البحر الميت

اكثر بقاع الارض انخفاضا


           عندما تلامس أضواء الشمس الغاربة أطراف الهضاب البعيدة عند الأفق، يتحول انعكاس الضوء على مياه البحر الميت، الى أشرطة من لهب ونار. في تلك الساعة يقف الزائر ذاهلا أمام روعة المنظر، وهو على انخفاض 400 متر تحت سطح البحر.

           ولكي يصل المرء الى هذا الموقع الفريد. فانه يستطيع أن يسافر من عمان باتجاه الغرب مسافة 55 كيلو متر، عبر الهضاب والأودية التي تبدو أحيانا وكأنها من كوكب آخر.

 الشاطئ الجميل 

           في البحر الميت ينطبق الاسم على المسمى، ذلك انه لا يعيش أي كائن حي في ماء ذلك البحر بسبب كثافة الاملاح فيه. ولكن هذه الاملاح تعطي الماء خاصيته العلاجية، والتي ما زال الناس يستشفون فيها منذ آلاف السنين. كما إن هذه الأملاح ذاتها تكون المواد الخام لإنتاج البوتاس و أملاح الاستحمام العلاجية، والمنتجات التجميلية التي تم تسويقها في مختلف أنحاء العالم.
 ترسبات ملحية 

           ومع إن مياه البحر الميت ساكنة هادئة، لا يعكر الموج أديمها في معظم الأيام، إلا أنها تضطرب وتتلاطم أحيانا. وفي معظم أيام السنة تومض المياه لامعة بفعل ضوء الشمس. وحيثما يلتقي ماء البحر بصخور الشاطئ، فإنها تصطبغ بلون الثلج، إذا تغطيها الأملاح البيضاء بطبقة كثيفة لامعة تعطي المنطقة طابعا سرياليا غريبا.

           توفر التسهيلات السياحية ملابس السباحة للزائرين، الذين يستطيعون أن يخوضوا في المياه الدافئة اللطيفة. ومهما حاول المرء فانه لا يستطيع أن يغرق في الماء الذي تبلغ كثافة الاملاح فيه أربعة أمثال مياه البحر العادية. ولكن المرء يستطيع أن يستلقي على وجه الماء ويطالع الجريدة بين يديه.

           يقوم على الشاطئ فندق حديث، وعيادة طبية، وجميع وسائل الاستحمام ولوازم السباحة. هنا يستطيع أن يقضوا ليلة ممتعة في أجواء هادئة خلابة لا مثيل لها في العالم. أما ينابيع زرقاء ماعين المعدنية الساخنة، ذات خاصية العلاجية الممتازة ، وقد تم تطوير الموقع، فاصبح منتجعا سياحيا يضم فندقا حديثا، تتوفر فيه كافة التسهيلات للترويح عن النفس والمعالجة الطبية

 

الميت يُحتضر.. والأردن يحاول إسعافه.. دون تشخيص للمرض المتسبب في موته.. هل مشروع أنبوب "الأحمر – الميت" هو أفضل أساليب العلاج؟ فخلال انعقاد مؤتمر جوهانسبرج 2002 خُصصت جلسة خاصة لمناقشة ما وصلت إليه حال البحر الميت –الذي يرى البعض أن موته أصبح حتميًّا- نوقش خلالها المقترح الأردني لإنقاذه عن طريق ما يسمى بقناة البحرين لتزويد البحر الميت بالمياه من البحر الأحمر لاستمرار انخفاض منسوب المياه في الميت بشكل واضح قد يؤدي إلى اختفائه عام 2050، وقد اتفق الجانبان الإسرائيلي والأردني على المشروع لولا الإعلان عن تأجيل طرح الموضوع من قِبل الأردن لأسباب سياسية تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ومعارضة بعض الدول العربية لهذا المشروع وخاصة مصر والفلسطينيين.

 

مشروع الإنقاذ.. قد يقتل الميت !

والمشروع الذي طُرح يشمل مرحلتين: الأولى ربط البحر الأحمر بالبحر الميت من خلال أنبوب للمياه على طول 180 كيلومترًا يمر بالأراضي الأردنية. والثانية يتم خلالها إنشاء محطات توليد طاقة كهربائية من خلال المياه التي ستأتـي مندفعة من البحر الأحمر إلى البحر الميت، والتي ستوزع على المناطق القريبة، وأيضا إقامة محطات تحلية للمياه بطاقة تصل إلى 850 مترًا مكعبًا سنويًّا، من المتوقع أن يستمر المشروع ما بين 10 إلى 15 عامًا في حال البدء به، وتصل تكلفته إلى 800-900 مليون دولار، وقد طرحت سابقًا عدة مشروعات أردنية وإسرائيلية، كان أحدها أردنيًّا يقترح إقامة قناة مفتوحة بطول 350 كيلومترًا بين البحر الأحمر والميت، لكن التكاليف كانت هي العقبة الأساسية حيث وصلت تكلفة هذا المشروع إلى 3 مليارات دولار.

