الترك يلزم الصمت .. ومحاكمته تحرك قواعد أحزاب المعارضة ضد قياداتها

 

دمشق - أخبار الشرق

بهتاف "الله أكبر" استقبل اعضاء الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي أمس أمينهم الاول رياض الترك وهو يخرج من مبنى محكمة امن الدولة العليا في سورية اثر انتهاء الجلسة الثانية من محاكمته التي انتهت سريعا بعد رفض "المتهم" التحدث والتزامه الصمت احتجاجا على ابعاد الصحفيين عن تغطية "قضية رأي عام".

وان كان الحدث سار داخل المبنى بنوع من التحفظ على اجراء وقف العلنية الذي اقدمت عليه محكمة امن الدولة من بعد الجلسة الاولى للترك التي سُمح للصحفيين بحضورها؛ فإن ما جرى امس في الشارع كان اكثر من حدث، إذ أشار إلى وجود شيء من الامتعاض بين قواعد الاحزاب المعارضة الخمسة المنضوية تحت التجمع الوطني الديمقراطي وبين قياداتها التي "لم تنجح في جمع حشد جماهيري يليق ومقام الترك".

وكانت الجلسة مخصصة لاستجواب الترك الا انه رفض ذلك، وعلى اعتبار انه محام برر موقفه بالقول انه "لم يحصل على صورة كاملة لملف قضيته، وتحديدا منها اقوال الشهود الذين استند عليهم قاضي التحقيق لاصدار قرار الاتهام"، موضحا ان "قرار الاتهام وصلني قبل 24 ساعة من الجلسة الماضية ما دفعني الى رفضه"، كما انه اصر على "مسألة العلنية والشفافية"، مطالبا "ضمان حدودها الدنيا عبر حضور الصحفيين واقاربه".

وردت النيابة ممثلة بالقاضي منصور علاء الدين على مطالب الترك تجاه العلنية بالقول ان "وجود 25 شخصا داخل المحكمة هو بمثابة العلنية"، الا ان المحامي خليل معتوق من هيئة الدفاع اوضح ان "كل الموجودين داخل القاعة هم محامون وكلاء ويبلغ عددهم نحو 10 محامين اضافة الى زوجته اسماء الفيصل وشقيقه زهير الترك والباقي عناصر امنية، وهؤلاء لا يوفرون عنصر العلنية".

وعلق الترك على ما يجري قائلاً "إن للعدالة اربعة اركان هي الهيئة الحاكمة والنيابة على اعتبارها الخصم والمحامي على اعتباره مدافعاً اضافة الى الرأي العام، وانا اقبل بالمراقبة الشعبية كما بدأت في الجلسة الاولى عبر حضور الصحفيين على اعتبار ان قضيتنا قضية رأي عام"، فرد رئيس المحكمة القاضي فايز النوري بالقول ان "حضور المحامين هو بمثابة المراقبة الشعبية، والصحافة عموما أخطأت عندما قالت انه لاول مرة تجرى محاكمات علنية في محكمة امن الدولة بينما كل محاكماتنا علنية، ثم ان طبيعة المكان لا تسمح بحضور عدد كبير من الناس".

لكن الترك صمم على انه "سيلتزم الصمت ولن يتكلم الا بحضور الحد الادنى من الرقابة الشعبية"، وبدورها صممت المحكمة على موقفها تجاه العلنية وحذر القاضي النوري من ان "القانون يخولنا اجراء محكمة سرية حفاظا على الامن والاخلاق العامة"، لكن الترك اوضح ان "قراركم يجب ان يكون معللا، وانا لا اخاف على حياتي ولا خوف على الامن العام".

وتقدم معتوق بمذكرة اوضح فيها أن علنية المحكمة "تهدف الى المساعدة بضمان محاكمة عادلة للمتهم وحمايته من اية محاولة لاساءة استغلال اجراءات التقاضي الجنائي لايقاع الاذى به، وثانيا ان الرصد العام للمحاكمة يجعل القضاة وممثل الادعاء حريصين على اداء واجباتهم في اطار القانون وباقتدار مهني، وقد تكشف المحاكمة العلنية الحقائق بدقة وتشجع الشهود على قول الصدق، وثالثا ان المصلحة العامة، بغض النظر عن حقوق المتهم، تستوجب عقد محاكمات علنية لان من حق الرأي العام ممثلا بالصحافة ان يعرف كيف تطبق العدالة والاحكام التي يصل اليها النظام القضائي في بلدنا".

واتهم قاضي النيابة المتجمهرين خارج المحكمة "باثارة الشغب والغوغاء"، مشيرا الى الذين يصفقون عند خروج المتهمين بعد انتهاء محاكمتهم فرد المحامي حسن عبد العظيم بالقول "أنتم محكمة ولستم أجهزة أمنية حتى تهتموا بمن صفق ومن رفع اشارة النصر، وانتم قضاة، وما يجري في الشارع امر لا يعني المحكمة".

وتقدم الدفاع بمذكرة مكتوبة للمحكمة مطالبا "تحويلها الى النيابة على اعتبارها سلطة ولائية مشرفة على دور التوقيف من اجل تحسين معاملة المتهمين، من قبيل السماح لهم براديو وتلفزيون وبعقد لقاءات فيما بينهم على اعتبار ان كل اثنين منهم في غرفة ولا تمتد فترة استراحتهم اليومية الا لساعة واحدة، اضافة الى السماح بادخال المجلات والصحف والكتب المسموح بها في السوق السورية، وان تتم زيارة المتهمين من قبل المحامين واقاربهم على مرأى من ضباط الأمن وليس على مسمع منهم".

وقال احد المحامين ان ما يطالبون به هو "تخفيف اجراءات الضغط النفسي والعزل، وتطبيق قانون السجن عليهم ومعاملتهم كسجناء جنائيين، في الوقت الذي استقر فيه الفقه القانوني العالمي منذ اكثر من 200 عام على ان يُعامَل السجناء السياسيون افضل من السجناء العاديين".

وجر النقاش حول علنية المحكمة، إلى الدخول في موضوع شرعيتها ودستوريتها وعدم صلاحيتها للنظر في هذه القضية، وتحدث ممثل النيابة مؤكداً أن محكمة أمن الدولة العليا في سورية هي "محكمة خاصة وغير استثنائية، وهي شرعية لان مرسوم اصدارها عام 1968 لم يلغَ حتى الان وهي قانونية ومستمرة".

ورد المحامي حسن عبد العظيم من هيئة الدفاع بالقول "ان الدستور الذي صدر في سورية عام 1973 الغى الاحكام والمحاكم الاستثنائية ضمنا، واحال حق التقاضي بالقضايا الجزائية الى القضاء العادي واعطى المتهم حق الطعن بالحكم".

وعلق القاضي النوري بأنه لن يسمح "بمناقشة مسألة شرعية المحكمة من عدمها"، مهددا بتحويلها "الى سرية ويمكن ان اكلف محامياً مسخراً للدفاع عن المتهم عبر نقابة المحامين".

واستمهل المحامون حتى يردوا على افادة النيابة العامة حول دستورية وشرعية المحكمة بمذكرة سيقدمونها يوم الاثنين القادم، مطالبين بزيارة الترك قبل هذا الموعد فحصلوا على "الموافقة الشفهية".

<

عودة إلى الأعلى