتع بنفوذ ديني كبير بين شعوب دولته.  وبقى هذا الشعور بالرابطة الدينية والجامعه العثمانية شعورا واضحا فياضا عند أبناء الأمة العربية.

ولكن هذه الصبغه الدينية نزعت عن الدولة بعد انقلاب حزب (الاتحاد والترقي) وخلع الخليفة العثماني الذي كان - كما ذكرت يتمتع بنفوذ ديني كبير ، ومحاولة تحقيق الجامعة (الطورانيه) وتتريك العرب ، التشديد في المركزية.  كما أن مما زاد في نقمة العرب ظهور نزعة التفوق بين أقطاب حزب الاتحاد والترقي وشعورهم بأن الأمة التركية هي أسمى من بقية الأمم بما في ذلك الأمة العربية.  وأخذت صحفهم وسياستهم تؤكد هذه النزعة مما عزز الشعور الانفصالي لدى العرب.

أما شريف مكة فقد كانت تحيط به هالة من القداسة ناجمة عن اعتقاد العرب - وخاصة المسلمين - بأن الريف هو من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمه.

وعوده ابوتايه - وهو المتدين العميق الأيمان - كان يرى في الشريف الشخص الكفء والجدير لوراثة الخلافة بعد خلع السلطان العثماني، نظرا لنسبه المقدس.

ولعل مما يؤيد هذا الشعور لدى عوده هو قول الأمير فيصل عندما قابله لأول مره هاتفا:" سيدي ومولاي قائد المؤمنين[53]".

أثر عوده ابوتايه في الثورة العربية:

تمهيد:

سوف نستعرض هنا باختصار العمليات العسكرية التي نفذها عوده لصالح الثورة العربية.  ذلك أن المؤرخين قد طرقوا هذا الموضوع بالتفصيل.  وبعد هذا الاستعراض المختصر سوف نعرض بشيء من التفصيل والتحليل إلى الآثار التي نجمت عن انضمام عوده إلى الثورة العربية ، ولم يتطرق لها المؤرخون بالتفصيل.

العمليات العسكرية باختصار[54]

   ·   في 9 ايار1917 توجهت حملة صغيره بقيادة عوده ابوتايه من الوجه، وعند عبور الحملة لخط سكة الحديد قامت بنسف عدة قضبان وقطع أسلاك الهاتف.

   ·   الاستيلاء على ابو اللسن ، وهيده ، المريغه ، القويره ، كثيره ، والخضره ؟؟ في طريقهم إلى العقبه.

   ·   الاستيلاء على ثغر العقبه يوم 6 تموز 1917

   ·   الاستيلاء على محطة جرف الدراويش.

   ·   الاستيلاء على الطفيله بقيادة الأمير زيد بن الحسين يوم 25 كانون الثاني 1918

   ·   تدمير 80 ميلا من خط سكة الحديد إلى الجنوب من معان في شهر نيسان 1918

   ·   قطع الخط السكك الحديد بين درعا ودمشق يوم 17 أيلول 1918

   ·   الاستيلاء على محطة الغزاله.

   ·   الاستيلاء على محطة درعا.

   ·   الاستيلاء على مدينة دمشق يوم 1 تشرين الأول 1918

   ·   الاستيلاء على حلب يوم 22 تشرين الأول 1918.

بعد هذا الاستعراض الموجز سوف ننتقل إلى بحث الشق الثاني من الموضوع:-

[55]وردت برقيه إلى نسيب البكري في دمشق تاريخ 8/6/1916 يقول فيها "أرسلوا الفرس الشقراء" وهي إشارة ذات معنى بينهما.  فساورت جمال باشا الشكوك فأمر بالقاء القبض على نسيب البكري، ولكن نسيب البكري كان أسرع منه إذ لاذ إلى الهرب خارج دمشق يرافقه الشريف علي بن عريد وحوالي 50 شخصا من رجال فيصل في دمشق.

[56]وكانت مضارب عوده في تلك الأثناء - في منطقته القريبة من دمشق تدعى (الشيخ سعد) فأستجار به نسيب ورفاقه ، فأجارهم.  و أرسل جمال باشا إلى عوده يطلب منه تسليمهم والا فأنه سيستعمل القوه.  فأمر عوده كاتبه بأن يكتب الجواب على نفس الرسالة وكأن جوابه:" من عوده ابوتايه إلى جمال باشا: طلب الباشا يفشل، ولو طلع بالكف ريش ما جاك دخيلي يقاد" اي أن طلبكم مرفوض ولو نبت الريش في يدك لما سلمتك من استجارو بي . . . وبادر عوده إلى الرحيل باتجاه الصحراء.  فسير جمال باشا وراءه قوه عسكرية، ولكن هذه القوه عادت أدراجها بعد أن عجزت عن التوغل في الصحراء.  ولعل هذه الخدمة كانت باكورة خدمات الثورة العربية، قبل أن تعلن تلك الثورة في 10 حزيران 1916 وقبل أن يتعرف عوده على فيصل لورنس

[57]كأن عوده أحد الزعماء العرب الذين أرسل عوده يدعوهم للإسهام في الثورة ونزع النير التركي وبينما تقاعس الآخرون أو فضلوا الانتظار حتى تتبين الكفة الراجحة نجد عوده لم يتردد مطلقا بل بادر في أوائل نيسان 1917 من مضاربه في وادي السرحان يغذ السير عبر الصحراء حتى بلغ معسكر فيصل في الوجه[58]

وتتضح أهمية حضور عوده إلى الوجه من وصف لورنس لتلك الزيارة إذا يقول " في 17 فبراير ذلك التاريخ السعيد! قدم إلى الوجه زعل ابوتايه ابن أخ عوده ومن اكبر رجال حربه.  وكأن فيصل مبتهجا بقدومه ولكن كتم ذلك الابتهاج ولا غرو فهو السياسي المحنك.  وفي خلوتنا مع زعل تحادثنا مليا واعدناه محملا بالهدايا ورسولا خاصا من فيصل ليقول لعوده: أن الشريف لا يهدأ له بال ألا إذا قدم إلى الوجه لحما ودما".

وسبب هذا التلهف إلى لقاء عوده هو "[59] لا ن عوده كان محاطا بهالة من الشهره والنفوذ، ألا أننا لا نعرف شيئا عن قيمته الحربية".

