مدن الغيم
الحسين خضيري الحجاجي
مُدُنُ الغَيْم
شعـر
الحسين محمود خضيري الحجاجي
الإهــــــــداء
إلى الذين لم تمنعهم
قسوةُ الحياة
من أن
يحبوا الحياة ..
الحسين خضيري
قَصائد قصيرة ..
( 1 )
إن عانق
ظللك
في الأرض
ظلي
ونامت
بكفك
كفيَّ
ظلِّي .
( 2 )
قمرٌ
يؤرجحه غمامُه
قلب
يوزعه هيامُه
يا من أقمتِ ..
تحت جلدي
كيف وسعتكِ
مسامُه ..
( 3 )
سألقي سؤالاً
خُلِقَ الأحبةُ
في الكونِ
نوراً
لماذا على الأرض
تبقى الظلال
.............. ؟!
( 4 )
فيما تعلن
شُرْفَتُها
للكونِ
بدايةَ يومٍ
ملأت عيناها
كلَّ دهاليز القلب .
( 5 )
صلبةٌ
كأنها الحصى
عيون الذين ...
تسرق الصباحَ
تجرحُ المسا
..!!
( 6 )
تردين
على الحب
ألف بابٍ
وباب
هل يخنق الشمسَ
كلُّ هذا الضباب
( 7 )
على طريقتهِ
يصافح المودعين
نصف كلامه
.. .. القطار
وعيناه للحنين .
( 8 )
البحر نافذة
أمامي
البحر مخملنا
فنامي
البحر يُسْمِعُنا
صهيل الخيل
في دمنا الهلامي .
( 9 )
زيدوا قيودي
مثلما شئتم
قيوداً
اجعلوا ..
حتى الهواء الحر
في الأفقِ
سدودا
ستطيرُ من بلدٍ
إلى بلدٍ
عصافير القصيدة
.. !.
( 10 )
شاعرٌ
هذا الشجر
يكتب كل آونةٍ
قصيدة
ويفتحُ في دمي
شوارع للقمر .
( 11 )
قلبي وقلبك
كيف يلتقيان
هذا مُعَنًّى
وذاك ليس يُعاني .
( 12 )
في الصباح
تهيلُ على جرحها
ألفَ غيمة
في المساء
تطل من جرحها
ألفُ نجمة .
..!! .
( 13 )
حين لاحت
منك التفاتةْ
خفق قلبٌ
قلتُ : مات .
( 14 )
دهراً
على ضفاف شرفتها
أعاني
تؤوي ألفَ نجمٍ
بعينيها
وتنساني
..!.
( 15 )
قالت :
سنمشي على الشوك .. !؟.
قلتُ : نمشي ..!!.
قالت تحت أي سقفٍ نبيت ..؟.
قلتُ : رمشي ..!.
( 16 )
لا نيل لك
يحميك من ليلك الليلكي
ولا الغد لي
فتنسى عيونك
ما تشتكي .
( 17 )
تحادث زهرةٌ
برتقالةْ
وهبتكِ ما فيَّ
من عبقٍ
هبي لي ليلةً
دم الغزالة .
( 18 )
على وريقة كتبت
صفصافةٌ ذابلة
تهب الريحُ
كيما
توخز الكون
بالأسئلة .
( 19 )
هناك
على الأرض أرضٌ
يُعانقُ فيها
الحبيبُ الحبيبَ
هناك
على الأرض قلبٌ
يبدل كل الجراحات طيبا .
( 20 )
أعانق وطني
في المنام
وأصحو على
جند كسرى
يقصون
أجنحة الكلام .
( 21 )
للشبابيك بعدك
صمتُ القبور
من علَّمَ الشبابيكَ
فنَ البكاء
..!؟.
( 22 )
البناياتُ
تأكل ظلِّي
خذوني لظلِّي
ونَحُّـوا
البناياتِ عني .
( 23 )
يمـرُّ اسمي عليكَ
تنتقدُ
يمـرُّ وجهي عليك
تمتعضُ
تمـرُّ أغنيتي
فتـرتعدُ
..!!.
( 24 )
فرَّت هاربة
حين عمدتُ
إلى شركٍ
كلُّ طيورِ الفرحة
لكن مجيئكِ
أنبتَ في الخلجات
العُشْبَ
فعادت
مُنشرِحة ..
..!!
( 25 )
غاضبٌ
من الريحِ
هذا المساء
تبعثر العطر
في كل باحة
وتنأى بعطرك
تحت الخباء
..!!
