الأحزاب السياسيه

 

كان المسلمون متحدين في زمن الرسول، فكان الرسول بالنسبه لهم، زعيمهم الديني وزعيمهم السياسي. لذلك بوفاته ودون تعيين شخص مكانه أوجد فراغاً سياسياً من جهه وكذلك فتح مجال أمام المجموعات المختلفه أن تتقاتل وتتخاصم فيما بينها حول مسألة الخلافه،  ومَن أحق مِن مَن بها وهذا ما ظهر جلياً بعد وفاة الرسول مباشرةً عندما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعده لينتخبوا أحدهم خليفةً للرسول، لأنهم رأوا في أنفسهم أحق من غيرهم بذلك .

وعندما حضر بعض المهاجرين، كان الهدف الأساسي من حضورهم هو إيقاف عملية الإنتخاب لأن هذا ليس من شأن الأنصار. بل يجب أن تقتصر الخلافه على قريش، وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على فتح باب الخلاف بين المسلمين حول قضية الخلافه.

إلى جانب هاتين الفئتين، هناك من رأى أن الخلافه يجب أن تبقى في بيت الرسول وعائلته (بني هاشم) وطالبوا بخلافة علي، وهناك من أراد أن يعيد أمجاده وزعامته التي كان عليها قبل الإسلام، ومنهم بني أميه.

من الملاحظ أن نشأة الأحزاب الشيعه والخوارج وغيرها كانت نشأه سياسيه خالصه، تمحور حول قضية الخلافه.

ولكن لبست هذه الأحزاب وهذه الفرق ثوباً دينياً حتى تُعطي لنفسها صبغه شرعيه، فبدأت تتحاجج هذه الفرق فيما بينها بأمور دينيه، على سبيل المثال : هل الإنسان مُسَيّر أم مخَيَّر ؟

 

الشيعه :

وتعني الشيعه في اللغه، الأتباع والأنصار والمقصود هنا أتباع وأنصار علي بن أبي طالب.

ظهرت الشيعه بعد وفاة الرسول مباشرةً، فهناك من رأى أن علي بن ابي طالب هو أحق المسلمين بخلافة الرسول ويجب أن تبقى الخلافه في ذريّته من بعده أي أن تكون الخلافه بحسب القرابه من الرسول (وراثيه). ويدعمون رأيهم هذا أي أن علي أحق الناس بالخلافه، بقولهم بما أن الرسول لم يكن لديه أولاد ذكور، إذاً تنتقل الخلافه الى أقرب الناس له، وخاصةً أن علي هو زوج ابنة الرسول فاطمه الزهراء، وهو الذي ربّاه الرسول إضافةً الى صفات كثيره يتحلّى بها علي بن أبي طالب، كالعلم والشجاعه وأن لا ننسى أنه أول من أسلم من الصبيان ولم يعبد صنماً قط.

يعتقد الشيعه بأن الإمامه ركنُ من أركان الدين فلا يجوز للأنبياء إغفاله وإهماله لذلك الرسول لم يهمل هذا الأمر بل أوصى لعلي بالخلافه ومن هنا جائت فكرة الوصي أو الوحيد وهو علي بن أبي طالب.

تعتقد الشيعه بعصمة الأئمه أي أن الإمام لا يخطئ بل كل ما يصدر عنه فو صواب، وكذلك يؤمنون بغيبة الإمام أي أن الإمام لا يموت بل غاب وسيعود يوماً ليملأ الدنيا عدلاً بعد أن تكون قد مُلِئت ظلماً وجوراً، وهذه هي فكرة المهدي، ويؤمنون أيضاً بشفاعة الأئمه أي أن الإمام وسيط بين المؤمن وبين الله، وهذا الإمام يشفع للمؤمن.

هناك سيعه متطرّفه التي تؤمن بألوهية علي وأن روح علي قد اتحدت مع الله وأن علي كان يعلم بالغيب. وهكذا تكون الشيعه المتطرّفه قد رفعت مكانة علي عن مكانة الرسول.

انقسمت الشيعه إلى فرق بعد أن كانوا مجموعه واحده، أما أسباب انقسامهم الى فرق، فهي :

1.     إختلافهم حول تسلسل الأئمه.