وفي أصيل أحد الأيام هرول (سليمان) المنوط به أمر الضيوف ودخل خيمة فيصل وأسر في أذنه بكلمات ، فأبرقت أسارير الشريف ومال إلى مجتهدا بأن يحافظ على رزانته المعتادة: عوده بالباب!! فما تمالكت أن صرخت عوده ابوتايه!! فأنتفض فيصل واقفا فأنحني عوده وقبل يده، وتنحينا بضع خطوات، ورمق كل منهم الآخر قليلا: زوجان فخمان وشخصيتان متناقضتان، ولكنهما يحققان كل أمر نافع للبلاد العربية: النبي- فيصل، ورجل الحرب - عوده ! كل يقوم بمهمته بإتقان".

ولكن ما هي أهمية قدوم عوده إلى الوجه؟

يقول سليمان موسى " أن مجيء عوده فتح الباب على مصراعيه للعمل الحربي في سوريا ، فالثورة بحاجة إلى قاعدة محليه تنطلق منها".

وفي 9 أيار 1917 غادر عوده ابوتايه الوجه برفقة الشريف ناصر بن على و لورنس.  وقام عوده بحشد المقاتلين تمهيدا لفتح العقبه وقد تم ذلك في 6 تموز 1917

والسؤال الذي يرد هو ما هي أهمية فتح العقبه؟

                        1.[60]حقق عوده بفتح العقبه ما عجز عنه الإنجليز الذين قصفوا العقبه بمدافع بوارجهم الحربية اكثر من مرة وأنزلوا الجنود فيها، ثم اضطروا للانسحاب تحت ضغط النار التي كان يصبها عليهم الأتراك من الجبال الوعرة المشرفة على الشاطئ.

                        2.[61]فتح العقبه أدى إلى تغلغل العمليات العسكرية إلى قلب الجبهة التركية في منطقة كان الأتراك يعتبرونها امنع من عقاب الجو.

                        3.فتح العقبه كان معناه امتداد الثورة إلى سوريا الطبيعي.

                        4.كان لهذا الانتصار اثر بالغ في نفس الجنرال اللنبي قائد الجيش البريطاني الزاحف من مصر إلى فلسطين. اذ أخذ هو وغيره من القادة البريطانيين ينظرون إلى الثورة العربية بمزيد من الجد والتقدير.

                        5.بدأ الإنجليز منذ فتح العقبه يزودون جنود الثورة العربية بمقادير افضل من الأسلحة والتموينات. اذ أرسل اللنبي فور فتح العقبه باخرة موسوقة بالمؤن والعتاد.

                        6.فتح العقبه سهل للإنجليز حملتهم في فلسطين.

                        7.قتل في معركة أبو اللسن والمخافر الواقعة في وادي اليتم حوالي 600 جندي تركي، وأًسر 700 جندي آخر و43 ضابطا ولا يخفى ما لهذا العدد من القتلى والاسرى من قيمة معنوية ومادية للأتراك.

                        8.استولى العرب في العقبه على كميات كبيره من الأسلحة والعتاد استعملوها فيما بعد في معاركهم مع الأتراك.

ولعل وصف لورنس لذلك النصر ما يدل على مدى أهميته التي كان كانوا يعلقونها على احتلال ذلك الثغر البحري" ودخلنا العقبه بعد خروجنا من الوجه بشهرين، فقد كانت العقبه محط آمالنا وافق أرواحنا شهورا عدديه ..ولك يكن لنا هم ولا لذة إلا بذكر العقبه "

ومنذ ذلك اليوم أصبحت العقبه قاعدة مهمة للعرب وحلفائهم.  وقد حاول الأتراك اكثر من مرة استعادتها ولكنهم أخفقوا في ذلك بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلوها.

وقد شكل عوده من رجاله حاميات تمركزت في المخافر والقلاع التركية التي تم الاستيلاء عليها، إلى أن وصل الأمير فيصل فانتقلت تلك الحاميات إلى أيدي الجيش النظامي العربي لكي يتفرغ رجال عوده للقتال.[62]

وفي هذا العدد يقول سليمان موسى ""وما أشبه الحملة التي قادها عوده من الوجه إلى العقبة بحملات المجاهدين الأوائل الذين عرفتهم الجزيرة العربية في فجر الإسلام"

ولكن من هو فاتح العقبه الحقيقي؟

وردت العبارة التالية للورنس" لقد أخذنا العقبه بفضل تخطيطي وجهودي أنا وحدي، ورأسي وأعصابي يدفعان الآن ثمن نجاحي". لعاد ليش أنتظروا أنه عوده ينظم لهم ما هو كان فتحها لحالة.  من هذا يبدوا جليا أن لورنس يدعي لنفسه الفضل في فتح العقبه.  فما مدى صحة هذا الادعاء؟

يجيب سليمان موسى على ذلك بقوله "[63]مما يؤسف له أن لورنس اخذ يذيع في أوروبا بعد انتهاء الحرب أنه هو الذي وضع الخطط لفتح العقبه وقام بتنفيذها.. وصدق الناس هناك هذه الأقوال.  والحقيقة أنه الفضل في ذلك يعود إلى عوده ابوتايه فهو الذي قام بأعباء القتال ورمى بنفسه ورجاله في أتون المعارك."

ولا اعلم ما هي الأدلة التي بنى عليها سليمان موسى نفيه القاطع هذا لادعاء لورنس.

ولكنني سأورد هنا بعض الحجج التي ستجعل من الصعب أن لم يكن من المستحيل على المرء أن يسلم بصحة ادعاء لورنس المذكور سابقا.  وهذه الحجج هي كما يلي:-

                      1.أن من يضع خطة عسكرية لا بد أن يكون على معرفة تامة بطبيعية الأرض التي سيسلكها والطرق المناسبة التي تخترقها ومصادر المياه والتموين.  و لورنس لم يكن على علم بهذا كله.

                      2.لا بلا أن من يضع خطة عسكرية لا بد وأن يكون عسكريا محترفا.[64]، وهذه الصفة تنقص لورنس باعترافه هو نفسه إلى كلايتون.  فعندما طلب منه كلايتون أن يذهب إلى الحجاز ليعمل كضابط اتصال مع قوات فيصل ، حاول أن يتملص من المهمة قائلا " أنه ليس أهلا لمثل هذه المهمة ، فضلا عن أنه ليس ضابطا محترفا ، ولا يتقن فن الحرب".

                      3.كانت طبيعة الحرب التي خاضها عوده ابوتايه ضد الأتراك هي حرب من نوع " الحرب الشعبية" أو حرب العصابات".  وما دام لورنس لا يتقن " الحرب النظامية " فمن باب أولى أنه لا يتقن "الحرب الشعبية".

