جمعية الحياة الخضراء - فرع شمال أمريكا: مشروع تبدل المناخ


التدفء العالمى: الحاجة الى العمل

مفهوم التدفء العالمى تم تصويره من قبل الوكالة الكندية للبيئة كـ "تجربة عالمية شاملة غير مقصودة ولا محكومة من الممكن أن تكون نتائجها النهائية فى المرتبة الثانية لحرب نووية فقط". وبينما يبدو للوهلة الأولى أن هذه مبالغة، فإن النتائج المتوقعة لإرتفاع سريع لدرجة حرارة الطقس العالمى خلال العقد القادم مريعة فى الواقع.

يتم تسخين سطح الأرض بالأشعة الشمسية قصيرة الموجة المنبعثة من الشمس. حوالى ثلث الإشعاعات الواردة يتم عكسها ثانية الى الفضاء فى هيئة أشعاعات تحت حمراء، أى طويلة الموجة. يتم إمتصاص بعض الإشعاعات المنعكسة بواسطة الغازات الجوية الطبيعية والتى تتضمن بخار الماء وثانى أكسيد الكربون والأوزون والميثان وأكسيد النيتروز. فتدفئ تلك الأشعة تحت الحمراء الطقس. ويعرف ذلك بـ "تأثير المسنبت الزجاجى الطبيعى أو التأثير الدفيئى - "natural greenhouse effect لأن تلك الغازات المعروفة بـ "غازات المستنبت الزجاجى (غازات الدفيئة) - "greenhouse gases تعمل بالضبط كمستنبت زجاجى (دفيئة)، فهى "شفافة" للإشعاعات قصيرة الموجة الواردة لكنها "معتمة" بالنسبة للإشعاعات تحت الحمراء الخارجة مما يؤدى الى عدم تسرب جزء كبير من تلك الأشعة وإنعكاس أكثرية تلك الطاقة إ لى سطح الأرض. لآلاف السنين كان صافى الأشعاعات الشمسية الواردة الى سطح الأرض متوازنا مع صافى الأشعة تحت الحمراء المفقودة مؤديا الى إستقرار الطقس. لكن مع دخول الثورة الصناعية فقد عظم إستهلاك الوقود الإحفورى (fossil fuel) منتجا ما يزيد عن ثمانية آلاف مليون طن من الكربون سنويا فى السنوات الأخيرة التى يدخل معظمها الى الغطاء الجوى فى هيئة ثانى أكسيد الكربون. وأدت الأنشطة البشرية أيضا الى زيادة مادية فى التركيزات الجوية لغازات أخرى لها تأثير دفيئى من ضمنها الميثان وأكسيد النيتروز والـ chloroflurocarbons and halons.

ويدفع علماء الطقس بأن تراكم غازات الدفيئة فى الغطاء الجوى نتيجة للأنشطة الآدمية قد نجم عنه إمتصاص أكبر للأشعة تحت الحمراء الخارجة، وبالتالى إرتفاع فى الحرارة، لأن جزءا من تلك الإشعاعات يعاد بثه الى سطح الأرض. ويدفعوا أيضا بأن زيادة تركيزات غازات الدفيئة مسئولة عن إرتفاع متوسط الحرارة العالمية حوالى نصف درجة مئوية خلال القرن الماضى. لكن أعظم تأثيراتها المدمرة سوف تتضح خلال المائة عام القادمة. وأغلب الدراسات الحديثة توضح أن التأثير الدفيئى يمكن أن يرفع درجة حرارة الأرض بمقدار 1 الى 5.3 درجة مئوية خلال خمسين عاما، مع تسارع نشط للإتجاه فيما بعد ذلك. وبينما قد يبدو ذلك كتعديل طفيف فى المناخ إلا إنه يجب تذكر أن متوسط درجة الحرارة الأرض لم يتذبذب قط بأكثر من درجة واحدة مئوية منذ نهاية العصر الجليدى الأخير.

تبعات التدفء العالمى ممكن أن تكون وخيمة:

إرتفاع منسوب البحار

ذوبان القمم الثلجية والتمدد الحرارى لمياه المحيط من الممكن أن يتسبب فى رفع منسوب مياه البحار بخمسين قدم أو أكثر، مما يؤدى الى إغراق حوالى إثنى مليون ميل مربع من الأراض الساحلية وهى منطقة تعادل مساحة أوروبا. وقد تواجه مدن كبرى بالصين، مثل جوانجزهو (كانتون) وشنغهاى، خطر الإغراق مما يؤدى الى تشرد أكثر من ستا وسبعين مليون نسمة. والبنجلادش قد تتعرض الى غمر 15% من أراضيها بالفيضانات مما يعرض للخطر ست وسبعين مليون نسمة. والدول الأكثر تعرضا للكوارث سوف تكون البلدان الجزرية الصغيرة مثل الملاديف وجزرالمارشال. وفى بعض التوقعات فإن جزرا بأكملها، معظمها ترتفع عن سطح البحر بثلاثة أمتار أو أقل، سوف تغرق.