2.     إختلف الشيعه حول مسأله ألوهية علي، فهناك من يعتبره إنساناً عادياً، وهناك المتطرّفين الذين يعطون علي ألوهيه معيّنه.

ومن أشهر فرق الشيعه ما يلي :

1.     الزيديه: نسبةً الى زيد ابن حسين ابن علي بن أبي طالب، وهي من الفرق المعتدله التي أجازت واعترفت بخلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان، وذلك من باب إن "إمامة المفضول في وجود الأفضل جائزه" لأن خلافة ومبايعة الخلفاء اللذين سبقوا علي كانت بيعتهم صحيحه مع أنه من الأفضل أن يكون علي هو الخليفه. تنتشر الشيعه الزيديه حتى يومنا هذا في اليمن.

2.     الإماميه : وهي من الشيعه المتطرّفه التي تعتبر كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان مغتصبين للخلافه، لأن الإمام هو علي بن أبي طالب، ومن هنا جاءت هذه التسميه. ولقد انقسمت الإماميه الى فرق، منها :

أ‌.        الإثنا- عشريه: وهي تبدأ بإمامة علي وتقف عند الإمام الإثنى-عشر وهو عمر بن حسن العسكري. وتؤمن الإثنا-عشريه وتسمح بإتّباع أسلوب التقيّه، وهو أن يخفي الشيعي ما يؤمن به ويظهر بأنه على مبدأ آخر، وذلك لحماية نفسه من إضطهاد الحكام.

ب‌.    الإسماعيليه: تقف الإسماعيليه عند الإمام السادس وهو إسماعيل بن جعفر الصادق وهو المهدي. وتدّعي الإسماعيليه أن للقرآن معنيان :

معنى ظاهري يفهمه كل من يقرأ القرآن وهناك معنى باطني لا يفهمه إلا الأئمه، ومن هنا جاءت تسميه أخرى للإسماعيليه وهي الباطنيه.

3.     الهاشميه : نسبةً إلى أبي هاشم وهو ابن محمد بن علي بن ابي طالب. ومن هذه الفرقه المختار بن عبيده الثقفي الذي ثار على عبد الملك بادّعاء أن المهدي ابن الوصي (محمد بن علي) قد أوعز له بالخروج ضد الظلم، ومن هنا عُرفت أيضاً الهاشميه بالكيسانيه نسبةً الى لقب المختار كيسان .

 

 

الشيعه منذ نشأتها حتى سقوط الدوله الأمويه

 

عند ظهور الشيعه بعد وفاة الرسول مباشرةً لم يكن لهم أي تأثير في قضية الخلافه لأنهم لم يستطيعوا تعيين علي خليفه واستمروا على هذا الحال حتى خلافة عثمان، فكان لهم دور كبير في مقتل عثمان، وقد وصلت الشيعه ذروة نفوذها عندما فرضوا عليّاً على المسلمين بالرغم من كونهم أقليّه، ولكن ضعفت هذه الفئه عندما خرج قسم منهم، ألا وهو الخوارج. بسبب التحكيم في معركة صفين وهم اللذين قتلوا علي.

واستلم بعدها معاويه الخلافه وبدأ بملاحقة الشيعه الى أن حدثت ثورة الحسين بن علي ومعركة كربلاء زمن يزيد بن معاويه، وقُتِل فيها الحسين وآل الحسين وهذه المعركه أذكت حركة التشيّع، وكذلك تفضيل الأمويين للعرب وإهمالهم للموالي، جعل الكثير من الموالي أن ينضموا للشيعه معارضةً للأمويين. وقد حدثت الكثير من الثورات التي قام بها الشيعته وأشهرها ثورة المختار في خلافة عبد الملك ولكن جميع هذه الثورات فشلت الى أن جاءت الدعوه العباسيه ورفع العباسيون شعار "آل البيت"، وانضم الشيعه الى هذه الثوره وأطاحوا بالخلافه الأمويه وبدأت الخلافه العباسيه ولم يحصل الشيعه على نصيب منها.

