باب لا باتى زمان الا و الذى بعدة اشر منة

البخارى عن الزبير بن عدى قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: (اصبروا فإنه لا يأتى عليكم زمان إلا والذى بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم، وخرجه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح.

وعن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (يتقارب الزمان وينقص العلم ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج) قالوا: يا رسول الله، أيم هو؟ قال: (القتل القتل) أخرجه البخارى، ومسلم.

فصل: قوله: (يتقارب الزمان) قيل معناه قصر الأعمار وقلة البركة فيها، وقيل: هو دنو زمان الساعة، وقيل هو قصر مدة الأيام على ما روى: (أن الزمان يتقارب حتى تكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة) أخرجه الترمذى وقال: هذا حديث حسن غريب، وقيل فى تأويله غير هذا.

وقال حماد بن سلمة: سألت أبا سنان عن قوله: (يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر) وقال: ذلك من استلذاذ العيش.

قال الخطابى: يريد، والله أعلم، زمان خروج المهدى ووقوع الأمنة فى الأرض فيما يبسطه من العدل فيها على ما يأتى، ويستلذ به العيش عند ذلك، وتستقصر مدته ولا يزال الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء وإن طالت، وامتدت ويستطيلون أيام المكروه وإن قصرت وقلت، والعرب تقول فى مثل هذا: مر بنا يوم كعرقوب القطا قصرًا.

ويلقى الشح بمعنى يتلقى ويتعلم ويتواصى عليه ويدعى إليه، ومنه قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} [البقرة: 37]، أى تقبلها وتعلمها، ويجوز يلقى بتخفيف اللام والقاف على معنى يترك لإفاضة المال وكثرته، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته فلا يجد من يقبلها على ما يأتى، ولا يجوز أن يكون يلقى بمعنى يوجد؛ لأن الشح ما زال موجودًا قبل تقارب الزمان.

* * *