اما عبادة الائمة عليهم السلام فهو من افتراءاتكم علينا فنحن لانعبد الا الله تعالى
و اما تزكية الصحابة بالنحو الذي ذكرته فقد شبق ان كتبت فيه موضوعا وشاعيده اليك هناعدالة الصحابة
عدالة الصحابة من الأمور التي وقعت موقع الأخذ والرد بين الطوائف الإسلامية , و انقسم المسلمون فيها إلى عدة طوائف :
فذهب بعضهم إلى :
1
ـ عدالة الصحابة جميعا , وهم مذهب السلطة الحاكمة .
2
ـ إن الصحبة بما هي هي لا توجب العدالة وهم :
ا ـ الشيعة ألامامية .
ب ـ الإسماعيلية .
ج ـ الخوارج .
د ـ الزيدية .
3
ـ كفر الصحابة جميعا , وهم الكرامية .
ولاتخاذ الموقف الصحيح من هذه القضية الشائكة , ومعرفة القول الحق فيها , ليدين الإنسان بما يبرئ ذمته عند الله تعالى , لابد من طرح هذه النظرية على الكتاب العزيز , والسنة المطهرة , والواقع التاريخي للصحابة .
المحور الأول
دلالة الكتاب العزيز على عدالة الصحابة
تناول الكتاب العزيز الصحابة في العديد من آي الذكر الحكيم , وعند التمعن في الآيات الشريفة يتضح موقف الكتاب العزيز من نظرية عدالة الصحابة .
من الآيات التي تناولت الصحابة بالتعريض والتجريح قوله تعالى :
(
إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدا *ً وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورا *ً وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرا ً * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً* أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرا * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) (الأحزاب من 10ـ 20 )
وهؤلاء الذين يعرض بهم الكتاب العزيز هذا التعريض الواسع قوم من الصحابة كانوا مع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في معركة الخندق , حيث نرى الكتاب العزيز يشير إلى إن بعضهم كانوا قد استأذنوا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ترك ساحة القتال والعودة إلى بيوتهم بدعوى إنها تفتقر إلى أسباب الحماية , وقد وصفهم الكتاب العزيز بقوله " منكم " , مما يدل على كونهم لا يزالون محسوبين على الصف الإسلامي , و لا يرى احد خروجهم عن دائرة المسلمين .
فهولاء الصحابة ليسوا عدولا بنص القران الكريم .
و نجد في هذه الآيات إن الكتاب العزيز يقسم مجتمع الصحابة إلى :
1
ـ المؤمنون .
2
ـ المنافقون .
3
ـ الذين في قلوبهم مرض .
ثم يعود الكتاب العزيز للإشارة مرة أخرى إلى المنحرفين من الصحابة فيقول :
(
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) ( الأحزاب 60 ـ 61 (

وهنا يقسم القران الكريم الفئات المنحرفة من الصحابة إلى :
1
ـ المنافقون .
2
ـ الذين في قلوبهم مرض .
3
ـ المرجفون في المدينة .
و في مقام التعريض بالذين يؤذون النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الصحابة وتحذيرهم يقول تبارك وتعالى :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) (الأحزاب:69)
فهذه الآية صريحة في إن بعض الصحابة كانت عندهم الرغبة الجامحة في إيذاء الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد جاءت هذه الآية لمنع تفاقم هذا الواقع المؤلم , وللحد من هذا الحس العدائي المنحرف و التحذير منه .
و كذلك صرح الكتاب العزيز بإيذاء بعض الصحابة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) (الأحزاب:53)

وبين الكتاب العزيز حكم من يؤذي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال تبارك وتعالى :
(
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب:57)

و كذلك عرض الكتاب العزيز ببعض من اظهر الإيمان من الصحابة حيث قال :
(
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) ( البقرة 8 ـ 9 )
ويصرح الكتاب العزيز إن بعض الصحابة كانوا يرتكبون الكبائر
قال تعالى :
(
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (التوبة:25)
بل ويشير القرآن الكريم إلى أن بعض الصحابة كانوا يتخذون من دون الله ورسوله وليجة حيث قال تعالى :
(
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (التوبة:16)
ويصرح الكتاب العزيز , إن من الصحابة من كان يفضل الأقرباء و الأموال على الله ورسوله , حيث يقول تبارك وتعالى :
(
قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة:24)
وتشير الآية السابقة عليها إلى إن المتصفين بهذه الصفات ممن تزيا بزي الإيمان وقد حذرت الآية الشريفة من الاستدامة على هذا النحو فقالت :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (التوبة:23)
كما قال تبارك وتعالى :
(
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144)
فهذه الآية تصرح إن بعض الصحابة سينقلب على عقبيه لو مات الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو قتل .