 

 

 

 

الخوارج

 

يرتبط ظهور حزب الخوارج في معركة صفين ومسألة التحكيم بين علي ابن ابي طالب الخليفه، ومعاويه بن أبي سفيان المطالب بالثأر لمقتل عثمان، فالخوارج كانوا من ضمن أولئك الذين ضغطوا على علي لقبوله التحكيم وبعد أن عرفوا نتيجة التحكيم لاموا عليًّا بقبوله للتحكيم، وهذا الموقف من قبل الخوارج لم يُفهَم. حينها رفعوا شعار "لا حكم إلا لله" فأجابهم علي: "قول حق يُراد به باطل".

عندما عاد علي إلى الكوفه، عاد ممزّق الصفوف على عكس من جيش معاويه ورفض الخوارج (الذين خرجوا من صفوفه لقبوله التحكيم) دخول الكوفه معه، إنما سكنوا في قرية قريبه من الكوفه وهي الحَرَوْرَاء، لذلك عُرِف الخوارج أيضًا ب "الحروريه"، وكذلك عرفوا ب "المُحَكَّمه" (لأنهم رفعوا شعار :"لا حكم إلا لله") .

حاول علي بن أبي طالب أن يردّ الخوارج الى صفوفه ولكنه فشل في ذلك، لذلك قرّر علي محاربتهم لأنهم صمّموا على قتله، فلحق بهم الى النهروان (على الحدود العراقيه-الفارسيه)، وقتل الكثير منهم، وفيما بعد قُتِل علي على يد أحد الخوارج ويدعى عبد الرحمن بن ملجم، وكان ذلك سنة 661م.

 

نظرة الخوارج بالخلافه :

 

قال الخوارج أن الإمامه يجب أن تكون بغختيار حر من الأئمه، ولا يجب أن تقتصر الإمامه على فريق دون غيره وهنا يوجد إشاره لقريش، إنما الإمامه تحق لكل عربي تقي، وفيما بعد استبدلوا عربي تقب، ب مسلم تقي، وذلك حتى يفتحوا المجال أمام الموالي للإنضمام إلى صفوفهم، حتى ولو كان عبداً حبشياً، بدليل "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".

إعترف الخوارج بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي حتى قبوله التحكيم لأنهم رأوا في ذلك خطأ ارتكبه علي، لأنه في اللحظه التي قبل فيها التحكيم، هذا يعني أنه شكّك في شرعيّة خلافته، لذلك حسب رأي الخوارج أنه لا يجوز للإمام أو للخليفه أن يتنازل أو أن يُحَكَّم وإلا كان الخروج عليه واجباً حتى قتله.

فتح الخوارج المجال أمام المرأه في أن تصل للخلافه في شرط أن تكون أكثر تقوى، بدليل "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى"، وقالوا أيضاً أنه إذا صَلُحَت الأمه فلا داعٍ لإمام.

من هذه الآراء والمبادئ يتضح لنا أن الخوارج يمكن تسميتهم بديمقراطي العرب.

كان الإعتبار الديني فوق كل اعتبار بالنسبه للخوارج ولم تكن لديهم أي مصلحه شخصيه، إنما عملوا حسب ما رأوه مناسباً في مصلحة الذين لذلك لا نستغرب من الخوارج إذا قدّموا أنفسهم ضحايا من أجل فكره أو هدف يؤمنون به، ومن هنا نرى أن أخطر فرقة معارضه للأمويين كانت الخوارج لأنهم يعتبرونهم مغتصبين للخلافه، لذلك حارب الخوارج فكرة الجَبَريّه التي ىمن بها الأمويين، وكثرت ثورات الخوارج، على امتداد الخلافه الأمويه، كتلك التي حدثت في الأهواز (منطقه في العراق على حدود فارس) ومثل تلك التي حدثت في شرقي شبه الجزيره العربيه، زمن عبد الملك بن مروان والتي استطاع أن يخمدها بمساعدة الحجّاج، إذ كان الخوارج شوكه في حلق الخلافه الأمويه، أشغلت الأمويين وأنهكتهم على الصعيد الداخلي.

