الدليل سلسلة علمية  إسلامية ألبوم الصور سلسلة العقيدة
 

شرك الألوهية

منه ما هو شرك أكبر ومنه ما هو شرك أصغر.

أ-الشرك الأكبر: هو صرف أي عبادة من العبادات لغير الله سواء كان  هذا الغير ملكاً أو رسولاً أو ولياً فضلاً عما دون ذلك من الأوثان والأصنام. وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة يقول تعالى "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" ومن مظاهر هذا الشرك الأكبر:

1-دعاء غير الله والاستعاذة به والاستغاثة به:

قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وقال النبي r "إن الدعاء هو العبادة".

فالدعاء عبادة وصرفه إلى غير الله شرك. يقول تعالى (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ) ويقول أيضاً (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13) إِن تَدْعُوَهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) ويقول أيضاً (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوَهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ويقول أيضاً (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ).  والاستعاذة والاستغاثة نوعان من الدعاء فالاستعاذة هل طلب العوذ وهو الحماية والمنعة قال تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقال أيضاً (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ) والاستغاثة هي طلب الغوث وهو المدد وإزالة الشدة يقول تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ). وقد انتشر هذا النوع من الشرك في الأمة الإسلامية وخاصة في مصر بسبب الغلو في الأولياء والصالحين واعتقاد أنهم ينفعون ويضرون ويعطون ويمنعون. وهناك من يصرح بأنه يعبد الأولياء فهذا قد نقض أصل التوحيد وخرج من الملة ولكن أغلب هؤلاء الناس لديهم شبهات تمنع من تكفيرهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم وهو كونهم لا يعلمون أن الدعاء عبادة. فنرد عليم بالأدلة السابقة.ومنهم من يقول أنه إنما يدعوهم ليشفعوا له عند الله لقضاء حاجته فهذا حاله كحال مشركي العرب الذين قال الله فيهم (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ) ومع هذا فهم كفار بإجماع الأمة وقاتلهم النبي r وحكم لمن مات منهم على الشرك بالنار. والفرق بينهم أن مشركي العرب كانوا يصرحون بعبادتهم للأوثان فهم كفار ابتداءً أما عباد القبور في هذا الزمان فلا يخرجون من الملة إلا إذا بلغتهم الحجة.

-هل أهل القبور أحياء أم أموات؟ يقول تعالى "إنك ميت وإنهم ميتون" فإن كان هذا في حق النبي r فمن دونه أولى وأما استدلالهم بقوله تعالى عن الشهداء "أحياء عند ربهم يرزقون فالرد عليه من الآية نفسها فهم أحياء عند الله أي في الجنة كما أخبر عنهم النبي r  أن أرواحهم تكون في حواصل طير خضر تسرح في الجنة.

ولكن لا علاقة لهم بالحياة الدنيا ولا يعلمون ما يحدث على الأرض والنبي r نفسه لا يعلم ما يحدث بعد موته إلا ما أخبره الله به في حياته من أمور المستقبل والدليل ما رواه الشيخان من حديث أنس مرفوعاً "ليردن على الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلى اختلجوا دوني فلأقولن" أي رب أصحابي فليقالن لي "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"

-هل الموتى يسمعون؟ الأصل أنهم لا يسمعون لقوله تعالى "إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء" وقوله تعالى "وما أنت بمسمع من في القبور" وأما ما ورد من سماعهم لمن يسلم عليهم ومن يسأل لهم الرحمة والمغفرة فهذا خاص بهذه الأحوال ولا ينقض الأصل الذي دلت عليه الآيات وكذلك مخاطبة النبي  r لأهل القليب ممن مات من المشركين في بدر وقوله "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" فهذا مخصوص بهذا الموقف.

والميت بحاجة إلى أن تدعوا الله له وليس أن تدعوه فهو أفقر ما يكون إلى رحمة الله وعفوه.

-هل هذا إنكار لشفاعة الأنبياء والأولياء؟ لا ولكن الله تعالى يقول (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً) ويقول أيضاً (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) ويقول أيضاً (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) والله لا يرضى إلا عن أهل التوحيد الذين يخلصون له العبادة والدعاء فإذا سألت الشفاعة فاسألها من الله فهو الذي أعطى الأنبياء والأولياء هذه الشفاعة وهو الذي نهاك عن دعاء غيره

-طلب الⴿعاء من الميت (كمن يقول يا فلان ادع الله لي أو اشفع لي عند الله) ليس من الشرك الأكبر ولكنه بدعة وشرك أصغر.

-الطوا䃙 بقبور الأولياء قد يكون شركاً أكبر إن قصد به التقرب إلى هذا الولي (ولو بغرض أن يشفع له عند الله) وقد يكون بدعة إن قصد به التقرب إلى الله بالطواف حول قبر هذا الولي الذي يعتقد علو منزلته عند الله.