( 26 )
فتشتُ
في القلب عنكِ
وما من نبأ
فتشتُ
عن القلب حتى ..
فأين اختبأ
..؟!
( 27 )
قمرٌ على
مفرق الأغنياتِ
يُمَسِّدُ بالشوقِ
خطى العابرين
وحين يحدق في شرفتيك
تبعث عيناك
فيه الجنون .
( 28 )
البسطاء
يلهثون وراء
النهار الطويل
وتأكل الشمس
أحلامهم
فلا الليل يسكب
فيهم رحيقاً
ولا الحلم يشرق
في يومهم
..!!.
هذا رمادي للغياب
من سُهاد النار
على خيام
لا تنام
من نبتة الخوف التي
تسري أنيناً
في العظام
هذا رمادي
للغياب
وضفائر وَسَّـدْتُـها
من بعدِ ظهري
للتراب
تحنو على أشلائيَ
الأرضُ التي
ما عانقتْ
ـ رغم اشتياقي ـ
خطوتي
أوقفتُ نبضي
في الحياة
لأنني
آبى الحياةَ
وفي الحياةِ
مذلتي
خمسون عاماً
والسماءُ
هي السماء
لا الصبحُ يفتحُ
للمدينةِِ شارعاً
لا الجرحُ مـرَّ
كغيمةٍ
في الذاكرة
هي الصحراء
تأخذنا
إلى الصحراء
فأقرأُ وجه أيامي
على أُمي
على أطفال حارتنا
تحاصرهم
فلول الجدبِ
تسرقهم
كملح دمي
سأصعدُ
نفرح الأرض التي ظمئت
لتشرب
من سنا حلمي
سأصعد
كي أرى الأشياء
لا تهوي
إلى العدمِ
لأرسم وجه أوطاني
كما أهوى
ونلتحمُ
.. والقلب ..
يشطره الأسى
للشرفة البيضاء في عمري البعيد
خذني أغني
.. ما أريد
يا أيها القمر المسافر
عبر أمتنا
بأي جريرةٍ أبقى
من التاريخ منسياً
ومنفياً
عن الوطن الذي
ما زال يذبحُ
في الوريد
خذني
إذا ما شئتَ
تُطفئُ حرَّ
أشواق البلاد
تعشق موتي
كي تراني
صورةً ..
تحت
أختام البريد
ليلي
على الطرقاتِ ممتد
هنا
والقلب
يشطره الأسى
لكنني
رغم المسافة
أصعد لاليل الطويل
أرتاح
تحت عيون
من أهوى
ويسرقها
من العمر الحنين
لكأنما
في الكون
أعياها الصهيل
راحت تُـرَتِّـقُ
من غيابي
غنوةً
تشتهي
يوماً تراني
غيمةً
تغشى
حقول
الطيبين
وأنا الذي
ما أغضب الجلادَ يوماً
لا و لا
أرضى القتيل
ليس من بُـدٍّ
لأبقى
ليس من بُـدٍّ
لأرحل
والطريقُ
بلا دليل .
متاهات
لك الشمس
تصعد أعلى الجبل
ليسقط ظلاً
على الأرضِ
فارقَ
أعلى عُلاه
رياحٌ تسافر
بين الممراتِ
تجرحُ
صمتَ الليالي
والشجيراتُ
تطلقُ قلبيَ ناياً
أطاردُ وحدي
صداهُ
أُصافحُ طيفَك
شوقاً بهدبي
تصادر مني
الهدبَ بلادي
ألقي بقلبي
على ضفتيك
فتسرق القلبَ
من مبتغاه .
مرثية
ليتك كنت
قرأت القصيد
ليتك كنت فضضت البريد
لما كنت
خمسين عاماً
نَجرُّ الخيول
معاً للوراء
ونفتحُ للمد جرحاً
أتى من أقاصي الوريد
يا ذا الذي ما اتَّأد
وراح يَعُبُّ الفضا
بالوعيد
تبيتُ
لدى خيمة
من تعب
وتكذب فيك الرؤى
والنشيد
أقمت على شرفات المدار
ضريحاً لأمسٍ
وماضٍ جديد
وتلهث خلف
صهيلٍ يؤجج
نار ارتحالك
نحو البعيد
قف بين
تنور حزنٍ أتاكَ
وأبوابِ عشقٍ
على كلِّ بيد
وسيفٍ بصدركَ
في أغنياتك
في حلم هذي البلاد
العنيد
لا شيء بعد انكسارك
لا شمس
لا قمر
أو حدود
وتلك سماؤك
قد أمطرت
نجمة في الفضاء
سيسمونها
في مواسم
جدب الضياء
الشهيد .
