باب جعل اللة بأس هذة الامة بينها

قال الله تعالى: {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} [الأنعام: 65]

مسلم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتى سيبلغ ملكها ما زوى لى منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض)، قال ابن ماجه فى سننه: يعنى الذهب والفضة، وإنى سألت ربى لأمتى ألا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربى قال: يا محمد إنى إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإنى قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، أو قال: من بين أقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبى بعضهم بعضا، زاد أبو داود: (وإنما أخاف على أمتى الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف فى أمتى لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتى بالمشركين، وحين يعبد قبائل من أمتى الأوثان، وأنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون يزعم كلهم أنه نبى، وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى، ولا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله).

ابن ماجه، عن معاذ بن جبل قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فأطال فيها، فلما انصرف قلنا أو قالوا: يا رسول الله: أطلت اليوم الصلاة! قال: (إنى صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت الله لأمتى ثلاثًا فأعطانى اثنتين ورد علىَّ واحدة. سألته ألا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطانيها، وسألته ألا يهلكهم غرقًا فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فردها علىَّ).

وأخرجه مسلم، عن سعد بن أبى وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية. وفى رواية: فى طائفة من أصحابه، حتى إذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع ركعتين، فصلينا معه، ودعا ربه طويلاً ثم انصرف إلينا، فقال: (سألت ربى ثلاثًا فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة؛ سألت ربى ألا يهلك أمتى بالسنة فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها)، وأخرجه الترمذى والنسائى وصححه، واللفظ للنسائى.

وعن خباب بن الأرت، وكان شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه راقب رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة كلها حتى كان الفجر، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاء خباب فقال: يا رسول الله، بأبى أنت وأمى لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أجل إنها صلاة رغب ورهب، سألت الله فيها لأمتى ثلاث خصال فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة، سألت ربى ألا يهلكنا بما أهلك به الأمم فأعطانيها، وسألت ربى عز وجل ألا يظهر عليها عدوًا من غيرنا فأعطانيها وسألت ربى عز وجل ألا يلبسنا شيعًا فمنعنيها).

ابن ماجه، عن أبى موسى قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدى الساعة لهرجًا) قال: قلت: يا رسول الله، ما الهرج؟ قال: (القتل القتل) فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، إنا نقتل الآن فى العام الواحد من المشركين كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس بقتل المشركين، ولكن بقتل بعضكم بعضًا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته) وذكر الحديث، والله أعلم.

* * *