Know a Little More About Me Lebanon - Fairouz - A message As simple as Life Medical Texts - Pediatrics Texts Email Me

 

 

 

2002/11/12

logo.jpg (5438 bytes)

 

 

culture



رحيل أم ملحم ثاني ثنائي الشاشة الفضية
لم تعد الشاشات للمصالحة والتسامح

زهير هواري


 
لم تنزو سلوى فارس الحاج الحداد، أم ملحم، منذ وفاة زوجها أبي ملحم في العام 1986. انزويا معا قبلها عندما بدأ برنامجهما يذوي على شاشة تلفزيون لبنان. كان ذلك مع اندلاع الحرب الأهلية في البلد، حيث لم يعد كلام <<المصالحة>> أو المسامحة واردا. كانت لغة المدافع هي السائدة. راحت تغور في حمى المعارك لغة التدخلات الأهلية التي <<تضبط>> المشكلة عند حدود لا تتعداها، عبر شخصية أبي ملحم، القادرة أبدا على وضع الأمور في نصابها، قبل أن تصل الى المحاكم أو القضاء. صار الحكم حينها للسلاح، للمدفعية الثقيلة و<<التطهير>> بالمعنى اللبناني، فلم يعد لأبي ملحم وزوجته محل.
لم يبق أبو ملحم وأم ملحم في بيتهما الحجري الصغير في الحي الغربي لعاليه. بيتهما كما بيوت آخرين أكلته النيران، نار عاليه من جهة ونار عين الرمانة الملاصقة لها في أسفل الوادي من جهة ثانية. لم يعد الثنائي يظهر على الشاشة الفضية. يومها لم تكن سوى شاشة تلفزيون لبنان بقنواتها المتعددة. غابت شخصيتاهما في طي الذاكرة. كانت أم ملحم شريكة أديب حداد وزوجته في الوقت ذاته نقيض شخصه التمثيلي تماما. كان أبو ملحم رجل التسويات والمعالجات الهادئة، وكانت أم ملحم تحضر صينية القهوة على عادة نساء القرى، وفي الوقت نفسه تطلق للسانها العنان في إدانة هذا المنحى، رافضة التعدي على نحو صارخ، فالأمور بالنسبة إليها، كانت تشبه لونين فقط، أحدهما أبيض والآخر أسود. بهذا المعنى لم يكن بمستطاع موقف على هذا النحو الدخول من مدخل البحث عن حل للمشكلة. كانت دوما تنحاز لطرف، وبديهي أن يكون انحيازها لللطرف الذي ترى أنه قد تعرض للإجحاف. موقف من هذا النوع يفتح على مشكلة وليس على حل. لم يكن أبو ملحم موافقا لها، لكنه لم ينهرها. يعتمد النفس الطويل، وتبيان الحقائق تمهيدا لإعادة الجاني المتهم المعتدي الى جادة الصواب. وكان الشخص الذي يلعب مثل هذا الدور دوما هو إيلي صنيفر. ودوما كانت المعالجة تنجح.
كان يومها عصر التلفزيون الجميل. عندما لم تكن هناك فضائيات، ولم يكن هناك أيضا ما يشبه <<الكباريهات>> داخل الأستوديوهات. كانت القيم بسيطة، ربما <<ضيعوية>> أيضا. لذلك عندما كان يحيك أبو ملحم شخصيات مسلسله المعروف <<يسعد مساكم>> كان يغرف من محيطه في عاليه وجوارها وأي قرية. لم يستطع أن يقارب حياة المدن بصخبها السياسي والاجتماعي والاقتصادي وصراعاتها وتناقضاتها. كانت حكاياه بسيطة الى حدود ضيقة، وهو أمر لم يخرج عنه الرحابنة أيضا في الكثير من أعمالهم، التي ظلت مشدودة الى اعتبارات تقليدية في رؤية الكيان اللبناني. كيان نشأ على قاعدة القرى. كأن المدن لا وجود لها، باعتبارها مجتمعا كبيرا لا يمكن الإحاطة به، أو مقاربته مسرحيا أو تمثيليا.