-ليس من &##1575;لشرك سؤال الحي الحاضر القادر فهذا من باب طلب الأسباب وليس فيه تعبد بخلاف سؤال الميت أو الغائب أو سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله.

 

2- الذبح لغير الله:

قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) وقال أيضاً "فصل لربك وانحر" فالذبح عبادة  وصرفها لغير الله شرك قال النبي  r  "لعن الله من ذبح لغير الله" والذبح لغير الله إما أن يكون بالتسمية على الذبيحة بغير اسم الله (باسم المسيح أو وباسم فلان) أو بنية الذابح ولو ذكر اسم الله على الذبيحة. والذبح الذي يعد عبادة هو ما كان على سبيل التعظيم والتقرب إلى المذبوح له بإراقة الدماء من أجله وليس من ذلك ما يذبح للضيف أو عند قدوم السلطان لإكرامه وإطعام من معه أو لإظهار الفرح بقدومه وإطعام الفقراء.

3-النذر لغير الله: قال تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) وقال أيضاً (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) وقال النبي   r "من نذر أن يطيع الله فليطعه" والغالب فيه أنه شرك أكبر لأنه لا يكاد يخلو من اعتقاد أن هذا المنذور له ينفع ويضر ويصرف الحوائج ويندر أن يجرى على اللسان بغير قصد.

 

ب- الشرك الأصغر: وهو ما كان ذريعة إلى الشرك الأكبر ومن أنواعه:

1-الرياء: قال النبي  r "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر" قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال "الرياء".

2-تعليق التمائم: قال النبي  r "من علق تميمة فقد أشرك" وقال أيضاً "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" والتمائم جمع تميمة وهي ما يتخذ لجلب النفع أو دفع الضر (كالخرزة الزرقاء والكف وحدوة الحصان) وهذا شرك أصغر ويسمى شرك الأسباب لأن فاعله يثبت سببا لم يجعله الله سببا شرعياً ولا كونيا فقد شارك الله في إثباته لهذا السبب.

والسبب الشرعي: ما يعلم أثره من خلال النصوص الشرعية كأثر الرقى في العلاج من السحر والحسد والأمراض. والسبب الكوني: ما يعلم أثره من خلال التجربة والمشاهدة كتأثير الدواء في علاج المرض  وتخفيف الألم. ولكن لابد من في السبب الكوني أن يكون أثره ظاهراً مباشراً وليس لمجرد الإيحاء النفسي الناتج من الاعتقاد في أثر هذا الشيء وتعليق القرآن مختلف فيه والراجع منعه وبدعيته ولا يصح ما نقل عن بعض الصحابة بإجازته. والتولة نوع من التمائم يقصد به تحبيب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته ومن ذلك الدبلة إذا تفاءل بها صاحبها وأعتقد أنها سبب في تقوية العلاقة الزوجية

 

حكم الرقى: الرقى على ثلاثة أقسام:

1-ما  ورد في السنة: كالرقى بالفاتحة والمعوذات وغير ذلك من الأدعية الثابتة عن النبي r فلا بأس بها وثبت عن النبي  r أنه كان يرقى الصحابة ورقاه جبريل على السلام بالمعوذات.

2-الأدعية المباحة مما لم يرد في السنة فهذه أيضاً لا باس بها لحديث عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال "اعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" رواه مسلم وأتاه رجل فقال: يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب فقال "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" رواه مسلم.

3-الرقى المحرمة: ما كان فيه سحر أو استعانة بالجن والشياطين وما كان بدعياً مثل الألفاظ الأعجمية غير المفهومة (وقد تتضمن شركاً) وكتابة آيات من القرآن في خرقة وحرقها أو كتابتها على جسم المريض. وهذا القسم هو المقصود بقوله  r إن الرقى والتمائم والتولة شرك"

3-التبرك بالحجر والشجر ونحوها: قال تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى) قال ابن كثير: اللات كانت صخرة بيضاء منقوشة عليها بيت بالطائف. وعن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله  r إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله  r "الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده ما قالت بنو إسرائيل لموسى" اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون" فجعل النبي  r طلبهم في اتخاذ شجرة يتبركون بها كطلب بني إسرائيل في اتخاذ إله غير الله لأن كلاهما ناتج من التشبه بأهل الشرك.

ملحوظة: القول بأن التمائم وما يتبرك به من الحجر والشجر شرك أصغر مبني على اعتبار أن من يفعل ذلك يعتقد كونها أسباباً لجلب النفع ودفع الضر أما إذا أعتقد أنها تنفع وتضر بذاتها من دون الله فهذا شرك أكبر.

4-التطير: وهو التشاؤم وهو من شرك الأسباب بالإضافة إلى ما فيه من التعلق بأمور وهمية وقطع التوكل على الله قال النبي  r "الطيرة شرك" وقال أيضاً "من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: أن تقولوا اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" وقال أيضاً "لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل قالوا: وما الفأل؟ قال: "الكلمة الطيبة".

