|
|||
الدليل | سلسلة علمية إسلامية | ألبوم الصور | سلسلة العقيدة |
الحـاكميـة
هذه القضية داخلة ضمن توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ولكننا نفردها في باب خاص لكثرة وقوع المخالفات فيها وأهميتها في هذا الزمان.
فالمُلك وحق التشريع والحكم من أخص خصائص الربوبية التي ينفرد بها الله عز وجل . يقول تعالى
" إن الحكم إلا لله " ويقول أيضا " ولا يشرك في حكمه أحدا "
والتحاكم عبادة وصرفها لغير الله شرك. فمن تحاكم إلى غير الله من طواغيت البشر الذين يحكمون بغير ما أنزل الله فقد أشرك بالله. يقول تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " أما التحاكم إلى النبي r والحكام الصالحين الذين يحكمون بشرع الله فهو في الحقيقة تحاكم إلى الله والحاكم إنما هو مبلغ ومنفذ ينقل حكم الله إلى الناس ويقيمه بينهم .
والحكم بغير ما أنزل الله من أصول الكفر ، يقول تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " . ومنه ما هو كفر أكبر ومنه ما هو كفر أصغر
أولا : الكفر الأكبر : وله ست صور
1. جحد شريعة الله المعلومة من الدين بالضرورة : كمن يقول أن الدين إنما هو شعائر فقط ولا علاقة له بالحدود والمعاملات والأموال ومن ينكر قطع يد السارق ، وجلد الزاني ، وحرمة الربا ، ومن يقول أن لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين . أما من أنكر مشروعية اللحية والنقاب فلا يكفر لأن هذه الأشياء لم تعد معلومة من الدين بالضرورة في زماننا.
2. تفضيل شرع غير الله على شرع الله : كمن يقول أن القوانين الوضعية أفضل وأكثر مناسبة لزماننا من أحكام الشرع. وأن جلد الزاني وقطع يد السارق وتحريم الخمر كانت تناسب المجتمع العربي القديم الذي بعث منه النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها لم تعد مناسبة في عصر التطور والحضارة. وهناك من يصف هذه الأحكام بأنها وحشية وهمجية. يقول تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما ً لقوم يوقنون "
3. التسوية بين شرع غير الله وشرع الله : وفي هذا تسوية للمخلوق بالخالق وجحد لانفراد الله بكمال الحكمة والعدل ، يقول الله تعالى محدثا ً عن أهل النار " تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ".
4. اعتقاد جواز الحكم بغير ما أنزل الله : وعدم وجوب تطبيق شرع الله ، كمن يرى أن شرع الله أفضل ولكن من حقه أو حق غبره أن يحكم بغير شرع الله وفي هذا جحد لربوبية الله عز وجل وانفراده بحق التشريع وزوال لانقياد القلب وإقراره بوجوب تنفيذ أوامر الله .
والصور الأربعة السابقة كفر أكبر بالإجماع لأنها جحد لأمور معلومة من الدين بالضرورة
5. إلزام الناس في التشريع العام بغير شرع الله : وذلك بجعل القوانين الوضعية هي الأساس والأصل في المحاكم ودور القضاء وتأصيل أن الحكم ليس بالشرع وإنما بهذه القوانين وإلزام الناس بذلك وتحتيمه عليهم . فهذا كفر أكبر ولو كان في حكم واحد ( كمن غير حكم السرقة فقط )
6. الأحكام الموروثة التي يحكم بها رؤساء العشائر والقبائل : وهي أحكام نقلوها عن آبائهم وأجدادهم يتحاكم إليها أهل البوادي ويقدمونها على شرع الله وهذا النوع كالنوع السابق غير أن هذه الأحكام لا تسجل كقانون مكتوب ولا تعمم على جميع الناس.
ملحوظة : كل هذه الصور من الكفر الأكبر بالنسبة للحكم العام أما الفتوى بكفر شخص معين فلابد لها من استيفاء شروط وانتفاء موانع . وهي لا تقتصر على الحكام فقط وإنما كل من وجدت فيه إحدى هذه الصور فهو كافر .
