الاثنين   14/01/2002

ثانياً:- المنهج التجريبي:                                                                                             

نتيجتاً لقصور منهج التأمل الذاتي في دراسة الظواهر النفسية لاجي علم النفس إلي استخدام المنهج التجريبي أو منهج الملاحظة الخارجية والتجربة. فهذا المنهج يرفض كل تأمل أو إغراق  في الغيبيات بل هدفه هو دراسة السلوك الخارجي للإنسان وظواهره المحسوسة التي يمكن أن تجرى عليها التجارب المختلفة، فالحالات النفسية المتعددة كالتعب و القلق والحزن و الفرح وغيرها ليست حالات باطنية فقط كما اعتقد أصحاب منهج الاستبطان. بل يمكن مشاهدة ظواهرها الخارجية في السلوك الإنساني كتراخي اليدين مثلاً أو اصفرار الوجه أو اضطراب الحركة.

لذلك بدأ علماء النفس المحدثون في اقتباس خطوات المنهج التجريبي المستخدم في العلوم الطبيعية بعد أن لا حضوا النتائج التقنية التي وصلت إليها عن طريق هذا المنهج فأرادوا أن يحققوا في دراساتهم  عن السلوك البشري نفس تلك النتائج وبتالي أختلا فت المناهج الجديدة لعلم النفس عن المناهج السابقة اختلافاً جوهرياً في أعتمدها الأساسي على الملاحظة والتجربة.

خطوات المنهج التجريبي:

  1. الملاحظة وتحديد موضوع البحث، حيث يلاحظ الباحث السلوك القائم أمامة فعلاً ويحدد المشكلة التى يريد دراستها وتفسيرها.
  2. جمع المعلومات المتصلة بهذه الظاهرة  و وضع عدت فروض يفسرها بواسطتها.
  3. اختبار صحت هذه الفروض بأجراء التجارب المختلفة الممكنة التحقيق.
  4. التوصل إلي النتائج و وضع القانون العام الذي يحكم هذه الظاهرة.

أسس المنهج التجريبي:

  1. أن الحالات النفسية ليست حالات باطنية فقط بل يمكن ملاحظة ظواهرها الخارجية في السلوك الإنساني، مثلاً: حالات الخوف و القلق والفرح والحزن يمكن ملاحظة مظاهرها الخارجية في سلوك الفرد كإطراب حركاته أو تقلص عضلاته أو ارتخائها أو اصفرار الوجه أو احمراره أو سرعة ضربات القلب.
  2. أن السلوك الخارجي للفرد ومظاهرة المحسوسة يمكن أن تخضع للملاحظة المقصودة المنظمة القائم اغلبها على أجراء التجارب ، ففي الامكان ملاحظة سلوك الأطفال اتجاه اللاعب التي تقدمها لهم في فترة زمنية طويلة تسجل خلالها ملاحظاتنا لتدرس ما يحدث لسلوكهم اتجاه تلك اللاعب من تغيرات ونحاول تفسيرها كذلك يمكن التأثير على الآخرين بمؤثرات معينة مفزعة أو مفرحة أو محزنة وملاحظة ما يحدث تبعاً لذلك.
  3. اعتماد المنهج التجريبي على القياس الكمي، بالإضافة على اعتماده على الملاحظة والتجربة مما كان له أثار كبير في التوسع في أجراء التجارب المختلفة على السلوك الإنساني وقياس هذا السلوك قياساً كمياً بواسطة المقاييس المتعددة.
  4. بالإضافة إلي استخدام الملاحظة والقياس، استخدام  المنهج التجريبي على نطاق وأسع في الدراسات النفسية و بعض التجارب يجريها علماء النفس في معامل خاصة، مجهزة بأدق الأجهزة حيث أمكن إجراء التجارب على الراشدين والأطفال و الحيوانات.

وسائل القياس لعلم النفس:

تنوعت وسائل القياس منذ منتصف القرن التاسع عشر فأما أن تقاس الظاهرة النفسية بواسطة اختيارات لفضية وعملية كاختبارات الذكاء و القدرات العقلية مثلاً عن طريق الأجهزة المختلفة:

  1. جهاز الكرونسكوب: لقياس زمن الرجعة وهو يحدد الزمن المستغرق بين وقوع المؤثر وحدوث رد الفعل(الاستجابة) لدى الكائن الحي.
  2. أجهزة الارجوجراف: لقياس التعب العضلي والتنفس من خلال سرعة النبض ودقات القلب.
  3. جهاز السيكوجالفانومتر: الذي يقيس شدة الانفعال عند الفرد، ويوجد عدا ذلك الكثير من الأجهزة التي تقيس مختلف  الظواهر النفسية الأخرى.

من التجارب الخاصة بالتعلم بعد تطبيق المنهج التجريبي:

هل إذا عرف الفرد نتيجة عملة بعد أداه مباشرة أفضل و أجدى عما لو أرجاء أو أجلّ هذه المعرفة إلي النهاية؟

أجرى علماء النفس عدداً من التجارب لمعرفة الإجابة عن هذا التساؤل: فجاءوا بثلاثة مجموعات من الأفراد حجبوا عيونهم وطلبوا منهم أن يرسموا بعض الخطوط المستقيمة طول كل منها ثلاثة سنتمترات وعندا بدا المحاولات تركا أفراد المجموعة الأولى يتخبطون في محاولاتهم دون أن يعلموا نتيجة عملهم أما المجموعة الثانية فقد سمح لهم بمعرفة النتيجة أجمالاً بعد كل محاولة عكس المجموعة الثالثة التي كلما قام أفرادها بحركة صغيرة نضروا إليها ليعرفوا طولها واتجاهها حتى يتفادوا في الحركة التالية أي خطاء وقعوا فيه سابقاً.

وقد كانت نتيجة التجربة هي أن أفراد المجموعة الأولي الذين لم يكونوا يعرفون شيء عن عملهم لم يصلوا إلي الصواب في سلوكهم وفشلت كل محاولاتهم لرسم الخط بالطول المطلوب والمجموعة الثانية أصاب أفرادها بعض التحسين لأنهم كانوا دائماً يعرفون النتيجة الإجمالية بمحاولاتهم أما أفراد المجموعة الثالثة التي كانت ترى نتيجة عملها أولاً بأول فقد كان نجاحها و تحسن سلوكها يفوق كثيراً المجموعة السابقة.

فقد أتضح أن معرفة النتيجة باستمرار ومباشرة عقب كل محاولة يؤدي إلي إتقان الفرد لسلوكه الجديد وهذا يؤكد قيمة المنهج التجريبي في تطور علم النفس وفي دراسة سلوكه الإنساني.