وهذه الآيات الشريفة ليست كل ما ورد في ذم بعض الصحابة وعدم تعديلهم , بل هناك آيات أخرى هاجمت بعض نساء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما في سورة التحريم وبعضها وصفت بعض الصحابة بالفسق كما في آية النبأ حيث قال تبارك وتعالى :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)
فهذه الآيات بمجموعها دليل قطعي على إن الصحبة بما هي لا تعدل صاحبها بل الصحابي العادل هو الذي لم يرتكب مخالفات شرعية .
المحور الثاني
دلالة السنة النبوية على صاحبها واله افضل الصلوات و أتم التحيات .
روى البخاري بسنده عن أبى هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) ( يهلك الناس هذا الحي من قريش ) قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : لو إن الناس اعتزلوهم ) كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإسلام ح 3604 ص 711 .
وفي رواية أخرى عن أبى هريرة ( سمعت الصادق المصدق يقول : هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش . فقال مروان : غلمة ؟ قال أبو هريرة : نعم ، إن شئت أن اسميهم، بني فلان وبني فلان ) .
ومعلوم أن قريشاّ قد أسلمت بأجمعها بعد فتح مكة وكلهم اصبح صحابيا . ومن تجري الهلكة على يديه كيف يكون عادلاً .
روى البخاري بسنده عن أبى حازم قال : سهل بن سعد يقول : سمعت النبي ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) يقول (( أنا فرطكم على الحوض ، من ورده شرب منه , ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا ً، ليرد علي أقوام اعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم )) قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبى عياش و أنا أحدثهم هذا ، فقال : هكذا سمعت سهلاً ؟ فقلت : وأنا اشهد على أبى سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال : (( انهم مني ، فيقال : انك لا تدري ما بدلوا بعدك ، فاقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدي ) كتاب الفتن باب ما جاء في قوله تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ح 7050- 7051ص1409 وكذلك بقية الأحاديث في هذا الباب .
روى أيضا في هذا الكتاب في باب قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( سترون بعدي أموراّ تنكرونها) :
(
من كره من أميره شيئاً فليصبر ، فانه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية ) ح1 ص 1409 وبقية الأحاديث .
ومنه يعلم حال طلحة و الزبير وعائشة وابن الزبير وغيرهم , وهم جميعاً من الصحابة .
وروى البخاري بسنده عن عبد الله عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال :
(
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ح 7076 ص 1412 .
ونرى إن عائشة كانت تنال من عثمان .
وان عثمان ضرب عماراً رضي الله عنه .
و قاتل طلحة و الزبير وعبد الله بن الزبير و مروان بن الحكم وعائشة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوم الجمل .
وقاتل معاوية والنعمان بن بشير وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة و عبد الرحمن بن أبي بكر وغيرهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوم صفين .
فهذا هو حال الصحابة في أحاديث رواها البخاري عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وموقع البخاري معلوم عند أبناء العامة ولذلك ذكرناه دون غيره , ولو أردنا التتبع لكان الأمر طويلاً , فنكتفي بهذا القدر الذي اصبح معه الأمر جليا في أن القول بعدالة الصحابة جميعاً أمر لا يساعد عليه الكتاب العزيز ولا السنة المطهرة .
المحور الثالث
الواقع التاريخي للصحابة
وروى البخاري أيضاّ في نفس الكتاب والباب ح 3610 ص 712 بسنده عن أبى سعيد الخدري قال : ( بينما نحن عند رسول الله ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) وهو يقسم قسماً إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم ، فقال : يا رسول الله اعدل . فقال : ويلك ومن يعدل إن لم اعدل ؟ قد خبت وخسرت إن لم اكن اعدل ) فقال عمر : يا رسول الله ، ائذن لي فيه فاضرب عنقه .
فقال : دعه فان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شئ ، ثم ينظر إلى نضيه ـ وهو قدحه ـ فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شئ ، قد سبق الفرث والدم ، آيتهم رجل اسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ـ أو مثل البضعة ـ تدردر ، و يخرجون على حين فرقة من الناس ) قال أبو سعيد : فاشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول الله ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) واشهد إن علي بن أبى طالب قاتلهم و أنا معه , فامر بذلك الرجل فالتمس فأتى به حتى نظرت إليه على نعت النبي ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) الذي نعته ) .
كما إن من الصحابة قوم ارتدوا بعد وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
ويروي البخاري عن عائشة في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبى بكر ح 3669 ص 723
قالت : شخص بصر النبي ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) ثم قال : ( في الرفيق الأعلى ) ثلاثا ، وقص الحديث . قالت عائشة : فما كانت من خطبة إلا نفع الله بها ، لقد خوف عمر الناس وان فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ) كتاب فضائل أبي بكر ح 3669 ص 723
وهذا التقييم من عائشة لم حضر وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الصحابة , وهو قولها إن فيهم نفاقا .
كما روى عن عائشة إن أبا بكر لم يكن يحترم وجود الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكونه نائما في حجر عائشة حتى اقبل يطعن في خصرها بشدة نفس المصدر ح 6372 ص 724 .
