امحمد بن يوسف بن عيسى ، اطفيش ،
الشهير ب(( قطب الأئمة ))
(ولد :1237هـ /1821م –
توفي : السبت 25 ربيع الثاني 1332هـ
/ 1914م)
هو : امحمد بن يوسف بن عيسى بن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى بن
إسماعيل بن محمد بن عبد العزيز بن بكير الحفصي ، اطفيش.
أشهر عالم إباضي بالمغرب
الإسلامي في العصور الحديثة .
نسبه :
من عائلة شهيرة بالعلماء من بني يسجن ، من عشيرة آل
بامحمد ، و ينتهي إلى عمر بن حفص الهنتاتي ، من العائلة الحفصية
المالكة بتونس بين (625-983هـ / 1229-1574م) ، و في بعض كتبه ينهي الشيخ اطفيش نسبه إلى أبي حفص عمر بن الخطاب.
أما أمه فهي : السيدة مامَّه
سَتِّي بنت الحاج سعيد بن عدُّون بن يوسف بن قاسم بن عمر
بن موسى بن يدّر ببني يسجن.
مولده و نشأته العلمية
:
ولد
بغرداية لما انتقل إليها والده ، و عاش بها طفولته الأولى، و في الرابعة من عمره توفي والده ، و تركه
يتيما تحت كفالة والدته. توسمت فيه بوادر النبوغ، فعهدت به إلى أحد المربين لحفظ القرآن ، فختمه و حفظه و هو ابن ثمان
، ففتح له مجال العلم ، و سارع إلى دور العلماء و حِلَق الدروس بالمسجد.
فأخذ مبادئ النحو و الفقه عن أخيه الأكبر: إبراهيم بن
يوسف.
و تلقى مبادئ المنطق
عن الشيخ سعيد بن يوسف وينتن.
و كان يحضر دروس الشيخ بابا بن يونس في مسجد غرداية.
بعد أخذه لهذه المبادئ، شمر على ساعد الجد و التحصيل،
بعزيمة لا تعرف الملل ، يؤازره ذكاء حاد، و ذاكرة وقادة، و رغبة في العلم لا تعرف
الحدود.
نشأ عصاميا، لم يسافر للدراسة خارج موطنه، و جعل دأبه
الحرص على اقتناء الكتب و استنساخها، يجتهد في طلبها و اشترائها من كل البلدان، رغم قلة ذات اليد، و صعوبة
الاتصال.
فتجمعت لديه مكتبة غنية، تعتبر فريدة عصرها بالنظر إلى
ظروف صاحبها ، و بعده عن مراكز العلوم و العمران.
و مما ساعده على التحصيل :
اقتناؤه لبعض خزائن العلماء ،
منها خزانة الشيخ ضياء الدين عبدالعزيز الثميني ، وقد
تزوج امرأة علم أنها تملك مكتبة ثرية و رثتها عن أبيها.
و ما كاد يبلغ السادسة عشرة ، حتى جلس للتدريس و
التأليف ، و لما بلغ العشرين أصبح عالم وادي ميزاب ، ثم
بلغ درجة الاجتهاد المطلق في كهولته ، كما يذكر ذلك بنفسه في كتابه : " شامل الأصل و
الفرع ".
معهده
:
أنشأ القطب معهدا للتدريس ببني يسجن ، تخرج فيه علماء
و مصلحون ومجاهدون ، انبثوا في أقطار المغرب و العالم
الإسلامي ، و انبثت تراجمهم في ثنايا هذا المعجم.
له منهج في التدريس يعتمد على
استغلال الوقت ، و التركيز في التلقين.
تستمر دروسه طيلة أيام
الأسبوع ، من الضحى إلى الزوال ، إلا يوم الجمعة ، ثم يزيد دروسا في المساء بعد
العصر.
و لا يدرّس في الليل إلا الغرباء و النجباء و
المتفوقين ؛ لأنه كان يخصص الليل للتأليف و الإجابة عن الرسائل و الاستفتاءات المتهاطلة عليه ؛ و كان غزير المادة ، طويل النفس ، متفانيا في
العلم ، يدرس أحيانا أحد عشر درسا مختلفا في اليوم.