ثانيا : الكفر الأصغر:
وهو أن يحمل الحاكم أو القاضي هواه أو ما يعرض عليه من شهوات الدنيا على الحكم بغير ما أنزل الله مع بقاء شرع الله هو الأصل في الحكم عنده وإقراره بمعصيته وبوجوب الحكم بشرع الله . كالقاضي الذي تدفع له رشوة فيحكم بغير حكم الله فهذا كفر أصغر غير مخرج من الملة ولو حدث في كل مرة يحكم فيها . وهذا النوع هو الذي وصفه ابن عباس t به حكام زمانه .
× الواجب على المسلمين في ظل هذه المحاكم الوضعية أن يتحاكموا إلى أهل العلم الذين يحكمون بينهم بشرع الله ويكون حكم من تحاكم إليه المتنازعون ملزما ً لهم كحكم قاضي البلد ما داموا قد ارتضوه حكما ً ولم يخالف حكمه نصا ً صريحا ً ثابتا ً أو إجماعا ً أو قياسا ً جليا ً .
فإن اضطر المسلم للوقوف أمام هذه المحاكم للدفاع عن نفسه أو لنيل حقه فلا يجوز له أن يطالب إلا بحقه الشرعي الثابت له في شرع الله ( بعد أن يسأل عنه أهل العلم ) حتى ولو كانت أحكامهم تعطيه أكثر من ذلك .
ولا يجوز لمسلم أن يلي القضاء في ظل هذه القوانين الوضعية ولا أن يعمل محاميا ً يطالب بحكم الجاهلية ( فإن التزم ألا يطالب إلا بما يقره الشرع فلا بأس ) ولا أن يتحاكم إلى هذه المحاكم الوضعية مطالبا ً بغير حكم الله من غير ضرورة . وهذه الأفعال أفعال كفرية ويشترط لتكفير فاعلها عينا ً استيفاء الشروط وانتفاء الموانع .
أما
القوانين الإدارية التي يراد بها ضبط العمل وتنظيم الحياة في المجتمع ( كقوانين
المرور وقوانين العاملين في الهيئات والمصالح المختلفة ) فليست من الحكم بغير ما
أنزل الله ولا تجوز مخالفتها لأنها نوع من العقود والله تعالى يقول " يا أيها الذين
آمنوا أوفوا بالعقود " فما دمت قد التحقت بهذه المصلحة أو الهيئة فقد وافقت ضمنا ً
على ما يسري فيها من القوانين الإدارية وصارت ملحقة بعقد عملك في هذه المصلحة فلا
تجوز لك مخالفتها إلا إذا كانت تخالف الشرع .
يستدل البعض على جواز عدم تطبيق الشرع مع تغير الظروف بأن عمر بن الخطاب
t
عطل حد السرقة في عام الرمادة والقصة أن غلماناً لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا من أجل
الجوع فلم يقطع عمر
t
أيديهم وهذا حكم شرعي صحيح فالمضطر لا ذنب عليه ولا يقام عليه
الحد بناء على القاعدة الشرعية
"
الضرورات تبيح المحظورات " . ولا علاقة لهذا بعام الرمادة أو غيره وإنما العبرة
بوجود الاضطرار فإذا سرق غني في وقت المجاعة تُقطع يده وإذا سرق مضطر في وقت الرخاء
لا تُقطع يده ( وإنما يُلزَم برد ما سرق أو قيمته ) فالصحيح أن عمر
t
لم يخالف الشرع وإنما طبقه بحذافيره وما كان لعمر أو غيره أن
يُسقط حدود الله ويمنع تطبيق أحكامه .
الولاء والبراء
هي قضية من يوالي المسلم ويحب ومن يعادي ويبغض فالمسلم يوالي الله ورسوله والمؤمنين ويعادي الكفار والمشركين ، يقول الله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ويقول أيضــــا " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " .
وهذه القضية داخلة ضمن توحيد الألوهية لأن الموالاة والمعاداة من أفعال العباد . يقول النبي r
" أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله " .فلا يكتمل الإيمان إلا باكتمال هذه العروة وإذا انحلت انحل الإيمان كلــــه .
ومن معاني الموالاة المحبة والنصرة والمعاونة والطاعة والمتابعة والتكريم فالمؤمن يحب الله ورسوله والمؤمنين وينصر دين الله وينصر سنة نبيه وينصر المسلمين على أعدائهم ويتعاون معهم على البر والتقوى ويطيع الله ورسوله وأولي الأمر من المسلمين ويكرم إخوانه ويحرص على رفعة شأنهم.
ومن أشد أوجه الخلل التي ظهرت في عقيدة كثير من المسلمين اليوم موالاتهم للكفار وهي موالاة محرمة تؤدي إلى الخسران وحبوط العمل وقد تصل بصاحبها إلى الردة لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين . فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين . ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين . يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " ومن صور الموالاة المحرمة :
1. محبة الكافرين : قال تعالى " لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله " وقال أيضا " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تقون إليهم بالمودة " وقال رسول الله r " المرء مع من أحب " . وقال ابن تيمية " أصل الولاية المحبة والقرب وأصل العداوة البغض والبعد " فمحبة أهل الكفر محرمة بكل صورها سواء كانت لحسن معاملتهم أو لأمانتهم أو لمهارتهم في عملهم أو حتى لصنيع أسداه الكافر للمؤمن إلا المحبة الفطرية كمحبة الرجل لزوجته والابن لأبيه بشرط بقاء البغض في الدين . وقد تصل محبة الكفار إلى الردة والخروج من الملة إذا أحبهم على ما هم عليه من الكفر ولهذا صورتان :
· أن يحبهم من أجل كفرهم : فتكون أعمالهم الكفرية من أسباب حبه لهم .
· أن يحبهم رغم كفرهم : فيقول أن الخلاف في الدين مسألة هينة لا تعني أن نكرههم فالخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .وكلا الصورتين مناقض لصريح القرآن ومناقض لحب الله ورسوله.
ولا يحل لمسلم أن يتخذ صديقاً كافراً لقوله r " لا تصاحب إلا مؤمنا ً ولا يأكل طعامك إلا تقي " وقوله r " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " فلا يقربه منه ولا ينشرح صدره له ولا يبش في وجهه ولا يبدأه بالسلام . قال النبي r " لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " .
2. نصرة الكفار على المسلمين : وهي من أخطر صور الموالاة وأظهرها في الكفر فمن خرج في صفوف الكفار وقاتل المسلمين معهم فلا ريب في كفره . وفي صحيح البخاري عن ابن عباس t أن أناسا ً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثِّرون سواد المشركين على رسول الله r فيأتي السهم فيرمى فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربُه فيقتله فأنزل الله تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا " وفي تفسير الطبري عن عكرمة أن هذه الآية نزلت في أناس من المسلمين خرجوا مع المشركين في بدر كارهين إرضاء لآبائهم وقومهم فمن قُتل منهم لم يصل عليه المسلمون ودُفنوا مع المشركين ومن أُسر منهم كالعباس بن عبد المطلب و عقيل بن أبي طالب أخذ النبي r منهم الفدية وعاملهم معاملة الكفار وحكم الله لمن مات منهم في الحرب بأن لهم جهنم . وكذلك كل من أعان الكفار في الحرب ضد المسلمين ولو لم يقاتل معهم كمن يمدهم بالمال والسلاح أو يتجسس لحسابهم كما فعل حاطب ابن أبي بلتعة t عندما أرسل إلى المشركين كتاباً يخبرهم فيه ببعض أمر النبي r فعلم النبي بأمر هذا الكتاب وأمر بإحضاره وأرسل إلى حاطب فقال " ما هذا يا حاطب ؟ " قال " لا تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت إمرأ ً ملصقا ً في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي وما فعلته كفراً ولا ارتداداً ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام " وفي رواية " فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ورسوله " وفي رواية أخرى " قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره " فقال رسول الله r " لقد صدقكم " فقال عمر " يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق " وفي رواية " فإنه قد كفر " وفي رواية أخرى " إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين " فقال r " إنه شهد بدراً وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم " متفق عليه . فكلام عمر وحاطب يدل على أن أصل هذا العمل عندهم كفر ولكن حاطب كان متأولاً واعتقد أن فعله هذا لن يحول دون نصر المسلمين وإنما سيحمي أهله وماله من المشركين
( وكان أهله يعيشون بينهم ) وقد علم رسول الله r صدقه في قوله فلم يعاقبه . وقد كَفَّر عمر حاطباً أمام النبي r ولم ينكر عليه ولم يخبره أن فعل حاطب ليس كفراً وإنما تبين له صدق حاطب في تأوله مما يدفع عنه حكم الردة وشفع له شهوده بدراً من أن ينال أي نوع من العقاب . ومن دخل من المسلمين في جيش إسرائيل أو الهند وحارب ضد المسلمين فهو كافر أما من حارب مع أمريكا ضد العراق في حرب الخليج فلا يمكن الجزم بكفرهم لوجود الشبهة وهي كونهم يقاتلون للدفاع عن فئة من المسلمين ضد فئة باغية .
إذا كان الكفار مبطنين للكفر غير معلنين له (كالدروز) فالحرب معهم ضد المسلمين لا يلزم منها الكفر إلا لمن علم كفرهم .
إذا كان هناك قائدين كافرين أحدهما يميل إلى المسلمين والآخر أشد عداءً لهم وبينهما عداء فتجوز مناصرة الأول على الثاني .
3. معاونة الكفار والنصح لهم : في كل أمر من شأنه أن يساعد في تقدمهم علمياً وسياسياً واقتصادياً بغير فائدة أكبر تعود على المسلمين ( كعلماء الطب والفلك وعير ذلك من العلوم الذين يعملون في بلاد الكفار ويساهمون في الانجازات العلمية والاكتشافات التي تعود عامة فائدتها على الكفار ) .
4. طاعة الكفار ومتابعتهم : قال تعالى " ولا تطع منهم آثماً أو كفورا " وقال أيضا " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " وقال أيضاً " إن الذين ارتدوا على أدبارهم من نعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم . ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم " فإذا كان هذا فيمن يطيعهم في بعض الأمر فكيف بمن أطاعهم في الأمر كله وصار رهن إشارتهم وتابعهم في عدائهم للإســــلام فألف الكتب وكتب المقالات التي تزعزع عقائد المسلمين وتشككهم في دينهم وتضلهم عن الحق . وطاعة الكفار لها نوعان :
طاعتهم في الكفر : فهي كفر وردة
طاعتهم في المعصية : فهي معصية وموالاة ولكنها ليست كفراً .
أما إجابتهم إلى أمر من أمور الخير المشروعة في الإســلام فهذه ليست طاعة لهم وإنما هي طاعة لله ورسوله . ومن صور طاعة الكفار المحرمة الدخول في الأحزاب العلمانية والشيوعية والاشتراكية التي نشأت في بلاد الكفر وغير ذلك من الهيئات التي لا تقوم على أساس الدين وترفع شعارات تدل على وحدة الإسلام والكفر تحت رايتها .
5. التشبه بهم : في هيئتهم ولغتهم وعاداتهم . يقول النبي r " من تشبه بقوم فهو منهم " وقال أيضاً " ليس منا من تشبه بغيرنا " وقال ابن تيمية أن أقل أحوال هذا الحديث التحريم وحكم التشبه لا تشترط فيه النية وإنما مداره على حصول الشبه ( فإذا رأيت من يرتدي نقاباً فإنك تصفه بأنه متشبه بالنساء ولو ادعى أن نيته خلاف ذلك ) وقد يصل التشبه بالكفار إلى الكفر إذا تشبه بهم في فعل من أفعالهم الكفرية أو شعار من شعارات ملتهم ( كمن صلى صلاتهم أو لبس الصليب ) .