إتجاهات عنيفة للطقس

يمكن أن يؤدى نسق التدفء العالمى فى النهاية الى زيادة 50% فى الأعاصير والعواصف الإستوائية مع إزدياد حدة هذه الأحداث بـ 70%.

الجفاف

يمكن أن ينقص التدفء درجة رطوبة التربة بدرجة كبيرة فى أنحاء كثيرة من العالم وأن يغير الأنمطة الحرارية، مما يؤدى الى قحط شديد فى كثير من الدول النامية وأيضا تدنى الناتج المحصولى.

تهديد ألأنواع النباتية والحيوانية

يمكن أن تتعرض أنواع كثيرة من النبات والحيوان للتهديد بالتغير السريع لدرجات الحرارة. فعلى سبيل المثال، أوضح الباحثون بمركز سكريبس لعلوم المحيطات أن دفء المحيطات من الممكن أن يكون سببا فى إنخفاض قد يصل الى 80% من العوالق الحيوانية (Zooplankton) بالمحيط الهادى مما يعرض للخطر أنواعا كثيرة من الطيور والأسماك التى تتغذى عليها. ومصير الأنواع الأرضية قد لا يكون أفضل. إرتفاع الحرارة قد يؤدى حتما الى تناقص 50 - 90% من الغابات الشمالية. والكثير من الأنواع الحيوانية التى لا تستطيع التأقلم بسرعة مناسبة للحرارة المرتفعة قد تتعرض أيضا للفناء.

زيادة معدل حدوث الأمراض

زيادة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية قد تؤدى الى 50 - 80 مليون حالة جديدة من الملاريا سنويا، متضمنة إنتشار المرض فى الولايات المتحدة الأمريكية وشمال أوروبا. أما فى الدول النامية، فإن مئات الألوف الإضافية من ممكن أن تقضى بسبب أمراض مثل البلهارسيا، ومرض النوم، وحمى الدنج والحمى الصفراء.


ردود الفعل الحكومية لإتجاهات التدفء العالمى

كان رد الفعل الرئيسى للحكومات نحو تلك الإحتمالات (السيناريوهات) المخيفة أنها تبنت المعاهدة الهيكلية للأمم المتحدة للتغير المناخى (United Nations Framework Convention for Climate Change, UNFCC) عام 1992 وهو أحد إفرازات مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية والبيئة United Nations Conference on Environment and Development . وتحت تلك المعاهدة تحمل المنتجون الكبار لغازات الدفيئة تعهدات غامضة للعمل على الإقلال من تلك الإصدارات لمستويات 1990 بنهاية هذا القرن. ولكن تظهر الأدلة الحديثة أن معظم الدول الصناعية قد فشلت فى إحراز تقدم نحو تحقيق حتى هذه الأهداف المتواضعة. ففى الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، فإن إصدارات ثانى أكسيد الكربون قد إرتفعت بنهاية 1994 فوق الأهداف المحددة لعام 2000 . وفوق كل ذلك خلصت الهيئة العالمية للطاقة (International Energy Agency) الى أن إصدارات الدول الصناعية سوف تزيد بمقدار 11 - 24% خلال الخمس عشر عاما القادمة. وحينما يتواكب هذا مع الزيادة الهائلة المتوقعة فى إنتاجية تلك الغازات بالدول النامية كالصين والهند فإننا يمكن أن نصل قريبا الى ما يعتقد الكثير من خبراء الطقس أنه العتبة الحرجة: تضاعف إصدارات ثانى أكسيد الكاربون مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وقد إجتمع الموقعون على المعاهدة الهيكلية للأمم المتحدة للتغير المناخى قريبا فى برلين ووافقوا على إقامة لجنة خاصة (ad hoc committee) لصياغة عروض للإقلال من الإصدارات بعد عام 2000 ولكن رفضت معظم البلدان الأساسية مثل الولايات المتحدة واليابان وكندا بصورة قاطعة إقتراحا من تجمع بلدان الجزر الصغيرة يلزم المنتجين الأساسيين لغازات الدفيئة بالإقلال من إصداراتهم من ثانى أكسيد الكربون بنسبة 20% على الأقل بنهاية عام 2005 . ولذا من الممكن إتضاح أن اللجنة الخاصة ليست أكثر من قناع أو صورة صممت لتفادى التضحيات المستوجبة لجعل المعاهدة الهيكلية للأمم المتحدة للتغير المناخى (UNFCC) أداة جيدة لإتخاذ السياسات.