و يستعمل اللسان البربري المحلي كأداة للتدريس عند
الاقتضاء ، و لا يحاسب تلاميذه على الغياب أو الإبطاء ، و إذا رأى منهم تعبا روّح
عنهم بما يدفعهم إلى النشاط و التركيز ، و يولي عناية خاصة لأسئلة تلاميذه ،
فيكتبها و يحقق مسائلها ، و لا يعجز عن الرجوع إلى المصادر ، و لو أثناء
الدرس.
بهذا المنهج في التعليم ، و
السعة في العلم ، انهال عليه الطلبة من مختلف الأقطار الإسلامية ، و صدروا عنه ، و
كلهم رجال عاملون في مختلف مواقع الحياة ؛ تأليفا ، و تعليما ، و قيادة ، و قضاء ،
و إصلاحا.
و بلغ عدد تلاميه العشرات
من أشهرهم :
من ميزاب :
1- إبراهيم اطفيش ، أبو إسحاق : نزيل القاهرة العالم المحقق.
2- إبراهيم الأبريكي .
3- إبراهيم بن
عيسى أبو اليقظان : رائد الصحافة العربية في الجزائر.
4- اعمار بن صالح بن موسى.
5- بابكر بن الحاج مسعود.
6- داود بن سعيد
بن يوسف.
7- صالح بن عمر
لعلي.
8- عمر بن حمو بكلي.
9- عمر بن يحيى
ويرو المليكي .
10- محمد بن
سليمان ابن ادريسو.
11- الناصر بن
إبراهيم الداغور.
12- يوسف حدبون .
أما من ليبيا: فيذكر المجاهد بالسيف و القلم الداعية
: سليمان باشا الباروني .
و من تونس : المؤرخ سعيد بن تعاريت .
و من المدينة المنورة :
أحمد الرفاعي.
و غيره كثير ممن بلغ المشيخة.
تآليفه:
ومن أهم
آثار الشيخ اطفيش تآليفه التي
أغنى بها المكتبة الإسلامية كمّا و نوعا ، فقد عدها
بعضهم وقال : إنها تبلغ الثلاثمائة مؤلف ، ما بين كتاب و
رسالة.
و اتسع له العمر ، ليترك هذا التراث الجليل ، فقد عمّر
ستة و تسعين عاما ، و كان حريصا على الكتابة ، لا يتركها في حضر ولا سفر ، وصفه
تلميذه أبو اليقظان بأنه " لا يعرف إلا في تدريس علم ، أو تأليف كتب" ، فألف في بني
يسجن ، و القرارة ، و وارجلان
، و بريان ، والحجاز ، و في السفينة قاصدا الحج.
و شملت تآليفه مختلف فروع
المعرفة ، في المنقول و المعقول :
في تفسير القرآن له ثلاثة تفاسير هي :
وهو آخر تفاسره
و أهمها ، إذ كتبه بعد نضجه العملي ، و قد أنجز الباحث :
بوتردين يحيى رسالة الماجستير حول منهج التفسير عند القطب من
خلاله.
2- في
التجويد :
·
تلقين التالي آليات المتعالي
، مخطوط .
·
جامع حرف ورش ،
مخطوط.
3- في
الحديث :
·
"
ترتيب الترتيب
" ،
و هو إعادة ترتيب مسند الربيع بن حبيب ، بعد ترتيب أبي يعقوب يوسف الوارجلاني ، طبع قديم ، الجزائر ، 1326هـ
.
·
"
جامع الشمل في أحاديث
خاتم الرسل " تحيقيق محمد عبدالقادر عطا ،
( مطبوع ).
·
"
وفاء الضمانة بأداء
الأمانة " ( مطبوع )
4- في
السيرة النبوية:
·
"
مسائل السيرة
" مخطوط.
·
"
شرح نونية المديح
" ( مخطوط ) و النونية أرجوزة وضعها ابن ونان المغربي في مدح خير البرية محمد عليه السلام.