وروى البخاري بسنده عن ابن عمر اعتراض الصحابة على تامير أسامة , مع إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)
ويقول :
(
مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر:7) فخالفوا صريح القرآن .
وروى البخاري عن عائشة إنها كانت تؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خديجة ( عليها السلام ) حيث روى عنها قولها :
(
فغرت فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها ) كتاب مناقب الصحابة باب تزويج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخديجة ح3821 ص 751 .
وكما روى البخاري بسنده عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قصة خيانة حاطب بن بلتعه لله ورسوله والمسلمين , عندما أراد إفشاء سر خروجهم إلى مكة . كتاب المغازي باب فضل من شهد بدراً ح3938 .
كما روى في كتاب المغازي في باب مستقل حديث الإفك وقد ذكر الذين وجهت إليهم تهمة الإفك .
1
ـ عبد الله بن أبى , راس النفاق .
2
ـ حمنة بنت جحش .
3
ـ حسان بن ثابت .
وروى في كتاب المغازي باب غزوة الحديبية ج 4170 ص 824 بسنده عن المسيب انه قال :
(
لقيت البراء بن عازب ( رضي الله تعالى عنهما ) فقلت : طوبى لك صحبت النبي ( صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ) وبايعته تحت الشجرة ، فقال : يا ابن أخي , انك لا تدري ما أحدثنا بعده ).
فهذا اعتراف صريح بإحداثهم أحداثا بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
ومن الصحابة من هو من أهل النار , كما روى ذلك البخاري في كتاب المغازي باب غزوة خيبر ح 4202 ص 830 .
كما إن قدامة بن مضعون شرب الخمر , عندما كان واليا على البحرين في عهد عمر , وحده عمر وعزله عنها .
و خالد بن الوليد اطلى بالخمر مما دفع عمر لعزله . و قتل المسلمين من بني المصطلق ، وتبرأ الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من فعله , و قتل المسلم المؤمن مالك بن نويرة و أصحابه , وزنا بزوجة مالك في ليلة شهادته ( رضوان الله عليه ) مما أثار ضجة بين الصحابة ومنهم أبى واقد , وهذه الضجة دفعت عمراً لتهدد خالد وتوعده امتصاصا لنقمة المسلمين , ولكنه سرعان ما سكت بعد مجيئه إلى المدينة ودخوله على أبى بكر .
والمغيرة بن شعبة وقصة زناه المشهورة , ولا يقول قائل إن الحد لم يجر عليه فلم يثبت الزنا , فان الزنا شئ و إقامة الحد شئ آخر , وما أدلى به زياد بن أبيه من شهادة لم تنف ما شهد به الآخرون , بل غاية الأمر , انه ادعى عدم رؤيته للميل في المكحلة .
وما ارتكبه عثمان بحق ابن مسعود لا لشئ إلا لانه رفض أن يدفع مصحفه إليه لإحراقه , وهو يحوي معلومات قيمة كتبها ابن مسعود في مصحفه مما سمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولما كانت المعلومات التي في مصحفه تصب في صالح أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تحمل رضوان الله عليه اشد العقوبات من عثمان حتى مات وهو غاضب عليه .
و ما فعله عثمان مع عمار وأبى ذر ( رضوان الله عليهما ) حيث ضرب الأول مرتين ضربا مبرحا ونفى الثاني من المدينة حتى مات غريبا وحيدا .
وما ارتكبته عائشة من مخالفة صريحة للشريعة حيث خرجت ـ وقد أمرها القرآن أن تقر في بيتها ـ والبت الناس على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي أوجب الله تعالى عليها وعلى الخلق طاعته .
وما فعله الزبير و طلحة وعبد الله بن الزبير و مروان بن الحكم وكلهم صحابة في معركة الجمل . وما أثاره معاوية من فتنة و شق لعصا المسلمين , وقتل محمد بن أبى بكر , وسم مالك الاشتر , وقتل الصفوة الصالحة من المؤمنين كعمار وعمرو بن الحمق الخز اعي وغيرهم ( رضي الله عنهم ) .
فإذن الواقع التاريخي للصحابة ينفي أن يكونوا بأجمعهم عدولاً .
النتيجة
والنتيجة التي نخلص إليها : إن القول بعدالة الصحابة جميعا مخالف للأدلة الشرعية , فيكون حكم بغير ما انزل الله , فهو بدعة وكل بدعة في النار .
السبب في دعوى عدالة جميع الصحابة
مما تقدم يتضح إن القول بعدالة الصحابة جميعاً أمر صنعته السياسية للوقوف في وجه أهل البيت ( عليهم السلام ) وتهميش دورهم القيادي , الذي دل عليه حديث الثقلين وحديث الغدير المتواترين , وغيرهما من الأحاديث المتواترة والمشهورة .
وقد شاءت السياسية أن تعين للامة مراجع غير أهل البيت ( عليهم السلام ) لان مرجعية أهل البيت ( عليهم السلام ) تعني إنهاء مطامعهم السياسية و إلغاء دورهم التخريبي في الأمة