الكاتب5

 

 


  

                               عذراً يا قدس:أمتي كثر فيها الهرج والمرج ولم تجد لها على خيل الله سرج.

 

ليتني أسكن الأجداث حين تطرق مسامعي مزامير الأحداث . فلا يتكدر مسمعي ولا يسيل مدمعي . ولا أغوص في اللجة .لأبحث لها عن تبرير أو حجة . مللت من هذه الأمة التي أنتمي لها قلبا وقالبا . فلا أجد لها ولو بقايا نصر . بل من تعثر إلى تعثر . ومن هزيمة إلى هزيمة . وعلى نحيبي ونحيب الشرفاء من رجالها والشريفات من نساءها يقيم زعماء العروبة حفلة ووليمة . مللت من ذاتي التي تعتلج حزن أمة . على الرغم أن ما تحويه من كدرشخصي يحزن أمة . لست بالشاكي ولست بالباكي . ولكن قذى الزمان أصابني في مقتل . لأجد أني مفضل على الثكلى بأثكل .لا أملك إلا لغة أزمر بها كما كان يفعل قس إبن ساعدة الإيادي . وأطراف نهار وأناء الليل أرفع إلى الله الأيادي . لأبحث عن فؤادي بين ذرات تراب بلادي . التي حرم فيها على أهلها حتى الكلام وسمح بكل شيء فيها للأعادي .

لم يظن علي ترابها لأتحدث عن محبته وعزته . بل ظن علي وعلى شعبها حكومة أبرمت معنا عهدا ألا تظلمنا وأن تحكمنا بشرع الله . فما عدلت ولا قاربت العدالة . وأحضرت لنا من أغرقته الدراهم حد الثمالة . ليقول لنا أن شرع الله هكذا وهكذا . وأصبحنا لا نعرف ما يفيد وما يحتوي الأذى .

الأحزان في مهجتي يلعن بعضها بعضا . كلا يريد أن يشرق على المحيا . وقفت بوجه غازي القصيبي لأستذكر سيدتي وفاضلتي أسماء الأخرس . ليخرج نبض أخر من قاهرة الصليب الفلوجة طفل لا يتجاوز عمره العامين . يخرجه أبوه من تحت الأنقاض رعته عناية الله ولم يلق حتفه . فأجهشت لوجه بولند الحيدري شاعر بغداد الكبير وهو يناجيها ويسألها ويقول (بغداد لماذا لا أراك دائما إلا في ثياب العزاء ؟.) فحين قررت أن أكتب عن بغداد والفلوجة وعن العراق الأسيرة ظهرت في عيني أشلاء سيدتي وفاضلتي دلال المغربي وهي ممدة على الأرض بعد أن سقت أعداء الله من كأس الهزيمة ورحب بها التاريخ ليزين بها صفحاته البيضاء بل الناصعة البياض وأدعو الله أن يتقبلها شهيدة وأن يعلي منزلتها وأن يجعلها ووالدتها ووالدها ممن يدخلون الجنة دون حساب . تلك البطلة أنتشي لبطولتها وأدعو لها بكل خير ولكن ما يجرح الخاطر أن كلبا من كلاب الصهيونية إسمه (باراك) وهو صديق كلبنا العربي (ياسر عرفات ) . أتى إليها وعلى مرأى من كل العالم وقام بركل أشلاء جسدها الطاهر وهي جثة هامدة ومتطايرة . ليثبت للعالم أجمع أن اليهود وأمريكا وأحلافهم وأعوانهم وأتباعهم ينتقمون حتى من الأموات لإشباع الغرائز الهمجية التي يقتاتون منها ويبنون حياتهم عليها .

الأمة تذبح من الوريد إلى الوريد بينما زعماء العروبة يقرعون كؤوس (البراندي ) ويضعونها تظاهرا بالمفاجأة كما فعل رئيس مصر برفقة رئيس دولة عربية أخرى . ونقل هذه الحادثة لكل العالم أحد طبول السلاطين المصريين المدعو محمد حسنين هيكل . ويبقى حتى الليل في تنهيداته يبكي قدسا ضائعا . وشرفا مستباحا .