كام من السهل على أعداء الخوارج النَّيل منهم، لأن الخوارج لم يكونوا موحّدين أبداً، إنما وصل عدد فرق الخوارج إلى ما يزيد عن 20 فرقه، ومن أشهر فرق الخوارج:

v    الأزارقه نسبةً لمؤسسهم نافع بن الأزرق.

v    الأبايضه نسبةً إلى عبد الله بن أباض.

v    النجديه نسبةً إلى نجده بن عامر الحنفي.

 

 

المُعتَزِله

 

تُعتبر المعتزله من أقدم مدارس الفكر بالإسلام، وقد ظهرت هذه الفرقه في البصره في العراق في القرن الثاني الهجري.

كان هناك حلقه دينيه في مسجد البصره وكان الأستاذ في هذه الحلقه حسن البصري الذي كان يشرح لتلاميذه أمور دينيه فقهيه، فعندما جاء لتعريف فاعل الكبائر (الذنوب الكبيره)، فعرّفه حسن البصري بأنه مؤمن، فاعترضه أحد تلاميذه ويُدعى واصل بن عطاء الذي قال له، لا يجوز اعتبار فاعل الكبائر بأنه مؤمن، إنما هو في منزله بين المنزلتين، أي في منزله بين الكفر والإيمان.

عندها غضب حسن البصري وصرخ " إعتزل عنّا يا واصل"، فقام واصل واعتزل حلقة حسن البصري وجلس في زاوية أخرى في المسجد، فتبعه فيما بعد كل مَن أيّده، وعُرف هؤلاء ب "المعتزله".

من المًلاحظ أن نشأة المعتزله كانت نشأه دينيه خالصه.

 

أصول المعتزله:

1.     العدل: والمقصود بعدل الله، فتقول المعتزله بأن الإنسان مُخّيّر وليس مُسَيَّر، وأن كل إنسان يختار أعماله، لذلك أن من يختار طريق الخير والطريق الصالح فالله يجازيه خيراً، أما الإنسان الذي يرتكب الذنوب والمعاصي والكبائر فالله يعاقبه على أعماله، وهنا يكمن عدل الله سبحانه وتعالى.

2.     التوحيد: وهي فكرة توحيد الله أي أن الله سبحانه وتعالى ليس له مثيل في الكون، إنما هو وحيد لا شبيه له، وهو عباره عن قوّه مطلقه مسيطره على هذا الكون وتُسيّره. "أي على كل الكون ما عدا الإنسان".

3.     الوعد والوعيد: الوعد وهو وعد الله للمؤمنين والخيرين بالجنه والحياه الأبديه، والوعيد هو التهديد أي تهديد الله للكفّار بأنهم سيلقون عذاباً أليماً في نار جهنّم، لذلك رأينا أن السور القرآنيه التي نزلت في مكه في بداية الدعوه كانت مايئه بالوعيد للكفار وحثهم للدخول للإسلام عن طريق تهديدهم.

4.     المنزله بين المنزلتين: تعتبر المعتزله أن المسلم فاعل الكبائر هو ليس بمؤمن وليس بكافر وإنما هو في منزله بين المنزلتين، أي بين الكفر والإيمان ويُسمى فاسق وهذا الفاسق إذا لم يَتُب قبل وفاته سيخلد في نار جهنّم.

5.     الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : على كل مسلم إذا رأى مُنكراً في المجتمع اللذي يعيش فيه يجب عليه أن يعمل لتصحيح وتقويم هذا المُنكر، بأن يأمر بالمعروف وأن ينهي عن هذا المُنكر. وهناك حديث نبوي يؤكد هذه الفكره: " من رأى منكم مُنكراً فليقوّمه يبده، وإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع بقلبه وهذا أضعف الإيمان".

 

عملت المعتزله على نشر مبادئها بطريقتين وهما:

1.     العمل السري

2.     محاولة إحتواء الخلافه أي جعل الخليفه يتبنّى مبدأ الإعتزال، وقد وصلت المعتزله أوجها في زمن الخليفه العباسي المأمون الذي أعلن أن الإعتزال هو المبدأ الرسمي للدوله، وقد أوصى المأمون أخاه المعتصم بأن يتبنّى هو الآخر مبدأ الإعتزال.

