مر يوم الطفل العالمي واحتفى العالم به واحتفل فيه على غير العادة والمتعارف. فالصور التي تعرضها القنوات التلفزيونية ومواقع الشبكة العالمية للانترنيت تظهر مدى البؤس والشقاء الذي تعانيه الطفولة المعذبة في العالم، حيث أضحى الأطفال في عصر ثقافة العولمة وحوار الحضارات وحقوق الإنسان وحريته على نوعين، أطفال الشمال وأطفال الجنوب أو أطفال (أطفال) وأطفال (لا أطفال) فكان التمييز في الرعاية والاهتمام وفي الظلم والإجحاف.

وبعد مناقشات ومساومات لتجاوز الخلافات حول قضايا عديدة، اختتمت قمة الأمم المتحدة الثانية، المعنية بقضايا الطفولة، بإقرار وثيقة دولية، تحمل عنوان (من أجل عالم لائق للأطفال) اتفق عليها ممثلو 189 دولة، وقد شهدت الدورة لأول مرة السماح للأطفال بحضور اجتماع للأمم المتحدة بصفتهم أعضاء وفود، حيث أعرب هؤلاء الأطفال نيابة عنهم وعن أطفال العالم عن قرفهم ونقدهم اللاذع وتوبيخهم العنيف لقادة العالم الذين أشعلوا الحروب وسببوا الكوارث والمآسي للأمومة والأطفال في العالم.

وعلى الرغم من قوة تلك الصرخة التي أطلقها الأطفال والآهات وتحذيرات المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام السمعية، والمرئية والمقروءة ورسائل الاستغاثة من المحرومين، لم تحسم هذه القمة قضايا خطيرة ومهمة عديدة، كالإجهاض وقضية الأسر الشاذة وإعاقة بعض الدول لإدانة الجرائم التي ترتكبها أكثر من دولة بحق الطفولة.

وقد تبين مما طرح من بحوث ودراسات وتقارير وما ألقيت من خطب وكلمات إن الطفولة اليوم تعاني من أحوال سيئة على مستوى الصحة والتعليم والحماية من الاستغلال والعنف، ومكافحة مرض الأيدز، كما أشارت إلى أن الأطفال يعانون اليوم من هضم فظيع لحقوقهم، وإن هناك تغييب وعدم اهتمام بإعداد النظم الثقافية والاجتماعية والسياسية والأسرية والتي تصب في رعاية الأطفال والاهتمام بشؤونهم وتوفير المستلزمات الضرورية كحد أدنى من حق الطفولة المتعارف عليه عند الأديان والأعراف وتقاليد الشعوب والتجمعات.

لقد فشل الكبار في صنع حياة كريمة وعالم سعيد لأنهم قد فشلوا مع أنفسهم أولاً، فهل سيفشلون مرة أخرى بالوفاء بالتزاماتهم وعهودهم التي قطعوها على أنفسهم في رسم غد سعيد ومستقبل زاهر للاطفال، أو (النجاح) في إعطاء الأطفال ـ كحد أدنى ـ نظير ما يعطون من حقوق للكائنات الأخرى إن لم يكونوا قد فشلوا.

وإذ تواصل مجلة الكلمة الطيبة مسيرتها من العمل المتواصل في سبيل بناء الأسرة المسلمة بالشكل الذي يدعم نماءها وبقاءها لتكون البيئة الصالحة لطفولة سعيدة تنمو على حب الإنسان والخير للآخرين ونبذ مظاهر العنف والظلم فإنها تدعو إلى التمسك بالقيم النبيلة والمبادئ التي جاء بها الإسلام في القرآن الكريم وخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، حيث السبيل الوحيد والطريق الأوضح للوصول إلى شاطئ السلام والأمان وسعادة الإنسان الطفل ـ الشاب ـ الكبير، وأن الحل يكمن في ارجاع الإسلام إلى الحياة كاملاً. فالإسلام شريعة الحياة، والحياة بكل تفاصيلها، وقد سنت القدرة الإلهية هذه الأحكام في موازين دقيقة فلا زيادة ولا نقصان، ولا لعب ولا اعتباط، فالإنسان والحيوان والنبات والطبيعة والكون في ترابط وارتباط، وأي خطأ يحدث في واحد من ذلك كله، فإن الخطر يصيب البقية، وشاءت الرحمة واللطف الإلهي أن يحفظ لنا موازين المخلوقات وترك للإنسان حرية الاختيار، إما إلى سعادة أو إلى شقاء، وأما إلى موت في الدنيا أو إلى حياة حرة سعيدة من أول يوم له في هذه الدنيا وحتى ما بعد الممات.