مدخل لعلوم التربية

==========================================

1- مفهوم التربية

2- أسس التربية

          . الفلسفية (مذاهب و نظريات)

          . النفسية (نظريات التعلم)

          . الإجتماعية الثقافي (النظريات الإجتماعية)

3- مؤسسات الربية

          . المؤسسات التعليمية و التكوينية و التأهيلية

          . الأسرة

          . المجتمع ووسائل الإعلام، النوادي، المساجد، دور الشباب

4- العناصر العلمية التربوية

          . المعلم

          . المتعلم

          . الوسائل التعليمية

          . مادة التعلم (المناهج)

          . الفعل التربوي (الأهداف، الإستراتيجيات، التقويم...)

5- مجالات التربية

          . مهنية، فنية، جمالية، أخلاقية، دينية، مدنية...)

6- الإتجاهات المعاصر في علوم التربية

 

===========================================

1- البعد المفهمي.

*العلم (يعرف بموضوعه و منهجه)

*الإنسان (كائن بيو-إجتماعي أو حس و معنى...)

*التربية(لغة و اصطلاحا...مقصودة/غير مقصودة..نظامية...)

*علم التربية أم علوم التربية؟ (علم = دراسة الطرق التي تتم بها..)

*البيداغوجيا (علم/فن التربية...)

*التنشئة الإجتماعية (تطبيع قد يأخذ إتجاه سالب)

*مؤسسات التنشئة الإجتماعية (الأسرة المدرسة ...الدولة)

2- العوامل المؤثرة في التربية (أصولها)

/مادية-معناوية/ أي

/*ثقافية و اجتماعية*إقتصادية*تاريخية*سياسية*فلسفية*سيكولوجية*بيولوجية.../

3-علوم التربية (كل المواد العلمية المتصلة بالتربية تعتبر علما للتربية)

*تاريخ التربية

*علم النفس التربوي

*علم إجتماع التربية

*تربية مقارنة

*التربية الخاصة

*...

4- المذاهب التربوية الكبرى.

*ماهية المذهب التربوي (المقصد و الطريقة -الحقيقة و الشريعة)

*مقاربة إستقرائية (تاريخ و نظريات التربية...)

*مقاربة إستنتاجية(تحليل العملية التربوية و إستنتاج المذاهب المحتملة)

                                  = تربية تقليدية/جديدة - إلقائية/حوارية - ديكتاتورية/ديموقراطي

                                  = ... مجال الحوار مفتوح.

 

 

 

============================================================

 

 

|- البعد المفهمي

 

      * العلم يعرف من خلال موضوعه  و منهجه. لفظ العلم يرادف لفظ المعرفة،[1]   الذي يعني إدراك للحقيقة. هذه الحقيقة موجودة في عالم المحسوسات (ألنظرية الإمبيريقية أو الميدانية للمعرفة) لكن هناك من يرى أن الحقيقة موجودة في عالم المعناويات (النظرية العقلانية للمعرفة).[2] النزاع لا يزال قائما بين النظريتين...  "المعرفة العلمية نشاط فكري يتظمن جمع و تنظيم و تصنيف و برمجة المعلومات و البيانات الموضوعية المشتقة من الظواهر و الأشياء المرئية و غير المرئية، تعود أهميته و فائدته للإنسان و المجتمع.[3]

 

 العلم نوعان: علم نظري (pure science) و علم تطبيقي (Applied science). العلم النظري عبارة عن تعميم أو تعريف للقانون بعد بحث ميداني (إمبيريقي) أو عقلاني. في الميدان التربوي، العلم النظري هذا يوضًح كيف نربًي أو نتربًى، أي يُعرًف بالقانون الواجب إتباعه. هو تعميم. إجراءاته الإساسية هي إختبار الفرضيات بغية التخلًي عن تلك التي تُفنًد بينما العلم التطبيقي عبارة عن موقف عملي (براغماتي) تأتي بعده المعرفة أو التعميم، أي أن الإختبار الميداني الجزئي أو المصطنع للفرضة لا يكفي لكي يقول أحدنا أنه يعرف بل لا بد له من الممارسة الميدانية الناجحة التي تثب أنه يعرف. العلم النظري عبارة عن علم للعمل.العلم التطبيقي عبارة عن عمل للعلم، ليس في المخبر و لكن في الميدان. المخبر هو الميدان. هذا لا يعني  أنه يستغني عن العلم النظري. العلم النظري يساعد على ترتيب المعلومات ترتيبا معقولا، يوجًه نحو فرضيات ممكنة. و العلم النظري يحتاج إلى العلم التطبيقي لتصحيح التعميمات الخاطئة.

         

      * المنهج : إن غالبية المفكرين الفرنسيين في هذا الميدان يشيرون إلي وجود فرق بين المنهج بمعناه الواسع و المناهج الخاصة بكل فرع من فروع المعرفة، مما يترك غموضا مؤسفا لدى الباحث عن الدقة في التعاريف. هكذا في  حين أن الفرنسيين  يتكلمون عن المناهج، الأمريكان يتكلمون عن الإجراءات Procedures، و المنهج يبقى يعني الإستدلال المنطقي الذي هو إما إنتقال من الجزء إلى الكل (الإستقراء) أو إنتقال من الكل (القانون أو النظرية) إلى الجزء الذي هو خصوصية الظاهرة المدروسة أو المشكل (ألإستنتاج).

 

إذن،  المنهج،  بمعناه الواسع، يعني المنطق [4]، و هو  يقوم على أساس مجموع العمليات الذهنية التي من خلالها يمكن للباحث في مجال معين من مجالات البحث أن يصل إلى الحقيقة التي يبحث عنها. و هذه العمليات الذهنبة، تبقى، في حدود الإمكان، مبنية على منطلقات أو مسلمات مادية،  معناوية أو الإثنان معا. بهذا المدلول، المنهج عبارة عن موقف عملي تجاه موضوع البحث. هذا الموقف العملي يشكل خطة عمل بغية تحقيق هدف محدد.

 

 و قال ديكارت أنا أقصد بالمنهج قواعد مؤكدة، بسيطة، إذا راعاها الإنسان في تفكيره مراعاة دقيقة كان في مأمن من الخطاء.

- عدم إعتبار ما فيه شك حقيقة.

- تفكيك كل ما هو تحت الملاحظة إلى أجزاء صغيرة.

- البداية من الأبسط إلى الأكثر تعقيدا.

- التحقق من ملاحظة كل الجوانب الممكنة.

هكذا يبدو أن ديكارت حين ينصح بالبداية من الأبسط إلى الأكثر تعقيدا هو من أنصار المنهج الإستقرائي الذي لا ننصح به نحن لأن صاحبه يميل إلى إثبات ما توصل إليه من قوانين إثباتا مطلقا كأنه في مامن من الخطاء.

 

      إن صاحب المنهج الإستنتاجي  الذي يعرف حدوده في الزمان و المكان،  إنسان متواضع، لا يدعي المعرفة المطلقة. القانون أو النظرية أو المسلمة أو المنطلق الذي يمكنه من الوصول إلى إستنتاجاته، يبقى حقيقة نسبية يمكن أن تفند في ظروف خاصة: مثلما أن الضرورات تبيح المحضورات... و أن أهل مكة أدرى بشعابها... و أن الشورى والإجماع خير من الحكم الأحادي، خير من قول أنا أعرف يقينا و عامة الناس لا يعرفون سوى المظاهر و لا يرون الحقائق لذا لا داعي لإستشارتهم،  "أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين". صاحب المنهج الإستنتاجي ديموقراطي، صاحب المنهج الإستقرائي ديكتاتوري [...] مجال للحوار.