                      4.لكي يستطيع القائد العسكري أن يحقق النصر فلا بد أن يتمتع بثقة رجالة.  واين لورنس من هذا ، فقد كان الرجال - وهم من البدو - لا يثقون به ، لا بل كانوا يكرهونه أيضا بسبب بشرته البيضاء وشعره الأشقر ، وكانوا يسمونه "[65]بالأحمر ".  وكان عوده يبذل جهودا جبارة للحفاظ على حياة لورنس - باعتباره ضيفا-لأن البدو حاولوا قتل لورنس اكثر من مرة. لا لسبب ألا لأنه (احمر) كما يقولون.  فكيف يستطيع لورنس أن يحقق نصرا برجال يبادلوه مثل هذا الشعور.  ومن الأقرب إلى العقل والمنطق أن نرجع الفضل في فتح العقبه إلى عوده ابوتايه لأنه يعرف الأرض ومسالكها، ولأنه محارب خبير ، واخيرا لأنه يتمتع بثقة رجاله ومحبتهم.

وليس معنى هذا أن لورنس كان غير ذي فائدة في تلك الحملة.  بل على العكس فقد كان ، بالإضافة إلى صبره على تحمل الشدائد والشجاعة في المعارك ، خبيرا في المتفجرات .  فأدى بذلك خدمة جلى للثورة العربية، تبدو في ناحيتين:-

                      1.عرقلة خطوط مواصلات الأتراك، وبالتالي تقطيع أوصال الجيش التركي، وعدم انتظام وصول المؤن والعتاد.

                      2.أن في نسف القطارات والاستيلاء عليها بما فيها من أموال ومؤن وأسلحة من قبل المقاتلين ، أن في ذلك حافزا لأولئك المقاتلين على تشديد ضرباتهم على الأتراك ومواصلة القتال برغبة زائدة.

وواضح أن الثورة العربية استفادت من خدمات لورنس في هذا المضمار فائدة لا سبيل إلى إنكارها.  ولم يقتصر دور لورنس على وضع المتفجرات ونسف القطارات، بل قدم خدمة تدريبية للعرب.  فعندما اتسعت العمليات ضد خطوط مواصلات الأتراك وجد لورنس أنه من الضروري تدريب بعض المقاتلين العرب على وضع الألغام وتفجيرها وقد نجح في ذلك إلى حد كبير.  كما أن لورنس كان "[66] خير معاون لفيصل حين يتأزم الموقف بينه ويبن الكولونيل جويس ممثل الجنرال اللنبي."

ونستطيع أن نصنف تأثير عوده ابوتايه في الثورة العربية إلى أقسام ثلاثة بغية التوضيح:-

العمليات التي نفذها رجال الحويطات بقيادة عوده ابوتايه دون مشاركة من الجيش النظامي والقبائل الأخرى:-

 1. فتح العقبه، وقد سبق ذكرها

 2. الاستيلاء على محطة الغزالة بالقرب من درعا.

 3. الاستيلاء على ابو اللسن ، وهيده ، كثيره، الخضراء.

 4. القضاء على الفرقة الثانية التركية في موقع طفس، على اثر مقتل صديقة الشيخ طلال.  ويصف لورنس تلك المعركة بقوله " [67]استيقظ أسد القتال في نفس عوده ساعتئذ فاصبح بحكم القدر والفعل رئيسنا جميعا.  وتمكن بمناورة بارعة أن يجر العدو إلى ارض رديئة ويقطع أوصاله إلى ثلاث قطع.  تولينا أمر تلك القطع الواحدة بعد الأخرى وأفنيناها عن بكرة أبيها انتقاما لمذبحة طفس ولمقتل طلال أحد قادتنا الشجعان"

 5. في جبل " معين ، كانت نهاية الجيش التركي الرابع على يد عوده ورجاله ، وكأن ما بقي منهم حوالي 2000 جندي

العمليات التي اشترك في تنفيذها عوده ابوتايه ورجاله مع قوات فيصل والقبائل الأخرى:-

                      1.الاستيلاء على محطة " جرف الدراويش" بالاشتراك مع قوات النظامية بقادة زيد ابن حسين.

                      2.للاشتراك في الاستيلاء على محطة درعا مع الجيش النظامي والقبائل القاطنة في تلك المنطقة.

                      3.الاشتراك في مجموع المعارك التي انتهت بدخول الجيوش العربية إلى دمشق في 1 تشرين الأول 1918.  وفي هذا يقول قدري القلعجي " عوده ابوتايه هو أحد شجعان العرب وقد أبلى في هذه الواقعة وفي اكثر الوقائع التي خاضها الجيش العربي مع الجيش التركي ، بلا ليس بعده بلاء[68]"

                      4.الاشتراك في الاستيلاء على حلب مع الجيش النظامي وقبائل ابن مهيد في 22 تشرين الأول 1918.[69]

الآثار المعنوية التي نجمت عن انضمام عوده إلى الثورة العربية.

كان الأثر الأول هو انضمام قبيلة الحويطات إلى الثورة العربية الكبرى عندما رأوا زعيمهم - عوده - ينضم أليها،  لا سيما وأنهم كانوا يرون فيه " الرئيس العريق والمثال الأعلى[70]" كما يقول لورنس.  كما أرسل الرسل إلى الشيوخ المجاورين طالبا منهم الانضمام إلى الثورة.

أما الأثر الثاني فقد تمثل في نجاح عوده في ضم النوري الشعلان وقبائله الكثيرة العديدة، اعتمادا على صداقته، ورغبة في كسب مودة عوده، وطمعا في المال.  إذ ما كادت الحملة التي غادرت الوجه تصل إلى وادي السرحان حتى ذهب عوده شخصيا إلى النوري الشعلان " حاملا معه 6 آلاف دينار ذهبي كهدية وليتفاوض معه حبا وصداقة".  وتظهر أهمية النوري الشعلان إذا علمنا أنه بقبائله الكثيرة العدد يسيطر على البادية الواقعة إلى الشرق من دمشق وحتى العراق.  وكأن لا بد للثورة من أن تضمن وقوفه إلى جانبها حتى تكون أمر دخول دمشق ممكنا.

