طعون سيد في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

 

أ - طعنه في عثمان رضي الله عنه:

 

وقبل أن أذكر طعنه في عثمان، أود أن تعرف ـ أخي الكريم ـ نبذة يسيرة عن هذا الصحابي الجليل، فأقول؛ هو عثمان بن عفان القرشي الأموي، تزوج رقية بنت رسول - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وما تت عنده ، ولما ماتت رقية زَوَّجه النبي - صلى الله عليه وسلم -  أختها أم كلثوم وتوفيت عنده أيضاً، ولا يعرف أحد تزوج ابنتي نبي غير عثمان رضي الله، ولذلك سمي ذو النوري، فهو من السابقين الأولين وأول من هاجر، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  وهو عنهم راض، وأحد الصحابة الذين جمعوا القرآن، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -  لابنته أم كلثوم لما زوجها عثمان : ( إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد ) رواه ابن عدي.

وقال عنه النبي- صلى الله عليه وسلم -:ـ ( إن لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان ) أخرجه الترمذي وصححه وأخرج أحمد بسنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -  قال لعثمان ( يا عثمان إن الله مُقمِّصُك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه حتى يخلعوه ) ـ وفي لفظ ـ (فلا تخلعه حتى تلقاني) [والقميص هو الملك، ولقد اندس في صفوف المسلمين رجل يهودي تسمى بالإسلام يقال له عبد الله بن سبأ فألب الناس على عثمان بحجة إنكار المنكر، فبث معائب عثمان المفتراة بين المسلمين حتى ملاء قلوب كثير من الناس الغيظ على عثمان رضي الله عنه، فانبرى جماعة من المنافقين ومن بينهم بعض المسلمين المغرر بهم لقتل عثمان رضي الله عنه حتى حاصروه في بيته أياماً ثم دخلوا عليه وقتلوه صابراً يقرأ القرآن، وأخرج الترمذي وصححه، أن عثمان قال يوم الدار:ـ (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -   عهد إلي عهداً فأنا ممتثل له وصابر عليه  إن شاء الله فصبر حتى قتل رضي الله عنه شهيداً) وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال:ـ ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -  فتنة فقال:ـ (يقتل فيها هذا مظلوماً) وأشار إلى عثمان، وأخرج الترمذي وحسنه النسائي عن ثمامة ـ أنه لما جاءت ثلة المنافقين إلى دار عثمان وحاصروه في داره ومنعوه الخروج حتى إلى الصلاة في المسجد يريدون قتله ـ أشرف عليهم عثمان فقال:ـ ائتوني بصاحبيكم الذين اللبا عَليَّ فجيء بهما فقال:ـ أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وليس بها ماء يتسعذب إلا بئر رومة فقال - صلى الله عليه وسلم - ( من يشتريها ويجعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة) فاشتريتها من مالي، وأنا اليوم أمنع أن اشرب منها حتى أشرب من ماء الملح؟ قالوا: اللهم نعم، قال أنشدكم الله أتعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال - صلى الله عليه وسلم - ( من يشتري بقعة آل فلان فيزدها في المسجد بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي، وأنا اليوم أمنع أن أصلي فيه ركعتين؟ قالوا اللهم نعم. قال:ـ أنشدكم الله هل تعلمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من جهز جيش العسرة وجبت له الجنة وجهزته؟ قالوا: اللهم نعم. قال وأنشدكم الله هل تعلمون أني كنت على ثبير مكة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض فركضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجله وقال:ـ أسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيد، قالوا اللهم نعم فقال:ـ الله أكبر شهدوا لي بالجنة ورب الكعبة.

 

طعن سيد في عثمان رضي الله عنه ـ وجعل خلافته فجوة في الخلافة الإسلامية فقال

 

( ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي رضي الله عنه امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما) [ لعدالة الاجتماعية 206 ط 5].

وقال عن الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه ( وليس بالقليل، ما يشيع في نفوس الرعية إن حقاً وإن باطلاً أن الخليفة يؤثر أهله ويمنحهم مئات الألوف ويعزل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ليولي أعداء رسول الله، ويبعد مثل أبي ذر لأنه أنكر الترف الذي يخب فيه الأثرياء ... فكانت النتيجة أن تثور نفوس ... الذين أشربت نفوسهم روح الدين إنكاراً وتأثماً، وتنحل نفوس الذين لبسوا الإسلام رداء، ولم تخالط بشاشته قلوبهم، والذين تجرفهم مطامع الدنيا) [ العدولة الاجتماعية 161 ط 12 ].