5-الحلف بغير الله: يقول النبي r "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" وقد يصل الأمر إلى الشرك الأكبر إذا كان الحالف يعظم المحلوف به كتعظيم الله أو أكثر فمن الناس من إذا حلفت

له بالله لم يرض وطلب منك أن تحلف بأحد الأولياء ومنهم من يحلف بالله كذباً فإذا قيل له احلف بفلان امتنع وأبى أن يحلف كاذباً ولكن الغالب على الناس أن الحلف بغير الله يجري على ألسنتهم بغير قصد.

6-قول ما شاء الله وشئت وتوكلت على الله وعليك ونحو ذلك: مما فيه تسوية في اللفظ بين الله وغيره قال النبي  r "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان" وأنكر على من قال له "ما شاء الله وشئت" وقال "أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده".

مسائل متعلقة بتوحيد الألوهية:

أ-بناء المساجد على القبور: قال النبي  r "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وقال أيضاً "ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" وهذا من باب سد الذرائع وحرص النبي r على حماية جناب التوحيد فإن الغلو في الصالحين هو بداية الشرك كما عند البخاري أن ابن عباس فسر قوله تعالى (وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَداًّ وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) فقال "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ولم تعبد حتى إذا هلك هؤلاء ونسي العلم عبدت".

والأمر لا يخلو من احتمالين:

1-أن يبنى المسجد على القبر فيجب هدم المسجد.

2-أن يدفن الميت داخل المسجد فيجب نبش القبر وإخراجه من المسجد

ولا يصح الاحتجاج بوجود قبر النبي r في مسجده لأن المسجد لم يبنى على القبر فالمسجد بني في حياة النبي r ولم يدفن النبي r في المسجد وإنما دفن في حجرة عائشة بجوار المسجد ثم مع توسعة المسجد بعد ذلك بزمن طويل أدخلت بيوت النبي r فيه فأصبح القبر وكأنه داخل في المسجد وهذا أمر استثنائي لأنه لا يمكن نقل المسجد ولا يمكن نقل القبر بالإضافة إلى أن القبر ليس داخلاً في المسجد حقيقة وإنما في حجرة مستقلة يحوطها المسجد ولا تكون الصلاة للقبر إلا بالدخول في الحجرة والصلاة عنده وهذا لا يحدث استجابة لدعاء النبي  r "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد" الصلاة في المساجد المبنية على القبور لا تجوز للأسباب الآتية:

1-أن الأصل في تحريم إقامة المساجد على القبور كونها أماكن للصلاة فالتحريم ليس المقصود منه منع وجود البناء نفسه ولكن منع الصلاة عند القبور وهذا ثابت بنص الحديث "لا تصلوا

إلى القبور" رواه مسلم. فتحريم الوسيلة يدل على تحريم المقصود منها من باب أولى.

2-أن هذه المساجد بنيت على معصية الله وخلاف شرعه ويحدث فيها من الشركيات ما يجعلها محلاً لغضب الله فهي أشبه بمسجد الضرار الذي بناه المنافقون على عهد النبي r ليكيدوا فيه للمسلمين فأنزل الله فيه قوله (لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ) فنهاه عن الصلاة فيه لأنه لم يؤسس على تقوى الله وإنما على المعصية والكفر فحرق النبي r المسجد.

3-أن هذا من إنكار المنكر الواجب على كل مسلم لما يحدث في هذه المساجد من أفعال الشرك فيجب على المسلم أن يبتعد عنها ولا يقر وجودها وما يحدث فيها وهذا أضعف الإيمان. وهذا الحكم ينطبق على كل مسجد بني تعظيماً لقبر أو تبركاً بوجوده ولو كان بينهما فاصل.

ومن الناس من يعتقد أن فضل الصلاة في مسجد النبي  r يرجع إلى وجود القبر فيه وهذا خطأ لأن فضل الصلاة في المسجد ثابت من قبل وجود القبر ولهذا قال الإمام مالك "أكره أن يقول إنسان زرت قبر رسول الله  rأو زرت رسول الله r ولكن زرت رسول الله r           حكم الصلاة في المساجد المقبورة:

1-إن قصد الصلاة في هذا المسجد لوجود القبر فيه فالصلاة باطلة.

2-إن قصد الصلاة في هذا المسجد لأي سبب آخر (لقربه أو لكثرة المصلين) فالصلاة صحيحة مع الإثم.

3-إن لم يعلم بوجود القبر فالصلاة صحيحة ولا إثم عليه.

