كلمة اللجنة

مفهوم السلام بين الواقع والحقيقة

 

ضحايا منتشرة في كل مكان ، منازل تهدم على أصحابها ، أطفال ونساء وشيوخ تحت الأنقاض ، أبطال يجابهون الإعدام ، دم الأبطال يسيل على الأرض المقدسة ، وكنيسة المهد محاصرة ، وشارون يلوح عن مبادرة السلام ، يالأعجوبة القدر وسخرية العصر ، لقد انقلبت المفاهيم وأصبح الجلاد داعية للسلام ، ونعت صاحب الحق والأرض بالإرهابي عدو السلام ، واستعيض عن أغصان الزيتون بأغصان الشوك.هذا ما يجري في المنطقة ، وفي الأراضي الفلسطينية ،من تصعيد عدواني إسرائيلي واستهتار أميركي بحقوق العرب وهيبتهم ،مما يؤكد بالأدلة القاطعة صواب موقف سورية الذي عبر عنه السيد الرئيس بشار الأسد في ما يتعلق بقضية الصراع العربي - الإسرائيلي وعملية السلام المنبثقة عنه التي ماتت موتاً بطيئاً . فإسرائيل لم تكن تريد سلاماً في الماضي ، ولا تريده الآنفي ظل حكومة شارون التي جاءت إلى الحكم بهدف صهيوني محدد يستهدف القضاء على عملية السلام ،وترسيخ احتلال الأراضي العربية بقوة السلاح ، وإيجاد واقع جديد في المنطقة . والولايات المتحدة الأمريكية التي أطلقت مبادرة السلام ، وتعهدت بإنجاز هذا الهدف من خلال الشرعية الدولية والرعاية النزيهة ، كانت أبعد ما تكون عن هذا الدور والأقرب دون منازع إلى إسرائيل والداعم الأكبر لسياساتها ، واعتداءاتها ، ورفضها لأسس السلام العادل الشامل . قد نبهت سورية بأعلى صوتها إلى مخاطر ذلك ، ودعت أشقاءها العرب إلى أخذ الحيطة ، والمبادرة إلى مواجهة هذه التحديات التي تعد الأخطر في تاريخ العرب. هذا لايعني فوات الأوان،فما زال أمام العرب متسع من الوقت لتدارك هذا الخلل من خلال توحيد الصفوف،ووضع استراتيجية متكاملة من شأنها ردع المعتدي الإسرائيلي ، واستعادة ما احتل من أراض وما اغتصب من حقوق ، والبناء لمستقبل عربي أكثر فعلاً وحضوراً على الساحة الدولية وفي عالم العولمة الذي لامكان فيه للصغار والمتقاعسين ، ومن خلال بناء لقاعدة علمية تكنولوجية واستثمار للموارد البشرية لأنها المخرج الأساس للتنمية والتطوير والتحرير . ولابد أن تكون الخطوة العربية الأولى على هذا الطريق المسارعة إلى نجدة الأهل في فلسطين الذين يتعرضون لأبشع المجازرالبشرية ولحرب إبادة حقيقية على أيدي قوات الاحتلال وضمن إطار سياسة ممنهجة للقتل والتدمير يعتمدها الإرهابي شارون،ويعلن عنها على الملأ .

لقد أعلن العالم اشمئزازه مما جرى في جنين ونابلس وطولكرم ورام الله وبيت لحم ، وتحدث المعنيون والمراقبون والمبعوثون الدوليون بمن فيهم السيد تيري رود لارسن عن مذابح ودمار قل مثيلها في التاريخ . ومع ذلك ظل الموقف العربي على حاله من السكون دون أن يبادر من يتعاونون سياسياً وتجارياً مع إسرائيل إلى مجرد وقف هذا التعاون وهنا مكمن الكارثة في الحال العربية الراهنة . إن المرحلة في غاية الخطورة ، والعدوان الإسرائيلي يتوجه إلى المزيد من التصعيد والاتساع،ولا أمل في المراهنة حالياً علىموقف أميركي محايد وفي رعاية أميركية نزيهة لعملية السلام . ومن ثم لامناص من انعطافة عربية كبرى دفاعاً عن الأرض والذات والكرامة .

لجنة الإعلام والنشر

الدكتور الياس طوشان