الشبهة الرابعة

 

(أن سيد دافع دفاعاً ملموساً حتى يقيم شرع الله سبحانه، ويتحاكم إليه، ومن المؤكد أنه لم يفعل ذلك وهو مبغض للدين بل لا شك أنه محب له فإن وقع منه الزلل والخطأ فلا ننظر إلى هذا الخطأ وندع جهاده الذي يدل على إخلاصه).

 

الجواب  : هو ما قاله الشيخ محمد العثمين حفظه الله في رده على بعض الكتاب الذي ينادي بالكف عن مهاجمة الأشاعرة والصوفيين، معتمداً على بعض الأدلة الواهية فقال الشيخ ابن عثمين:ـ

(...ودعا فضيلتكم إلى الكف عن مهاجمة أتباع المذاهب، والأشاعرة، والإخوان، حتى الصوفيين أصحاب الطرق المعروفة، وعللتم ذلك بأن الجميع يريد وجه الله، ويجمعهم شيء واحد، وهو حب الإسلام، خدمة الدين، ومنهم من يخطيء في الأسلوب، أو في الطريق، ثم دعوتهم إلى أن يوجههم بالحسنى إلى الجادة. ولا ريب أن التوجيه بالحسنى مطلوب، وأن للدعوة إلى سبيل الله تعالى:ـ أربع مراتب ذكرها الله في آيتين :

أولاهما:ـ قوله ـ تعالى ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ).

 

والثانية:ـ ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) وكثير من هؤلاء المخالفين للسلف تقوم عليهم الحجة بأوضح بيان وأفصح عبارة، ولكنهم يعاندون وربما يعتدون، ويستطيلون على أهل الحق بوصفهم بألقاب السوء؛ لينفروا الناس عن الحق الذي هم عليه، ومثل هؤلاء لا يمكن الدعوة إلى مداهنتهم وترك مهاجمتهم؛ لأن ذلك إضعاف لجانب الحق، وذل وخنوع لأهل الباطل.

وأما التعليل الذي ذكرتموه من أن الجميع يريدون وجه الله، ويجمعهم حب الإسلام وخدمة الدين، فلا ريب أن بعضهم يدعي ذلك، ولكن الإخلاص وحده لا يكفي بل لا بد من عمل صالح، ولا يكون العمل صالحاً حتى يكون مخلصاً لله، متبعاً فيه شريعته التي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان قال تعالى ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) فلم يكتف بمجرد إسلام الوجه لله ـ تعالى ـ بل قيد ذلك بقوله (وهو محسن ) ومن المعلوم أن المشركين الذين يعبدون الأصنام ويتخذونهم أولياء كانوا يدّعُون حسن القصد يقولون (مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا). وأن من هؤلاء الطوائف ـ الذين دعوتم إلى ترك مهاجمتهم وزعمتم أنهم يريدون وجه الله ـ من اتخذ من دون الله أولياء يحبونهم كحب الله أو أشد.

ثم إن كان من يدعي أنه يريد وجه الله والدار الآخرة، فإنه غير مقبول في دعواه حتى يأتي بالبينة التي نصبها الله ـ تعالى ـ برهاناً على ذلك، في قوله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم –( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفرلكم ذنوبكم والله غفور رحيم. قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) فمن ادعى أنه يريد وجه الله، وأنه يحب دينه وهو الإسلام، نظرنا في موقفه تجاه الإسلام، فإن كان على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في العقيدة، والقول، والعمل كان صادقاً في دعواه، وإن قصر في ذلك علمنا أنه قد نقص من صدقه بقدر ماقصر فيه.

 

الرجوع للصفحة الرئيسية