Анна Андреевна Ахматова

 

Anna  Akhmatova

 

in Russian - Portuguese - English

en Français

in English

in English

Музей ~ Museum

آنا أخماتوفا

في العاشرة تصاب بمرضٍ عضال ينهكها طوال حياتها.

في السادسة عشرة ينفصل والداها فـتتمزّق بينهما.

في الحادية والعشرين تفقد أعزّ صديقة لديها بلعنة السلّ.  

في التاسعة والعشرين يطلّقها زوجها الأول نيكولا غوميليف.

في التاسعة والعشرين تعرف أنها لن تكفّ يوما عن حبّ زوجها الأول نيكولا غوميليف.

في الحادية والثلاثين يضربها زوجها الثاني لشدّة غيرته عليها ومنها.

في الثانية والثلاثين يُعدمون غوميليف بالرصاص.  

في التاسعة والثلاثين يخونها زوجها الثالث مع زوجته الأولى.

في الحادية والأربعين ينتحر صديقها الشاعر فلاديمير ماياكوفسكي.

في التاسعة والأربعين يسجنون إبنها الوحيد ويعذّبونه طوال نحو عشرين عاما.

في الثانية والخمسين تنتحر صديقتها الشاعرة مارينا تسفيتاييفا.  

في السادسة والخمسين تتعرض للاضطهاد بسبب علاقةٍ عاطفية مع السكرتير الأول للسفارة الانكليزية.

في الحادية والستين تكتب رغما عنها خمس عشرة قصيدة مهداة الى ستالين كي لا يُعدم وحيدها.

في الحادية والستين تكره نفسها لأنها اضطرّت الى كتابة خمس عشرة قصيدة مهداة الى ستالين كي لا يعدم وحيدها.

في التاسعة والستين تعاني وحشة قاتلة وانهيارا عصبيا حادا.  

في السابعة والسبعين يتوقف قلبها الحارّ عن الرفرفة فوق أرض موسكو الباردة.

 

حياةٌ كأنها شجرة لم تورق إلا لكي تخسر اوراقها وتُُـبتَر أغصانها.

حياةٌ - انتهاء حياةٌ - مقصلة حياةٌ - يباس

ليخضرّ الموت.  

 

كم من الأحجار رُميت عليّ!

كثيرة حدّ أنّي ما عدتُ أخافها

كثيرة حدّ أنّ حفرتي أصبحت برجا متينا،

شاهقا بين أبراج شاهقة.

أشكر الرماة البنّائين

- عساهم يُجنَّـبون الهموم والأحزان -

فمن هنا سوف أرى شروق الشمس قبل سواي

ومن هنا سوف يزداد شعاع الشمس الأخير ألقاً.

ومن نوافذ غرفتي

غالبا ما سوف تتغلغل النسمات الشمالية

ومن يدي سوف يأكل الحمام حبوب القمح.

أما صفحتي غير المنتهية

فيد الإلهام السمراء

ذات الهدوء والرقّة الالهيين

هي التي سوف

من هنا

من علٍ

تنهيها.

  

سوف تأتي في كل الأحوال يا أيها الموت -

فلِمَ ليس الآن؟

انني انتظرك وقد نفد صبري.

من أجلكَ أطفأتُ الأضواء

وفتحتُ الباب

يا بسيطا كأعجوبة.

فتعال من فضلك

تعال بأي قناعٍ ترغب:

إنفجر فيّ كمثل قنبلة غازية

أو تسلّل واسرقني على غرار رجل عصابة،

سمّمني بدخانك التيفوسيّ

أو كن الأسطورة التي حلمنا بها أطفالا

- والمألوفة حد الاشمئزاز من الجميع -

الأسطورة التي ألمح فيها طرف معطف أزرق باهت

ووجه خادمٍ شاحب من فرط الخوف.

 

لم يعد ثمة ما يهمّني بعد الآن

فنهر الينيسي يجري

ونجمة الشمال تلمع

والرعب الأخير يُـبهِت

البريق الأزرق للعينين المعشوقتين.

