رفع الامانة و الايمان من القلوب

 

روى الأئمة البخارى ومسلم وابن ماجه وغيرهم واللفظ لمسلم عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا: (أن الأمانة نزلت فى جذر قلوب الرجال). قال ابن ماجه: قال الطنافسى: يعنى وسط قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: (ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومة فيقبض الأمانة من قلبه فيظل مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرًا وليس فيه شىء، ثم أخذ عصاه فدحرجها على رجله فنفط فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدى حتى يقال إن فى بنى فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل: ما أجاده ما أظرفه ما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، ولقد أتى على زمان ما أبالى أيكم بايعت لئن كان مسلما ليردنه على دينه ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه على ساعيه، فأما اليوم فما كنت منكم إلا فلانا وفلانا).

فصل الجذر: بالذال المعجمة ويقال الجيم وكسرها وهو الأصل من كل شىء من النسب والحساب والشجر وغيره. والوكت: بإسكان الكاف وهو الأثر اليسير يقال: أوكتت البسرة: إذا ظهرت فيها نكتة من الإرطاب وهو مصدر وكته يكته وكتا وهو أيضا مثل نكته فى العين وغيرها. والمجل: هو النفخ الذى يرتفع من جلد باطن اليد عند العمل بفأس أو محذاف أو نحوه يحتوى على ماء ثم يصلب ويبقى عقدا، قال ابن دحية: قيدناه فى الحديث بسكون الجيم وأجاز أهل اللغة والنحو فتح الجيم مصدر مجلت يده تمجل مجلاً بفتح الجيم فى المصدر إذا غلظت من العمل وقوله: فنفط، أى ارتفع جلدها وانتفخ، فتراه منتبرًا، أى منتفطا ومعناه مرتفعا جلده من لحمه وهو افتعال من النبر، وهو الرفع، وكل شىء رفع شيئًا فقد نبره ومنه اشتق المنبر وأراد بذلك خلو القلوب من الأمانة كما يخلو المجل المنتبر عن شىء يحويه كجمر دحرجته يعنى أطلقته فينطلق ظهر اليدين من ذلك.

وقول حذيفة: لقد أتى على زمان الحديث، يعنى الأمانة موجودة، ثم قلت فى ذلك الزمان. وقوله: ليردنه على ساعيه، يعنى من كان رئيسا مقدما فيهم واليا عليهم أن ينصفنى منه وإن لم يكن له إسلام وكل من ولى على قوم ساع لهم. وقوله: فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا. قال أبو عبيدة: هو من البيع والشراء لقلة الأمانة.

* * *