من أهم المبادئ اللتي تؤمن بها المعتزله هو خلق القرآن، وهكذا يكونوا قد خالفوا جميع الفرق الإسلاميه التي تؤمن بإنزال القرآن، أي أن القرآن كان موجوداً في السماء منذ الأزل وأُنزل على محمد صلى الله عليه وسلّم، وبينما المعتزله تقول بخلق القرآن أي أن القرآن قد خُلقت سوره في المناسبه "حسب الحدث" ثم أُنزل لأن إذا آمنت المعتزله بأن القرآن كان موجوداًَ في السماء وهذا يعني أن الإنسان مُسَيَّر وأن كل ما يحدث معه قضاء وقدر وهذا يتعارض مع مبادئهم بالإختياريه وحرية الإراده وأن الإنسان مُخيَّراً وليس مُسَيَّراً..

وكذلك المعتزله يقول أنه ليس هنالك قديم سوى الله لهذا رفضوا فكرة أن القرآن كان موجوداً في السماء منذ الأزل لأنه في هذه الحاله سيكون هنالك قديمان: الله والقرآن.

نطرة المعتزله بالخلافه:

يلخص المسعودي بأسهر كتاب له "مروج الذهب" نظرة المعتزله للخلافه بقوله " أن الإمامه يجب أن تكون باختيار حر من الأمه لأن الله لم يُشِر إلى شخص بعينه أو بطريقه لإختيار الإمام".

 

 

 

الخلافه

 

ترك الرسول فراغاً سياسياً بموته لأنه لم يعيّن شخصاً يخلفه لذلك حول المسأله الخلافه دار صراع بين المسلمين على فئاتهم المختلفه، مَن أحق من غيره بخلافة الرسول.

الخلافه هي من الفعل خَلَفَ أي "جاء بعد"، وعو أعلى منصب في الحُلم، والمقصود بالخليفه هو ذلك الشخص الذي حلّ محل الرسول في إدارة شؤون الدوله.

أول ما ظهرت كلمة خليفه عند إنتخاب أبي بكر، إذ أُطلق عليه "خليفة الرسول"، وعندما استلم عمر الخلافه، دُعِيَ "خليفة خليفة الرسول"، إلا أن قال أحد الصحابه لعمر، نحن المؤمنون وأنت أميرنا، ومن تلك اللحظه لُقِّب عمر بن الخطّاب بأمير المؤمنين، وهكذا تخلّصوا من تكرار كلمة خليفه.

أما في زمن علي بن أبي طالب، فأُطلق على الخليفه، "الإمام علي" وهذا يعطي الخلافه ميزه دينيه أكثر من سياسيه، وكان ذلك فقط لعلي.

استمر الخلفاء في بتلقيبهم بأمير المؤمنين حتى في العصر الأموي، ولكن في العصر العباسي إتخذ خلفاء بني العبّاس، ألقاب مرتبطه باسم الجلاله، مثل الهادي، المأمون، المُعتصم، الرشيد...

طرق إنتخاب الخلافه:

1.     أبو بكر الصديق: عند موت الرسول، اجتمع الانصار في سقيفة بني ساعده لينتخبوا أحدهم خليفةً للرسول، ان مرشحهم بذلك سعد بن عباده سيد الخوارج، وعندما وصل خبر الإجتماع الى المهاجرين أسرع كل من أبي بكر الصديق، عمر بن الخطاب، وأبي عبيده بن الجراح، الى السقيفه ليوقفوا عملية الإنتخاب، وعندما وصلوا الى هناك دار جَدَلٌ بين الفريقين الأنصار والمهاجرين وكانت نتيجة الجدل أن انتُخب أبو بكر خليفة للرسول، وعُرف هذا الإنتخاب ببيعة السقيفه أو "البيعه الصغرى" والطريقه تُعرف "بالإنتخاب الإستشاري". وفي اليوم التالي بويع أبو بكر "البيعه العامه" أو "البيعه الكبرى".

