هذه المجموعة

 

تضم هذه المجموعة سبعة و ثلاثين قصة قصيرة من اجمل القصص العالمية القصيرة . و قد قمت باختيار هذه المجموعة و ترجمتها من بين آلاف من القصص القصيرة لمئات من مشاهير الكتاب و المؤلفين .و قد راعيت في اختيار هذه المجموعة أن تكون بمثابة نافذة يطل منها القارئ العربي على أهم و افضل ما أبدعته أقلام الكتاب العالمين في هذا الجنس الأدبي الحديث نسبيا بالمقارنة مع بقية الأجناس الأدبية الأخرى . و لذلك فقد راعيت عند عملية الاختيار هذه نقطتان هما التنوع و الشمولية . فهذه المجموعة لا تنتمي إلى أدب دولة معينة أو أمة بعينها ، إنما هي بمثابة نخبة مختارة من جميع الآداب العالمية الراقية المعروفة و المعترف بها . و بالرغم من محاولة التنوع هذه إلا إنني لم استطع أن أقاوم سحر القصة الروسية الذي لا يقاوم ، و خاصة تلك القصص التي كتبها الرواد في هذا المجال من أمثال جوجول و ديستوفيسكى و تشيكوف و تولستوى ، و لذلك قد يلاحظ أن القصة الروسية طاغية إلى حد كبير على هذه المجموعة ، و قد يرجع ذلك لسببين ، أولهما أن الكتاب الروسيين رواد في كتابة القصة القصيرة ، و ثانيا أن القصة القصيرة قد وصلت إلى مرحلة النضج و الكمال في الأدب الروسي قبل أن يتسنى لها ذلك في بقية الآداب الأخرى . و لكن هذا لم يمنعني طبعا من اختيار العديد من القصص القصيرة من الآداب العالمية الأخرى مثل الأدب الإنجليزي و الفرنسي و الأمريكي و الأسباني و الألماني و الإيطالي و الياباني . و جميع هذه القصص كتبها مشاهير كتاب القصة القصيرة من أمثال الكسندر ديماس و روبرت كروفتكوك و ارثر كونان و موبسان و بوكاشيو و بلزاك و جوركى و الفرد دى موسية و سترندبرج و غيرهم كثيرون . و كما لا تقتصر هذه المجموعة على أدب أمة معينة فهي لا تقتصر على عصر معين أيضا إنما تتنوع الفترات و العصور آلتي تنتمي إليها هذه القصص تنوعا كبيرا ، فمنها ما كتب في أوائل القرن التاسع عشر ، و منها ما كتب في أواخر القرن العشرين ، فالتسلسل الزمني أو تتبع عصر معين أو فترة معينة ليس له أدنى علاقة بعملية الاختيار هذه . و كذلك تتنوع الموضوعات آلتي تدور حولها هذه القصص تنوعا كبيرا ، فمنها قصص البطولة و الشهادة و منها قصص الحب و منها آلتي تتناول أفكار مجردة و منها التي تعالج مشاكل الحياة اليومية و منها الفلسفية و النفسية أيضا . و بالطبع لا تنتمي هذه القصص لمدرسة أدبية واحدة أو مذهب أدبي واحد إنما تختلف اختلافا كبيرا في ذلك فقصة الوشم مثلا للأفريد دى موسية غارقة في الرومانسية ، بينما قصة مثل الحب و الخبز لسترندبرج واقعية و هناك أيضا واقعية نقدية و واقعية اشتراكية مثل قصتي المعطف و اللص لجوجول و ديستوفيسكى . و في الحقيقة فأن هذه القصص تتنوع بتنوع الحياة نفسها و تنوع بيئة و خلفية كتابها و العصور التي عاشوا فيها و القراء اللذين كانوا يكتبون إليهم و الشعوب التي يكتبون عنها أيضا ، فبعض هذه القصص مرا مرارة الحياة نفسها و بعضها الآخر ساخرا كأشد حالات القدر سخرية و بعضها قصص مأسوية و بعضها فلسفي عميق و بعضها كوميدي خفيف . و يستمر أيضا التنوع الذي تشهده مجموعة القصص هذه في حجم القصص نفسها ، فبين هذه المجموعة قصص يزيد عدد صفحاتها عن العشرين صفحة ، بينما بعض القصص الأخرى لا تكاد تتعدى الصفحتين اثنتين .

هذا و يمكن النظر إلى هذه المجموعة كمثال لما يجب أن تكون عليه القصة القصيرة ، كما يمكن النظر إلى كل قصة على حدة كنموذج كامل للمدرسة التي تنتمي إليها و تلخيص مكثف لأفكار كاتبها و أسلوبه و وجهة نظرة في مجتمعه و فلسفته في الحياة . و بالرغم من كل الاختلافات و التنويعات الكبيرة التي بين هذه القصص إلا إنها كلها تشترك في نقطة واحدة و هي أنها كلها من اعظم و اشهر القصص العالمية القصيرة .

 

هشام يحيى