فبينما كانت تستطيع الدول الصناعية فى الماضى التخفى خلف حجة أن نماذج الطقس العالمى ـ وهى برامج تستطيع التنبؤ بدرجات الحرارة طبقا لمعطيات معينة - ما هى إلا أدوات غير دقيقة للتنبؤ بالإتجاهات الماضية والمستقبلية، فإن ذلك غير صحيح. فقد أوضحت دراسة حديثة لمركز هادلى للأبحاث والتنبؤات الطقسية (Hadley Center for Climate Prediction and Research) بالمملكة المتحدة أن تلك النماذج إستطاعت إستنباط سجلات درجات الحرارة التاريخية منذ عام 1860 حتى الآن بما لا يتجاوز عشر (10/1) درجة مئوية من الدرجات الفعلية المسجلة. وإستنبط باحثو مركز هادلى أن إرتفاع درجات الحرارة خلال القرن القادم قد تكون ضعف ما تستطيع المنظومة البيئية تحمله.

وبالإضافة لذلك فإن درجة الحرارة على مستوى العالم قد إرتفعت فوق المتوسطات طويلة المدى للثمانية عشر عاما الأخيرة، مما يدحص النظرية التى تدعى أن تلك الإرتفاعات الحديثة ما هى إلا جزء من تغيرات الطقس الطبيعية. والزيادة الكبيرة فى معدلات التغيرات الطقسية العنيفة مثل الأعاصير والزوابع تدعم أيضا تنبؤات النماذج الطقسية. الوقت الملائم بالنسبة للعالم الصناعى لإتخاذ تعهدات جدية للإقلال من إعتمادنا على الوقود الإحفورى والمواد الأخرى التى تسهم فى التأثير الدفيئى هو الآن. ففى مرحلة ما فإن تجمع تلك الغازات فى المجال الجوى سوف يدفعنا الى نقطة اللاعودة لإيقاف التجربة العلمية الهائلة ورغم ذلك طائشة لأن لها تبعات مدمرة على العالم ككل.


نشاطات الجمعية المرتبطة بالتدفء العالمى:

تمهيد التدفء العالمى (Global Warming Primer) : نشرت جمعية الحياة الخضراء - فرع شمال أمريكا كتيبا تمهيديا عن التدفء العالمى كجزء من سلسلتها International Environmental Law and Policy Occassional Paper Series. وهذا الكتيب التمهيدى يهدف الى تقديم صورة عامة لغير المتخصصين عن مواضيع النزاع المتعلقة بالتدفء العالمى.

المبادرة الصائبة علميا Sound Science Initiative لإتحاد العلماء المعنيين Union of Concerned Scientists (UCS): جمعية الحياة الخضراء - فرع شمال أمريكا عضو فى مكتب الناطقين بإسم إتحاد العلماء المعنيين UCS's Speakers Bureau بالإضافة الى المبادرة الصائبة علميا الخاصة بالإتحاد التى تهدف الى تحدى المعلومات غير الدقيقة المتعلقة بتغير الطقس، ضمن أشياء أخرى، التى تنشر فى وسائل الإعلام.

مشروع البلدان الجزرية الصغيرة Small Island States Project : تخطط جمعية الحياة الخضراء - فرع شمال أمريكا لنشر تحليل عن البدائل التى قد تتوفر أمام البلدان الجزرية الصغيرة فى نطاق القانون الدولى لإجبار كبار منتجى غازات الدفيئة على الإقلال من تلك الإصدارات. وسوف تسعى جمعية الحياة الخضراء الى توزيع تحليلها على صانعى القرار بما فيهم الموقعين على المعاهدة الهيكلية للأمم المتحدة للتغير المناخى (United Nations Framework Convention for Climate Change, UNFCC) .


مصادر أخرى للمعلومات عن التدفء العالمى:


جمعية الحياة الخضراء - فرع شمال أمريكا، greenlife.society@worldnet.att.net

الرجوع الى الصفحة الأساسية.