 

 إن من إدعى المعرفة النهائية، حجرها بل حجًر نفسه في عالم متغير بإستمرار، جعلها وثنا. من يعرف لا يعرف، ومن لا يعرف؛ يعرف...هذه إشارات  لمذهب في التربية.  المذهب عبارة عن موقف فلسفي و عملي في نفس الوقت. فلسفي عندما يتعلق الأمر بتعريف ماهية الإنسان الذي تهدف  التربية إلي تكوينه، وعملي لأن هذا الموقف يتظمن تصور طريقة (منهجا) لبلوغ  ذلك الهدف الذي يتظمًن  موقفا تجاه مفهوم النضج. الناضج هو من أخذ مسؤولية تكوين نفسه بنفسه دونما جبر أو سلطة خارجة عن همته في عالم متغير بإستمرار. النضج يعني تكيف مستمر للإنسان مع بيئة متغيًرة بإستمرار. لذا فالتربية لا تعني الصغار فقط بل تعني الإنسان بصفة عامة، و هي مستمرًة. هكذا التربية لا تعني التمدرس؛ هي أوسع من ذلك بكثير حتى أننا نتساءل عن شرعية إحتكار هذه العملية من طرف وزارة ما "وزارة التربية" أو مؤسسة -الأسرة مثلا- أو شخص (الأب أو المعلًم أو الزعيم) [...] مجال للحوار

 

 طريقة تحقيق النضج لدى الإنسان هي الطريقة التي تنمي فيه روح المسؤلية و المبادرة و الإستقلالية؛ هي الطريقة الحوارية التي نجدها متظمًنة في موقف صاحب المنهج  الإستنتاجي الذي يبحث عن التفنيد من خلال الحوار مع الآخرين و مع الطبيعة، قصد إيجاد الحلول أو القوانين المناسبة حسب خصوصية كل ظرف. يجب أن نتكلم للناس حسب عقولهم، أو أن نجرب ما نراه صوابا، علىالطبيعة و أن نتوقف حتى نسمع الجواب منها حتى تتأتى لنا فرصة إثبات ما نراه صوابا أو تفنيده. و لن يتأتى لنا هذا إلا إذا وجد الحوار و التروي والتواضع. و في حالة الحوار يتحقق الهدف الأسمى من التربية كما ننظر إليها ألا و هو التوحيد، توحيد بين التعليم و التعلم، توحيد بين العمل و العلم، بين الحقيقة و الشريعة. و للوصول إلى هذه الغاية التربوية السامية هناك طريقة (منهجا) و هي الطريقة الإستنتاجية التي تعني الحوار (محاولة التفنيد، ترك باب الإجتهاد مفتوحا) بين الموقف (الرأي، التفسير، الحل المقترح، القانون الذي هو فرضية تنتظر التفنيد، الكل...) و الواقع في خصوصياته الزمكنية (الجزء).

 

      * ألمنطق، كما ينظر إليه كانت Kant هو علم القوانين الضرورية للذهن و للعقل بوجه عام. أما بأسلوب بسيط، فيمكننا القول أن المنطق يعني الربط بين الحقائق المعروفة قصد الوصول إلى الحقائق المجهولة. مثلا، إذا كنا نبحث عن العلاقة الموجودة بين  (أ)  و (ج)، يمكننا الوصول إلى مبتغانا إذا علمنا، مثلا أن (أ) = (ب) و (ب) = (ج)، أو (أ) > (ب) و (ب) = (ج)... في الحالة الأولى يمكننا القول و نحن واثقين من صحة الإجابة أن (أ) = (ج) أما في الحالة الثانية فكذلك يمكننا القول أن (أ) أكبر من (ج)... إذن المنطق يعني الربط و الربط باللغة العربية يعني العقل. "أعقلها و توكل". يا طالب العلم، أعقل الوارد من المعارف و كن مستقلا عن القيل والقال.

 

      * منهج العلم التجريبي،  يشتمل على الخطوات الثلاث: الملاحظة الموضوعية لظاهرة ما أو لمشكل، الإفتراض الذي هو تفسير لهذه الظاهرة أو حلا ممكنا للمشكل، و أخيرا التجريب الذي هو ملاحظة الواقع من جديد مع التركيز على قياس مدى تأثير العوامل المشار إليها في مرحلة الإفتراض، أو إذا كان هدف البحث إيجاد حل للمشكل و ليس تفسيرا للظاهرة، التركيز على محاولة تفنيد الحل المقترح على ضوء خصوصيات الظروف المحلية بهدف إيجاد أنجع الحلول للمشكل المعرف تعريفا تقنيا على ضوء نموذج تحليلي محكم و دقيق. التجريب هذا يمكن الباحث من إثبات تفسيراته/حلوله أو تفنيدها. الهدف من إتباع هذه الطريقة هو معرفة الحقيقة أو أنجع الحلول للمشكل الذي يطرح نفسه على الباحث. معرفة الحقيقة تعني معرفة القانون أو القاعدة التي تسير وفقها تلك الظواهر، أو القاعدة  و القانون الذي يجب تطبيقه لإيجاد حل ناجع للمشكل المطروح، سواء كان هذا المشكل مطروحا على علماء الطبيعة أو في العلوم الإجتماعية.

 

      إن القانون، الذي هو حلا للمشكل أو تفسيرا للظاهرة، يمكنٌ عارفه من التنبؤ لأن القانون يمتاز بصفة التكرارية.  هكذا، من عرف العوامل المفسرة لظاهرة ما يمكنه أن يتنبأ بوقوع تلك الظاهرة  أو عدم وقوعها نظرا لتوفر العوامل هذه أو عدم توفرها. و كذلك الحال بالنسبة لصاحب المشكل يمكنه أن يتنبأ بالنجاح إذا إتبعت إقتراحاته أو عدم النجاح إذا لم تتبع... لكن يجب أن نضيف أن القوانين هذه تبقى نسبية نظرا لظاهرة التغير الزمكاني: تحت ظروف مختلفة عن تلك التي أجري فيها التجريب، نفس الأسباب لا تؤدي حتما إلى نفس النتائج، أو نفس الحلول لا تؤدي حتما إلى النجاح (أهل مكة أدرى بشعابها). لذا وجب الحذر من تحجير المعرفة، من الدوغماتية العلمية، الدجل العلمي، الشرك الخفي لأن فرض ما توصلنا إليه قانونا مطلقا، يعني أننا أثبتنا ولم ننفي، شبهنا و لم ننزه، نظرنا إلى الأطروحة و لم ننظر إلى نقيضها و ذلك هو مؤقف الدجال الأعور. من إدعى المعرفة المطلقة أصبحت معرفته تلك هي حجابه عن المعرفة. و لكن حذاري كذلك أن نعتبر فكرة النسبية حقيقة مطلقة حتى أننا لا نصدق بأي شيء على أساس أن كل شيء نسبي. الموقف الأول عبارة عن إثبات دون نفي (أنا). الموقف الثاني نفي دون إثبات (لا إله). الموقف العلمي الصحيح هو تركيب بين الأطروحة و نقيضها، هو تشبيه و تنزيه في نفس الوقت، هو باب مفتوح و ليس بابا مغلقا. (لا إله) نفي، (إلا الله) إثبات، و التركيب بينهما هو كلمة التوحيد، لو لا أن تفندوني.

 

           "علي علمي معناك  ضدان  جمعا     و يا لهفي ضدان، كيف التجامع؟

    ...  و أطلق عنان الحق في كل ما ترى     فتلك تجليات من هو صانع 

      ...   و ما الحق إلا الله لا شيء غيره       فشم شذاه فهو في الخلق ضائع

            ففي أينما حقا تولوا وجوهكم           فما ثم إلا الله، هل من يطالع؟

      ...   و أياك و التنزيه فهو مقيًد             و أياك و التشبيه فهو مخادع

              فحقًق و كن حقا فأنت حقيقة           لحقك و المخلوق بالذات جامع[5]    

 

     مفهوم العلم نفسه إختلفت دلائله بإختلاف العصور والأماكن لأن المفاهيم بصفة عامة إنعكاس لعقلية الجماعة السائدة التى تتداولها. العلم يعني، في عصر الإنحطاط الإسلامي مثلا؛ المعارف التي تتعلق بالدين و اختصاصاته كالفقه و الحديث والتفسير و ما ترابط بها من دراسات. هذه المعارف العلمية قائمة في كتب وضعها الثقات، يجب حفظها أو الإطلاع عليها. نقد هذه الكتب و تقييم دقتها أو مدى صحتها  أمر غير وارد في الغالب. فطالب العلم يجب أن لا يتمرد على الأكابر...[6]

 

     النتاج العلمي الحديث، خلاصة جهد فكري مكوناته الدقة في تعريف المفاهيم و أدوات الملاحظة و القياس، الموضوعية في الملاحظة، النزاهة في الإقتباس، التنظيم في التفكيك و البناء (التحليل و التنظير).

