من شكاوي "الحمار الفصيح"!

قبل ظهور السيارات وما شابها من وسائل النقل الحديثة كانت غالبية البيوت والمنازل لاتخلو من رفاقي الحمير. وكان لنا في غالبية اسفارنا المتعددة مكان نبيت فية. يقال له "الخان" وكنا نؤدي رسالتنا في هذه الحياة على اكمل وجه دون ملل أو ضجر. وكنا رفاق الأنسان في حله وترحالة دون أجر أو جزاء. وكنا نتعرض للضرب بالسياط ومع ذلك كنا ننصاع لأوامره عن طيب خاطر رغم آلامنا المبرحة لأننا من المخلوقات الضعيفة التي لا تفكر كما يفكر الأنسان و لا تحقد كما يحقد ولا تعرف الحيلة والمراوغة فقلوبنا بيضاء.

وكنا نقنع بالقليل من الشعير أو الحشائش او ببعض البرسيم نسد به رمقنا وكنا ننام مرتاحي البال والخاطر لأننا لانملك من حطام الدنيا شيئا.

وفي هذه الأيام حلت السيارة مكاننا وأصبحنا نعيش حياة التشرد والبطالة. فلقد تنكر لنا الأنسان واصبح لا يعيرنا أدنى اهتمام. وعرفنا ان سبب رعايتة لنا كانت لحاجة في نفسه فلما قضاها ولى مدبراً وكأن شيئا لم يكن بيننا.. ونسى كل شيْ.. وأصبح الآن يركب السيارات الفارهة ولا يطيق رؤيتنا اذا عبرنا الشارع او سددنا عليه الطريق.

ولقد انقضى عهدنا وولى الى غير رجعة " وهبطت قيمتنا الشرائية" فلم نعد نساوي درهما ولا دينارا، وتخلى عنا الانسان في أحرج أوقاتنا فهل هذا جزاء الاحسان؟

لقد عرفناك على حقيقتك ايها الانسان فانك لن تصادق احدا لا تستفيد منه، واذا اتخذت صديقا او رفيقا انما تتخذه لقضاء حوائجك ومطامعك واهوائك وفي اللحظة التي تشعر فيها انه لم يعد يفيدك بالقليل أو الكثير وبعد ان تستنفد منه كل شيء فانك لن تتورع بأن تلقي به على قارعة الطريق.

نزار الرملي