نحو الرحيل
أزف ناياتك
نحو الرحيل
وأبث الهوى
والمستحيل
لا تدرك الريحُ
مني خطاي
ولا عانقت
شرفاتي الهديل
أزف السحاب
قليلاً إليك
فلا تشرب الأرض
مني دمايا
وتبقى دمايا
عليَّ الدليل
أزفُّ ناياتك
ناياً فناياً
فلا ساعديَّ
استجابا ندايا
ولا الخيل
حين التماع الرماح
في ساحة المجد
عالي الصهيل
أزفك
نحو احتفاء الجنود
عادوا من الحرب تواً
وردوا إلى الأرض
ثوب الخلود
أزفك
نحو الغناء السعيد
أزفك
حتى أقاصي القصيد
فلا تسألين
عن الأمسِ
عن طيف عمري
البعيد .. البعيد ..
وكوني كما نخلة
وجودي بظلٍّ
على كلِّ بِيد
وأرخي جدائلَ شعرك
حتى
يمضي هجيرٌ
وظلٌّ يسود .
مثلما
مثلما يحطُّ
في البيادر الندى
كنسمة داعبت وتراً شدا
تسابق النجوم
حول بيتك الذي
أشاع في سمائها الهدى
كغنوة بدا
يؤرجح القلوب
بين آهة وفرحة
ألَمُها
سدى
أداعب المدى
يا الذي أخذتها
بين الضلوع
رُدَّها
إني أقمت
للتي
ههنا معبدا .
الخليل
في الخليل
لا يكف طفلنا
عن الصياح
لا يسارع الفتى
مقبلاً أباه
يقول ..
عُـدْ لي في المساء
بباقة الزهور
في يديكَ
بحفنة الآمال
في عينيك
لأن بالخليل
لا يشرق الصباح
..!.
بأسطح البيوت
في الخليل
ما عاد فوق الأسطح
القمر
يهدهد النسائم التي
يحبها النخيل
يبث ضوءه هناك
ـ ساعة الأصيل ـ
للنوافذ البعيدة الأثر
ما عدت في الشتاء
ترقب المطر
يبل قلبك الندى
ينبت الأمل
يعانق المدائن التي
ما زلت تنتظر .
ها أنت وحدك
ها أنت وحدك
مثلما الغرباء
يلفظك الصقيع
إلى الصقيع
تجتاحك الأنواء
لا تدري
على أي المرافيء ترتمي
في وحشة الليل التي
تستمرئ القلب الصديع
تجتاحه المدن السحيقة
وإلى منازلها يفيء
بيدين غابت في القيود
قدماك في الوجع البعيد
ويداك صفرٌ من قواك
أهي المدينةُ أنكرتك
أم تراه أسىً قديم
راحت تعاودك الظنون
وعدت تحلم بالرجوع
وترتمي في حضن من
داسوا على الطرقات
أشلاء البيوت
أيها القلب الذي ..
جاث على جدران صمتك
هل لصمتك من موات
وتسد خيلُكَ
ـ مثلما كانت ـ
دروبَ الهوَّة السوداء
تحيا
لا كما شاء الطغاة
ما عدت تحتمل الحقيقة
أترى تعاودك الحياة ؟
أترى تعاودك الحياة ؟.
سحاب خفيف
يؤلف بين الصدى
والمدى
سحاب خفيفيرتق بين ائتلاف الندى
ورجع الحفيف
ونهر يواري أوجاعه
ليمضي شتاءٌ
ويأتيَ صيف
وبين الفصول وأيامها
لمحتك برقاً
لمحتكَ ومضاً
وأشلاءَ طيف
فلا النفس تدرك
منك الخيال
ولا الدرب باح
بأين .. وكيف
أحب نخيلك
هذا العتيق
لماذا نخيلك
للجدب زُف
ومريم تبكي بشباكها
وطارت إليها
عصافيرُ خوف
وأودت رياح
بزهر يديك
سكبت دماء
وأشرق زيف
فلا تحسبي الزهر
ينبت فينا
وفي الروح
نهر الأسى لم يجف .
نشيج الليل
ويصحو أبي
ويصحو همٌّ
على كاهله
وتشهد سود الليالي
بأن الذي ضاع
من عمره
ـ خلف الأماني التي ودعته ـ
ضاع سُدى
ترتق أمي
ثوب الغياب الذي
حاكته أختي
لأجل غدٍ
لا يجيء
أو
قد يجيء غداً
أراهن حفنة
من أصدقاء
بأن المدى باسمٌ
وأن الحقيقة
ليست تموت
قبيل اكتمال الرهان
يجيء الردى .