فانظر يا أخ العقيدة والدين كيف تجرأ سيد على خليفة المسلمين بأنه يوزع المال ويصرفه لأهله وأرحامه دون بقية المسلمين، واتهمه أنه يعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله !! ومن هم الذين ولاّهم ؟ّ إنهم علي بن أبي طالب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وهم من خيرة أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -  .ثم نراه يتهم عثمان بأنه؛ هو الذي أبعد أبا ذر مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمره بالعزلة قبل موته، وفي الوقت الذي يصم فيه الصحابة الذين ولا هم عثمان - رضي الله عنه -  بأنهم أعداء رسول الله، نراه يمدح المنافقين الذين قتلوا عثمان بقوله:ـ (الذين أشربت نفوسهم روح الدين إنكاراً وتأثماً). والنبي - صلى الله عليه وسلم -  يقول لعثمان ( تقتلك فئة المنافقين) مع علمه ـ أي سيد أن الذين قتلوا عثمان هم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي، ثم يختم كلامه باتهام خطير لأصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -  الذين كانوا مع عثمان بأنهم من الذين ( لبسوا الإسلام رداء ولم تخالط بشاشته قلوبهم) فيصف علي ، ومعاوية، وعمر بن العاص .. ومن معهم من الصحابة بأن دخولهم في الإسلام كان تستراً وإلا لم تخالط بشاشته قلوبهم، وفيهم ممن هو من العشرة المبشرين بالجنة.

ويواصل "سيد" الطعون في ثالث الخلفاء الراشدين قائلا في حكم عثمان (... ولقد كان الصحابة يرون هذا الانحراف عن روح الإسلام فيتداعون إلى المدينة لا نقاذ الإسلام، وإنقاذ الخليفة من المحنة، والخليفة في كبرته وهرمه لا يملك أمره من مروان، وإنه لمن الصعب أن نتهم روح الإسلام في نفس عثمان، ولكن من الصعب كذلك أن نعفيه من الخطأ الذي هو خطأ المصادفة السيئة في ولا يته الخلافة وهو شيخ موهون تحيط به حاشية سوء من أمية). [ العدالة 159 - 160 ص 12].

لقد رمى سيدُ عثمانَ بالانحراف عن روح الإسلام، ثم خاف ردة فعل الغيورين فاضطر إلى المخادعة بقوله (وإنه لمن الصعب أن نتهم روح الإسلام في نفس عثمان ) ثم أصر على معاقبته بالانحراف عن روح الإسلام بقوله:ـ ولكن من الصعب كذلك أن نعفيه من الخطأ ...) ثم ختم مقالته بسب الصحابة الذين هم حول عثمان بقول ( ... تحيط به حاشية سوء من أمية ..) من هم حاشية السوء؟!! ( سبحانك هذا بهتان عظيم).

ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بأنه ثقلة فئة المنافقين فاندس عبد الله بن سبأ اليهودي، وحرض بعض المسلمين وأكثرهم من المنافقين على قتل عثمان – رضي الله عنه -  فيقول سيد في هذه الحادثة الشعواء:ـ

( وأخيراً ثارت الثائرة على عثمان، واختلط فيها الحق بالباطل، والخير بالشر، ولكن لا بد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام، ويستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرر أن تلك الثورة في عمومها كانت أقرب إلى روح الإسلام واتجاهه من موقف عثمان، أو بالأدق من موقف مروان ومن ورائه بنو أمية) . [ العدالة 189].

هكذا يصدر الحكم على عثمان، بأن الثورة الجاهلية الهمجية التي قادها ابن سبأ اليهودي في عمومها أقرب إلى روح  الإسلام واتجاهه لأنه هو والسبأيُّون والروافض ينظرون بعين الإسلام. والصحابة والتابعون وعلماء الإسلام لم ينظروا بعين الإسلام ـ بزعمه ـ   ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ).

يا أخوة الدين والعقيدة؟ ألا ترون أن سيداً قد وقع في هوة عميقة بإسقاطه خلافة عثمان ـ كما سبق ذكره ـ وهو الخليفة الراشد، ضارباً بإجماع الصحابة وأهل السنة عرض الحائط، أتظن ـ يا أخي ـ أن هذا سهلاً على نفوس المؤمنين الصادقين؟ كلا كلا كلا !! والله إنه لا يسهل إلا على نفوس الخوارج والروافض، وإن تبحجوا بالإسلام والجهاد، ثم نجد من يقول:ـ إن هذا علوٌ في الأسلوب وسهولة في القلم !!! فلاحول ولا قوة إلا بالله.

 

ب-  طعن سيد بمعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.

 

قال سيد:ـ ( إن معاوية وزميله عمْرواً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب. ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع.وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل. فلا عجب ينجان ويفشل، وأنه لفشل أشرف من كل نجاح ...) [كتب وشخصيات ص 242.] فانظر يا أخي إلى هذا الذي يقال عنه إمام ومجدد!! كيف يصم خيره صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -  بالكذب والغش والخديعة، والنفاق، والرشوة وشراء لذمم، والله إن هذه الطعون لو قيلت في احط الناس خلقاً وديناً لاحمر أنفه وانتفخت أوداجه فكيف يقال هذا لخير الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم نجد من يقول:ـ إن هذا علو في الأسلوب وسلاسة في التعبير !!.

 

الرجوع للصفحة الرئيسية