        أما الأثر المعنوي الثالث فقد تجلى عندما هاجمت القوات العربية بلدة الطفيلة في 25 كانون الثاني 1918.  فقد اتصل عوده ابوتايه بزعيم الطفيلة ذياب العوران وقد وعده هذا الأخير بالمساعدة حين وصول العرب إلى الطفيله، وبالفعل فقد لعب ذلك الزعيم دورا رئيسيا في تسهيل الاستيلاء على الطفيلة.  ذلك أن عوده و ذياب العوران كانت تربطهم صداقة متينة.  ولولا تلك المساعدة التي قدمها ذياب العوران إكراما لصديقه لكان من الصعب جدا أن يستولي العرب على الطفيله نظرا لما تمتع به من موقع جغرافي حصين من ناحية، ولوجود قوات تركيه كبيره مزوده بالمدافع الجبلية والرشاشات من ناحية أخرى.  وبفضل هذه الصداقة دخل العرب الطفيلة دون أي خسائر تذكر.[71]

وهكذا نرى مدى المساهمة الكبيرة التي ساهم بها عوده ابوتايه في سبيل نجاح الثورة العربية.  ولعلنا لا نغدو الحقيقة إذا قلنا بأن تلك الثورة قد ساهمت ولو بشكل غير مباشر- في إبراز القضية العربية إلى الوجود على ميدان السياسية الدولية ، وانتزاع اعتراف الدول الكبرى بها.  على حد قول الدكتور بنيه أمين فارس ، وبيان ذلك: أن السلطان السياسي للعرب قد انتهى تماما في عام 1912 بسقوط مراكش في أيدي الفرنسيين ، تلك البلد التي حافظت على سيادتها حتى ذلك التاريخ .  واما بقية الدول العربية: فجزء كبير منها تحت السيطرة التركية، واجزاء أخرى تحت الاستعمار البريطاني والإيطالي والفرنسي.  وبقيام الثورة العربية تم إعلان - ولأول مرة منذ عدة قرون - الدول العربية في سوريا وبعدها في العراق وشرق الأردن.  مما أتاح الفرصة لابراز الذاتية العربية والتخلص من الحكم الأجنبي، وبالتالي محاولة اللحاق بركب الحضارة الحديثة بعد قرون من التخلف والركود."[72]

ولعل هذا ما سيتضح اكثر حينما نتعرض إلى الدور الذي لعبة عوده ابوتايه في فترة ما بعد الثورة في الفصل القادم.  وفي النهاية نود أن نورد نبذا من أقوال بعض المؤرخين، تزيد هذا الموضوع جلاء:-

"لاشك في أن عوده يأتي في الطليعة بين قادة الثورة العربية ومجاهديها ، أولئك الذين ظلوا ثلاثة أعوام في مواجهة الموت من اجل وحدة بلادهم واستقلالها، ثم كان جزاءهم من حلفائهم جزاء سنمار".[73]

" أن عوده اعظم مقاتل في شمال الجزيرة العربية، وأن كل من يحتك به يصبح بطلا، وبعقد أواصر الصداقة معه صار اكتساب القبائل بين العقبه والشام قاب قوسين أو أدنى".[74]

" كانت تقوم الضغائن العشائرية بين البدو حينما يتقابلون.  ولولا حكمة فيصل ورحابة صدره ومؤازرة عوده ابوتايه له ، لتطورت تلك الخصومات إلى نزاع قبائلي قد تنجم عنه أخطار تهدد وحدة العمل في الجبهة"[75]

عوده ابوتايه بعد الثورة

احتل الفرنسيون دمشق بعد هزيمة الجيش العربي في معركة ميسلون، وطردوا الأمير فيصل من سوريا.  وساد البلاد العربية - بعد هذه الخيانة الساخرة - الفوضى والاضطراب واختلت الأمور[76].  فأنقسم قادة الثورة إلى فريقان كل له رأيه في معالجة الاحتلال الفرنسي-

الفريق الأول رأى مواصلة النضال ضد المحتلين الجدد لا سيما حماس الجماهير لم يفتر بعد، وكان عوده ابوتايه أحد هؤلاء.

الفريق الثاني رأي معالجة الأمر بالحكمة والمفاوضات السياسية، وهم يعرفون الآن بفريق "خذ وطالب" أي أنهم رأوا أن يقبل فيصل بما يعطيه له الإنجليز والفرنسيين وبعد ذلك يطالب بما يريد.

ويبدوا أن الفريق الثاني هو الذي نجح في إقناع فيصل برأيه.  ولكن عوده ورفاقه لم يستكينوا لهذا الأمر واتخذوا عدة إجراءات هامة في سبيل مواصلة النضال وهي:-

أرسلوا إلى الملك حسين بن علي يطلبون منه أيفاد أحد أبنائه لقيادة المعركة ضد الفرنسيين، لا سيما وأن فيصل كان مشغولا في محادثات مؤتمر الصلح أملا أن يحصل على حق بلاده في الاستقلال من خلال ذلك المؤتمر.  ولكن مساعيه باءت بالفشل، وقام الملك حسين بإرسال حد أنجاله (الأمير عبدالله) لهذه الغاية.[77]

رفض عوده ومن يشاركونه في الرأي أي مظهر من مظاهر السيادة الفرنسية، و أورد هنا الحادثة التالية تدليلا على ذلك: عندما دخلت الجيوش الفرنسية دمشق قام قائمقام معان آنذاك ويدعى السيد عبد السلام كمال برفع علم فرنسا على دار الحكومة، فجاء عوده ابوتايه وأنزل العلم الفرنسي ورفع العلم العربي مكانه ، و ألقى القبض على القائمقام  وزج به في السجن[78].

وفي الفترة التي سبقت مجيء الأمير عبدالله بن الحسين أرسل الأمير عبدالعزيز آل سعود إلى عوده ابوتايه ونوري الشعلان طالبا مساعدتهم في حربه ضد الأمير عبدالله آل رشيد، وهكذا كان فقد حشد عوده ونوري حمله مشتركة وهاجموا منطقة الجوف التابعة لأبن الرشيد ولكنهما هزما في تلك المعركة ، ولكنهم واصلوا الحرب مما جعل آل رشيد يحاربون في اكثر من جبهة وهذا سهل مهمة عبد العزيز آل سعود في الانقضاض على مدينة حايل ( عاصمة آل رشيد ) واحتلالها[79]. 

وعند مجيء الأمير عبد الله إلى معان في خريف عام 1920 استقبله زعماء البلاد السورية أعلنوا تأييدهم له.  وكان الأمير عبد الله في وضع مالي سيئ فبادر عوده إلى إمداده بالمال والمؤن اللازمة.  وبعد أن وصل عبد الله إلى عمان وزار تشرشل في القدس ، رأى أنه لا توجد هناك احتمالات قويه في النجاح فيما لو قام بمحاولة تحرير البلاد بالقوة، فصرف النظر عن ذلك وبدأ بإرساء قواعد الحكم والنظام في منطقة شرق الأردن، ولكن هذا التبرير لم يقنع العديد من زعماء سوريا والأردن  فأخذوا يناصبون الأمير عبد الله العداء.  وقامت محاولات جدية للثورة ضد الأمير عبد الله ولكنها قمعت بالقوة[80].