 

ب-السحر: محرم بالإجماع ومن الكبائر حيث ذكره النبي  r بعد الشرك بالله في حديث "اجتنبوا السبع الموبقات" وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى كفر الساحر بغير تفصيل وذهب الشافعي إلى التفصيل فإن كان في سحره شرك كالاستعانة بالشياطين والتقرب إليهم بأفعال كفرية (ككتابة القرآن بالنجاسة) فهو كافر وإن كان سحره مجرد خفة يد أو باستخدام الأدوية والعقاقير فلا يكفر إلا إن استحله، وحد الساحر القتل لما ثبت عن عمر -رضي الله عنه- أنه أمر بقتل كل ساحر وساحرة كما ثبت حكم قتل الساحر عن حفصة وجُنْدَب الخير رضي الله

عنهما- وهذا من باب دفع الصائل لمنع أذاه وفساده على المسلمين وظاهر قوله تعالى (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) أن هذا في السحر المتعلم من الشياطين وهو ما فيه شرك. وذهب مالك وأحمد والشافعي إلى أن ساحر أهل الكتاب لا يقتل

لأن النبي  r لم يقتل لبيد بن الأعصم.

-النشرة: وهي فك السحر ولها نوعان:

1-فك السحر بالقرآن والرقى المباحة فهذا من الخير.

2-فك السحر بالسحر: فهذا محرم لحديث جابر أن النبي r سئل عن النشرة فقال "هي من عمل الشيطان" وقد يكون كفراً على ما سبق من التفصيل.

-التنج䃢م: وهو علم النجوم وهو نوعان:

1-علم التأثير: وهو الاستدلال بالنجوم على وقوع الحوادث الأرضية (مثل حظك اليوم) قال النبي r من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد" وقال r لأصحابه على إثر سماء كانت من الليل: هل تدرون ماذا قال ربكم؟. قالوا: الله ورسوله أعلم. قال" قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، أما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب" فإن أعتقد أنها تدبر الأمور بذاتها استقلالاً أو تشارك الله في ذلك فهو كافر كفر أكبر وإن أعتقد أنها سبب فقط فهذا شرك أصغر.

2-علم التسيير: وهو الاستدلال بالنجوم على الجهات والأوقات (كالاستدلال بها على القبلة والشمال والجنوب وبدايات الفصول) فهذا مباح قال تعالى (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

الاستسقاء بالأنواء: نسبة نزول المطر إلى الأنواء أو التوجه إليها بالدعاء لإنزال المطر .

 

ج-التوسل: هو ابتغاء الوسيلة وهي القربة والواسطة وما يتوصل به إلى الشيء والتوسل إلى الله في الدعاء له صور مشروعة وصور غير مشروعة:

أولاً: التوسل المشروع: له ثلاث صور:

 

1-التوسل بأسماء الله وصفاته: يقول تعالى "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها"

2-التوسل بالعمل الصالح: قال تعالى (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وكما في قصة الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار.

3-التوسل بدعاء الرجل الصالح: قال تعالى محدثاً عن أبناء يعقوب (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) وكثيرا ما كان الصحابة يسألون النبي r أن يدعو لهم، ومن ذلك أيضاً حديث أنس أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" قال: فيسقون وقوله نتوسل إليك بنبينا أي بدعاء نبينا كما هو معلوم من صفة استسقائهم به r ولو كان التوسل هنا بجاه النبي أو بمكانته عند الله لما عدل الصحابة إلى التوسل بالعباس لأنه جاه النبي  r لا يزول بموته.

ثانياً: التوسل غير المشروع له ثلاث صور:

1-التوسل بدعاء غير الله والتقرب إليه: وهو شرك أكبر مخرج من الملة. وكان مشركو العرب يعبدون الأصنام والأوثان لتشفع لهم عند الله في قضاء حوائجهم.

2-التوسل بطلب الدعاء من الميت أو الغائب: وهو بدعة وشرك أصغر.

3-التوسل بجاه الرجل الصالح: فيه خلاف بين أهل العلم وأجازه العز بن عبد السلام والشوكاني لحديث عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي r فقال: ادع الله أن يعافيني قال "إن شئت دعوتُ وإن شئت صبرت فهو خير لك" قال: فادعه. فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي لي اللهم فشفعه في" وفي رواية "اللهم شفعه في وشفعني فيه" رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني ولكن الصحيح أن قوله "وأتوجه إليك بنبيك محمد" معناه بدعاء نبيك محمد لقوله r إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك" قال "فادعه" مما يدل على أن النبي r دعا له وأيضاً قوله في آخر الدعاء "اللهم شفعه في" أي اقبل دعاءه لي وقوله "وشفعني فيه" أي اقبل دعائي في أن تكون دعوته لي مستجابة. لذا فالصحيح وهو قول جمهور أهل العلم أن هذا النوع من التوسل بدعة لترك الصحابة له مع وجود المقتضى من استحضارهم له وحاجتهم إليه وانتفاء الموانع لعدم زوال جاه النبي r بموته.