 

خلاصة العلم= (موضوع/منهج/هدف)= معرفة= (حسية/معنوية)= علوم إجتماعية= (نظرية/تطبيقية)(إمبيريقية/عقلانية)=منطق= (إستقراء/إستنتاج)(الأطروحة/النقيض)= الموقف أو التركيب= التنبؤ

 

* الإنسان: كائن ذو بعدين (حسي/معنوي)(بيو/إجتماعي)(فطري/مكتسب)(وراثي/بيئي)(الهو/الأنا الأعلى)(قوانين طبيعية ثابتة نسبيا/قوانين معيارية غير ثابتة)(مسير/مخير)(غير مسؤول/مسؤول) الربط بين البعدين= العقل أو الأنا الإنسان لا يولد إنسانا حيث أن لا شيء مما يكون الإنسانية (اللغة، الفكر، المشاعر، الفن، العلم، الأخلاق) يكون موجودا لدى المولود الجديد و حيث عليه أن يكتسبه بالتربية و حيث الراشد من بني جنسه فقط هو الذي يمكنه من ذلك فإنه خاضع لسلطة الراشد المشروعة عرفا و قانونا.

* التربية: - لغة: كلمة مشتقة من الفعل الثلاثي ربى يربو أي زاد يزيد أو نمى ينمو فهي بالتالي تعني التنمية، و هي تختلف عن مفهوم التنشية كون هذا المفهوم لا يتضمن لغويا أي معنى للزيادة (التنشئة الاجتماعية الفاشية منبوذة في منظار سلم قيم العديد من المجتمعات)

 - اصطلاحا: بما أن المصطلح هو ما اصطلح عليه من طرف مجموعة من العلماء أو مدرسة فكرية، و بما أنه بديهي أن منطلقات منطق هؤلاء العلماء قد تختلف، فإن استنتاجاتهم حول المفهوم تختلف كذلك. فيما يلي عينة من هذا الاختلاف الطبيعي.

- يقول Littré: التربية عمل نقوم به لتنشئة طفل أو شاب، و من شأن هذا العمل إكساب الفرد مجموعة من العادات الفكرية و العملية و الصفات الخلقية. كلمة التربية تستعمل كذلك بالنسبة للحيوان و النبات قصد إيصالها إلى صفة ذات فائدة للإنسان (تربية النحل)

- معجم Hatzfeld يشير إلى أن أصل الكلمة لاتيني و تعني تهيئة النباتات و الحيوانات حتى تصبح صالحة للأكل أما بالنسبة للإنسان فتعني التهذيب

- في الميدان الفلسفي، يرى Harbart أن التربية موضوع علم يجعل غايته تكوين الفرد من أجل ذاته حتى يكتشف ملكاته المتعددة.

- أما William James فيرى أن التربية حصيلة عمل فني يكتسب في المدرسة من خلال الحدس و الملاحظة التعاطفية لمعطيات الواقع.

- James Mill الفيلسوف النفعي يرى أن التربية فعل نقوم به بغية جعل الفرد أداة سعادة لنفسه و لغيره.

- John Dewey الفيلسوف الأمريكي النفعي يرى أن التربية هي الحياة نفسها و ليست مجرد إعداد للحياة. هي عملية نمو و عملية تعلم و عملية بناء و تجديد مستمرين للخبرة و عملية اجتماعية. و لكي تكون عملية حياة لا بد أن ترتبط بشؤون الحياة. و لكي تكون عملية نمو و تعلم و اكتساب الخبرة، لا بد أن يراعى فيها شروط النمو و التعلم و اكتساب الخبرة. و لكي تكون عملية اجتماعية، يجب أن تتضمن تفاعلا اجتماعيا و أن تتم في جو ديمقراطي و جو اجتماعي صالح.

- أما من الزاوية السوسيولوجية فيرى Stuart Mill أن التربية أثر لجميع المؤثرات التي تمس الإنسان سواء أتت من الأشياء أو الأفراد أو المجتمع، و هي جميع ما نقوم به من أجل أنفسنا، و ما يقوم به الآخرون من أجلنا بغية الاقتراب من كمال طبيعتنا.

- أما Durkheim السوسيولوجي الفرنسي الوظيفي، فيرى أن التربية هي الفعل الذي تحدثه الأجيال الراشدة في الأجيال التي لم تنضج بعد النضج اللازم للحياة الاجتماعية. هي إذن تهدف إلى تنمية عدد من الحالات الجسدية و الفكرية و الروحية التي يتطلبها منه المجتمع السياسي بصفة عامة و البيئة الاجتماعية التي يهيأ لها بوجه خاص. و الإنسان الذي تهدف التربية أن تحققه فينا هو الإنسان كما يريده المجتمع و ليس الإنسان كما خلقته الطبيعة.

- و يرى منير مرسي سرحان أن التربية عبارة عن نشاط يحدث في المجتمع، يختص في تكوين الشخصية الإنسانية من خلال عملية تفاعل الفرد مع المجتمع.

- أنواع التربية (...)

- الخلاصة ( المعلم الاتصال الرسالة المتعلم البيئة الجماعة الطريقة الدوافع الأهداف نظريات                               التعلم...)

 

 * موضوع التربية هو الإنسان: الكائن  البيو-اجتماعي، و التربية تهدف إلى تنمية جانبيه البيولوجي أو الطبيعي أو الحسي و جانبه الاجتماعي أو المعياري أو المعنوي، و لذا يجب على المربي أن يكيف عمله مع عدد من العوامل نذكر منها ( السن، الحالة الصحية التي تمكن المتعلم من استقبال المثيرات، الجنس، الحالة المالية و المستوى الاجتماعي  للأسرة من مسكن و مسافة فاصلة بين البيت و المدرسة...)، الخلفية الثقافية التي تمكنه من إدراك المثيرات الجديدة ( الخلفية الثقافية المتمثلة في الخبرة السابقة و الميول و المعتقدات و العادات  و القيم و اللغة التي تسمح للمتعلم بربط الجديد بالقديم و بالتالي عقله و إدراكه و مواصلة التعلم أو الانسحاب الفعلي أو المعنوي بالشرود الذهني و أحلام اليقضة). غاية العمل التربوي تنمية قدرات الفرد الحسية و المعنوية، و لبلوغ هذه الغاية لا بد من تهيئة البيئة التي هي كذلك طبيعية و معناوية، و من بين معطيات هذه البيئة ( درجة الحرارة، شدة الضوء، الوسائل البيداغوجية المتوفرة، شخصية المعلم، مجموعة الرفاق...) إذن لمعرفة الفرد الذي تهدف التربية إلى تنميته، لا بد من معرفة كل هذه العوامل المذكورة.

 

     * علم التربية أم علوم التربية ؟  علم التربية هو البيداغوجيا. و علوم التربية هي كل المواد العلمية المتصلة بعلم التربية (تاريخ التربية، نظريات التعلم، علم النفس البيداغوجي، علم التقييم أو التباري، علم إجتماع التربية، إقتصاديات التربية، التخطيط التربوي، التربية المقارنة...).[7] و يرى Olivier Reboul أن العلوم المتصلة بالتربية (علوم الإنسان) تدرس غرض التربية من ناحية طبيعة الفرد و بيئته و تطوره في حين أن علم التربية يدرس الطرق التي تتمّ بها هذه العملية.[8]

 

        البيداغوجيا  في نظر ديوي dewey، علم لأنها تستلزم طرقا في البحث مماثلة لطرق العلوم الأخرى و لأنها تستند إلى قوانين العلوم الأخرى المتصلة بها، كالبيولوجيا (معرفة قوانين الحياة العامة، شروط النمو...)، علم الإجتماع (الثقافي، السياسي، التربوي، المؤسساتي، الأنثروبولوجيا...)، علم النفس (علم نفس الطفل و المراهق، علم الطباع، علم النفس التربوي، علم النفس الإجتماعي...)، العلوم المعيارية ( الأخلاق، فلسفة القيم...). و يرى أوبير Hubert [9] أن البيداغوجيا التي هي علم  بمعنى معرفة التربية ( ماهيتها، أهدافها الزمكنية، الوسائل و الطرق الكفيلة بتحقيق تلك الأهداف، و أخيرا التقييم لمدى تحقيقها)،  في جملتها  عبارة عن بناء ذي عدة طوابق، أولها يحاذي العلم، و الثاني يحاذي الأخلاق أو الفلسفة العملية، و الثالث التقنية، و الأخير الإبداع الجمالي أو الفن (العلاقة الموجودة بين الشيخ و المريد).