وبعد تأسيس أمارة شرق الأردن اعتقل الفرنسيون المجاهد إبراهيم هنانو بواسطة القنصلية البريطانية في القدس في شهر آب 1921، فقاد عوده ابوتايه وسعيد خير وغيرهم من الزعماء الذين ما زالوا على عقيدتهم الوطنية المظاهرات الصاخبة في عمان احتجاجا على ذلك، وفي تلك المظاهرات أطلق المتظاهرون الرصاص على (بيك) قائد الجيش الأردني.  ولكن القوه النظامية آنذاك من القلة بحيث لم تستطع الحكومة اتخاذ إجراءات فعالة ضد المتظاهرين.[81]

أما عوده فقد عاد إلى مضاربه، وبعد أن نسي تلك الحادثة بمرور الزمن، فأن الأمير عبد الله دعاه لزيارته على جناح السرعة في شهر تشرين الأول 1922، وما كاد يصل إلى مقر الأمير عبد الله حتى ألقى القبض عليه و أودع في سجن السلط.  وبعد مضي فترة قصيرة قام زعيم السلط "عبد الله الخطيب" ورجاله باقتحام السجن بالقوة  و أطلقوا سراح عوده وزودوه بفرس وبندقية.  فلحقت به قوه عسكرية قوامها 150 جندي بقيادة اللواء محمد على العجلوني، ولكن قائد القوة وهو من رجال الثورة والوطنيين الذين قادوا الثورة راوغ في مهمته ولم يحاول اللحاق بعوده جديا ليعطيه فرصة في النجاة[82].

" عاد عوده إلى قبيلته في موقع الجفر ومن هناك ارتحل إلى نجد، فخشي الأمير عبد الله أن يتحالف عوده مع آل سعود ضده، فبادر إلى حشد قواته النظامية وبعض العشائر الموالية له، وسار بتلك القوه قاصدا ديار عوده ابوتايه.  ولعل من الطريف أن نذكر أن أفراد تلك الحمله لم يكونوا على علم بهدفهم الذي يقصده الأمير عبد الله.  فجاء أحد المقربين من الأمير يسأله عن وجهته الحقيقية فأعلمه الأمير بأنه يقصد ديار عوده ابوتايه ، فحاول هذا الشخص أن يثني الأمير عن هدفه ولكن لم يفلح، فقال له أخيرا " حسنا اعلم أفراد الحمله بأن وجهتك هي شهر الحرب على عوده ابوتايه وأنظر ماذا ستكون النتيجة.  وبالفعل فأن الأمير عبد الله أعلن وجهته عندما خيمت الحمله مساء.  فلما أشرقت الشمس وجد أن معظم أفراد حملته قد عادوا أدراجهم ليلا ولم يبق لديه سوى الجنود النظاميين وعدد قليل من البدو الذين لم يخشوا لقاء عوده.  عند ذلك تبين للأمير أن حملته مقضي عليها بالفشل فعاد إلى مقره في عمان

ولكن الأمير عبد الله رأى أن يحاول تحقيق ما يريد بالحكمة والسياسية ما عجز عن تحقيقه بالقوة، فارسل إلى عوده رسالة يسترضيه فيها ويذكره بالعهود التي قطعها على نفسه أمام فيصل.  فأجابه عوده بأنه لن يفعل إي شيء يمكن أن يسيء أليه " أي إلى عبد الله مراعاة لتلك العهود. 

وبقي عوده ممتنعا عن زيارة عبد الله إلى أن حضر الملك حسين بن علي إلى العقبة، فأرسل الملك يطلب عوده لمقابلته و أجرى الصلح بين عبد الله وعوده.  ولكن عوده ابلغ الملك حسين بأنه لن يستطيع البقاء في شرق الأردن وأستأذنه بالبقاء في مضاربه في نجد لأنه لن يتفق مع عبد الله.

تناهى خبر الخلاف هذا إلى الأمير فيصل في العراق فاستدعى عوده أليه واقطعه مساحة كبيرة من الأرض الزراعية في العراق واستقر عوده هناك.  ولكن زعماء الحويطات لم يرضوا عن هذا الوضع فانتدبوا وفدا ذهب لمقابلة عوده في العراق واخبروه بأنهم إذا بقوا في ديارهم فسيفقدون زعيمهم "عوده" وإذا تبعوه إلى العراق فأنهم سيفقدون ديارهم، وهما أمران أحلاهما مر فرضخ لرغبة قبيلته وعاد إلى دياره[83].

بعد ذلك اشتدت وطأة المرض عليه إذ كان يشكو من قرحة في المعدة، فسافر للعلاج إلى مصر ، ثم عاد إلى القدس فأجريت له عمليه جراحية.  وتوفي في عمان ليلة الثلاثاء في 22 تموز 1924 ودفن فيها باحتفال رسمي كبير وابنته الصحف العربية في الشام والعراق والأردن[84].

أسباب الخلاف بين الأمير عبد الله وعوده ابوتايه

بالاضافه إلى حادثة المظاهرات التي قادها عوده في عمان والتي كانت السبب المباشر في سجنه،  فأنني من خلال مقابلاتي وبحثي عثرت على العديد من العوامل التي قد تكون بمجموعها سببا في ذلك الخلاف والبغضاء بين الرجلين.  ولعل هذه البغضاء تتجلى في عدم الإشارة إلى عوده ابوتايه ولو تلميحا في كتاب "مذكراتي" الذي كتبه الأمير عبد الله عن أحداث الثورة وإنشاء أمارة شرق الأردن.

ولعلنا نتبين أسباب الخلاف فيما يلي:-

 1. أن عوده لم ينسجم مع مقتضيات السلم وضل ينظر إلى الأمور نظرة البدوي الفطرية - على حد قول سليمان موسى.  وأنني اتفق معه في هذا إلى حد كبير.  فظروف الحرب تختلف عن ظروف السلم، وأن تدخل قادة الثورة بعد نجاحها في أمور السياسة كثيرا ما يكون مزعجا لاصحاب السلطة.

