الاسراف والمظاهر المخادعة ينساق غالبية الناس وراء المظاهر المخادعة
وحب الظهور وفي سبيل ذلك ينفقون الأموال الطائلة طمعا في كسب الوقار
أوالاحترام.. لأن قيمة الانسان الحقيقية في هذا العصر الرديء تكمن في مظهره بغض
النظر عن جوهره او مايحمل من القيم الانسانية. وفي هذه السوق أو في هذه الحلبة يتباهى الناس
بأنهم اشتروا أفخم الثياب وبأغلى الأسعار.. وكلما ازداد الثمن ازداد الشعور
بالارتياح.. حدثنا انسان ما في احدى السهرات العائلية التي تضم الأهل والاحباب
بأنه اشترى سيارة تشبه طائرة الكونكورد وحدثنا آخر على انه اشترى غرفة للجلوس
وغرفة للنوم بمبلغ من المال يسيل له اللعاب .. وطال الحديث ووجدنا آذاناً صاغية
دون أن يتطرق احدهم الى الحديث عما يملأ العقول وكأننا نجلس في صالة لعرض
الأزياء. فقلت لهم رحم الله جدي العزيز فلقد كان يركب الحمار بالبردعة او دونه
وينام على الحصيرة اذا لم يجد مرتبة ينام عليها .. فبهت الحاضرون .. فقال احدهم
اتريدنا ان نعيش حياة الآباء والأجداد او تعود بنا الى الوراء.. قلت معاذ الله
مافات قد فات .. لقد ولى عصر الحمار والعربة والكارو الى غير رجعة واصبحنا نعيش
في عصر الأقمار الصناعية.. لكننا اخذنا من الحضارة الحديثة القشور دون اللباب
ولايعنينا سوى زخارفها المصطنعة التي نتهافت على شرائها حتى نتباهى بها كما
اسلفت لنظهر بمظهر الطواويس. ان اول مانهتم به حين نقيم افراحنا أواعيادنا
في المناسبات السعيدة هو الظهور بالمظهر اللائق.. وفي سبيل ذلك ننفق الأموال
الطائلة وبدون حساب مما ينهك ميزانية ذوي الدخل المحدود الذي يؤدي بدوره الى
الاستدانة.. والدين كما هو معلوم يجلب الأرق ويقض المضاجع أو يؤدي الى حافة
الهاوية. أما آن لنا ان نفوق من سباتنا.. أما آن لنا ان ندرك ان الشاة لاتستطيع ان تدر
اللبن في كل يوم..وأن السنوات العجاف لاقدر الله قد تتبع سنوات الرخاء. هذه دعوة صريحة لمحاربة الأسراف ف "
لاتغلل يدك الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا" صد الله
العظيم نزار الرملي |