 

       التربية (تنمية، تطوير، ترشيد، تهذيب، تقوية، تفجير قدرات  الفرد الكامنة)،  كعلم،  تعرف بموضوعها و بمنهجها. موضوعها هو الكائن البشري كما يجب أن يكون  و كما نتصور طرق و وسائل تحقيق ذلك. منهجها يقوم على أساس ملاحظة هذا الكائن زمكنيا، ملاحظة علمية، موضوعية، منظمة، منصقة منطقية تربط (تعقل) الحٌقائق المعلومة المسلم بها بعضها بالبعض بغية الوصول إلى حقائق مجهولة إفتراضية تثبتها التجربة  لتصبح قانونا جديدا أو تفندها. مثلا، إذا اعتبرنا نتائج الدراسات التي قام بها Piaget حول مراحل النمو لدى الطفل حقائق علمية مسلم بها يمكننا القول: بما أن مادة الرياضيات تتطلب تفكيرا مجردا و بما أن التجارب التي أجراها piaget  أثبتت أن التفكير المجرد يبدؤ لدى الكائن البشري عند بلوغه سن 11 أو 12 من عمره يمكننا الإفتراض أن الطفل لن يستوعب هذه المادة في الطور الآول من المدرسة الأساسية. تجريب هذه الفرضية في الواقع على عينة من تلاميذ الطور الأول في عينة منالمدارس الأساسية الجزائرية يمكننا من إثبات أو تفنيد هذه الفرضية على أرض الواقع الجزائري. إن المعرفة التى نتوصل إليها بعد القيام بالتجربة هذه ذات فائدة عملية بالنسبة لرجال السياسة و التخطيط لأنها تنير لهم الطريق في اتخاذ القرار، و تصبح أطروحة مبررة تبريرا "علميا". وضعنا هذه الكلمة بين قوصين لنذكر أنفسنا أن العلم باب مفتوح و لنترك مجالا لمن لديه نقيض الأطروحة أن يتقدم و يبرر موقفه الرافض لهذه الأطروحة بالحجة و البرهان "العلمي" القائم على القياس (التجريب) الذي لا يعني بالضرورة قياسا إمبيريقيا (ميداني). قٌد يكون قياسا عقلانيا، صوريا، بإعادة النظر مثلا في مفهوم مرحلة النمو أو المنطلق القائل أن مادة الرياضيات تتطلب تفكيرا مجردا أو حتى بصفة راديكالية ضرورة  تدريس هذه المادة في أي مرحلة من مراحل التعليم نظرا للإبتكرات العلمية الحديثة كالحواسب الإليكترونية... باب العلم مفتوح و من غلقه جعل من قليل العلم الذي وصل إليه صنما إلاها يعبده.

 

      إن البيداغوجيا، و لا سيما ذلك الجانب العام منها الذي يرسم الخطوط الموجهة التي ينبغي أن يلتزمها العمل التربوي، هي قبل كل شيء فلسفة في التربية. و ينبغي أن تكون فلسفة لتقوم بمهمة الربط و التوحيد بين جميع المعطيات المبعثرة التي تقدمها جميع العلوم التي تساهم فيها. و هذه الفلسفة التربوية بدورها تؤلف جزءا من فلسفة عامة؛ إذ مذ يمس البحث وعي (موقف، رأي، إعتقاد) الإنسان و عمله يدخل في نطاق الفلسفة. إن البحث الفلسفي يعنينا نحن و يعني وجودنا بالذات. لذا يمكننا القول أن كل فلسفة وجودية.[10]  و إذا سألنا فيلسوفا عن معنى الإنسان مقارنة للحيوان يجيبنا أنًه يتميًز بالعمل أو باللغة أو بالثقافة. إذا كان الحال كذلك فلا يمكننا تصور عمل أو لغة أو ثقافة بدون تربية.

 

      إن موضوع فلسفة التربية الأساسي هو التفكير في أهداف التربية، و التفكير هذا يتظمًن موقفا فلسفيا تجاه المعرفة، و تختلف هذه المواقف بين عقلاني/إمبيريقي، مثالي/مادي، محافظ/ثوري. أما العلم (البيولوجيا، علم النفس، علم الإجتماع) فمهمته التعريف بخريطة المعطيات الواقعية و الآشياء الممكنة. (رونيه أوبير، ص.37-38.) الدمج بين هذا (العلوم الوضعية) و ذاك (العلوم المعيارية، الفلسفة) يشكل مذهبا في التربية.

 

 يمكننا القول في النهاية أن لكل مرب مذهبا لأنه لا يمكن أن يوجد مرب لا يحمل، و لو ضمنيا، نظرة عامة عن الإنسان و الوجود. "و ليس ثمة مذهب تربوي، من أيام أفلاطون حتى أيام مونتاني Montaigne و من أيام مونتاني حتى أيام روسو إلا و أعلن أن رسالة الإنسان هي تحقيق ماهيته." [11]

 

       إن فلسفة التربية هي فلسفة الإنسان في الوجود التي هي حسب تعبير Hubert [12]، بالضرورة فلسفة الروح. و الروح تعني بالنسبة لهذا الكاتب؛ الحرية، حرية الخلق و التجديد حيث أن الخلق يعني بالنسبة لهذا الكاتب جعل الممكن راهنا. و هذه الحرية غير ممكنة دون وعي (معرفة نظرية، عملية، و جمالية) في أبعاده الثلاثة: الماضي و الحاضر و المستقبل. إذا كان الإنسان ماضيا فقط فإنه قد فنى دون بقاء في الحاضر و فقد القدرة على التجديد و على الحرية حيث أن الماضي لا يتحول إلا في الحاضر على ضوء المستقبل. إذا قبلنا هذا التنظير (المنطلقات، المسلمات) يمكننا القول مع هذا الكاتب أن "الكائن (الوجود ؟) في جوهره وعي، و ما دام الحال هكذا فلا بد أن ترتد جميع تجليات الكائن (الوجود) إلى تصورات يقوم بها الوعي.  و يستنتج هذا الكاتب أن الوعي هو نمط الوجود ذاته، و النزعة الظاهرتية( phenomenisme) هي وجهة النظر الصحيحة للتعبير عن هذا الوجود و فهمه." هذا موقف فلسفي لمرب فرنسي معروف. و الموقف هذا فيه غموض نحاول إزالته.

 

    إن النزعة  الظاهرتية كما يصفها هوسرل husserl عبارة عن فلسفة تأخذ على نفسها أن تصف الظواهر بكل دقة و ترتبها بكل إحكام، و خصوصا المعاني الأساسية في العلوم، بغية توضيحها و تعريفها، و حينئذ تكون معرفتنا واقعة على "ماهيات" بخصائصها الثابتة، كفيلة بتأسيس علوم بمعنى الكلمة؛ كالرياضيات[13].

 

    إن كان هذا هو موقف الفلسفة الظاهرتية تجاه المعرفة فإنه لا يختلف كثيرا عن الموقف الذي نتبنى و الذي   ننعته بكلمة التوحيد و الذي لا ينفي أهمية الطريقة الإستقرائية و لكن يرجّح  الطريقة الإستنتاجية في البحث عن الحقائق، إلا أننا نشكّ أن لتلك الماهيات خصائص ثابتة لأن هذا يستلزم إجماع و لا يمكن لأي باحث  أن يدّعي ذلك فقط من خلال تحاليله العقلانية. [...] مجال للحوار

 

     إن موضوع الفلسفة هو المعرفة، معرفة الحقائق الطبيعية (السببية) والحقائق المعيارية (القيم، الأخلاق)  فإذا كان لكل علم موضوعا و منهجا فكذلك للفلسفة موضوعا ومنهجا. موضوع الفلسفة، بصفة عامة، هو المعرفة (كل العلوم) من أجل منفعة ما (خاصة التوجيه) أو فقط لفهم الوجود والعلاقة الموجودة بين الذات و الموضوع، الأنا و الهو (إهتمامات نظرية، ميتافيزيقية، ما وراء الطبيعة). لهذا يرى ديوي أن الفلسفة نظرية عامة في التربية [14] أما منهجها فهو المنهج العلمي و لكن ليس بالمعنى التجريبي الإمبيريقي (الميداني). العلوم الأخرى إنفصلت عن الفلسفة لأن منهجها إكتمل بالتجريب الذي هو قياس ميداني (ملاحظة، إفتراض، تجريب)، إستنادا على أدوات الملاحظة الخاصة بها، و في ضروف زمكنية خاصة. أدات الملاحظة بالنسبة للفيلسوف هي العقل (المنطق) الذي يعني ربط الحقائق المسلم بها بعضها بالبعض بغية الوصول و الكشف عن الحقائق المجهولة (قياس عقلاني و ليس قياسا إمبيريقيا، ميداني). لذا يمكننا القول أن مرحلة التجريب بالنسبة للفيلسوف عبارة عن قياس عقلاني و ليس قياسا ميدانيا.   