 2. يذكر الدكتور عبدالرحمن شهبندر أن هربرت صموئيل قال لعوده - في إحدى الاجتماعات - " هل أنت مسرور بالحل الذي آلت إليه الإمبراطورية العثمانية ، وألا تظن أن عهد سلم مديد قد ذر قرنه على الشرق؟" فأجابه عوده بشده واندفاع " أي سلم هذا ما دام الفرنسيون في سورية والإنجليز في العراق واليهود في فلسطين"[85].  وهذا الكلام فيه تجريح غير مباشر للأمير عبد الله أيضا لأنه لم يواصل النضال من اجل التحرير ، ولعله كان معذورا في ذلك لعدم توفر الإمكانيات ، إلا أن هذا لم يقنع الكثيرين وبقي الخلاف على اشده.

ويقول خير الدين الزركلي " دخل عبدالله عمان واتفق مع الإنجليز على أن يتولى أدارتها وإمارتها وسميت وما حولها بشرق الأردن… فاقبل عليه عوده يقول:- أراك وقد أمروك ، هونت عن قصد الشام" فتنكر له الأمير وحبسه ليلة بعمان ثم خشي غارة رجاله فاطلقه"[86].

واما سليمان كريشان فيقول : كنت برفقة عوده عندما وجه له هربرت صموئيل كلاما لا اذكره ولكنني اذكر جواب عوده كان كما يلي :" يا هربرت نحن عاهدنكم على جميع العرب .. وأنتم بقتونا ( اي حنثتم بعهودكم) …فأنت استوليت على القدس وفرنسا على الشام .. والله ما نخلي لا القدس ولا الشام .. ولو كان الأمير عبدالله معاكم ".  فيغضب عبدالله ويقول لعوده "كيف تغلط على ضيوفنا يا عوده!" فيجيبه عوده بعنف " هؤلاء حيوف (أي لصوص) ما هم ضيوف يا عبدالله".

وأي كان الرواية الأصح فأن تكرارها يؤكد حدوثها وأن كانت التفاصيل مختلفة.

 3. هناك عامل نفسي قد يكون له أثر غير مباشر في تلك الكراهية المتبادلة وهو أنه من المعروف أن الأمير عبد الله كان يشعر بالغيرة من أخيه الأمير فيصل بسبب نجاح جيوش هذا الأخير في معاركها ضد الأتراك، وبما أن عوده كان صديقا ورفيقا لفيصل فقد يكون من الممكن أن هذه العلاقة سبب في تلك البغضاء ، لا سيما وأن جيش الأمير عبد الله كان يلاقي الهزائم المتواصلة واقتصر دوره على حصار القوات التركية في المدينه.

 4. الصداقة التي ربطت بين عبد العزيز آل سعود وعوده ابوتايه قد تكون أحد الأسباب التي جعلت عبد الله دائم التخوف من أن يتفق الاثنان ضده ، لا سيما وأن جماعات الأخوان كانت تهاجم البادية الاردنيه باستمرار ووصلت في إحدى غزواتها إلى أطراف عمان.


المراجع

                  1.          قدري القلعجي - جيل الفداء - دار الكتاب العربي، بيروت 1967 - الصفحات 244،251-252،254-416.

                  2.          الارشمندريت بولس سلمان - خمسة أعوام في شرق الأردن - مطبعة القديس بولس ، حاصبيا ، لبنان - 1929 - الصفحات 26،32،37،47،90،259.

                  3.          فردريك ج بيك - تاريخ شرق الاردن وقبائلها - ترجمة بهاء الدين طوقان - مطبعة دار الأيتام الإسلامية ، القدس 1934 - الصفحات 218،231،232،233

                  4.          منيب الماضي ورفيقة - تاريخ الأردن في القرن العشرين - عمان -1959 - صفحه 8 وما بعدها.

                  5.          سليمان موسى - صور من البطولة - المطبعة الهاشمية ، عمان 1968 - الصفحات 37-58.

                  6.          سليمان موسى - غربيون في بلاد العرب - دائرة الثقافة والفنون ، عمان - 1969 : ويتضمن ترجمة ما يلي:-

                    ·            الحجاز الشمالي تأليف الويس موزيل - ص 34-43

                    ·            الخاتون ابنة الصحراء تأليف جرترود بل - ص 88 ، 89

                    ·            خشخشة الاشواك تأليف كركبرايد - ص 242-245

                  7.          يوهان لوديغ بيركهارت - رحلات في سورية الحنوبيه عام 1814 ترجمة أنور عرفات - منشورات دائرة الثقافة والفنون ، عمان -1969 ص 128 ، 132

                  8.          دراسات في الثورة العربية الكبرى - دكتور نقولا زياده ورفاقة - الشركة الاردنية العالمية للنشر ، عمان - 1967 - ص 85،87،92،120،221.

                  9.          سليمان موسى - الحسين بن علي والثورة العربية الكبرى - دار النشر والتوزيع والتعهدات . عمان 1957.

               10.       ت.أ.لورنس - ثورة في الصحراء - ترجمة الدكتور رشيد كرم_ القاهرة - 1949.

               11.       عبدالله بن الحسين - مذكراتي - بأشراف المحامي امين ابوالشعر صاحب مجلة الرائد ، عمان - 1945.

               12.       خير الدين الزركلي - الأعلام، الجزء الخامس، الطبعة الثانية - ص 35 ، 36.

               13.       سليمان موسى - لورنس العرب - دار النشر والتوزيع والتعهدات عمان.

               14.       دكتور هاشم ياغي - القصة القصيرة في فلسطين والأردن - معهد البحوث والدراسات ، جامعة الدول العربية - 1966. ص 35 ، 36.

               15.       مجلة الأردن- ملحق خاص بمناسبة مرور نصف قرن على الثورة العربية الكبرى - 22 تشرين الثاني 1966.

               16.       جريدة النهار - العدد 19 - 9 - آب - 1968 - مقالة بعنوان لورنس العرب: الشذوذ والخيانة ، بقلم رفيق خوري.

               17.       جريدة الانوار - العدد 3195 - الجمعة 19 أيلول 1969 - عرض لكتاب " النواحي السرية في حياة لورنس "، فيليب نايتلي وكولين سمبسون.

               18.       Nuutting, Anthony - Lawrence of Arabia - Published by The New American Library - December 1962 page 55 & 63

               19.       سليمان موسى - مقالة بعنوان " عوده ابوتايه فاتح العقبه "- مجلة العربي - العدد 49 - ص 28 - كانون اول 1962 - الكويت.

               20.       الدكتور عبدالرحمن شهبندر- مقالة بعنوان "لورنس في بلاد العرب" مجلة المقتطف - ص 434 - المجلد 78 - عام 1931 - القاهرة.

               21.       مجلة المختار من ريدرز دايجست - تلخيص كتاب الشهر " لورنس الحقيقي" بقلم لويل توماس - ديسمبر 1964 - ص 128-132.