يوم واحد من الأيام أتمنى أن يمر علي دون أن أسمع ما يكدر خاطري على أمتي . فحتى حين أهجر القنوات الفضائية بكل ما فيها . وأتجه للمسجد لأنزوي بعيدا عن أحزان أمتي يأتي خطيب يكدر خاطري بلغة هوجاء متعرجة متهتكة وألفاظ مكررة مملة . حتى الآيات القرآنية لا تجده يستشهد إلا بآيات محددة وأحاديث بعينها طوال العام بل وكل الأعوام .

أقول لنفسي إذهب إلى بيت الله الحرام لعلك تطيب نفسا فهناك روحانية البيت العتيق ستضفي عليك وستكسوك بما يذهب عن القلب قليلا مما فيه . فأجد قبل أن أدخل ما يحزن الخاطر فبيت الله لم ترع حرمته فهناك من جعله مرسا لمواعيده الغرامية وهناك من جعله للتسكع والبحث عن العلاقات المحرمة .تتناسى كل هذا وتدخل بيت الله لتسأله فرجا لأمة تكالبت عليها الأمم وخانتها حكوماتها . فتستيقظ من روحانيتك على خطبة إمام الحرم عبدالرحمن السديس يقف بجوار الكعبة المشرفة يلعن الجهاد والمجهادين وينتهج منهج أعداء الله وشذاذا الأفاق في طعن الأمة في خاصرتها ولم يبق ما يثبت لي أني في بيت الله سوى سواد ثوب الكعبة المشرفة لو أن الكعبة بيضاء لقلت أنني في البيت الأبيض وأنني أستمع إلى المتحدث بإسم الرئيس الأمريكي .

فلا فرق بين السديس وبين بوش وبلير فكلهم يقولون أن تعاليم الإسلام سمحة ولكنهم يصفون الجهاد بالإرهاب وكلهم يحارب الإسلام بطريقته .فليس إرهابا في نظر بوش بن بوش وبلير وعبدالرحمن السديس قتل العراقيين وإغتصاب العراقيات بل مقاومة المحتل هي الجريمة وهي الإرهاب ودفاع الفلسطينيين عن أعراضهم وعن مقدساتنا ومقدساتهم وعن شرفهم إرهاب يجب محاربته وتبقى تعاليم الإسلام سمحة .

بوش وبلير يكتفيان بالعبارة السابقة . ولكن السديس يزيد على ذلك فيأتي ليزور على الإسلام بل يقول وبالصوت العالي أن الإسلام يجيز الظلم ويفتري جهلا وغباءا على الرسول الكريم فيأتي بحديث مكذوب موضوع وهو (أطع ولي أمرك ولو أخذ مالك ) وهذا مخالف لروح الإسلام فالظلم محرم في الإسلام فكيف يشرعه الإسلام لولي الأمر بعينه؟. وأخذ المال ظلم بعينه والإسلام يضع نفس المسلم وعرضه وماله في نفس الميزان ويحافظ بل يضع الشهادة جزاءا لمن قتل دونها .

أخرج من بيت الله محبا له كارها لما سمعت متذكرا أن المال يغني ويغوي أيضا والعيد على الأبواب وشرهة العيد تجعل الأبكم متحدثا فما بالك بصاحب الصوت الحسن حين يشدو ويلهج بما يطيب( للمشره) سماعه .

