صفحات من حياة هتلر

الحرب العالمية الثانية التي اشعلها هتلر عام 1939 كانت على مايبدو للثأر من  الهزيمة التي منيت بها المانيا في الحرب العالمية الأولى عام 1914-1918 التي كان من نتائجها استئصال بعض الأقاليم بما فيها اقليم الرور وضمه الى فرنسا بناء على اتفاقية فرساي.. فلم يرض هتلرعن تلك الاتفاقية المهينة ذلك الرجل الذي بدأ حياته كعامل بسيط ثم انخرط في صفوف المتطوعين في الحرب العالمية الأولى الى ان رقي الى رتبة شاويش .. وفي عام 1920 استقال الشاويش ليتفرغ للسياسة .. وبدا بتأسيس الحزب النازي وارساء قواعده عن طريق اللقاءات الجماهيرية.

كان من أوائل المنضمين اليه رودولف هس وغورنغ وهملر ولودندورف.. وفي عام 1923 قام بمحاولة للاستيلاء على السلطة فسجن على اثرها وافرج عنه عام 1925.. وفي عام 1933 قام بتشكيل حكومة ائتلافية وبعد ان اقسم اليمين القانونية خرجت الجماهير تردد شعاراته "المانيا فوق الجميع" وأصدر على الفور قرارا باعتقال الشيوعيين بما فيهم اعضاء البرلمان .. وقراراً اخر بمنع الزواج من اليهود لحماية الجنس الآري من التلوث.

وفي عام 1934 أصدر قانون الخدمة العسكرية الاجبارية وبدأت الاستعدادات للحرب.

كانت كلمات هتلر أوخطاباته تسري في عروق النازيين كما تسري الدماء في أجسادهم فتارة يسبح بهم في الخيال وتارة ينزل بهم الى الجحيم.. كانت كلماته لها مفعول السحر يرددها الآباء والأبناء والنساء والشيوخ والأطفال " هكذا يقول الفوهرر".

في ظل هذه العواطف الجياشة أجريت الانتخابات وفاز الحزب النازي الذي يتزعمه هتلر بالأغلبية الساحقة.

كان هتلر يلقي خطاباته امام المرآه قبل القائها على الجماهيرليشاهد مدى انفعالاته.. يقول رودلف هس نائب هتلر في مذكراته التي هربها من السجن قبل عامين أو يزيد.. لقد كان هتلر من العباقرة النادرين ولو اتيح لي ان أخرج من السجن لما ترددت لحظة واحدة الى اللحاق به اذا كان لايزال على قيد الحياة.

في ربيع عام1941 دانت له غالبية عروش أوروبا بحرب خاطفة أذهلت العالم أجمع .. وأصبح ركوع بريطانيا امام جبروته يعتمد على عامل الوقت؟ بعد اندحارها في معركة دنكرك..في ظل هذه الانتصارات الرائعة حذر هتلر تشرشل قائلاً .. ان على بريطانيا ان تتفاوض من اجل احلال السلام فلم يعد للحرب أية قيمة وان استمرارها يعني سقوط الامبراطورية التي لم يكن في نيتي تدميرها .. لكن تشرشل

 

رفض هذا العرض في انتظار ان تدخل الولايات المتحدة الامريكية الحرب الى جانب الحلفاء.

لم يستمع هتلر الى نصيحة العلامة هاوسهوفر استاذ التاريخ في جامعة ميونيخ الذي تأثر به في وقت من الأوقات.. بأن لايهاجم الاتحاد السوفيتي قبل أن يحصل على الضوء الأخضر من بريطانيا كي يحمي ظهره من الخلف.. دعاه الى التقارب مع بريطانيا على اساس ان الجنسين الانكلوساكسوني والآري يعودان الى أصل واحد.

بدأت عملية "باربا روسيا" كما يطلقون عليها في صيف عام 1941 وهو الهجوم الذي لم يشهد التاريخ له مثيل وراح ضحيته ملايين البشر حققت فيها الجيوش الالمانية الغازية الانتصارات الرائعة.. لكن فرحة هتلر لم تكتمل .. فلقد وقعت الواقعة وتساقطت الثلوج والأمطار بغزارة .. فغاصت قواته في الوحل ووقعت فريسة لقوات ستالين في الوقت الذي شاهد ضباطه وجنوده أسوار الكرملين.

هزم على أعتاب مدينة موسكو كما هزم من قبله نابليون بونابرت .. لقد كان خطته ان يلتقي رومل بعد ان يحتل ليبيا ومصر وسورية والأردن وفلسطين بالجيش القادم من القوقاز بعد ان يحطم معاقل القياصرة.

لقد قرأنا الكثير عن هتلر من وجهة نظر الحلفاء فالتاريخ يكتبه المنتصرون ولو أن النصر كان حليفه لكان التاريخ قد تبدل..يقول نائبه رودلف هس .. لقد وهب هتلر نفسه لألمانيا وفي سبيلها عاش ومات لقد كانت له مثالياته.. تحدى العالم أجمع ولم يستسلم .. قاتل حتى الرمق الأخير .. لقد وهبت نفسي لأكبر شمس في العالم .. أفلا يحق لي ان أفخر بزعيمي؟

 

نزار الرملي – جـــدة