الدليل سلسلة علمية  إسلامية ألبوم الصور سلسلة العقيدة
 

توحيد الربوبية

 

 هو اعتقاد انفراد الله عز وجل بثلاثة أشياء :   

1- الخلــق : فالله عز وجل هو خالق السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما وخالق العرش والقلم والجنة والنار قال تعالى " خالق كل شيء وهو الواحد القهار "  ومن مخلوقات الله مالا نعلم قال تعالى  " ويخلق مالا تعلمون  " 

-    وهو خالق الذوات وخالق الأفعال والصفات أيضا قال تعالى " والله خلقكم وما تعلمون "

وعن حذيفة  أن النبي r قال " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " صححه الألباني على شرط مسلم .

-   نسبة الخلق إلى غير الله : قال تعالى " فتبارك الله أحسن الخالقين " وقال النبي r في المصورين " يقال لهم أحيوا ما خلقتم " ففي هذه النصوص نسب الخلق إلى غير الله ولكن خلق غير الله يختلف عن خلق الله في حدوده وكيفيته فغير الله قد يخلق شيئا يسيرا محدودا أما الله فهو خالق كل ما سواه وخلق غير الله لا يكون بإيجاد معدوم أو بإحياء ميت وإنما بتحويل الأشياء من صفة إلى أخرى أما خلق الله فيكون بهذا أو بذاك .

 

2- التدبير : ويشمل الرزق والإحياء والإماتة والنفع والضر وغير ذلك من التصرفات في الكون مما لا يملك مقاديره إلا الله قال تعالى " قل من يرزقكم من السماء والأرض أم يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون اللـــــــه أفلا تتقون * فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون "   فلا يحدث شيء في ملك الله إلا بإذنه وأمره وتدبيره .

 

3- الملك والملك : الملك هو الامتلاك أي حيازة الشيء والانفراد بالتصرف فيه قال تعالى " قل اللهم مالك الملك "  وقال أيضا " قل من بيده ملكوت كل شيء " والله عز وجل يملك الذوات والصفات أيضا يقول تعالى " أمن يملك السمع والأبصار " فمن الذي أعطى الإنسان سمعه وبصره ولو شاء لجعله أصما أو ضريرا وغير ذلك من الحواس والنعم كالجسد والمال لا يملك العبد منها شيئا بل هي ملك لله وحده والملك هو السيادة وحق الأمر والنهي والتشريع يقول تعالى " ألا له الخلق والأمر " ويقول أيضا " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله " فمن أتخذ مشرعا غير الله فقد جعله شريكا لله . والملك من أخص خصائص الربوبية فالله وحده هو السيد الحق لهذا الكون وله وحده حق الأمر والنهي والتشريع وقال تعالى عن أهل الكتاب " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم " ولما سمع عدي بن حاتم هذه الآية ( وكان نصرانيا قبل إسلامه )  قال : يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال : نعم ولكنهم كانوا يحلون لهم الحرام فيستحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم "  فكان اتباعهم لأحبارهم ورهبانهم في تبديل الشرع عبادة لهم .

 

- وتوحيد الربوبية هو أول منازل التوحيد وأصل شجرة الإيمان  وأساس كل عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه وله أثر بالغ  في تزكية النفس وتقوية العلاقة بين العبد ومولاه وإنما يتفاوت الناس في إيمانهم لتفاوت استقرار معاني الربوبية والأسماء والصفات في قلوبهم ومتى وجد توحيد الربوبية صحيحا صادقا في قلب العبد فإنه يؤدي به ولا ريب إلى توحيد الألوهية كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم حيث يستدل بمعاني الربوبية على وجوب إفراد الله بالعبادة وهذا هو أكثر أنواع الاستدلال شيوعا في القرآن الكريم كما في قوله تعالى "  يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " وقوله تعالى " أمن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ءإله مع الله بل هم قوم يعدلون " فمن علم أن الله وحده هو الخالق الرازق المدبر الملك توجه إليه وحده بالعبادة .

 

موقف مشركي العرب من توحيد الربوبية :  من الجدير بالذكر أن المشركين الذين بعث فيهم النبي r كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ويعلمون أن أصنامهم وأوثانهم لا تملك لهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا وأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عنهم شيئا ولكنهم كانوا يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى وتشفع لهم عند الله يقول تعالى " قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون  سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم  سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون " ويقول تعالى أيضا " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " ويقول أيضا " ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " ونحن نؤمن تماما أن توحيد الربوبية لو كان عند المشركين صادقا صحيحا لقادهم حتما إلى توحيد الألوهية ولكنه كان إقرارا باللسان مع عمى القلب وغفلته عن معاني ربوبية الله تعالى ومقتضياتها .

 

 

شرك الربوبية : هو صرف أي معنى من معاني الربوبية لغير الله سبحانه وتعالى ومن مظاهر ذلك :

1-    اعتقاد الإنسان أن يملك نفسه وأنه حر في التعامل مع أوامر الله عز وجل ونواهيه إن شاء قبلها وإن شاء ردها وكذلك اعتقاده أنه يملك سمعه وبصره وما أعطاه الله من مال ونحوه وأن له الحق في التصرف في هذه الأشياء بلا قيود .

2-       اعتقاد أن هناك من يدبر الكون مع الله عز وجل فيعطي ويمنع وينفع ويضر ويتحكم في حياة الناس كاعتقاد الصوفية في الأولياء ومن يسمونهم بالأقطاب والأبدال مما جعلهم يسألونهم النفع وقضاء الحاجات ويطوفون حول قبورهم ويذبحون عندها وهذا الاعتقاد وحده كفيل بإخراج صاحبه  من الملة ولو لم يصاحبه شرك في العبادة ولكننا لا نحكم بكفرهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم لانتشار الجهل فنخبرهم أن الله وحده هو الذي يملك النفع والضر وكشف السوء قال تعالى " أمن يجيب المضطر  إذا  دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ءإله مع الله  قليلا ما تذكرون "  وأن غير الله لا يملك من الأمر شيئا قال تعالى " قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون كشف الضر عنكم ولا

تحويلا " .

3-      اعتقاد أن للجن تصرفات خارجة عن إرادة الله تعالى مما يدفع الناس إلى الخوف من الجن ورهبتهم وما يتبعه من الاستغاثة بهم والذبح لهم .

4-      اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب ومكنونات الصدور غير الله كاعتقاد الصوفية في مشايخهم وأئمتهم وكذلك الذين يصدقونه الكهنة والعرافين .

5-    اعتقاد أن هناك من له حق التشريع غير الله أو حق تبديل شرع الله ومن ذلك أقرار بعض الحكام على ما يفعلونه من الحكم بغير ما أنزل الله وأتباع أئمة البدع ودعاة الضلالة في تبديلهم للشرع وتحليلهم لما حرم الله وتحريمهم لما أحل الله . وهناك فرق بين الاتباع على التبديل ( وهو المقصود في حديث عدي بن حاتم ) والاتباع على الفعل مع الإقرار بحرمته ووجوب إتباع شرع الله فهذا ليس شركا وإنما مجرد معصية ( ومن ذلك أيضا اعتقاد أن من حق الشعب أن يشرع لنفسه ما يشاء فيما يسمى بالديمقراطية ) .            

( الرئيسية - إتصل بنا - أضف موقعك للدليل - للتعليق والاستفسار )