الولد البكر
مذ كان
يلهو ونجوم الليل
يشاطر جنيات
الضحك الأخضر
مذ جال
على شرفات الضوء
يحادث نجماً
علَّ سماء الضوء
بحكمته تمطر
مازال
على جنبات المد
كموج يعلو
لا يتكسَّـر
ما زال
برغم الجرح
جبين الولد
حناناً يقطر
الولد الآسـر
لحكايات الخصب
كغيمٍ ممطر
مذ كان هلالاً
حتى اكتمل
القلب البكر
صديق الأنهر
رحلت عيناه
إلى الأفق قليلاً
أقَلَّت مصباحاً
شرفتنا
أو أكثر
لكن
ما انطفأت
في الروحِ نبوءتنا
آتٍ
آتٍ
هذا الولدُ
ولن يتأخر .
على الجسر
على الجسر
هنا كنا
فهل ضقنا
به الجسرَ
سعيداً
في تماشينا
يباهي أنجماً .. بدراً
فتصحو في أمانينا
حكايا للهوى تترى
أنا للجسر تواقٌ
لكفينا تعانقتا
تعالى نستقي يوماً
على الجسر قضيناه
ونلحق بالندى عَبقت
بأنفاس وأنداء
لنا صبح عشقناه
فهل ننسى
تسابقنا
تعانقنا ..؟
مع الأحلام نحياه ..
يحدث ليلاً
تمشي الأشجار
على الشطآن الكسلى
تتعسس علَّ نجوماً
تبدي للأشجار الوصلَ
لكن نجوم الليل ..
تومض للطير السابح
في خلجات الكون الأعلى
والطير يعاود كرَّته
صبحاً ـ في الآفاق ـ وليلا
كي يشهد ميلاد
أميرة عشقٍ
تصبح للعشاق الأملَ .
سيف الحزن ..
رحيل الحرية
هذي مدينتنا
وتلك كتائب الحزن المحاصر
تقتفينا
وعيونك الوسنى
تئن على الطريق
بلا دموع
سَدّوا نوافذها عليَّ
وفخخوا درب الرجوع
هل أَنَّت الأحداقُ
حين أذاعت الأنباء
مقتل حلمنا
ما بالها الأشواق تقتلنا
ويشطرنا الصقيع
فيم أفكر
والمدينة ترتحل
وهناك في شرفاتها
ثوب الخنوع
في الأفق بادٍ خلفنا
سيفٌ .. ومقصلةٌ
على كل الربوع
والليل يمعن
في المجيء
والصبح درب المستحيل
يأبى على المدن الطلوع .
إلى آخر الأرض
إلى آخر الأرض
تصير السماء
دخاناً
والأبد
إلى آخر الصبر
نبقى
وما من أحد
نَجُـرُّ وراء الليالي
الليالي
تخلف بين الجراح
الأسى
ونرسل خلف
الأفق البعيد
فلول التصدي
إذا ما اتقد
لأن الخسارة
ليست لنا
ما دامت الروح
فوق الجسد .
إلى ...
أنا
لا أثير الشغب
ولا أنتمي لليمين
ولا لليسار
ولا أضمر الحرب
لكن جندك يا سيدي
أغاروا علي خيمتي
صادروا زوجتي
وهَـبُّوا عليَّ
من كل درب
هل أجرمتُ
أن قلت
أن ما يحدث
عار العرب
... ... ...
حين تمر
على النازحين
وترى في العيون
نذير الغضب
يصادق ظلمة
ليل خؤون
تدنس رغم
مئات الشهب
تراك تسد على النازحين
سبيل الرجوع
إلى الحلم
من كوة النار
بأرض اليقين
تراك افترشت العراء
ووسدت رأسك
بين الصخور
لتلعقها الأرض
هذي الشريدة
فتسرق منك
الرؤى والعيون
وهل عُدتَ
من قيلولتك
يراودك إغفاءٌ
في ظل بيتك
فمال عليك الجدار
وأرخى عليك
عليك الجفون
أيها النازحون
هبّوا
على الصمت ساعة
وموتوا
بصمتٍ
فالسيد ...
ليس تعنيه البلاد
ليس تعنيه المنافي
ليس تعنيه القضية .