2.     عمر بن الخطاب: إنتبه أبو بكر الصديق للذي حدث لعدم تعيين الرسول شخصاً يخلفه لذلك بدأ أبو بكر يستشير الصحابه "أهل الحل والعقد" كل الصحابه حول عمر بن الخطاب، فكان هناك إجماع بين الصحابع على صلاحية وآهلية عمر لذلك عهد أبو بكر الصديق لعمر بالخلافه، وبعد وفاة أبوبكر بويع عمر بالخلافه، وتُعرَف طريقة إنتخابه "بطريقة العهد".

3.     عثمان بن عفّان: عندما طُعن عمر بن الخطاب، وهو على فراش الموت (العرب سيطروا على الفرس ولكي ينتقم الموالي لنفسهم، إغتالوا عمر كإنتقام من المسلمين) حضر إليه المسلمين وطلبوا منه أن يعين شخصاً يخلفه في حالة وفاته، فعيّن ستة أشخاص عُرفوا بأهل الشورى وهم عبد الرحمن بن عوف "رئيس الشورى"، عثمان بن عفان، طلحه بن عبيد الله، الزبير بن العوام، سعد بن أبي وقّاص، علي بن أبي طالب. فانتبه عمر أنه من الممكن أن ينقسم أهل الشورى إلى فئتين ثلاثه ضد ثلاثه، فقال لهم أنه في حالة التعادل توجّهوا الى إبني عبد الله ليرجّح إحدى الكفتين، وليمنع منه ترشيح نفسه للخلافه حتى لا يُنتخب وتتحول الخلافه الى وراثيه، وقال لهم أيضاً إذا لم يعجبكم رأي عبد الله فإن الكف التي فيها عبد الرحمن بن عوف هي الأرجح (كأن لعبد الرحمن صوتان ولذلك اعتُبّر رئيس الشورى). بعد أن توفي عمر اجتمع أهل الشورى، وفي النهايه تم إنتخاب عثمان بن عفان خليفةً لعمر وتُعرف هذه الطريقه "بطريقة الشورى".

4.     علي بن أبي طالب: حدثت الفتنه الأولى في الإسلام زمن الخليفه الراشدي عثمان بن عفان، الذي قُتِل على يد الثوار، وعُرِف يوم مقتله "بيوم الدار". ذهب الثوار وعينوا علياً خليفه للمسلمين، ومن ثم حدثت مبايعه أي الطريقه التي انتُخب فيها علي هي تعيين من قبل الثوار ومن ثم البيعه.

أما في العصر الأموي ومنذ خلافة معاويه بن أبي سفيان، إتُّبعت طريقه جديده لتعيين الخلافه وهي طريقة التوريث، إذ أصبحت الخلافه وراثيه، ةفنرى معاويه يأخذ البيعه لابنه يزيد وهو حيّ يُرزق أي قبل وفاة معاويه. وبيعة يزيد إما ترغيباً وإما ترهيباً.

رأي الفئات بالنسبه للخلافه:

v    الأنصار : رأي الأنصار أنهم أحق الناس بمقام محمد صلى الله عليه وسلم من غيرهم لنصرتهم له وللدجين الإسلامي، لذلك نراهم يجتمعون في سقيفة بني ساعده بينتخبوا أحدهم خليقة للمسلمين، ولكن عندما حضر المهاجرين وقالوا لهم أن الأئمه من بني قريش أو دعوا الأمر لقريش، إقترح الأنصار أن يكون خليفتان في آن واحد، وهذه الإقتراح رُفِضَ ورأوا أن الخلافه ليس شرطاً أن تقتصر على فئه دون الأخرى، إنما حق لجميع المسلمين.

v    المهاجرين: يتمثّل رأي المهاجرين بموقف أبي بكر في سقيفة بني ساعده عندما حصر أبو بكر الخلافه أو أحقية الخلافه بقريش، عندما قال الأئمه من قريش، وهذا الرأي أي رأي السنه هو الذي غلب لأن جميع الخلفاء، دون استثناء كانوا من قريش.

v    الشيعه: هناك من رأى أن أحق الناس بالخلافه أي بخلافة الرسول وبمقامه هم آل بيته وخاصة ً علي بن ابي طالب، أقرب الناس للرسول، وطالبوا بأن تنتقل الخلافه من بعد علي بذريته أي تتحول الخلافه الى وراثيه، وكان على رأس هؤلاء علي بن أبي طالب وشيعته.