ويبرر الأردن تحمسه الشديد للمقترح الجديد رغم الشراكة الإسرائيلية بأنه شعور بالخطر على البحر الميت، وأن القناة ستكون في الأراضي الأردنية؛ مما يجعلها في مأمن من الأطماع الإسرائيلية وإمكانية إقامة فتحات في الأنابيب لإحياء بعض المناطق.

ويواجه المشروع انتقادات عديدة سواء سياسية أو علمية؛ فالعلماء متخوفون من فشل التجربة؛ مما يعني عدم الإبقاء على مميزات البحر الميت الحالية؛ وذلك لاختلاف الطبيعة الكيميائية لمياه البحر الأحمر عن البحر الميت التي قد تصل إلى أن يتحول لون البحر الميت من اللون الأزرق الصافي إلى الأبيض الحليبي أو حتى الوردي، هذا إضافة إلى ما يعانيه البحر الأحمر أيضًا من مشاكل بسبب التلوث لعبت إسرائيل دوراً فيه، كما ستتأثر نسبة الملوحة في البحر الميت بعد اختلاطها بمياه البحر الأحمر ذات نسبة الملوحة الأقل بكثير.

 

 

 

أدنى الأرض.. أكثرها تميزًا

والبحر الميت كما جاء في كتاب "جغرافية فلسطين" هو عبارة عن بحيرة فاصلة للوادي المتصدع الأردني الذي يقع على حد نهر الأردن المتدفق من الشمال لوادي "عربة" جنوبا، ويتكون من حوضين: الحوض الشمالي الذي يبلغ عمقه 320 مترًا حسب آخر قياس عام 1997م، والحوض الجنوبي الضحل الذي بدأ يتراجع منذ عام 1987، ويفصل بين الحوضين شبه جزيرة ليسان ومضايق الموت التي بها تل من الطمي، يبلغ ارتفاعه 400 متر تحت سطح البحر، ويُعتبر البحر الميت أكثر المسطحات المائية ملوحة على مستوى العالم؛ حيث يصل تركيز الأملاح به إلى 32%، في حين تصل إلى 3% في البحار الأخرى، وينفرد بتركيبه الأيوني، كما أن الوزن النوعي لمياهه يبلغ متوسطًا عامًا 206.1 جم/سم مكعب، وهذا سر طفو الأجسام فوقه بشكل واضح.

ويوضح الجدول التالي تركيز الأملاح في مياه البحر الميت مقارنة بالبحار الأخرى نقلاً عن www.jordaninvestment.com :

مصادر المياه

Cl-

كلور

مجم/لتر

Mg++

مغنيسيوم

مجم/لتر

Na+

صوديوم

مجم/لتر

K+

بوتاسيوم

مجم/لتر

Ca++

كالسيوم

مجم/لتر

Br-

بروميد

مجم/لتر

البحر الميت

224.9

44

40.1

7.65

17.2

5.3

البحر المتوسط

23.9

1.46

12.7

470

470

76

مياه المحيطات

19

1.35

10.5

390

400

65

ويختلف المؤرخون حول سبب تسميته بالميت؛ فمنهم من ينسب ذلك لانعدام أمواجه، ومنهم من يرى أنه بسبب موت الكائنات البحرية؛ حيث لا يعيش فيها سوى الميكروبات والبكتريا التي يمكنها تحمل نسبة الملوحة العالية، ولا تسقط الأمطار عليه إلا بنسبة قليلة جدًّا تصل إلى 90 مم سنويا فقط؛ لذا فهو يعتبر من المناطق القاحلة، هذا إلى جانب درجة عالية من التبخر تصل إلى ما بين 1300 إلى 1600 مم، حيث إن ازدياد درجة الملوحة على سطح البحر الميت كلما ارتفعت درجة الحرارة يزيد من عملية البخر.

