الشبهة الثالثة
(أن الحق يقبل من قائله كائنا من كان، والباطل يرد كائناً من كان، فنحن نأخذ الصواب وندع الخطاء ).
- الجواب:ـ من
الذي يحدد الصواب والخطأ؟ إن الصواب والخطأ لا يحدده إلا العلماء وطلبة العلم، والعارفين ذلك، أما أن يقرأ كتب سيد
أو من كان على شاكلته ممن وقع في الضلالات وهو جاهل بعقيدة السلف، ويقول آخذ الحق
وأدع الباطل، فإن هذه مراوغة وحيلة شيطانية، فإن كان لا بد قارئاً لكتبه فليقرأ
كتب الذين انتقدوه أولاً، ثم ليقرأ كتبه كما قال ذلك الشيخ محمد بن عثيمين لما سئل
عن قراءة كتب سيد قطب أوصى بقراءة كتب الشيخين عبد الله الدويش رحمه الله، وربيع
المدخلي قبل قراءة كتب سيد [ ارجع
إلى شريط ندوة الشيخين ابن عثيمين وربيع مدخلي عام 1413هـ].
وأهل
السنة كانوا يحرقون الكتب المشتمل أكثرها على البدع والضلالات ولم يقولوا نأخذ
الحق وندع الباطل على إطلاقها، فإن قرؤوا هذه الكتب يقرؤونها للرد عليها، وإلا ففي
الكتاب والسنة غنية عنها.
قال
ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الطرق الحكمية: ( قال المروزي:ـ قلت لأحمد:ـ استعرت
أشياء رديئة ترى أن أحرقه؟ قال: نعم، فأحرقته، وقد رأى النبي - صلى الله
عليه وسلم - بيد
عمر كتاباً اكتتبه من التوراة وأعجبه موافقته للقرآن ، فتمعَّر وجه النبي - صلى الله
عليه وسلم - حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه ) اهـ.
بل
حرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لما خافوا على الأمة الاختلاف،
فكيف لو رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة
الكتب التي صنفت تخالف الكتاب والسنة في العقيدة والمنهج، بل كيف لو رأوا مثل هذه
الكتب التي أو قعت الخلاف والتفرق بين الأمة؟
ثم
قال ابن القيم:ـ ( والمقصود أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها
وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر فإن
ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق الزقاق
) ا.هـ [ الطرق الحكمية ص [581].
قال
الحافظ سعيد بن عمرو:ـ شهدت أبا زرعة وقد سئل عن الحارث المحاسبي، وكتبه، فقال
للسائل:ـ إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما
يغنيك، قيل له:ـ في هذه الكتب عبره، فقال:ـ من لم يكن له في كتاب الله عبره فليس
له في هذه الكتب عبره، بلغكم أن سفيان ومالكاً والأوزاعي صنفوا هذه الخطرات والوساوس،
ما أسرع الناس إلى البدع.اهـ.
قال
الذهبي:ـ مات الحارث المحاسبي سنة 243، وأين مثل الحارث؟ فكيف لو رأى أبو زرعة
تصانيف المتأخرين؟! كالقوت لأبي طالب .. كيف لو رأى بهجة الأسراء لابن جهظم ...
الح) [ الميزان 1/43].
قلت:
رحم الله أبا زرعة والذهبي وأئمة المسلمين الغيورين على السنة المبغضين للبدع
وأهلها، كيف لو رأى هؤلاء الأئمة كتب سيد قطب وأمثاله ممن وقع في مثل ذلك وأعظم.
بل
المصيبة كل المصيبة أن هناك من يدافع عن سيد قطب مع علمه بهذه الزلات التي وقع
فيها، وما حمله على ذلك إلا الحزبية المقيتة، والغلو المفرط، أقول لهذا وأمثاله ما
قاله شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتب أهل البدع من الاتحــــادية وأضرابهم (.. ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أوذب
عنهم، أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم أو معاونتهم، أو كره الكلام
فيهم، أو أ خذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدري ما هو؟.. وأمثال هذه المعاذير،
التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على
القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات، لأنهم افسدوا العقول
والأديان ... وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله، فضررهم في الدين،
أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم ويترك دينهم كقطاع الطريق، وكالتتار الذين
يأخذون منهم الأموال ويبقون لهم دينهم ... الخ. [ الفتاوى 2/132].
لله
درك يا شيخ الإسلام والمسلمين كيف لو رأيت من يستميت في الدفاع عن سيد قطب، ويهمش
أخطأئه بحجة توحيد الصف!!!