v    الخوارج: إن ظهور الخوارج في صفين بعد مسألة التحكيم، وضعوا نظرتهم بالنسبه للخلافه بأنها حق لكل مسلم تقي، بدليل "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، ولم يراعي الخوارج قضية النسب في الخليفة.

v    المعتزله: رأت المعتزله أن الخليفه يجب أن يكون باختيار حر من الأمه، لأن الرسول والقرآن لم يشيرا الى شخص بعينه ولا الى طريقه بعينها، لذلك لا يجب مراعاة النسب في قضية الخلافه وهكذا يكونوا قد تشابهوا مع الخوارج.

البيعه:

البيعه تعني الطاعه والولاء، والإعتراف بالخليفه، لذلك كل خليفه كان يحتاج الى بيعه التي تعطيه الشرعيه، وأهم بيعه كانت للخليفه في صدر الإسلان (الفتره الراشديه وأوائل الأمويه) هي بيعة الصحابه، وكانت البيعه تتم في مسجد المدينه، إذ كانوا يأتون إليه المبايعون ويصافحونه، أما في الولايات فكانت البيعه تُؤخذ من قبل الوالي.

علامات الخلافه:

1.     البُرده (العباءه): وهي العباءه التي تُغطى للخليفه كعلامه من علامات الخلافه، والمقصود بالبرده هي عباءة الرسول التي خلعها عندما جاءه كعب بن زهير الذي آذى الرسول بهجاءه، وعندما جاء تائباً ألبسه الرسول عباءه علامه على مسامحته، وبقيت هذه العباءه عند قبيلة كعب حتى خلافة معاويه الذي إشتراها من القبيله ليرمز للمسلمين أن خلافته استمراريه كحكم الرسول، وتداولوها خلفاء بني أميه ومن ثم خلفاء بني العباس ويقال أنها وصلت الى العثمانيين.

2.     الخاتم: والمقصود بالخاتم هو ختم الخلافه، ففي زمن الرسول صنع له ختماً نُقِش عليه "محمد رسول الله" فاستخدمه من بعد الرسول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان الذي أضاعه وعمل غيره نقش عليه "عثمان بن عفان"، وهكذا فيما بعد أصبح كل خليفه يصنع له ختماً ينقش عليه اسمه.

3.     الخطبه: وهي ذكر الخليفه والدعاء له من على المنابر بعد ذكر الله ورسوله.

4.     القضيب: أي العصى وهي رمز للسلطه، كانت تُقدَّم للخليفه مع البرده كعلامه من علامات الخلافه، وأحياناً كثيره كان الخليفه يتكئ عليه ليريح جسده عندما يلقي خطبه طويله، إضافةً لكونها رمزاً للسلطه.

5.     الصكه: والمقصود بالصكه، العمله، وأول من ضرب العمله من الخلفاء كان عبد الملك بن مروان ونقش عليها إسمه وفيما بعد كل خليفه كانت تضرب في فترته عمله، كان ينقش عليها اسمه.

6.     الطراز: والمقصود بالطراز هو نقش وتطريز اسم الخليفه على عبائته، وهذه العاده أُخذت عن البيزنطيين.

الصفات التي يجب أن تتوفر بالخليفه:

1.     العلم: أي أن يكون عالماً بأمور الدين والأحكام الشرعيه.

2.     العداله: يجب أن يكون الخليفه مستقيماً، متنبّهاً للأخطاء، معروفاً بحسن سيرته وأخلاقه الحميده داخل المجتمع الإسلامي.

3.     الكفايه: أي قادراً على حماية الحدود عارفاً بأمور الحرب، وعارفاً في كيفية جذب الناس إليها، وكافياً في حماية الدين وإقامة الأحكام، وتدبير المصالح، وتصريف شؤون البلاد.

4.     سلامة الحواس: يجب على الخليفة أن يكون سليم الحواس، أي سليماً من الجنون، العمى، الصمم وكذلك سليم الرجلين واليدين.