5- في
التوحيد :
6-
في أصول الفقه
:
7-
في الفقه : و هو أوسع
مجالات تأليفه :
8- في
التاريخ :
·
"
إزالة الاعتراض على
محقي آل اباض " مطبوع .
·
"
الإمكان فيما جاز أن
يكون أو كان " مطبوع .
·
"
الرسالة الشافية في
بعض تواريخ وادي ميزاب "
منه نسخة مختصرة ، مطبوع ، و
أخرى موسعة ، مخطوط ، و هو من المصادر الأساسية لهذا المعجم .
·
"
السيرة الجامعة من
المعجزات اللامعة " مطبوع .
·
"
الغسول في أسماء
الرسول " مطبوع .
9-
النحو و اللغة
و والعروض :
·
"
إيضاح الدليل إلى علم
الخليل " مخطوط .
·
"
الحاشية الثانية على
شرح أبي القاسم الداوي " ، مخطوط ، و ضعه و هو لا يزال يتتلمذ على أخيه الحاج
إبراهيم .
·
"
الكافي في التصريف
" و
هو بصدد التحقيق ، في إطار رسالة ماجستير ، مخطوط
.
·
"
المسائل التحقيقية في بيان التحفة الأجرومية
" مخطوط .
·
"
بيان البيان
" ، مخطوط .
·
"
حاشية على شرح المرادي على الألفية " ، مخطوط .
·
"
شرح شرح أبي سليمان داود على الأجرومية
" مخطوط .
·
"
شرح شرح الاستعارات " لعصام الدين ،
مخطوط .
·
"
شرح شواهد القزويني " مخطوط .
·
"
شرح شواهد الوضع
" مخطوط .
·
"
شرح لامية الأفعال
" مطبوع .
·
"
قصيدة الغريب :
نظم متن مغني اللبيب
" لابن هشام ، مخطوط ، وهو في خمسة آلاف بيت نظمه و له
من العمر ست عشر ة سنة .
10- في
البلاغة :
·
"
تخليص العاني من ربقة جهل المعاني " مخطوط .
·
"
ربيع المديح في علم
البديع " مخطوط .
11- في
المنطق :
13- في
الشعر : له قصائد عديدة
في مواضيع تربوية ، و مدائح ، و مواعظ منها :
·
"
ديوان نظم
" مطبوع .
·
"
قصائد القطب
" مخطوط .
·
"
القصيدة الحجازية
" مخطوط .
·
"
قصيدة المعجزات
" مخطوط .
·
"
قصيدة بائية
" ضمن مجموع قصائد ، مخطوط
.
·
"قصيدة بدر
" مخطوط .
·
"
مجموع قصائد و أجوبة
" مخطوط .
14- في
الخط :
·
"
كتاب الرسم
" ، مطبوع .
15- مواضيع
مختلفة :
·
"
تفسير ألغاز " مطبوع.
·
"
خطبا العيدين
" مخطوط .
·
"شرح المخمسة " مخطوط .
·
"
شرح لغز الماء
" مطبوع ، و هو حل للغز نال به وساما
عالميا ، عجز عن حله علماء العالم.
16- الأجوبة و الردود و الفتاوى :
له من الأجوبة و الفتاوى عدد هائل ، جمع بعضها الشيخ
عمر بن يوسف اليسجني ، و لا يزال أغلبها مخطوطا ، و متفرقا بين المكتبات ،
و تعد مرجعا فقهيا هاما ، خاصة في نوازل عصره ، نذكر منها ما يلي :
·
"
أجوبة لأهل عمان
" مخطوط .
·
"
جواب أهل زوارة " مطبوع .
·
"
جواب إلى محمد بن
عبدالله الخليلي " مخطوط .
·
"
جواب مشايخ مكة
" مطبوع .
17- رسائله
:
راسل القطب علماء من مختلف مدن الجزائر ، و من خارجها
، راسل من البحرين ، و الحجاز و عمان ، و مصر ، و تونس ، و جبل نفوسه ، و جربه ، و
الجزائر ، و فاس ، والقسطنطينية ، و بعض العواصم
الأوربية .