أعود إلى منزلي وأنا اعزي دلال المغربي وأسماء الأخرس وتلك البطلة التي قالت لي ولرجال الإسلام (خسئتم) حين سجلت وصيتها قبل أن تتقدم لتفجر جسدها الطاهر في أعداء الله بعد ان تركها رجال الإسلام وأنا أولهم مضغة في يد اليهود وأعوانهم .أعزيهن على تضحياتهن وعلى بذلهن فأنا والسديس ممن فجرن أنفسهن ليدافعن عنا ويقاتلن بإسمنا . ما تركناهن في حالهن وأكتفينا على الأقل بالدعاء لهن ولهم بل في إستشهادهن وإستشهادهم وجهة نظر وتحفظ من رئيس الكهانة الدينية في السعودية فعلى أسماء ودلال وأبطال فلسطين ألا يفجروا أنفسهم بل يجب عليهن ان يتركن اليهود يسومون أعراضهن ويدنسون شرفهن والموت تحت الإغتصاب شهادة أكيدة بينما قتل الأعداء ومهاجمتهم يتحفظ عليها مفتينا الذي لا يجد لديه إلا ثلاث دقائق ليتحدث عن فتنة أطلت برأسها في بلاد الحرمين بينما لديه كل الوقت أن يبتني القصور وأن يقتني السيارات الفارهة في العاصمة والمصيف .

كان الفلسطينيون يقاتلون عدو الأمة وعدوهم وكان هذا العدو يوصف بالمحتل وكان الدين الإسلامي القديم يحرم مصالحته .فذهب كل هذا ووجدت الأمة أن دينها القديم دين سافر دين غبي متخلف عدائي للأخر وإتجهت إلى الدين الجديد الذي يقول أن المقاومة جريمة وان طاعة العملاء واجبة وان عمليات البطولة الفلسطينية بغير موافقة عرفات خروج على ولي الأمر وهي منافية لروح الإسلام وفي هذا الدين الجديد الله وجه ومن أوجه الشيطان .والله أيضا مسكين - تعالى الله عما يصفون - واليهود والنصارى ليسوا كفارا بل ننتمي جميعا إلى الدين الجديد وهو الإسلام الوسطي الحديث الإنساني . ويجب في هذا الدين أن يتم التطبيع مع إسرائيل وهذا الدين الجديد يقوم بدعائمه على فن الممكن .

أين أنا من فلسطين وأين أنا من الأقصى الذي خرج مسخ من اليهود يعد بمنح حكومة شارون مائتي مليون دولار في حال هدم الأقصى ليقف ثري عربي ليقول انه سيتبرع ببناء الأقصى لو هدم؟ .واليهود يعملون بشكل واضح وفاضح لهدم الأقصى وحكوماتنا تتسابق على تقبيل أقدام مسوخ البيت الابيض وكهنة الدين يجرمون كل من يقاوم وكل من يدافع عن أمته ويصفونه بالإرها ب.

يانساء فلسطين ويا رجال فلسطين قاتلوا عدوكم تقدموا الميدان وضاربوا. أقتلوهم حيث ثقفتموهم وانتم الأعلون بعون الله وقدرته لا يثرب عليكم مثرب ولا ينكل عليكم متواكل .خلفكم قوم رضوا بالذل والهوان وسيشهرون سيوفهم وألسنتهم لينكلوا عليكم ويثربوا .وأمامكم جنة عرضها السموات والأرض فأنظروا أمامكم فهي نعم الغاية والرجاء ودعوا من خلفكم .

حين أرى القتل فيكم وأرى تكالب الأعداء عليكم أريد أن استصرخ أمتي وأن احث النفير للخروج إليكم ولكن علوج الحكومات حولكم منعوا حتى الطير من الدخول إليكم . أتنهد حينا وأتمنى ان استصرخ قومي وأقول لهم :

ياخيل الله إركبي

يا خيل الله إركبي

ولكن أمتي يا شعب فلسطين الأبي كثر فيها الهرج والمرج ولم تجد لها على خيل الله سرج .

فدونكم عدوكم جالدوه وأصبروا وتواصوا بالصبر فما خلفكم من يدعمكم وإدركوا انكم في معركتكم مع ظلم اليهود وقوى العالم الشريرة من أمريكا وبريطانيا تقاتلون وحدكم فتقدموا وضاربوا وإستنصروا بالله ولا غير الله وبعون الله لكم النصر على اليهود الغاصبين .

والله مولاكم ولا مولى لهم .

وهو القوي المتين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

القائمة الرئيسية