المقابلات الشخصية

                  1.          محمد عوده ابوتايه - عمان - عدة مقابلات

                  2.          اللواء محمد على العجلوني - عمان مقابلتان : الأولى في 12/3/1970 واستمرت ثلاث ساعات.  الثانية في 13/3/1970 لمدة ساعتين.

                  3.          السيد سليمان بن حسين كريشان - عمان - ثلاث مقابلات:- الأولى في 8/3/1970 لمدة ساعتين، الثانية في 15/3/1970 لمدة ثلاث ساعات، الثالثة في 17/3/1970 لمدة أربع ساعات.

                  4.          الأستاذ محمود العابدي والأستاذ سليمان موسى - عمان - وزارة الإعلام مقابلة واحدة لمدع ساعة ونصف.

                  5.          السيد هارون بن محمد كريشان - مقابلتان الأولى في 21/2/1970 واستمرت ساعتان، والثانية في 22/2/19970 لمدة ساعتان- معان .


ملحق رقم 1

                     1.        ارجوا التكرم بإعطاء فكرة عن نسب عوده ابوتايه وهل توجد شجرة لعائلته؟ ما هو رأيكم برواية فردريك ج بيك ( تلاوة نص الرواية) ؟

                     2.        أرجو التكرم بإعطاء فكرة عن نشأة عوده ابوتايه وتربيته؟ ومتى ولد ؟ فكرة عن ابويه ؟

                     3.        بماذا يمكن ان تصف عوده ابوتايه بشكل عام؟ وعلى ضوء دورة في الثورة العربية؟

                     4.        ارجوا التكرم بذكر بعض الحوادث عن حياته الخاصة ؟ زوجاته؟ اولاده؟

                     5.        هل عوده ابوتايه متدينا؟ وذكر بعض الحوادث في هذا المجال؟

                     6.        هل لكم ان تحدثونا عن غزوات عوده ابوتايه؟ مع من؟ وتواريخها على وجه التقريب؟ اسبابها ؟ وما هو نصيبه من الفشل والنجاح في تلك الغزوات؟

                     7.        ما الذي دفع عوده ابوتايه الى الاشتراك في الثورة العربية حسب رأيكم؟

                     8.        يدعي لورنس بان الفضل في فتح العقبه يعود اليه، ما هو تعليقكم على ذلك؟ وما هو الدور الذي لعبه لورنس في الثورة في نظركم؟

                     9.        هل لكم ان تحدثونا عن عوده ابوتايه في مرحلة بعد الثوره؟

                  10.      سؤال مفتوح := هل تريد اضافة اي شيء الى ما سبق؟


ملحق رقم 2

قصيده في مديح الشريف فيصل وعوده ابوتايه، وذلك بمناسبة "مآساة القعيرات" وهم عشيره من الحويطات هاجمهم الأتراك وقتلوا منهم العدد الكثير ونهبوا أمتعتهم ومواشيهم.

اول كلام نقوله

 

افلح من يذكر رسوله

 

مدت ذلولي مرسوله

 

 

الفيصل معها علامات

 

 

فيصل ما احلى ملكاده

 

قبله ما شفنا سعاده

 

عوده يرمي ميعاده

 

 

على الترك يدبون الغارات

 

 

التركي سوى العجيبه

 

غزا للمال يجيبه

 

يو قصر عنه نصيبه

 

 

يوم صباح القعيرات

 

 

مالو علينا بالنهار

 

اخذوا الحله والدار

 

وذبحوا ضعوف صغار

 

 

ولحقوا بكسب البنات

 

 

لحقتهم سربه مقرد

 

والكل راسه مجرد

 

البرز عن النزل طرد

 

 

بيننا وبينهم مشتغلات

 

 

لحقتهم سربة سعيدي

 

معهم عصملي جديد

 

بيديهم زين الحديد

 

 

احسب قبليهم يا الموات

 

 

فزاعك ما هم قليلين

 

ردوهم من راس البطين

 

وصلوهم باب معان

 

 

خلوهم بالصفحه شتات

 

 

اما عوده العزوم

 

يا مريع القلب زومي

 

له ربع يوم اللزوم

 

 

تقول زناتي وهلالات

 

 

اقوله وانجي خطي

 

عوده ايلا حضر يمضي

 

هجمهم هجم الطيارات

للشاعر سالم القعيرات 1917


ملحق رقم 3

قصيده في مدح الشريف فيصل بن الحسين وعوده ابوتايه:

الله يعز الى بحكمة دعانا

 

الى عدل حقوق العرب بالنصيف

حكم الشريف الهاشمي منانا

 

سيد العرب للناس نفسه لطيف

كل العرب حبته من عطانا

 

والحق مخلوق من قديم ضعيف

بسنع ربي والمقادم لحانا

 

ابو عناد ببيرقه له وظيف

ابو عناد ببيرقه لو دعانا

 

نودع بهمات العساكر خفيف

بمواجه الحكام شين لقانا

 

نروي حدود مصقلات الرهيف

ايلا نصبنا الحرب نذهب عدانا

 

جمع العدو لو هو كثير نخيف

جمال باشا بعسكره ما تنانا

 

خلا محله والقشوش نظيف

قصيدة نعي عوده ابوتايه:

علما لفاني تالي الليل خزيت

 

عليك يا ابو عناد خبث بالي

لو تنفدي لافداك بالحي والميت

 

من مغربه لشرق باب الشمال

وانت ممضي لازمك يوم مديت

 

مرحوم يا ابو عناد مظتي الافعال

وانت طيب للعرب ما ترديت

 

عزيت ربعك بالذهب والحلال

مالك شبيه بديرتي ايلا تطريت

 

بشد الركاب وزودة على الرجال

ابكي على ابو عناد سبع الرجال

 

حر مربى دايما للحمل شيال

عند الوزر يرخص لنا كل غالي

 

وان انطرى للناس مليح نيقال

دربك سهيلة كلنا تابعينه

 

عساك للجنة ونعيم وظلال

والقصيدتان للشاعر محمد التبيناوي



[1] منيب الماضي وسليمان موسى - تاريخ الأردن في القرن العشرين صفحه 8-12

[2] دكتور هاشم ياغي: القصة القصيرة في فلسطين والأردن - صفحه 35

[3] رحلات بيركهارت في سوريا الجنوبية . ص 129 وما بعدها

[4] بيركهارت - المرجع السابق

[5] تاريخ شرق الأردن وقبائلها: فردريك بيكز ص 228

[6] الأعلام : خير الدين الزركلي ص 272

[7] فردريك بيك - المرجع السابق

[8] مقابله شخصيه مع محمد عوده ابوتايه وهارون بن محمد كريشان /معان

[9]مقابله شخصيه مع محمد عوده ابوتايه 

[10] مقابله شخصيه مع هارون بن محمد كريشان - معان

[11] ثورة في الصحراء : ت أ لورنس

[12] صور من البطولة ، سليمان الموسى ص 65 وما بعدها

[13] ثورة في الصحراء : ت ا لورنس

[14] خمسة أعوام في شرق الأردن - بولس سلمان ص 259

[15] مقابله مع اللواء محمد علي العجلوني.