 

||- المذاهب التربوية الكبرى

  

     * المذهب:  -المقصد، الطريقة.[15] (الحقيقة و الشريعة)

-doctrine: مجموعة من التعاليم و المعتقدات الخاصة بمؤسسة دينية أو حزب                     سياسي أو مدرسة من العلماء (أو إتجاه فلسفي و إيبيستيمولوجي ) إلخ.[16]

 

* المذاهب التربوية: المقاصد و الطرق التربوية. إن موضوع المقاصد أو الأهداف التربوية يندرج في ملف فلسفة التربية (أنظر أعلاه). أما الطرق فهي أساسا عبارة عن خلاصة ما تتظمنه نظريات التعلم المختلفة، سواء كانت نظريات وضعية، تجريبية (النظريات السلوكية لثرندايك، بافلوف، كلارك، سكينر. أو النظريات المجالية للجشتالت أو دينامية الجماعة لكارل رودجرز...)، أو نظريات عقلانية (فلسفية، منطقية، كنظرية روسو في التربية الطبيعية و التعلم عن طريق الممارسة...)

 

إن كل مذهب تربوي يتظمن نقدا للنظام التربوي القائم، بل في بعض الأحيان نقدا للنظام الإجتماعي كله، وإرادة في تحريك الوعي بما هو إنساني.  و بكلمة أخرى إن وضع مذهب في التربية ليس ممكنا إلا بمقدار ما يستند إلى فلسفة للإنسان ضمن الوجود (أي معرفة؟ لأي إنسان؟  في أي مجتمع؟)

    

     إن تكاثر المذاهب التربوية في مجتمع من المجتمعات من المظاهر المميزة للأزمات التي تصيبه، إذ عندما يبدو المستقبل قلقا، يتجه رجال الفكر إلى الشبيبة ليمنحوها القوة اللازمة لبقائه وفق ما يتراءى لهم من حاجاته. إن النظام الفكري والإجتماعي الذي يأخذ في الأفول يخلق قلقا (أزمة) ينعكس أولا على شؤون التربية. فالنظام الذي أفل نظام تجمد في طقوس و مؤسسات وعادات مما جعله يفقد الروح االتي كانت تمنحه الحياة. فوظيفة المذاهب التربوية إذن هي إحياء ما إفتقدت منه الروح الحية، و أكبر خدمة يمكن لرجال الفكر أن يقدموها لعصر تعيس هي أن يقولوا له، فقط، الأشياء التي قبلوها (إعتنقوها، تبنوها)  لأنهم أطالوا الرؤية فيها و عملوا مديدا على إنضاجها.[17]

 

      إن هدف ما نود معرفته هو عرض للمذاهب التربوية الكبرى، الذي هو الموضوع، و إذا أردنا أن نكون علميين في بحثنا عن الحقيقة يجب أن نسير وفق منهج، ضمنيا كان أو معرفا، و أن يكون معرفا خيرا من أن يكون ضمنيا. المنهج بمدلوله الواسع و كما عرفناه هو الإستدلال المنطقي. و هذا الإستدلال يكون إما إنتقال من الكل إلى الجزء (ألإستنتاج) أو إنتقال من الجزء إلى الكل (ألإستقراء). و قد أشرنا فيم سبق أننا نتبنى الإستنتاج الذي لا ينفي الإستناد إلى نتائج الدراسات الإستقرائية إلا أن نقطة إنتهاء الدراسة الإستقرائية هي نقطة بداية الدراسة الإستنتاجية.

 

      * نموذج من التصانيف الإستقرائية.

    

ا ألمذاهبا

 ألمنٌظرون

 الأهداف

 الطرق

  التربية كفن

 ويليام دجيمس

 تغذية الروح 

ا المهارة و علم البيان

 كتفقه في الدين

 لأديان

ا الحفظ  

 التلقين

 كمساعدة للطفل

 روسو

 الإنسان نفسه

 أعمال يدوية

 كتنظيم إجتماعي

 دوركهايم

 التنشئة الإجتماعية

 التوجيه

 كتفكير فلسفي

 ماركس، هيجل...

 التفكير المنطقي

 الحوار

 كعلم (تكنولوجيا)

 أوبير، ديوي،...

 الفرد و المجتمع

 متنوعة

 

     * نموذج إستقرائي آخر: تاريخ نظريات التربية. (لديكم مقياس  "تطور الفكر التربوي"  يفصل هذا النموذج و لكن لا بأس أن نشير إلى رؤس أقلام: (نموذج من فهارس كتب حول الموضوع)

- الفكر التربوي في المجتمعات البدائية و الثقافات القديمة (أفلاطو، أرسطو، كونفيشيوس...)

- تطور الفكر التربوي في العصور المسيحية الأولى و العصور الوسطى.

- مفهوم التربية و أهدافها في عصر النهضة الأوربية.

- أفكار روسو التربوية.

- الحركة البستالوزية

- جون فريديريك هربارت و الحركة الهربارتية.

- فروبل: حياته و أفكاره الفلسفية و التربوية.

- جون ديوي: حياته و أعماله و أفكاره الفلسفية العامة

- كروبسكايا و التربية الشيوعية، ماكارينكو...

 

   * نموذج إمبيريقي إستقرائي: (لديكم مقياس "التربية المقارنة" في السنة الثالثة يفصل هذه المقاربة السوسيولوجية التي تختلف عن المقاربة التاريخية في كونها تتطرق لنظريات التربية المختلفة كما هي مطبقة في الوقت الراهن حسب الإيديولوجيات السائدة (التربية في البلاد الإشتراكية/التربية في البلاد الراسمالية) و محاولة تفسير الإختلاف على ضوء الصراع الذي كان جاريا بين ديمقراطية آثينا و ديكتاتورية سبارتا إبان الحضارة اليونانية مثلا. [...] مجال للحوار.

 

     * نموذج إستقرائي عقلاني. (تصنيف هولمز) -(Rational construct)

- النظرية البراجماتية Pragmatic Education  سائدة في الولايات المتحدة الآمريكية

- النظرية الماهية Essentialist curriculum، سائدة في بريطانيا. (ليبيرالية)

- النظرية الموسوعية سائدة في فرنسا Encyclopedic Curriculum

- النظرية المتعددة التقنيات (شيوعية متجذرة في الفلسفة المادية) Polytechnical Education

 

 المشكل مع المقاربات الإستقرائية هو أن قائمة الملاحظات الممكنة تبقى مفتوحة. لذا يصعب الوصول إلى النتيجة المرجوة من كل بحث علمي ألآ و هى التعميم. لا يمكننا القول أن هذه هي كل المذاهب التربوية. و لكن هناك من يتبنى الإستقراء كطريقة مثلى. بالنسبة لبعض هؤلاء،  النمهج العلمي هو المنهج الإستقرائي. و لتبرير هذا الموقف يقولون أن هذه هي المذاهب الكبرى و ليست كل المذاهب. السؤال يبقى مطروحا هل هذه حقا هي كل المذاهب التربوية الكبرى. ربما هي صغرى و الباحث لم يشر للكبرى. و لكن يمكننا ترك هيوم تفنيد الإستقراء بالمنطق أو كذالك أقرب منا، فيلسوف العلم،  كارل بوبر (لمزيد من التحقق طالع كتابات هؤلاء الرجلين حول المنهج العلمي)

 

     * نموذج إستنتاجي عقلاني. ( الإحتمالات)

     إذا اعتبرنا أن التربية تقوم على أساس العلاقة الموجودة بين الذات و المضوع يمكننا التصور أن في هذه العملية هناك من يرجًح الذات على المضوع، أو العكس. و لكن ماذا نعني بالذات و ماذا نعني بالموضوع؟ الذات هي الإنسان نفسه سواء كان طفلا لم  يبلغ سن الرشد بعد، أو راشدا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات. و الموضوع هو المادة التي يهدف المربي من خلالها إلى تحويل الكائن البشري الذي هو بصدد التحويل  "الإجابي" حيث أن مفهوم التربية يوحي بهذا الإنتقال من حالة دنيا إلى أفضل منها. عندما نقول تحويل إيجابي فإننا نقيًم، و هذا التقييم إما أن يكون تقييما شخصيا أو تقييم الجماعة التي ينتمي إليها الفرد الذي هو بصدد التربية. لذا عندما نتكلم عن التربية فلا بد أن نتساءل عن مصدر السلطة و عن شرعية هذه السلطة. من يقرًر ما هو إيجابي، الفرد نفسه أم المجتمع؟ الذين يقولون أن الفرد هو الذي يقرًر يشكلون رغم اختلاف تصوراتهم للطرق التربوية تيارا واحدا قد أجمع العديدون ممن كتب في هذا الميدان بتسميته إتجاه التربية الجديد أو المدرسة الجديدة. أما التيار المناقض فهو تيار التربية التقليدية، الذي يرى أن مصدر السلطة هو المجتمع، و بما أن المعلم يمثل المجتمع فسلطة المجتمع تتجسد فيه. التناقض بين المذهبين هو التناقض بين القديم و الجديد، الساطة و الحرّية، الطاعة و المبادرة، الخضوع و النظام الذاتي، الجهد و المنفعة، المنافسة و التعاون، الأولوية للراشد و الأولوية للولد.[18]

