قصائد مختارة 
للشاعر الجزائري

حسن دواس

 

 

موج الروح


 
تَناءى وَميضُ اليقِينِ
رَسا مرْكَبُ الارْتيابْ
فغابَ صَباحُ البَراءةِ  بَيْنَ الدَّياجي
وغَاصَ ربيعُ الطّفُولَةِ وَسْطَ العُبَابْ
فَيَا مَوْجَ رُوحِي
عَلَى الصَّخْرِ حَطّمْ سَفِين الظُّنُونِ
وبَدِّدْ صُرُوحَ السَّرَابْ .
تَوَارَى السَّنَا بَيْن غَيْمِ الخُطُوبِ
ولَفَّ المدِينَةَ لَيْل الشُّحُوبِ
فأَغْمَدَ نُورُ الضُّحَى سَيْفَهُ والحِرَابْ
وَتاهَ السُّهَى في المَدَارْ
يُنَاجي شُرُودَ الشِّهَابْ
فَيَا مَوْجَ رُوحي ..
تَوَحَّدْ مَعَ الشَّمْسِ وَ ارْسِلْ
عَنَاقِيدَ مِن وَقْدِك السَّرْمَدِي
تُضَاهِي اللَّظَى والأَغَانِي الْعِذَابْ 
*****
تهَادَتْ سَفائِن أوروسُ  في بحْرِنَا
جَحَافِلُ لَيْلٍ دَكِينْ
تَدُكُّ قِلاَعَ الزَّمَانْ
وتُذْكِي حَضَوْضَى الجوَى والْعَذَابْ
تُسَرْبلُ شُعْلَةَ فِينُوس
وتَزْرَعُ لُغْمَ الرَّدَى والخَرَابْ
فيَا مَوْجَ رُوحِي ..
تَوَحَّدْ مَعَ الرَّعْدِ وانْسِفْ
شَظَايَا الشُّجُونِ
و نُسْغَ الجِرَاحِ الدَّفِينَةِ … والانتِحَابْ 
نَضَا البَحْرُ زُرْقَتَهُ ..
لحَا العُشْبُ خُضْرَتَهُ
وأحْجَمَ نَهْرُ الفُؤَاد عَنِ الانسِكَابْ
سَرَا الوَرْدُ نُضْرَتَهُ
وجَالتْ خُيوطُ الضَّغَاِئن تَغْزو الشِّغَافَ
تمَـُدُّ ظِلالَ العُصَابْ
تُطَوِّقُ سِحْرَ الأغَاِني
تُحَاصِرُ نَجْمَةَ إيروسُ بَيْنَ زَوَاَيا الضَّبَابْ
تُشَرْنِقُ نَغْمَةَ رُوحِي
فَيَا مَوْجَ رُوحِي
تَوَحَّدْ مَعَ النَّبْضِ واغْمُرْ
غَدِيرَ الحيَاةِ وِئَامًا جَلِيلاً
يُضَاِهي أرِيجَ الرَّبيعِ ..
وهَمْسَ الرَّبَابْ .

 

> صرخة


قَدْ تخرِسُون الطَّيْرَ أنْ يَشْدو
 أهَاِزيجَ الهَوَى
قَدْ تحْجِبونَ الشَّمْسَ عَـنِّي والهَوَا
والفجْر مِنْ أنْ يَبْزُغَ
قَدْ تَمْنَعُونَهْ
قَدْ تَكْسِرُونَ رَغْبَةَ الإبْحَارِ فينَا
 في اْلـمَدَى
قَدْ تَغْرِزونَ الزَّجَ في القَلْبِ الكَليمِ
والـْمُدَى
والدَّمْع في مُقْلَةِ طِفْلٍ تَائِهٍ
ضَيَّعَ رَسْمَ الدَّرْبِ .." أمَّاهُ" يُنَادِي 
رُبَّمَا قَدْ تَحْبِسُونَهْ
قَدْ تَرْصدُون النَّجْمَ في الـمَــدَارْ
قَدْ ترْغِمُون النُّورَ أن يُغَازِلَ الغاسِقَ
في وَضْحِ النَّهَارْ
والموْج قَبْلَ أن يُعَاِنقَ الشَّاطِئَ
في مَدِينَتِي
قَدْ تُوقِفونَهْ ..
قَدْ تُفْرِغُون الوَرْدَ مِن أرِيجِهِ الفُوَّاحِ
والشَّذَا..
قَدْ تَمْنَعُون الصَّبَّ أن يَشْكُو
تَبَارِيحَ النَّوَى ..
وعَيْلَمِي بِأُكْؤُسِ الآهَاتِ والجوَى
قَدْ تُدْهِقُونَهْ ..
لَكِنَّ صَوْتِي أبَداً لَن تُخْرِسُوهْ
وعُمْقَ رُوحِي أبَداً لَن تَرْصُدُوهْ .
 