6. تكريم الكفار و مداهنتهم : بأن يعاملهم معاملة الشرفاء ذوي الوجاهة و يثني عليهم و يرفع شأنهم وينشر محاسنهم مع وصف المسلمين بالأوصاف المناقضة . وهذا كله لا يجوز حتى ولو كان الكفار من العلماء والأعيان و كذلك لا يوصف الكفار بالعلم المطلق وإنما الأصح وصفهم بالجهل مع شيء من العلم الدنيوي لقوله تعالى "ولكن أكثر الناس لا يعلمون # يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون" و قوله تعالى في حق الكفار "إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا" وكذلك لا تجوز مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين يقول تعالى "ودوا لو تدهن فيدهنون" و من ذلك التنازل عن بعض شرائع الإسلام مجاملة لهم ومشاركتهم في أعيادهم وتهنئتهم عليها وتهنئتهم على توليهم المناصب والمراكز التي يكون لهم فيها سلطان على المسلمين. ولا تجوز تهنئتهم إلا في الأمور المشروعة مثل الزواج والشفاء من المرض. وقد يصل هذا الأمر إلي الكفر إذا رضي بهذه الأعياد وأقرهم عليها.
7. السكنى معهم في ديارهم: قال النبي r "أنا برئ من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين" وقال أيضا"من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله" لما في ذلك من تكثير لسوادهم ومساهمة في تقدم مجتمعاتهم مع وجود الفتن وشيوع المنكرات وقد يعجز المسلم في بلاد الكفر عن إقامة شعائر دينه .
صور ليست من الموالاة:
1. البر والإقساط: قال تعالى " لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم ". و من ذلك بر الوالدين قال تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا " وأمر النبي r أسماء بنت أبي بكر ان تصل أمها وهي مشركة. ومن ذلك أيضا صلة الرحم قال النبي " rإنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما ". وأداء حق الجيرة ورد السلام قال النبي r " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم" وذهب الجمهور إلى وجوب رد السلام على أهل الكتاب وقالت طائفة بعدم وجوبه قياسا على أهل البدع. قال ابن القيم:والصواب الأول والفرق أننا مأمورون بهجر أهل البدع تعذيرا لهم وتحذيرا منهم بخلاف أهل الذمة . ومن ذلك أيضا عيادة المريض بغرض دعوته إلى الإسلام كما فعل النبي r مع الغلام اليهودي. والإحسان إلى الأسرى والضعفاء فقد كان النبي r يطعم الأسرى ويسقيهم وأطلق بعضهم بغير فداء يقول تعالى "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموها فشدوا الوثاق فإما منا بعد حتى تضع الحرب أوزارها " وينبغي في كل ذلك أن يكون بنية تأليفهم على الإسلام.