لم تنبع شراكة أم ملحم مع أبي ملحم من مسلسل تلفزيوني أو حلقة إذاعية، بل من الحياة نفسها، الحياة التي عاشاها وربيا عليها. فقد درست سلوى حداد في الجامعة الوطنية في عاليه، التي اشتهرت من صيت الناقد الكبير مارون عبود، وهناك تعرفت على أديب حداد الذي تولى التدريس في تلك <<الجامعة>>، وعندما تخرجت منها أصبحت مدرّسة فيها، مثلها مثل أديب حداد ابن عاليه، ثم تزوجا في العام 1943 أو 1941 كما يذكر. كانت كل العوامل الخاصة والعامة تدفع نحن القيم التي عبرا عنها معا عبر 718 حلقة تلفزيونية. فأديب حداد جاء من ثقافة شعبية بالمعنى الفعلي للكلمة، كان ينشر الأشعار الزجلية ويقولها، وعندما نشأت الإذاعات والتلفزة عمل بهما، كما مثلت زوجته أم ملحم منفردة في فيلمين لفيروز.
كان النص الذي يكتبه أبو ملحم للحلقة، أي حلقة هو من صناعته دون سواه، وبعض عالمه الذي ربي عليه. عاشا معاً قلباً وقالباً. لذلك لم يكن هذا الثنائي في حياته التي تبدو على الشاشة متنافرة رغم حدود الخلافات بين الشخصيتين. كانت <<الحكمة>> البلدية تنتصر دوماً على <<النزق>>، لذلك تجد المشكلات حلاً لها ومصالحة على فنجان قهوة. كان لبنان الذي عبرا عنه، متماثلاً الى حدود الدهشة مع مثالية لا يحملها سوى المغتربين، الذين يرحلون، أو يبتعدون ليصبح كل ما حملوه في الذاكرة عبارة عن أغنية وموال وحفلة زجل وحياة هانئة، سرعان ما تعود إلى سيرتها بعد تعكر عارض.
أم ملحم تغادر اليوم، (أمس)، بعد ان غادرنا أبو ملحم في العام 1986، أي قبلها بستة عشر عاماً. رعيل من ابطال الشاشة الفضية قضى بين رحيلين.. لم يعد للبنان القديم صورة، كذلك لا صورة للبنان الجديد أيضاً. كأن هذا الوطن عندما خسر ممثليه فقد ركائزه، لأنه لم يستطع ان يطور شخصياته التراثية، يقولبها مع حداثة عاصفة، تهب عليه من حيث يدري ولا يدري.. ابو ملحم، ام ملحم، ومصالحة ومسامحة تذوي على الشاشة كما على أرض الواقع.. وأرض لا تجد سوى <<كسر العظم>>. كأن الحكمة غادرت بوطن البخور والعسل.. أو كأن هذا المكان غادرها، تاركاً المجال متاحاً وواسعاً لصراعات لا تنتهي ولا تجد حلاً لها.. فقط تراكم.. تراكما <<يبشر>> بانفجار، كالذي اودى بالمستقر الذي كان فيه الثنائيان أبو ملحم وأم ملحم.. الحي الغربي في عاليه.. الحي الشرقي لعين الرمانة وسوق الغرب.. حياة تذوي.. كما في الميثولوجيات القديمة، حيث التطهر لا يتم الا بالماء والدم والنار فقط.. وما يتبقى ليس سوى قوافل من الراحلين وذاكرة تلاحق صمت الموت للناس والأمكنة والقيم المتواضعة.
 