[16] مجلة العربي ، سليمان موسى العدد 49 كانون أول 1962 ص28

[17] مقابله مع اللواء محمد علي العجلوني

[18] مجلة رسالة الأردن 22 تشرين الثاني 1966

[19] مجلة المقتطف 1931 المجلد 78 - ص 434

[20] مجلة العربي العدد 49

[21] يذكر المؤرخ سليمان موسى بأن حبيب حنازبلح هو من أهالي بيت لحم وقد أقام فتره في مؤته وقد تعرف في تلك الأثناء على عوده ابوتايه - ثم هاجر إلى السلفادور في أمريكا الوسطى ، وقد أرسل مخطوطة عن ذكرياته إلى المرحوم هزاع المجالي عام 1960

[22] صور من البطولة المرجع السابق

[23] النشميه : لفظه سائدة في شرق الأردن يقصد منها المدح والإطراء لفتاه أو سيده ما

[24] خمسة اعوام في شرق الاردن المرجع السابق ص 47 وما بعدها

[25] الخاتون ابنة الصحراء. جرترود بل ز ترجمة سليمان الموسى ص 88

[26] الحجاز الشمالي. الويس مزيل . ترجمة سليمان الموسى. ص 33

[27] ثوره في الصحراء. المرجع السابق

[28] الأعلام . المرجع السابق_ ص233

[29] مقابله شخصيه مع محمد ابوتايه وهارون بن محمد كريشان - معان

[30] ثوره في الصحراء - المرجع السابق

[31] ولكن اللواء العجلوني ينفي هذه الرواية التي أوردها لورنس نفيا قاطعا

[32] مقابله محمد ابوتايه

[33] شمالي الحجاز. المرجع السابق

[34] صباح ابوتايه هو جد عوده ابوتايه ، وليس من السهل معرفة متى تولى الزعامه على وجه الدقه

[35] مقابلات شخصيه مع محمد ابوتايه و هارون بن محمد كريشان

[36] صور من البطولات

[37] محمد ابوتايه - مقابله شخصيه

[38] لورنس - ثوره في الصحراء

[39] مقابله مع محمد ابوتايه.

[40] السير كركبرايد - خشخشة الأشواك - ص 221

41 صور من البطوله

[42] ثوره في الصحراء

[43] صور من البطوله - سليمان الموسى

[44] صور البطولة - المرجع السابق.

[45] صور من البطولة- المرجع السابق

[46] مقابلة مع سليمان كريشان

[47] مقابلة مع محمد على العجلوني

[48] مذكراتي - عبدالله بن الحسين

[49] مقابله مع سليمان كريشان

[50] ثورة في الصحراء - المرجع السابق

[51] ثوره في الصحراء- المرجع السابق

[52] الحسين بن على والثورة العربية الكبرى-سليمان موسى

[53] Lawrence Of Arabia - Nutting , Anthony Page 55

[54] مجلة رسالة الأردن- ملحق خاص في ذكرى مرور نصف قرن على الثورة العربية - 22 تشرين الثاني 1966

[55] مجلة رسالة الأردن - السابقة

[56] مقابله محمد ابوتايه

[57] صور من البطولة- سليمان موسى

[58] لم يذكر سليمان موسى هؤلاء صراحة لاسباب عديدة. ونذكر منهم أحد زعماء الحويطات الالغربيين الذي اشترك مع الاتراك في عمليات ضد الثورة منها تدمير ابار باير والجفر لتأخير أعمال الثورة. ومنهم نوري الشعلان الذي لم يذهب لمقابلة الشريف فيصل بالرغم من إرسال هذا الأخير الرسل أليه، ولم يشارك في الثورة ألا بعد ان أقنعه عوده ابوتايه بذلك شخصيا وأعطاه هديه من فيصل قدرها 6 آلاف ليره ذهبيه ( ثورة في الصحراء - لورنس ص 128

[59] Lawrence - Nutting - Page 63

[60] صور من البطوله-سليمان موسى

[61] صور من البطولة-سليمان موسى

[62] 1-7 دراسات في الثورة العربية - د. نقولا زياده ورفاقه

قمت بمقابلة اللواء محمد على العجلوني وقد اقرني على الأسباب التي ذكرتها، كما انه أضاف بأنه لا مجال بأن الفضل الأول والأخير يعود في فتح العقبة إلى عوده ابوتايه والشريف ناصر بن على الذي عمل على تأليف قلوب العشائر المتطاحنه.  ولكنه يضيف بأن لورنس أدى خدمات كبيرة للثورة منها تحسين العلاقة بين فيصل والإنجليز، وانه شارك في نسف خطوط سكة الحديد ، وخاض المعارك مع العرب بشجاعة.

[63] لورنس والعرب - سليمان الموسى

[64] ملحق خاص لجريدة النهار - العدد 19 - 9 آب 1968

[65] مذكراتي - عبدالله بن الحسين

[66] مقابلة محمد على العجلوني

[67] ثورة في الصحراء - لورنس

[68] جيل الفداء - قدري القلعجي ص244 ص251

[69] مجلة رسالة الأردن - 22 تشرين الثاني 1966 - ملحق خاص.

[70] ثورة في الصحراء- المرجع السابق.

[71] صور من البطولة - المرجع السابق

[72] دراسات في الثورة - سابق

[73] صور من البطولات-سابق

[74] ثورة في الصحراء - سابق

[75] مقابلة مع محمد العجلوني

[76] مقابلة مع محمد ابوتايه

[77] تاريخ الاردن في القرن العشرين - المرجع السابق

[78] صور من البطولة - المرجع السابق

[79] مقابلة مع محمد ابوتايه

[80] مقابله مع محمد العجلوني

[81] صور من البطولة - المرجع السابق

[82] مقابله مع محمد علي العجلوني

[83] مقابله مع محمد ابوتايه - عمان

[84] سليمان الموسى - صور من البطولة ص 52

[85] مجلة المقتطف - آنفة الذكر - ص 435

[86] الاعلام - المرجع السبق ص 273