2. المعاملات المالية: كالبيع والشراء والمؤاجرة والرهن والقرض وغيرها. وبوب البخاري بابا في صحيحه بعنوان (باب الشراء والبيع من المشركين وأهل الحرب) وأورد فيه حديث عبد الرحمن بن أبي بكرt قال"كنا مع النبي r ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها فقال النبي r :بيعا أم عطية؟. قال:لا بل بيع. فاشترى منه شاة. وأيضا ما ثبت في حديث توبة كعب بن مالك من ان ملك غسان أرسل إليه كتاب مع نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يحرضه فيه على ترك النبي r واللحاق بدار الكفر 0 مما يدل على أن تجار الشام ( وهي بلاد حرب في ذلك الوقت)كانوا يدخلون المدينة ويبيعون فيها ويشترون وخصص العلماء ذلك بما لا يستعان به في حرب المسلمين فلا يجوز بيع السلاح لأهل الحرب من الكفار 0 ويجوز للمسلم أن يؤجر كافرا أو يؤجر نفسه من كافر لما ثبت عن النبي r انه استأجر في الهجرة هاديا مشركا وان خباب بن الأرت عمل في مكة بعد إسلامه عند العاص بن وائل وهو مشرك وان علي بن أبى طالب عمل عند يهودي يسقي كل دلو بتمره ويشترط في استئجار الكافر إلا يكون له سلطان علي المسلمين فلا يعين قائد للجيش ولا قاضيا ولا شرطيا ويشترط في عمل المسلم عند الكافر ثلاث شروط :1-أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله. 2- ألا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين. 3-ألا يكون في العمل إذلال للمسلم: فلا يجوز للمسلم أن يعمل عند الكافر خادما أو ماسحا للأحذية ولا يجوز بيع العبد المسلم لكافر وهذا مذهب أحمد والجمهور لقوله تعالى"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ". ويجوز الرهن عند الكافر لما ثبت عن النبي r أنه رهن درعه عند يهودي ويشترط في هذه المعاملات ألا تخالف الشرع فلا يشتري من الكافر خمرا ولا آلات لهو ولا يبيعه إياها (لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة) ولا يتعامل معه بالربا *
3. قبول الهدية منهم والإهداء إليهم: فقد ثبت عن النبي r أنه قبل هدية أُكيدر ملك دومة الجندل وقبل الشاة المسمومة التي أهدتها إليه اليهودية ومارية القبطية التي أهداها إليه المقوقس حاكم مصر وأهدي عمر بن الخطاب t حلة لأخ له مشرك على عهد النبي r . وتعارض ظاهر هذه الأحاديث مع حديث عياض بن حمارt قال "أهديت للنبي r ناقة فقال:أسلمت؟ فقلت:لا. فقال:إني نهيت عن زبد المشركين". وجمع بينهما ابن حجر بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة والقبول في حق من يرجى تأليفه على الإسلام. ولا يجوز قبول هدايا الكفار في أعيادهم لأنها من احتفالهم بالعيد وقبولها إقرار بهذا العيد ويجوز قبولها في أعياد المسلمين وفي الزواج .
4. الزواج من الكتابية : قال تعالى " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " والمحصنات هن الحرائر العفائف فلا يجوز زواج الكتابية غير العفيفة. ويشترط بغضها على دينها ولا مانع من استمرار النكاح مع وجود البغض فكم من البيوت تقوم غير الحب من مصالح ومنافع أخرى. وأما الحب الفطري الذي ينشأ بين الرجل وزوجته فالأولى صرفه إلى محبة إسلامها .
5. الاستعانة بهم : في كل ما فيه نفع للمسلمين بشرط ألا يؤدي ذلك إلى محبتهم أو موالاتهم أو التنازل عن شئ من أحكام الإسلام مجاملة لهم والدليل على ذلك أن النبي r كان في حماية عمه أبي طالب في مكة وما ثبت عند البخاري من قبول أبي بكر الدخول في جوار ابن الدغنة لحمايته من أذى الكفار فى مكة ولكن لا تجوز الاستعانة بهم في الحرب لقول النبي r للمشرك الذي قال له "جئت لأتبعك وأصيب معك" فقال له " ارجع فلن أستعين بمشرك " .
6. الانتفاع بما عندهم: من العلوم والحوائج الدنيوية. ومن ذلك تقليدهم فيما فيه خير ولا يخالف الشرع من الملابس والمأكولات والمشروبات وأساليب الزراعة والصناعة وغيرها مما يفيد المسلمين.
* وعلى هذا فالتعامل مع الشركات اليهودية و النصرانية ليس من صور الولاء المحرم و إنما هو خاضع لقياس المصلحة والمفسدة .
( الرئيسية - إتصل بنا - أضف موقعك للدليل - للتعليق والاستفسار )