بسم الله الرحمن الرحيم

معرض الفن السعودي

إن مفهوم الفن عند أهل المملكة العربية السعودية مفهوم جديد فلا يزال الكثير يعتقدون أن الفن هو فقط الغناء والطرب والتمثيل ، ولو رجعنا الى المفهوم اللغوي القديم السائد عند العرب لمفهوم الفن لوجدناه أنه بالإضافة الى الغناء والتمثيل مرتبط بالحرف والصناعات التقليدية المعروفة عند أهل الجزيرة العربية. وهم الذين جاء فنهم ممزوجا بحياتهم واحتياجاتهم اليومية بناء على ماجاء في تعاليم دينهم الحنيف الذي حضّ على الاتقان في العمل وحب الجمال ( إن الله جميل يحب الجمال ).

بخلاف مفهوم الفن عند الغربيين الذين فصلوه عن الحرف والصناعات اليدوية ووصفوه بأنه : انتاج فكري أو ذهني محض وليس كالمصنوعات الحرفية واليدوية التي لا يتطلب انتاجها الفعلي إلا إلى جهد عضلي أو جسمي فقط. وذلك على حد تعبيرهم.

ومع انتشار الفن الغربي بمدارسه المختلفة تسرب ذلك المفهوم إلينا وبدأ الفن بمفهومه الحديث والمختلف علينا في أسسه وصياغته ومعطياته مع ما تم استيراده من الغرب تحت مسمى الحداثة، فقد تغير نمط الحياة عندنا وأصبح النموذج الغربي مثل يحتذى به .

ولقد كان للطفرة الاقتصادية أيضاً الأثر الكبير في استجلاب كل ما هو جديد وعصري من الغرب حتى التعليم في العالم العربي الذي أخذ يدرس النظريات والمفاهيم الغربية من خلال المناهج المختلفة بما فيها مفهوم الفن الغربي .

وكانت المادة التي تدرس هي مادة الرسم والأشغال اليدوية ، حيث ينفصل الفن وهو الرسم عن الحرف اليدوية وهي الأشغال ، وفي بلادنا كان يقوم بتدريس هذه المادة مدرسون مستقدمون من الدول العربية وكانوا قد تتلمذوا على المنهج الأوروبي للفنون في بلدانهم .

ونتيجة للفصل الذي حصل في المفهوم الفني فقد اعتبرت الحرف اليدوية في مرتبة أقل من مجالات الفنون التشكيلية اعتماداً على المفهوم الجديد للفن .

ولقد كان للانفتاح الاعلامي على الغرب بوسائل الاتصال المختلفة من صحف ومجلات واذاعات وقنوات فضائية الأثر الذي وفّر الجو للمفهوم الغربي للفن بالوصول الينا وذلك بنشر وعرض صور للوحات بعض الفنانين الغربيين وقيام الفنانين السعوديين بالسفر الى أوروبا للتتلمذ في معاهد وجامعات غربية وتقليد الفن الغربي بمدارسه المختلفة ،كل ذلك كون اللبنة الجديدة لمفهوم الفن العربي السعودي الحديث .

وأنا من هذا المنبر أدعو الجميع الى التبصر بالمفهوم الحقيقي للفن والاعتماد على ماجاء في تراثنا العربي والإسلامي من فنون وحرف وصناعات أثرت في تاريخ الفن حتى أن الأوروبيين يدرسون ويحللون هذا الفن العربي الإسلامي العظيم ، فحري بنا نحن أن نفعل وعلى رأي المثل ( جحا أولى بلحم ثوره ).

طارق بكر قزاز