... الى منتدى الحوار
Discussion Forum

أم ملحم.. رجاحة تاء التأنيث والعقل معا

عناية جابر


 
حتى أنها انتصرت على شائعة موتها. سلوى حداد، من كثرة ما تقمصت شخصية أم ملحم في مسلسل <<يسعد مساكم>> استعصى اسمها الحقيقي على الكثيرين. اسمها <<ام ملحم>> فحسب السيدة التي غابت عنا أمس. وكلما تردد هذا الاسم، تخيّل السامع امرأة تابعة لزوجها ولو ان الوقائع اثبتت العكس دائماً، لأن الحلقات المتتالية التي ارسلت على مدى طفولتنا وصبانا، عبر شاشة <<تلفزيون لبنان>> قوضت دعائم سلطة الذكر، لصالح سلطة الأنثى التي كانت المبادرة الى البيوتات البسيطة لحل إشكال أو قضية. هكذا راحت ترفع صوتها في وجه ايلي صنيفر وسليمان الباشا وغيرهما من ذوي <<الشنبات>> المشهودة، كرسائل ذات مقصدين، فهي موجهة في الأساس الى زوجها الذي راح حضوره يلتحق بحضورها، من دون ان ينتفض، الا لماماً، في الحلقات التي لُوّنت في ما بعد، بعد عروضها الأولى بالأسود والأبيض، ذلك ان أبا ملحم بقي مسوداً ومبيضاً في المواقف/ النقائض، التي حشرته في زمن واحد. في حين ان أم ملحم بدت متسلقة حداثة الألوان التي جددت صورتها، واضافت الى صوتها <<الجهوري>> الحاسم، المسويّ هنات ولحظات أخلاقية صرفة للسيد أبي ملحم، بشرواله ولبادته القطنية، وشعره الأشيب ونبرته ذات الايقاع الأخلاقي.
لعل الكثيرين لا يذكرون ان أم ملحم لم تكن أصلاً في البرنامج، بل فرعاً بدلاً من الأصل. ذلك ان مفارقة غياب الممثلة التي لعبت قليلاً دور زوجة أبي ملحم في الحلقات الاولى مهد لحضور زوجته في الحياة. وهي على جري عادتها التلفزيونية في نجدة زوجها وسماع استغاثاته الداخلية، لبت حاجته الى <<البديلة>> بسرعة أنثوية قياسية، لتستوي سيدة الأماسي.
تاء التأنيث لملكة برنامج <<يسعد مساكم>> انتفضت أمام الذكورة المدحورة، الراضية بهناءة الهمس، بكل التسويات والخلطات اللغوية، لعلها تقف حائلا حيال انفجار بين طرفين متخاصمين، أو ظلم يحيق بأحدهم.
لم تكن أم ملحم أساساً، وصارت أساسا بعينيها الزيتونيتين ومكياجها الذي لم يخش تغضن الوجه ولا الرقبة، ولا تصفيفة الشعر الذي ارتفع كهرم في فضاء ملتبس ببناءاته الاولى. ليس صحيحا أيضا، ان الحلقات متشابهة في <<يسعد مساكم>>. فالتي رحلت بعد رحيل زوجها بسنوات طويلة، بقيت تلوّن الحلقات بمناخات جلسات فناجين القهوة او الاستطرادات والاستهلالات والترحيبات خارقة جدران الموضوع الواحد، بتلوينات حضور الشخصية الذكورية، وهي تتأبط حقيبة يدها مذكرة بواحدة من ابرز شخصيات الرسوم المتحركة (زوجة باباي) أو زوجة ميكي. غير انها لم تكن فأرة ولا سنجاباً على غصن السيد أبو ملحم، بل أشبه ما تكون بثمرة جوز الهند، اذا ما وقعت على رأس فجته.

نقابة الممثلين تنعى أم ملحم


 
جاءنا من نقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون في لبنان بيان النعي التالي:
توفيت صباح اليوم الممثلة سلوى حداد عن عمر يناهز السابعة والثمانين عاما. والفقيدة رافقت الممثل الشهير أديب حداد زوجة وممثلة في رحلة العمر حيث شاركته في أعمال تلفزيونية وسينمائية كانت مؤثرة وغنية بالمعاني والصور والافكار الاجتماعية.
سلوى حداد وإن كانت مقلة في المشاركات المسرحية الأولى في الأربعينات الا انها في الذاكرة الشعبية اللبنانية احتلت مساحة جدية ورصينة في البرنامج التلفزيوني الشهير <<يسعد مساكم>> ووقفت الى جانب السيدة فيروز في فيلم سفر برلك للمخرج هنري بركات.
وكانت في العقدين الاخيرين ومنذ أن غاب أديب حداد التزمت الصمت ونادرا ما تحدثت للصحافة أو شاركت في أي عمل فني كما لو أنها اعتزلت الصورة حدادا على رفيقها وشريكها أديب حداد.
سلوى حداد التي كرمتها نقابة الممثلين كواحدة من جيل الأربعينات في يوم المسرح العالمي عام 1996 في مسرح المدينة، لن ينساها جمهور التلفزيون اللبناني وستبقى صورتها في عمق الذاكرة الشعبية اللبنانية حتى أمد طويل.
ينقل جثمانها الساعة الحادية عشرة من صباح الثلاثاء 12 الجاري الى صالون كنيسة مار جاورجيوس للروم الأرثوذكس عاليه ويحتفل لراحة نفسها الساعة الثالثة من بعد الظهر. تقبل التعازي قبل الدفن وبعده ويومي الأربعاء والخميس 13 14 الجاري في صالون الكنيسة ابتداء من الساعة العاشرة صباحا حتى الخامسة مساء.

Fairouz Ultimate Web Site