و لو جمعت هذه الرسائل لألفت مجلدات فيها من أنواع
العلوم ، و الأخبار التاريخية الهامة ، ما يصلح لدارسات
أكاديمية متخصصة ، نذكر منها على سبيل المثال :
·
"
رسالة إلى الوالي
العام الفرنسي بالجزائر " : مؤرخة في ربيع الأول 1304هـ بقسنطينة ، محفوظة في أرشيف إكسأونبروفونس.
·
"
مجموع الرسائل
" مخطوط .
·
"
مجموع رسائل بين القطب
و الإدارة العامة الإستعمارية "
مخطوط .
شخصيته
هذه الشخصية الموسوعية كانت نادرة العصر في رسوخها و
عطائها العلمي ، و لم يقصر الشيخ جهوده في هذا المجال بل اهتم بالإصلاح الاجتماعي ،
و محاربة الجهل و البدع ، و تولى رئاسة مجلس العزابة
ببني يسجن .
كما تولى منصب القضاء ، ثم اعتزله لما بسط الاستعمار
الفرنسي نفوذه على منطقة ميزاب سنة 1882م
.
و كان
القطب عدوا عنيدا لفرنسا ، و ممن وقف بقوة في وجه الاحتلال ، و دعا إلى مقاطعة
المستعمر ، و عدم التعامل معه ، و يذكر أنه نصب خيمة في حومة الدبدابة بين غرداية و بني يسجن،
احتجاجا على دخول فرنسا المنطقة .
و كان حريصا على وحدة المسلمين
، يعصره الألم على ما آل إليه أمرهم ، من فرقة وهوان ، وذل واستعمار ، يدعو
بالنصر للمجاهدين في كل بلاد العالم الإسلامي .
وقد دفعه هذا التصور إلى أن يعيش على أمل التخلص من
المستعمرين ، و أن يفكر في المشاركة بما يستطيع لتحقيق
هذا الأمل ، فجعل الجهاد جزءا من رسالته في الحياة كما يقول :
لولا ثلاث هن تعليم جاهل*** و خدمة ربي والجهاد
لذي الكفر
لما كنت أخشى الموت و الموت لازم*** و إلا
فما الحياة و المرء في قهر
و كان مؤيدا للخلافة العثمانية - على ما داخل نظامها من انحراف - لأنها كانت تمثل وحدة المسلمين.
له مراسلات مع السلطان عبدالحميد الثاني ، و غيره كسلطان زنجبار ، و إمام عمان
.
و كان معتزا بإسلامه غيورا على دينه ، فقد أهديت له
النياشين و شهادات التقدير من مختلف سلاطين العالم الإسلامي ، و بخاصة لما أجاب على
لغز الماء ، فقبل هذه الهدايا إلا نيشان الحاكم الفرنسي ، فإنه لما جاء ممثل
الحكومة ليوشح صدر الشيخ به ، قدم له طرف ردائه السفلي
ليعلقه عليه ، و لما سئل عن ذلك قال : " الإسلام يعلو و لا يعلى عليه " .
وقد طبع جمعية التراث رسالتين للماجستير في فكره ،
الأولى للباحث المرحوم جهلا ن عدون بعنوان
" الفكر السياسي عند الإباضية
من خلال آراء الشيخ اطفيش "
، و الثانية للباحث مصطفى بن الناصر وينتن بعنوان
" آراء الشيخ امحمد بن يوسف
اطفيش العقدية "
.
شهد له بالرسوخ في العلم علماء كثيرون منهم الشيخ محمد
عبده ، والشيخ زيني دحلان ، و بعض علماء
الحجاز.
ولقبه الشيخ نور الدين السالمي – مجدد العلم بعمان – ب"قطب الأئمة
" ،
فاشتهربهذا بعد ذلك .
توفي بمرض دام أسبوعا ، بعد
أن قضى قرابة قرن في الجهاد العملي و الإصلاح الاجتماعي .
المصدر : معجم أعلام الإباضية من
القرن الأول إلاى العصر الحديث قسم المغرب الإسلامي ،
تأليف الأستاذ محمد بن موسى باباعمي و آخرون ، جمعية
التراث لجنة البحث العلمي ، دار الغرب الإسلامي