انطباعات حول حلقة حوار لتطوير مفهوم العمل الهندسي

المهندس نضر البكور

 

بداية أشير إلى الأهمية الكبيرة لحلقة الحوار هذه وأتقدم بخالص الشكر للجنة الإعلام والنشر التي دعت إليها نظراً لما يمثله موضوع الحوار هذا من مواجهة ملحة للأزمة التي يعيشها المهندسون والعمل الهندسي وأكد على ضرورة متابعة الحوار وتفعيله واستمراريته وصولاً إلى خطة عملية متكاملة يمكن تطبيقها وليس مجرد شعارات طوباوية تزيد من استفحال الأزمة ، وإن علينا كمهندسين أن نعي تماماً أن علينا وحدنا فقط يقع عبء إيجاد الحلول والمخرج من هذه الأزمة ورسم خطة تطوير وتحديث العمل الهندسي ولن يقوم أحد ولايستطيع أن يقوم أحد بإنجاز هذه المهمة الحيوية نيابة عنا . إن على نقابة المهندسين أن تمتلك رؤية شاملة وخطة متكاملة ودقيقة مرحلية وبعيدة المدى لمشروع التطوير هذا وعليها أن تطرح هذه الرؤيا والخطة بكل جرأة وثقة على القيادة السياسيةمستفيدة من الفرصة التاريخية التي تتيحها مسيرة التطوير والتحديث التي يشهدها الوطن والتي يجب أن يتحمل المهندسون العبء الأكبر والدور الأهم فيها ليس لجهة تطوير ظروفهم وعملهم وحسب وإنما لمسيرة التطوير والتحديث بشكل عام .

قبل الدخول في حوار حول ذلك وقبل السرد المفصل للهموم والمشاكل والمقترحات لابد لنا قبل كل شيء أن نقوم بتشخيص دقيق وعميق للأزمة كي نتعرف على مواطن الخلل وأسبابها ليتم بشكل علمي وعملي تحديد الوسائل الكفيلة بالمعالجة الناجعة كما يجب علينا تحديد الأهداف بدقة وهذا ما سبق وأشرت إليه في دراسة تفصيلية حول آفاق تطوير وتحديث مزاولة العمل الهندسي تم نشرهافي جريدة الجماهير العدد 10737 - تاريخ 2001/7/3 في تشخيص الأزمة أقول وباختصار شديد : يواجه المهندسون اليوم ومعهم العمل الهندسي أزمة حقيقية تجعلهم في حيرة من أمرهم فلا القطاع العام يوفر لهم فرص عمل حقيقية تكفل العيش الكريم وتطويرإمكاناتهم المهنية والعلمية كما يضيق بهم القطاع الخاص ( المكاتب الخاصة ) والمحدود بمجال عمله الحيوي وبنية مكاتبه الهزيلة والمتخلفةوالمحكوم بآليات عمل احتكارية أن يستوعب أعدادهم المتزايدة وطموحاتهم المشروعة وبكلمات أخرى : نحن أمام حاجات غير مشبعةوطاقات عمل وإبداع معطلة ومهدورة وموارد مبددة فالمهندسون يعانون من أزمة مادية ومعنوية ومهنية وإذا كان الإنسان لايحيا بالخبزوحده فإن المهندسين اليوم يلهثون وراء لقمة العيش ولايكادون يجدونها ويعانون من بطالة مقنعة خطيرة .

 

وحول تحديد الأهداف التي نبتغيها من عملية التطوير والتحديث يمكن تلخيصها وفق الآتي :

إن عملية التطوير والتحديث تتضمن شقين أساسين ، الشق الأول يتضمن تطوير الوضع العام للمهندسين مادياً ومعنوياً ومهنياً لأنهم يمثلون أداة التطوير ذاتها أما الشق الثاني فيتضمن تطوير مستوى الأداء الهندسي من حيث الأنظمة والأساليب والتشريعات وإعادة التأهيل من خلال نقابة المهندسين . وضمن هذا الإطار العام أرى أن خطة التطوير والتحديث كلياً تمر عبر المحطات الأساسية التالية :

  1. تطوير بيئة ومناخ العمل الهندسي بشكل عام لخلق بيئة عمل جديدة مفتوحة ومرنة كما هي الحال في الدول المجاورة ودول الخليج قائمة على التعددية والتنافس الإيجابي وقادرة على تطوير إمكانيات المهندسين المادية والمهنية .

  2. تطوير وتحديث المؤسسات والشركات والمكاتب الهندسية في القطاع العام وتخليصها من السلبيات والمعوقات والتأكيد على دور القطاع العام الريادي في التخطيط والإشراف والمتابعة وضبط الجودة والتكلفة .

  3. تطوير وتحديث البنية التنظيمية للمكاتب الخاصة بحيث تتطور إلى شبكة من البيوتات والشركات الهندسية الاستشارية قادرة بكوادرها المتكاملة وإمكانياتها الفنية بالقيام بالعمل الهندسي المتطور القائم على مفهوم العمل الجماعي المؤسساتي في جوٍ من المنافسة الإيجابية وتوفير فرص عمل مجدية مادياً ومعنوياً للمهندسين .

  4. تطوير وتوسعة المجال الحيوي لعمل المكاتب الخاصة كي تساهم بشكلٍ منافس وفعال واقتصادي بمجمل العمل الهندسي العام المتاح في القطر لا أن يظل هذا العمل محصوراً في القطاع العام .

  5. تفعيل دور النقابة إلى أبعد الحدود في مجال تطوير أساليب وأنظمة العمل والتشريعات الناظمة للعمل الهندسي وبرامج إعادة التأهيل المستمر.

  6. ربط السياسة التعليمية في تأمين الاختصاصات الهندسية المختلفة بالحاجات الحقيقية لخطة التنمية وسوق العمل ودراسات الاحتياجات المستقبلية خلافاً لسياسة الاستيعاب المطبقة حالياً .