لاجدوى


حِينَ كَان اللَّيْلُ جَاثٍ
وعَلَى كُلِّ الوَرَى
يَفْرِضُ شَرْعَهْ
بَاتَ فِي قُمْقُمِهِ
يَلْعَنُ فِي السِّرِ الظَّلاَمْ
وعَلَى غَيْبَةِ نوُرِ السُّهَى
يَذْرِفُ دَمْعَهْ
ثُمَّ لَمَّا أشْرَقَتْ شمْسُ الدُّنى
أشْعَلَ شمْعَهْ.

غرور


مُنْذُ دَهْرٍ
ونَهْرُ المدِينَةِ فِي اْلبَحْرِ يَنْسَابُ 
مُسْتَرْسِلاً
مَا انْعَطَفْ..
مَرَّةً , قَبَّلَ الْموْجَ  فِي وَلَهٍ وقَالْ  :
أيُّهَا الْبَحْرُ جِئتكَ أحْمِلُ كُلَّ عَبِيرِي مَعي
كَيْ تَفِيضَ حَنَايَاكَ بِالْعِطْرِ..إنِّي هُنَا
فَارْتَشِفْ
أنَا هَذَا العُبَابْ..
لُجَجِي دُرَرٌ وصَدَفْ ،
ثمَّ أرْدَفَ  :مَا ضَرَّنِي أنْ تجِيءَ أيَا 
قَزْمُ أوْ تَنْصَرِفْ.
غَضِبَ النَّهْرُ ..غَيَّرَ وجْهَتَهُ
قَهْقَهَ الْبَحْرُ لا يَرْعَوِي ومَضَى..
وتَأجَّجَتِ الشَّمْسُ فِي الأُفْقِ 
تَمْتَصُّ أعْمَاقَهُ
قَطْرةً..قَطْرَةً.. فِي شَغَفْ
بعد صَيْفٍ قَصَدَ النَّاسُ شَاطِئهُ
وَجَدوهُ نَشَفْ.

> سَواد


سَوادٌ..سَوَادٌ..سَوَاُدْ
سَوَادٌ  تَهاَدى
يَلٍفُّ   اَلبْيَاضْ
سَوادٌ  تَراَمى
تَناَمى ..
يُذِيعُ   اَلحِدادْ
سَوَادٌ
يَضُمُّ  الَمَدِينَهْ
وَيَمْحو اِخْضِرَارَ الرِياَضْ 
سَوَادٌ  نَمَادى 
تَهَادى.. 
يَمُدُّ ظِلالَ السَّوادْ ..
عَلىَ صَفْحَةِ القَلبِ صَخْرُ اللَظَّى 
وَفِي رَوْضَةِ الرُّوحِ شَوْك  القتادْ 
وَ أَصْحُو...
فَلا شَيءَ غَيْرَ اللَظَّى 
وَلاَ شَيءَ غَيْرَ السْوَادْ.

> ما الشعر؟


هو السحر ينساب ظــلا ظليــلا
جليلا ،قطوف هوى سرمديهْ
بحيرة عشــق وواحــــة صفـــــوٍ
تـفــــوح بعطـر الــورود النـديـهْ
شهــاب يلـف الفضـــاء سنــــاء
وعــاصـفة تشـــعل الـبنــــدقيــهْ
هو الصثرخة المشتهاة تغذي
بفيض التحدي جنون الشهيهْ
وهل يرتقي شاعر إن يكن شعــ
ره الرصــــف للكــلمــات البهــيهْ
فما الشعر من غيرهمس رخيم
حنون يواسي القلوب الشقيهْ           
وما الشعر من غير قصف يدوي
ويلقي على الجرح ألف شظيهْ
وما الشعر من غير نبض، وماذا 
يساوي يراع بدون ‏قضيهْ ؟

 

محصي الزائرين

محصي الزائرينمحصي الزائرين