 

     إن السلطة تدلً في جميع الحالات على إعطاء الأولؤية المشروعة للذي يقوم بها، و دون تلك المشروعية تصبح السلطة حيلة أو عنفا. و المشروعية هذه تكون رسمية أو عرفية، الرسمية هي ما يقرها القانون و هذه تختلف باختلاف الثقافات اما العرفية فهي التي يقبلها العقل كالخبرة مثلا. الخبير له سلطة شرعية على الذي لا خبرة له، و بالتالي يمكننا القول أن المعلم له سلطة شرعية على المتعلًم.

 

      أصحاب التيار الجديد يقولون أن التعليم التقليدي لا ينشيء إلا إمتثاليين أو متمرًدين، و يضيفون أن التعليم الجديد و قد تخلًص من البرامج و الإمتحانات يجب أن يكون مهمًة الذين يتعلًمون، و على الراشدين أن يحرًروا الصغار من القلق الذي ينتج خاصة من السلطة الغير مشروعة. المعلم لا يفرض على المتعلم شيءا لا يريده هذا الأخير. المعلًم يصبح منشطا للجماعة المتعلًمة، و مرشدا عند الحاجة إليه. فهو لا يقول "عملكم لا يصلح لشيء" بل "إني غير موافق"، و يضع في تصرفهم معارفه دون فرض. إن أنصار هذا التيار لا ينفون أن للمعلم اهمية و منفعة في العملية التربوية و لكنهم يرفضون سلطته.[19] السلطة هي سلطة المتعلم نفسه لأنه هو الذي يقرّر ماذا يريد أن يعرف و ممن يطلب المساعدة. العلم يؤتى و لا يأتي كما قال الإمام مالك عندما أراده هارون الرشيد معلما لأبنائه في بغداد.

 

     قد يعترض كثير من علماء النفس بزعمهم أن الكائن الإنساني و خاصة الولد، في حاجة إلى الخضوع لسلطة ما. لكن، هل للتربية أن توظّف هذه الحاجة لتجعل من الولد إنسانا راشدا، عاقلا و مستقلا ، و بالتالي متحرّرا من السلطة الخارجية. أن تعلّمه التفكير بنفسه، و أن يكون المربّي ذاك الذي يذكّره بالقاعدة فيقوم بدور الخبير أو الحاكم و أن يرفض أن يكون الملك أو السلطان. فإذا كانت لديه سلطة فهي سلطة ما هو إنساني (العقل، العلم، الفن، الضمير)، و ليست سلطته هو أو سلطة المجتمع.[20]

 

     الإنسان حيوان ولد قبل الميعاد، و ما دام يتعلًم كل شيء فهو متعلًق بالآخرين. و ولد الإنسان الذي لا يربًيه الإنسان لا يملك شيءا إنسانيا لأن الإنسانية ليست وراثة طبيعية بل ميراثا يتحتًم على كلً انسان أن يستعيده. و حول طبيعة هذه الإستعادة يختلف المنظّرون. فهناك من يرى أن لا قصدية في طبيعتنا لذا فإننا نربًي الولد للمجتمع. أما أنصار الطبيعة فيريدون على النقيض، أن يُربًى الولد لنفسه. على التربية أن تخلق الإنسان الذي نريد (التنشئة الإجتماعية) أو على التربية أن تستجيب لمطالب كل فرد. الإختلاف هو بين الجبرية و الحرية، الديكتاتورية و الديمقراطية.

 

     تبرير الموقف الأول مبني على أساس الإفتراض أن نترك الطلاب يختارون برامجهم هل يجد المجتمع ما يحتاج إليه من مهندسين و أطباء و معلمين؟ ألا يحق للمجتمع ان يطلب من التربية أن ينقل إلى الولد تلك القيم التي لا إمكان لحيات إجتماعية بدونها؟

 

     أما أصحاب النظرية الطبيعية فيجيبون أن الإندماج الإجتماعي من الناحية الأخلاقية خاصة ليس ابدا قاعدة لا جدل فيها لأن كل مجتمع ينطوي على نصيب من التعصب و الأنانية، فهل يتحتًم علينا تكييف الأولاد مع مجتمع عنصري؟، و لقد كان موزار و بيتهوفن و نيتشيه و روسو و إنشتاين و غيرهم من العباقرة غير متكيفين مع مجتمعاتهم، و لم يكن آنشتاين تلميذا نجيبا.

 

      إن جميع كبار المربّين ينتمون إلى التيار الجديد، نذكر منهم: (روسو، كلاباريد، مونتيسوري، دكرولي، ديوي، فرينيه). بالرغم من إختلاف مناهجهم، يجتمعون حول مباديء أساسية هي:

- الوظيفة تخلق العضو؛ أو حيث توجد الحاجة، تُخلَقُ التقنية و العكس غير صحيح.

- إثارة الإهتمام لدى المتعلّم ليس بغرض المكافأة لأن المكافأة لا تختلف عن السوط لأنها وسيلة خارجية. الولد النشيط يشبه الفنان الذي لا يرتاح إلى المكافأة بقدر ما يرتاح إلى إنجاز تحفته. للكي يكون هذا ممكنا، يجب تهية المحيط التعليمي.

- إتباع السير الطبيعي للولد في الإنتقال من المركّب إلى البسيط (عكس المنهج الديكارتي)، و من الحسوس إلى المجرّد، و من التطبيق إلى النظري.

- النظام هو النظام الذاتي.

- التعاون مع الجماعة.

- العقاب هو الإقصاء من الجماعة.

أما فيما يخص التربية التقليدية، فإنها تنظر للمدارة الشخصية بأنها خطؤ، و التعاون بأنه عشُُّ، و ترهق الطفل بمواد لا تهمّه دائما، و تكبت الحاجة إلى المعرفة و العمل، و تجهل حاجة الطفل إلى المسؤولية. كل هذا يؤدي إلى سلوك شاذ كحلم اليقظة و اللا إنتظام و العنف و الكسل و النقل في الإمتحان و الإهتمام بما هو هامشي و الثأر لنفسه تماما كما تداس القوانين الإقتصادية في البلاد الشمولية "التوجيهية" في السوق السوداء.[21]

 

     ألا يوجد موقف وسطا بين الإجتماعيين و الطبيعيين؟ منطيقيا يوجد، و خير الأمور أوسطها. المشكل المطروح في هذه الحالة هو المشكل القديم الجديد بخصوص التوجيه المدرسي . هل يمكن أن نوفّق بين أهداف الفرد: ميوله، تطلّعاته، قدراته  و أهداف المجتمع: متطلّباته المتمثّلة في تطلعاته المستقبلية و إمكانياته المادية و المعنوية. إذا كانت الأهداف التربوية الرسمية في مجتمع ما هي التنمية المتكاملة لشخصية الفرد (الأهداف التربوية في بريطانيا)  أو بعبارة أخرى تحقيق حرّية الأفراد، تصبح المفارقة بين أهداف المجتمع و أهداف الفرد هيّنة. بينما إذا راى المجتمع أن الأولوية تكمن في تحقيق حرّية المجتمع من الهيمنة الأجنبية و التبعية بشتى أنواعها حتى يمكن للفرد أن يتمتّع بحريته في مجتمع حر، تأخذ الأهداف التربوية شكلا أكثر تحديدا و بالتالي أكثر تقييدا بالنسبة للفرد. على خلاف الأهداف التربوية في بريطانيا، الأهداف التربوية في الجزائر هي أهداف إجتماعية (-ديمقراطية التعليم-التعريب-الإتجاه العلمي في البرامج). الموقف الأول يقول أن حرية المجتمع تأتي من حرّية أفراده بينما الموقف الثاني يقول أن حرية الأفراد تأتي من حرية المجتمع. الإختلاف بين الموقفين جذري، الأول تركيز على الذات و الثاني تركيز على الموضوع أي ما قرره المجتمع لنفسه. هناك من يرى أن الموقف الوسط هو تربية الفرد حتى يلقى أسلوبه و أن يكون نفسه، أبعد من العفوية المتفكّكة و أبعد من القوانين الجاهزة و الكليشيهات. يربّى ليس بغرض أن يبقى طفلا، و لا أن يصبح عاملا و مواطنا، بل ليصبح إنسانا، أي كائنا قادرا على التبادل و الإتحاد بكل ما هو إنساني [22] [...] مجال للحوار

 

[...]  مناقشة مشكل الديمقراطية و التعريب الذي يتجلى في الواقع المعاش في الجرائر في مطلب الأمزيغية.