ولأملاح البحر الميت تأثيرات علاجية وتجميلية عديدة.. حيث يأتي السياح من مختلف أنحاء العالم للاستشفاء في هذه المنطقة، فالعلماء والخبراء يقولون إن ماء وهواء وشمس البحر الميت هي العلاج الحقيقي والطبيعي للأمراض الجلدية، حيث تحمل خواص لا تتوافر في الكون إلا في أرض البحر الميت، فانخفاض مستوى سطحه عن سطح البحر يوفر أعلى نسبة أكسجين، ومع الحرارة المرتفعة يزيد التبخر فيبقى الجو مشبعاً بأملاح الماغنسيوم والبروميد والكالسيوم وغيرها من العناصر؛ مما يؤدي إلى المساعدة في علاج الأمراض الجلدية والأوردة الدموية وغيرها من الأمراض مثل الصدفية، كما أن نسبة الرطوبة منخفضة حيث لا تتجاوز 5 % وهي من الميزات التي تساعد في العلاج ( للمزيد من المعلومات www.dead-sea.net).

 وتستخدم أملاح البحر الميت في مستحضرات التجميل، حيث أنشئت عشرات المصانع على الجانبين الأردني والإسرائيلي لعملية استخراج هذه الأملاح وتصديرها، إضافة إلى وجود نباتات البحر الميت التي تستخدم هي الأخرى في مستحضرات التجميل، ويشكل ما ينتجه البحر الميت في كل من إسرائيل والأردن من مواد التجميل والعلاج ما يصل إلى 10 % من الإنتاج الدولي لمواد التجميل، وتقدر عائدات البحر الميت بما يزيد عن 4.7 ملايين دولار سنويا؛ حيث إن 92% من جميع منتجات البحر الميت يجري تصديرها.

 

البحر الميت.. من يحاول قتله!!

البحر الميت 

وصل تناقص البحر الميت إلى 80 سم سنويًّا ليصل إلى انخفاض 10 أمتار عن مستواه في السبعينيات من القرن الماضي،  ويعد السبب الرئيسي لهذا التناقص الشديد هو تقلص كمية المياه الواردة للبحر فمنذ منتصف هذا القرن والمياه المتدفقة للبحر من نهر الأردن التي كانت تبلغ حوالي 972 مليون م3 تتقلص كميتها لتصل إلى ما يقارب 125 مليون م3 عام 1985 كما ذكرت صحيفة الرسالة الفلسطينية.

فالاحتلال يقوم باستمرار بتجفيف منابع الأودية والأنهار التي تغذي الميت، حيث أقام ما يزيد عن 18 مشروعا لتحويل مياه نهر الأردن المغذي الأساسي والرئيسي له، وتحويل الأودية الجارية التي تتجمع فيها مياه الأمطار وتجري باتجاه الميت إلى المناطق المحتلة وخاصة للمستوطنات، وقد وصلت نسبة المياه المحجوزة والمحولة عن البحر الميت حوالي 90% من مصادره، كما قامت إسرائيل بحفر ما يزيد عن 100 بئر غائر لسحب المياه الجوفية من المناطق القريبة التي تغذي أيضاً البحر الميت بالمياه.

إضافة إلى إقامة المصانع ومراكز استخراج الأملاح خاصة البروميد بصورة كبيرة من البحر الميت والتي تؤدي حسب آراء الخبراء إلى زيادة مستوى التبخر؛ مما يؤثر على طبقة الأوزون، حيث أثبت علماء ألمان من خلال الأقمار الصناعية تأثر طبقة الأوزون في منطقة البحر الميت بسبب المصانع المقامة والمنتجة للمواد المعدنية خاصة عنصر ميثيل البروميد الذي يساعد على اتساع ثقب الأوزون.

ولا تستثنى الأردن من المشاركة في قتل البحر الميت، حيث قامت بتحويل عدد من المنابع التي تزود البحر بالمياه إلى مناطق عمان والمدن الأردنية لشح المياه التي تعاني منه بسبب الجفاف وإن كان لا يتساوى مع ما تقوم به إسرائيل.

وهناك من يشكك في تضخيم حجم المشكلة وإن لم يقلل منها، ويقول إن البحر الميت قد تعرض في السابق إلى عملية تقلصات طبيعية دون تدخل العامل البشري، ويدلل بأنه في حال ترك المياه الموجودة تسير بصورة طبيعية إلى البحر فهو سيعاود الارتفاع أو على الأقل لن يتعرض للاندثار، فهل يُبعث البحر الميت من جديد؟ أم أن قاتليه سيستمرون في التربص به حتى يقضوا عليه للأبد!!

 

 

 

اعداد الطالبه افنان خليل عيال سلمان

الصف السابع الاساسي

مدرسة مؤتة الثانويه الشامله للبنات