قصة
من الحياة: مهاجر..للمرة
الثانية والاخيرة رحل عن وطنه فلسطين للرزق، وحطت به الراحله في مدينة
"بوينس ايرس" عام 1912 ميلادية كان شابا في مقتبل العمر، وبدأ حياته
من الصفر عمل في كل شيء. كان يكسب قوته بعرق جبينه كان يعمل بجهد واخلاص وعزيمة
لا تلين، وكان اذا حان موعد انصرافه من العمل عاد الى البيت وآوى الى فراشه وراح
في سبات عميق من فرط التعب. أجاد اللغة الأسبانية التي يتحدث بها شعب الأرجنتين خلال
شهور قليلة كان أبوصلاح رجل قوي البنية مثالا للاستقامة والنزاهة، واستطاع خلال
خمسة عشر عاما أن يجمع ثروة يستطيع بها أن يواجه شظف العيش وعثرات الزمان
وتقلبات الاجواء وفجأة أصيب بمرض فلازم الفراش لمدة ثلاثة شهور، قرر على اثرها
العودة الى الارض والوطن لانه خاف ان يموت غريبا في تلك الديار. عاد الى فلسطين سالما غانما عام 1927 ميلادية واستقبله
أهله بالقبلات والآشواق بعد طول غياب كانت أمنيته أن يتزوج من فتاة فلسطينية
صالحة تشاركه رحلة العمر فكان له ذلك وبدأ يفكر عن افضل وسيلة يستطيع بها أن
يستغل ثروته حتى يوفر لنفسه ولعائلته الحياة الكريمة فاشترى بيتا في مدينة يافا
يطل على البحر... واشترى قطعة أرض كبيرة غرسها بأشجار البرتقال وأشجار الفاكهة
الاخرى وافتتح محلا لتجارة الغلال والمواد الغذائية. ومضت الاعوام تلو الاعوام ورزق أبوصلاح خلالها بالبنين
والبنات وكانت حياته مليئة بالبهجة والطمأنينة.. ولم يكن يدري ماذا يخبأ له
القدروبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945 خيمت السحب والغيوم
على سماء فلسطين واجتاحت البلاد موجة من أعمال العنف وعمت الاضرابات.. وفي عام
1947 صدر قرار التقسيم وارتكبت العصابات الاسرائيلية المذابح ضد النساء والشيوخ
والاطفال قبل قيام الدولة العبرية.. من المال الاالنذر اليسير... وتابع سماعه للأخبار واتضحت
له الحقيقة وعرف أنه لن يعود الى الأرض والوطن .. ومن أين له أن يطعم هذه
الأفواه التي تطلب المزيد والمزيد وهو رجل قد قارب الخامسة والستين؟ فخارت قواه
وأقعد المرض وأصبح طريح الفراش ولم تمض شهور قليلة حتى وافاه أجله المحتوم ودفن
بمصر. لقد خسر كل شيء ماله وأرضه وبيته وكل مايملك..ويالسخرية
القدر.. فلقد ترك أبوصلاح الأرجنتين لأنه لم يرغب في أن يموت بعيدا عن أرض
فلسطين مهبط رأسه فمات في مصر... ولاتدري نفس بأي أرض تموت. نزار الرملي - ج |
دة