 

- مناقشة حرة إلى نهاية السنة.

======================================================

 

ملحق:

2- العوامل المؤثرة في التربية.

          يشير إيريك بلزانس [23] أن إحصاء كل العوامل المؤثر  التربية يتطلب عددا كبيرا من التخصصات العلمية: من بينها تلك التي تدرس الشروط العامة و المحلية للمؤسسة التعليمية، ( من بينها تاريخ و سوسيولوجيا التربية، الديموغرافيا المدرسية، إقتصاديات التربية )، تلك التي تدرس العلاقة البيداغوجية و الفعل التربوي ( من بينها الفيزيولوجيا و علم النفس التربوي، علم النفس العام، علوم الإتصال، تعليمية المواد، علوم التقييم و التقويم) و أخيرا العلوم الفكرية و العلوم التي تدرس التطور ( من بينها فلسفة التربية، علم التخطيط)

         يمكننا من جهة أخرى أن نتعرف على هذه العوامل وفق مقاربة استنتاجية، نبدؤ وفقها بأحكام عامة كقولنا موافقة لأوليفيي ربول أن الإنسان لا يولد إنسانا و لكن يصبح إنسانا بفعل التربية التي ليست موروثا فطريا و لكن ميراثا مكتسبا. فالتربية إذن تخص كل فرد و بالتالي فهي تخص المجتمع الذي يعيش فيه هذا الفرد موازاة مع أفراد المجتمع، كل بفرديته و أنانيته، مما يتطلب تنظيمات و قوانين إجتماعية تنظم العلاقة بين هؤلاء الأفراد مراعاة للمصلحة العامة. و إذا اعتبرنا أن التنظيمات و القوانين، و الأفراد، و هدف المصلحة العامة في حيز جغرافي معين يشكل المؤسسة الإجتماعية سواء كانت هذه المؤسس الدولة بصفة عامة أو المدرسة أو الأسرة أو مؤسسة الإعلام... يمكننا القول وفق ما أشرنا إليه من منطلقات أن العوامل المؤثرة في التربية التي تخص الفرد أو المجتمع بصفة عامة هي، في في حدود الإمكان عواما مادية(فسيولوجيا، جغرافيا مؤسسات، وسائل بيداغوجية، المواصلات، الطرقات، المناخ)، عوامل معنوية ( إتجاهات، قيم، أهداف، قوانين، مقررات، أساليب في المعاملات، تقييم و بصفة عامة إدراك وفق خلفيات مختلفة تفسر الإتجاهات و السلوكات المختلفة)، و عوامل طبيعية و معنوية في نفس الوقط ( بشرية، شخصية المعلم و المتعلم، الحاكم و المحكوم، الإداري المعلم و التلميذ)

3- علوم التربية.

         هي كل المواد العلمية المتصلة بالتربية ( فلسفة التربية، تارخ التربية، علم النفس التربوي، علم إجتماع التربية، تربية مقارنة،...)، و يمكن الإشارة إلى مدى تنوعها وفق المحاور التي أشار إليها إريك بليزانس، أو بصياغة مختلفة نحددها كالتالي:

1- أسس التربية: - فلسفية ( مذاهب و نظريات) - نفسية ( نظريات التعلم) - إجتماعية و ثثقافية ( المؤسسة و النظريات)

2- العناصر العلمية التربوية أو الأسس البيداغوجة ( المعلم، المتعلم، الوسائل التعلمية، المقررات، الفعل التربوي بخصوص صياغة الأهداف، تحديد الإستراتيجيات و التقييم...)

3- مجالات التربية ( مهنية، فنية، أخلاقية، دينية، مدنية...)

   

 

 

======================

في بريطانيا: دراسات في التربية

احيانا يستعمل في بريطانيا لفظ علوم التربية لكن ليس بنفس المعنى الواسع الذي يعطيه الفرنسيون لهذا اللفظ كمرجع لتخصصات أم. اللفظ دراسات ف التربية أكثر تداولا. أول الأقسام الجامعية في هذا الميدام فتحت في سكوتلانده Edimbourg  و St. Andrews.  سنة 1872. الجامعات البرطانية إهتت مبكرا بالتكوين المهني للمعلمين من خلال إنشاء مناصب خاصة "لدراسة التربية" و كذلك تقاليد جامعية ضمن هياكل ذاه سمعة محترمة حتى و إن تغيرت تسميتها في فترات ختلفة " قسم ضن كلية، مدرسة عليا، معهد". هناك كذلك هياكل منفصل عن الجامعات تحت تسمية مجامع التكوين "Training Colleges " شبيهة بالمداسة النورمال بفرنسة لتكوين معلمي المراحل الأولى و التي تقوم بمهمة مكملة لمهمة الجامعات.

قانون روبينز (1963) تغيرت تسمية مجامع التكوين هذه إلى مجامع التربية (Colleges of Education) حيث أصبحت بإمكانها منح شهادة الليسانس في التربية (B.Ed.). قانون جيمس (1970) يقر مبدئيا على تجانس الشهادات الممنوحة على مستوى الليسانس و شهادة الدراسة ما بعد التدرج (PGCE) ضمن شبكة الجامعات و شبكة مجامع التربية، لكن إختلافات كبيرة لا تزال موجودة عبر التراب اللبريطاني من حيث إحتكار التكوين المهني حيث بقيت سكوتلاندة تخصص مجامع التكوين لمعلمي المراحل الأولى للمنظومة التربوية.

في أوائل التسعنات أحصي 97 قسم للتربية في الجامعات البريطانية يؤطرها 128 أستاذ، 373 أستاذ محاضر و مكلف بالدروس، و 1400 أستاذ مساعد.

دراسة التربية في بريطانيا عرفت مراحل مختلفة. من 1980 إلى 1914 اهتمت الجامعات بتطوير التعليم الثانوي تحت تأثير أفكار الفيلسوف الألماني هيربارت، ثم تدريجيا بدأ الإهتمام بتاريخ التربية و الدراسات علم نفس الطفل كتقاليد أمريكية.

بين الحربين ترسخت مؤسسات جامعية كمعهد التربية بجامعة لندن. محتويات الدراسة تأثرت بشكل ملحوظ بتقنيات قياس الذكاء و كذلك بإيديولوجية الملكات الفطرية.

في منتصف الستينات، البحث العلمي في التربية تمحور أساسا حول أربعة مواد علمية هي: الفلسفة، علم الإجتماع، علم النفس و التاريخ. .تطور علم إجتماع التربية يشكل الظاهرة الأكثر لفتا للإنتباه في هذه الفترة. بعدها دارت النقاشات حول مدى جدوى هذه التخصصات الأكاديمية الأربعة في تحسين التكوين المهني للمعلمين، و اهتمام أكبر بالواقع المعيش داخل في حجرة التدريس و الفعل التربوي.

 

في ألمانيا

لفظ البيداغوجيا هو المستعمل لأقسام التربية في الجامعات و في المعاهد التربوية المختصة في تكوين معلميي المدارس الإبتدائية و الإعدادية. أغلبية مؤسسات تكوين المعلمين مندمجة داخل الجامعات. يلاحظ كذلك أن لفظ علوم التربية بدأ تدريجيا في إزاحة لفظ البيداغوجيا الشائع الإستعمال عندما يتعلق الأمر بتكوين المعلمين.

أول أقسام  علوم التربية ( البيداغوجيا) في الجامعات فتحت في لبزق سنة 1912 و ميونيخ 1914 و فرانكفورت 1916 و برلين 1920 ... كلها مندمجة ضمن كليات الفلسفة.

التفكير حول التربة ندرج ضمن تقاليد لها خصوصية وفق علوم الروح حسب إيبيستيمولوجية ديللتي ((Dilthey . فلسفة التربة إذن تلعب دورا أساسا في ألمانيا.