مدن الغيم
لأي مدائن غيم
تؤجر هذي السماء
السماء
ومن أيِّ قلبٍ
سينهال فجراً
علينا الدعاء
ومن أي صوب
يجيءُ بأنفاس
ليلي الهواء
مكثنا هنا صامدين
ندجج بالصبر أحلامنا
ونكتب سراً لزوجاتنا
عن طائرٍ سوف يأتي
بأخبارنا
في المساءِ
وعن أمهاتٍ
يجئنَ سلالاً
من الورد
تسبق الطير
لأُنس الغناء
.. عن حفنة من سهاد
تؤرق أجفاننا
تمادت في العشق حتى
تناءى الرقاد
سنكتب
يأتي الغزاةُ
إلى الأرض قسراً
يمضي الغزاةُ
عن الأرض قسراً
ويصدقُ شعبٌ
يصافحُ بالموتِ
هذي البلاد .
القناديل
القناديل تصطفُّ حولي
وتلقي بالقلب
همًّا مقيماً
أُخَبِّئُ في القلب
خلف الظلال
فتشرد بالقلب
روح المغامر
القناديل مشهرةٌ
كالخناجر
تلهب رأسك
هذا المكابر
القناديلُ نبت الفضيحة
توجز قلبي
كأن القناديلَ
دمعُ المسافر
ويرحلُ في الصبح
ليلٌ كئيبٌ
فأبصر حلمي تلاشي
وجرح القناديل
في القلبِ
غائر .
اتبعوني
وقلتُ اتبعوني
يماماتِ شرقي
الطريد اتبعوني
هيأ القلب
عشًّا لكنْ
وأضحى الطريق
إلى منتهى
تجاهل سرب اليمام الندا
وفرَّ إلى
غيمةٍ
في الفضا
فيا ليتهم علموه
ويا ليت ما علموني
ألف باء
حب الوطن
وأن اعتيادي
على الذلِّ فيه
أَهْوَنُ منه
ارتداءُ الكفن .
الغياب
مُـرٌّ في فمي
طعم الغياب
مُـرٌّ في فمي
طعم القصيد
الليل جرحٌ يا أبي
والصبح أبعد
من بعيد
وشوارع النسيانِ
تبتلعُ الخُطا
والخطو يا أبتي عنيد
لي في المدينةِ
ألف حلمٍ
ألف نجمٍ
أو يزيد
سَيَّجْتُها بالشوق
يا أبتي
وبالتسهيد
إذا مـرَّ الرفاقُ
غداً عليكَ وساءلوك
أو جُلتَ في طرقاتها
وسُئلْتَ عن
ولدٍ وحيد
قل :
قد يعود
سترونه خلف الغمام
يسقي المُنى
في كل بيد
في ذا الجنوب
وفي الشمال
يحبو كما الفجر الجديد
في ساحل البحر الذي
يحمي بزرقته الحدود
ولدي
سياجٌ من دمي
ولدي
شهيد .
اجمعيني
اجمعيني
وانثريني
بين أحضان البيوت
ذكريات عابرات
للمخيم والحدود
للعجائز ليلهم قاسٍ
وفرحتهم تموت
ازرعيني سوسناً
للاجئين
واتركيني غنوةً
للمتعبين
لجراحهم تغفو
على صوتي الخَفُوت
لا تدفني
قارورة العطر التي
أحببتها
بين الملابس
عطري الملائكة التي
تغدو صباحاً للمدارس
اجمعي صفاً
عصافير المساء
وزعي أحلام قلبي والغناء
واجمعيني
وانثريني
كرمةً
أشجار توت .
قطار البريد
قطار البريد تأخر
وقطعان كسرى
تسد الطريق
على المتعبين
ترتق ليلاً
ثياب الفضيحة
وترفو
عراها
على كل لون
قطار البريد
ألست تمر على كل دار
تهدهد فيهم
بكاء العجائز
وتنسج كذباً
عيد الصغار
أبي في المدينة
آن ارتَحَلْ
سَحَلُوا العيون
أراقوا المُقل
وفي كل بيت
تبدت أكفٌ
تهيئُ للموت
شقَّ الجدار
يلوح على الأفق ليلاً هوانٌ
ويشرق صبحاً
علينا انكسار .
الحمام
يُمسِّدُ ريش
الحمام الحنين
فيصطاف كالشمس
خلف الغمام
فأينتلاقيه
ريحُ الهيام
وأين يُلاقيه
زخُّ المطر
يُصادقُ زهرةً
بأعالي الجبال
ويلقيه لأْيٌ
لهذا السفر
كأن الذي عند ذاك الحنين
سِـرٌّ سرى
بين دمع العذابِ
وبين الوتر .
