|
صهيل الخيل أغنية المسافر والشعر
سرج الخيول وفرسانها شعراؤها وصهيل القصائد مضمار شعرائها ..، هنا تنبت زهرة
جديدة في غابة الدندنة ، تحاول أن تتأنق في شكلها وأن تغير في صوغ فكرها وضوع
عطرها ..، فلا تكون نمطاً مكروراً أو ظلاً باهتاً أو انعكاساً لأفكار جامدة أو
نماذج قائمة ..؛ فليست صهيل القصائد وليدة فكرة عجلى أو فكر مستقطب ، إنها نتاج
طبعي وحقيقي لمرحلة من العمل الدؤوب والمتواصل في ظل الموقع الإلكتروني الثقافي
والخدمي لغابة الدندنة ووكالة آرس للبحوث والنشر والخدمات العلمية ، بدءاً من
أغسطس عام 1999م ، في محاولة لخلق مجتمع المودة الأدبية ولأم شمل نماذج حقيقة
من الشعراء الجادين ، ثم تطورت الفكرة إلى دعوة النقد في نسيج التجربة وإدخاله
حلبة الصهيل ..
ومجلة صهيل القصائد تؤاذر قضية
الاتصال النوعي بالتراث وتحض عليه وتشجعه، لكنها في الوقت نفسه تصفق بحرارة
للجادين والمجتهدين من شعراء الانفصال، لقناعتنا بأن هؤلاء وأولئك هم جميعاً
نتاج ما أتيح لواحدهم من ثقافة، فمنهم من نهل من التراث ومنهم من احتجزته
التجربة في تراثه الشعري والثقافي ومنهم من لم يرد مورده أو ينهل من معينه،
ونوع رابع نهل ثم علَّ ثم عاود شِربه؛ لكنه ظل قيماً على فكره ونفسه فلم يكن ما
يلقنه من روائها إلا مادة لفكرٍ وظلة لإبداع وطريقاً لرحلة ..
أما الكتابات الفكرية حول الشعر
والشعرية مما يرد إلى صهيل القصائد فلنا أن نحلم بتحقق بعض الأفكار التي ترجوها
الصهيل من كتابها على الرغم من زحمة الفرح التي غمرت أرواحنا ؛ وسأكتفي ههنا
بأمور أشير إليها أولها إيجاز المقالة والقصد إلى الأفكار عند الطرح وعدم سوق
الكلام كسوق التزجية استكثاراً ، فما كان الطول قيمة دون مضمون ولا كان القصر
خللاً عند الإيجاز مع الاستقصاء ، وبقيت القضية الكبرى التي ستسعى مجلتنا
الوليدة إلى الحض عليها والتماسها في كل نادٍ والبحث عنها في مظانها ألا وهي
الصدق مع النفس ومع الطرح ومع تناول القضايا والتجربة ، صدق الوجدان والرغبة
في البناء ؛ وإن كنا وجدنا لذلك مظهراً في الاتصال بالتراث فقد يجد غيرنا له
وجها آخر في إشكالية أخرى كلها في النهاية إشكالات مطروحة وقضايا مطروقة هنا في
مضمار الصهيل ، لن نحجر على فكرة أو رؤية ما دام صاحبها جاد القصد صادق العزم
يغلف رأيه بدثار الوعي ويرويه بلبان العلم والمعرفة فإن أقنع فله فضل الإقناع
وإلاَّ فله فضلا الطرح والمحاولة .
ونردد مع الشاعرة الجاهلية خمعة
بنت الخس قولها :
|
أَشدّ وجوهِ القولِ عندَ
ذوي الحجا
وَأَفضلُ غُنمٍ يُستفاد وَيُبتغى
وَخيرُ خلالِ المرءِ صدقُ لسانهِ
|
مَقالةُ ذي لبٍّ يقول
فيوجزُ
ذَخيرة عقلٍ يحتويها ويحرزُ
وَلِلصدقِ فَضلٌ يستبين ويبرزُ
|
ولا يعني ما أفضنا فيه على مرآكم
أن نحجر على الدراسة الطويلة والبحث المستقصي ، فما دام
الناقد
والباحث والدارس قادراً على الطرح بوعي وجدية فالمساحة مفتوحة دون إرجاء أو
إقصاء ..
لقد تلقت المجلة
وإدارة الصهيل
عدداً زاخراً وفيضاً عُباباً من القصائد الجيدة على اختلاف اتجاهاتها وتوجهاتها
فنياً وفكرياً ، والمجلة تؤكد سعادتها ومسانتدتها لكل الاتجاهات الفنية ما
دامت تنطلق من من فكرة وتصدر عن أصل وتنبت من قاعدة ، غير أنها تصد وجهاً وتشيح
عن كل عمل لا يملك أن يقدم صاحبه على نحو واضح وجلي كما هو الحال مع عدد كبير
من النماذج الناثرة التي لا تتكئ على وعي لغوي أو معرفي فما الذي سيعطيه خاوي
الوفاض إلا ثرثرات جوفاء ..، هذا لا يجعلنا نقف في خندق الصراع مع قصيدة النثر
بل على العكس نحن نساندها ونتلمس نماذجها المتخمة بالثراء والرؤى الطموحة
والفكر الواعي ، بفنيات أشد اتساعاً من قالب العروض .
وهذه هي صهيل القصائد عندما تمثل
بين أيديكم الآن في عددها الأول تطرح منهجها ورؤاها واتجاهها في جلاء من خلال
موضوعاتها ، لكننا نشير إلى أننا نتلقى في سعادة بالغة اقتراحاتكم وآراءكم ،
كما أننا ننتظر مشاركة المبدعين من الشعراء والنقاد والباحثين الذين يظلون هم
المعين الحقيقي الذي ننهل منه .. ، والمعين الأول الذي يساند مسيرتنا ، مقدرين
كل من سارع إلينا وساهم ولبى دعوتنا ، وأود التأكيد على أن ما أرجأناه من أعمال
للأعداد القادمة كان تأخيره بعد الإجازة لا لشيء إلا لوروده تالٍ لما نُشر ،
والأعمال التي لا سبيل إلى نشرها في المجلة تم إعلام أصحابها بريدياً .
ولكم الشكر سلفاً على ما تقدمونه
لصهيل القصائد من دعم معنوي والمشاركة بالرأي والنص والفكرة والنموذج .
صديق
محبتكم
علاء الدين رمضان
• • • |