البحث في التربية في ألمانا تستفيد من عملية مستمرة في التثبيت المؤسساتي. زيادة عدد المعلمين و الباحثين التربويين ملفتةة للنظر. عدد الأساتذ الجامعيين المختصين ف التربة كان 196 سنة 1966 و سنة 1987 تجاوز 1000 أستاذ في ألمانا الفيديرالية سابقا.، و الأساتذة المساعدون و الباحثون يتجاوز عددهم 1200  مقارنة لفرنسا التي لا يتجاوز فيها عدد الأساتذة المساعدين 172 سنة 1987، أما المعيدين فوصل عددهم في فرنسا 254 سنة 1991.

 

إقتصاد التربية

تطور هذا العلم في الولايات المتحدة في منتصف الخمسينات و بداية السيتينات، حيث تأسس في البداية على نظرية رأس المال البشري التي تتجلى في أعمال بيكر 1964 من جامعةة شيكاغو. التربي تعتبر إستثمار مربح سواء للأشخاص أو الجماعات من خلال معيار الداخيل في عالم الشغل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     كذالك، إذا نظرنا إلى التربية على أساس الطريقة التي نتلقى بها هذا الذي يترك فينا آثارا إيجابية بدلا من أن ننظر إليها على أساس الهدف الذي نريد تحقيقه، يمكننا تصنيف الطرق المحتملة أنها إنتقال من الجزء إلى الكل (الإستقراء) أو إنتقال من الكل إلى الجزء(الإستنتاج). الكلّ هو الذات، و الجزء هو الصفات حيث أن مجموع الصفات هي الذات...برامج موسوعية طرق إلقائية / برامج براجماتية طرق حوارية . نظريات التعلّم المبرّرة  للطريقة الأولي هي النظريات السلوكية (بافلوف، ثورندايك، كلارك، سكينر)، أما النظريات المبرّرة للطريقة الثانية فهي النظريات المجالية أو المعرفية (الجشتالت، كارل روجرز و أصحاب دينامية الجماعة)...هل يوجد موقفا وسطا؟ منطقيا نعم و هو أن نقبل الطريقتين دون أن نتعصّب للواحدة على حساب الأخرى، و هنا نحقّق مبدؤ التوحيد بين الإثبات و النفي. [...] مجال للحوار. و من هنا يمكننا القول أن المذهب التربوي الذي يهدف إلى تحقيق هذا المبدء عبارة رفض لتحجير المعرفة و رفض لنفيها بل هو موقف وسط بين المعرفة و عدم المعرفة، و خير الأمور أوسطها. 

 إذا اعتبرنا أن الإنسان الذي نهدف إلى تربيته هو إما موحد أو مشرك (إستقراء/إستنتاج)- ...إلخ

- النظريات الإستقرائية موسوعية، من الجزء إلى الكل (...) الشرك

- النظريات الإستنتاجية (براجماتية)

 

      * أو كذالك ( المذاهب المادية/ المذاهب المثالية/ المذاهب الواقعية) التركيز على الحس او التركيز على المعنى و التركيز عليهما... الإنسان برزخ بين البحرين.

 

      * أو كذالك المذاهب السالبة و المذاهب الموجبة... و يتعين إذن تعريف مدلول الكلمات المستعملة  بأمثلة من الواقع التربوي.

     

    

      الإنسان كائن بيو-إجتماعي، له بعد طبيعي و آخر معناوي فهو بالتالي خاضع لقوانين طبيعية و أخرى معيارية. القوانين الٌطًبيعية ثابة نسبيا في حين أن القوانين المعيارية ليست ثابتة لأن االإنسان ح أن لديه إرادة مستقلة،  حتى أن ما يجب أن يكون ليس دائما ما هو كائن و هذا نظرا لكون إرادة الفرد مستقلة عن إرادة المجتمع. هكذا يمكننا القول ان الإنسان مسير و مخير في نفس الوقت. هو جسم مقيد بحتمية القوانين الطبيعية، و روح حر مطلقا يختار أحد النجدين المؤديين إما للجنة و إما للسعير. و في المنظور الإسلمي تلك الإرادة هي أساسا إرادة الله (و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله.)

______________________

المراجع

___________

 

    

 

أحمد احمد كمال وعدلي سليمان: "المدرسة و المجتمع" 1976.

 

أوبير رونيه: "التربية العامة"، دار العلم للملايين، بيروت 1983.

 

الغريب رمزية: "التعلم-دراسة نفسية تفسيرية توجيهية-"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1977.

 

النجيحي محمد لبيب: "الأسس الإجتماعية للتربية"، بيروت 1981.

 

بوفلجة غياث: "التربية و متطلباتها" ديوان الطبوعات الجامعية، الجزائر 1984.

 

ربول أوليفيي: "فلسفة التربية" منشورات عويدات، بيروت 1982.

 

رسل برتراند: "التربية و النظام الإجتماعي"

 

رمضان محمد رفعت و آخرون: "أصول التربية و علم النفس"، دار الفكر العربي، القاهرة 1949.

 

زيدان محمد مصطفى و السمالوطي نبيل: "علم النفس التربوي"

 

سرحان منير مرسي: "في إجتماعيات التربية" القاهرة، 1981.

 

سلطان محمود السيد: "مقدمة في التربية"، ديوان الطبوعات الجامعية، الجزائر 1993.

 

عصار خير الله: "مدخل إلى قضايا التعليم في العلوم الإجتماعية"، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1985.

 

عفيفي محمد الهادي: "التربية و التغير الثقافي"، القاهرة 1975.

 

ميالاريه غاستون: "مدخل إلى التربية"، منشورات عويدات، بيروت 1982. 

 

- إعطاء أهمية خاصة للمجلات ( الرواسي، المجلة الجزائرية لعلم النفس و علم التربية، المجلة العربية للبحوث التربوية ...)

 

-كذالك الشأن بالنسبة للمعاجم المتخصصة و للموسوعات.

 


[1] المعجم الفلسفي، دار الثقافة الجديدة، ط.2، القاهرة، 1971، ص.148.

[2] طالع الفلسفة الظاهرتية Phenomenology، و كذالك النظرية العقلانية في المعرفة.

[3] إحسان محمد الحسن، الأسس العلمية لمناهج البحث الإجتماعي، دار الطليعة للطباعة و النشر،

[4]  Madeleine Grawitz, Methodes des Sciences Sociales, Dalloz, 3 ed., Paris 1976, P.332.

[5] عبد القادر الجيلاني، ألقصيدة العينية.، بغداد القرن 12م

[6] خير الله عصار، مدخل الى قضايا التعليم في العلوم الإجتماعية، الجزء الأول، ديوان المطبوعات                  الجامعية، رقم 1618-06-85، الجزائر، ًص.8.

[7] إدريس شابو، محاضرات في التربية، الجامعة المركزية، الجزائر، 1975/76.-طالع غاستون ميالاري "مدخل إلى                  التربية"، منشورات عويدات، بيروت 1982، صص 18-30.

[8] أوليفيي ربول، فلسفة التربية، منشورات عويدات، زدني علما، بيروت 1982، ص.10

[9]  ر. أوبير Hubert Rene ، التربية العامة ، دار العلم للملايين، بيروت 1983، ص.31

[10]  أوليفٌيه ربول، Olivier Reboul، فلسفة التربية، منشورات عويدات، زدني علما، بيروت 1982، ص.6

[11]  ر. أوبير، ص.17

[12]   نفس المرجع السابق، ص.239

[13]  المعجم الفلسفي، دار الثقافة الجديدة، ط.2، القاهرة،1971، ص.166

[14]  J. Dewey. Democracy and Education. Canada. Toronto. collier. Macmillan. 1967. p.328

[15] قاموس المصباح المنير، المطبعة الأميرية، القاهرة 1925.

[16]   Oxford Advanced Learners Dictionary of Current English, Oxford 1974.

[17]   رونيه أوبير، التربية العامة، مرجع سابق، ص.19

[18]  أوليفيي ربول، فلسفة التربية، مرجع سابق، ص.76

 [19]Rogers C. "Le Developpement de la personne" Dunod 1968.

[20]  أوليفيي ربول، فلسفة التربية، مرجع سابق، ص.68

[21] أوليفيي ربول، فلسفة التربية، مرجع سابق، ص.76

[22]  نفس المرجع السابق ص.57

[23] - Eric Plaisance, Gerar Vergnaud, « Les Sciences e l’Eucation », Casbah Eiions, Alger 1998. P.23.