 

سوف أشرب نخبا أخيرا لمنزلنا المدمَّر

لحياتنا التعيسة

لوحدةٍ عشناها اثنين

وسأشرب نخبكَ أيضا:

نخب خداع شفتيك اللتين خانتا،

نخب جليد عينيك الميت،

نخب هذا العالم الوحش

ونخب إلهٍ لم يعرف أن يخلّصنا.

الحنان الحقيقي لا يشبه شيئا:

صامتٌ هو.

بلا جدوى إذا تغطي كتفيّ

وصدري بمعطف الفرو.

وبلا جدوى كلماتك المهموسة

عن روعة الحب الأول:

كم بتّ أعرفها جيدا

نظراتك هذه العنيدة والجشعة!

 

لا أعلم هل أنتَ حي أو ميت

هل على هذه الأرض أستطيع البحث عنك

أم يمكنني فقط

عندما يخبو المغيب

أن أندبكَ بصفاء في أفكاري؟

 

كلّ شيء لك: صلاة النهار

حرّ الليل الأرِق

والأبيضُ من سرب أشعاري

والأزرقُ من نار عينيّ.

 

لم يُعشَق أحد أكثر منك،

لم يعذّبني أحد اكثر منك،

ولا حتى ذاك الذي خانني حتى كدتُ احتضر

ولا حتى ذاك الذي غمرني ورحل.

 

لقد علّمتُ نفسي أن أعيش ببساطةٍ وحكمة

أنظر الى السماء وأصلّي للرب

أتنزّه طويلا قبل نزول المساء

كي أُنهك همومي الباطلة.

وعندما الأشواك تصنع حفيفها في الوهد

وعندما تتدلّى عناقيد السّمَّـن الحمراء

أكتب أبياتا فرحة

عن انحطاط الحياة،

عن انحطاطها وجمالها.

ثم أعود من نزهتي.

الهرّة الكثيفة الزغب تلحس راحة يدي،

تخرخر بنعومة

والنار تتوهج فجأة

على برج المنشرة الصغير عند البحيرة.

وحدها صرخة لقلاق يحطّ على السقف

تكسر الصمت من حين الى حين:

لقد علّمتُ نفسي أن أعيش ببساطةٍ وحكمة:

حتى إذا قرعتم بابي

لن

أسمعكم

ربما.

 

هكذا هو الحب:

تارةً يتلوّى كمثل أفعى

ويمارس سحره في أنحاء القلب

وطوراً يهدل كيمامةٍ

على حافة نافذتي البيضاء.

 

هكذا هو الحبّ:

قد يبرق على الجليد المتلألئ

أو يتراءى لي في غفوة القرنفلة

لكنه بعنادٍ وصمت

يخطف منّي راحة البال.

 

أسمعه ينتحب برقّة

في صلاة كماني المعذّب

وكم أخاف حين يعلن قدومه

في ابتسامة رجلٍ غريب.

 

أنا صوتكم يا عشّاقي الكاذبين،

وحرارةُ لهاثكم

وانعكاسُ وجوهكم في المرآة

والخفقان الباطل لأجنحتكم الباطلة...

لا يهمّ من أنا،

فحتى اللحظة الأخيرة سأرافقكم.

لهذا تدّعون حبّي بجشعٍ

رغم ذنوبي وشروري

ولهذا تعهدون إليّ بخيرة أبنائكم.

لهذا لا تسألون عنه قط

وتلفّون منزلي الخالي على الدوام

بمدائحكم الدخانية.

لهذا تقولون: لا يمكن اثنين أن يلتحما أكثر منّا،

وتقولون: لا يمكن أحدا ان يحبّ امرأة بجنون أشدّ.

 

مثلما يتوق الظل الى الانفساخ عن الجسد

مثلما يتوق الجسد الى الانفصال عن الروح

هكذا أنا اليوم

أتوق يا عشّاقي الكاذبين

إلى أن تنسوني

 

 

 

ترجمة جمانة حداد

الاحد 5 ايلول 2004 - An-Nahar Newspaper

 

 

مختارات من الشعر العالمي