5.     النسب القرشي: أجمع الصحابه يوم إجتماعهم في سقيفة بني ساعده على هذا الشرط إستناداً على حديث الرسول "الأئمه من قريش".

6.     الذكوره: أي أن يكون الخليفه رجلاً وليس امرأه على الكس من فكرة الخوارج.

 

 

مميزات الخلافه

الخلافه الراشديه

1.     تميزت الخلافه الراشديه بالبساطه والسذاجه، أي لم يختلف الخلفاء عن غيرهم من المسلمين لا من حيث المسكن ولا من حيث الملبس والمظهر.

2.     غلب الطابع الديني على الخلافه الراشديه فكان الخليفه أقرب الى الدين منه الى السياسه.

3.     تقيّد الخليفه الراشدي بالقرآن والسنه واعتمد على مبدأ الشورى إذ كان الخليفه الراشدي يشاور الصحابه "أهل الحل والعقد" ولكنه ليس مجبراً أن يسير حسب رأيه.

4.     كان الخليفه الراشدي عند استلامه الخلافه يلقي خطبةً يبيّن فيها تلك السياسه التي سينتهجها مع المسلمين.

5.     لم يحاول أحد من الخلفاء الراشدين أن يجعل الخلافه بالوراثه، والدليل على ذلك قصة عمر بن الخطاب مع أهل الشورى عندما عيّن ابنه سابعهم في حالة التعادل، ومنعه من ترشيح نفسه حتى لا يُنتخب وتتحول الخلافه الى وراثيه.

6.     يمكن اعتبار الخلافه الراشديه هي بداية عصر الفتوحات خارج شبه الجزيره العربيه.

 

الخلافه الأمويه

تميزت الخلافه الأمويه بعدة ميزات جعلتها تختلف عن الخلافه الراشديه من أهمها ما يلي:

1.     تميزت الخلافه الأمويه بالطابع السياسي فأصبحت أقرب الى الملكيه، وهناك قول شهير لمعاويه مؤسس الدوله الأمويه وهو "أنا أول الملوك".

2.     إتخاذ معاويه لنظام التوريث في انتقال الخلافه، ونراه يأخذ البيعه لابنه يزيد في حياته.

3.     اتخذ معاويه الكثير من الأمور التي دلّت على شيء فإنها تدل على حماية نفسه من إغتيال أعدائه له وخاصةً أنه حصل على الخلافه بعد حربه مع علي، من هذه الأمور إتخاذ الحرس الخاص واستحداث وظيفة الحاجب (الشخص الذي يقف على باب الخليفه لتنظيم الدخول) وكذلك إتخاذ المقصوره وهي غرفه صغيره كان يصلي بداخلها لوحده في المسجد ومحاطاً بالحرس خوفاً من اغتيال أحد المصلين له.

4.     لم تعد الخلافه الأمويه بسيطه وساذجه كالخلافه الراشديه إنما بدأ خلفاء بني أميه يأخذون مظاهر العظمه والكبرياء كالسكن في القصور والإبتعاد عن الرعيه وإتخاذ الحاجب والحرس كما ذكرنا سابقاً.

 

الخلافه العباسيه

شابهت الخلافه العباسيه الخلافه الأمويه مع بعض الميّزات الخاصه منها:

1.     إعتبر الخلفاء العباسيين أنفسهم "ظل الله على الأرض" أي أحاطوا أنفسهم بهالة القمر وكأنهم كما ذكرنا ظل الله على الأرض، أي أنهم يحكمون بمشيئة الله.

2.     تأثر الخلفاء العباسيون بالنظم الفارسيه، فأخذوا عنهم الكثير من الأمور بالإضافه الى الفرسيه مثل السياف الذي ينظم أحكام الأعلام، الوزاره، الحجابه في دارين.

3.     يمكن تقسيم الدوله العباسيه الى عصرين عصر عباسي أول وتتميز بقوه الخليفه وقوة نفوذه وسيطرته والعصر العباسي الثاني الذي ضعف فيها الخليفه وفقد مكانته وأصبح الحُكم في أيدي قادة الجيش من الموالي فكانوا من الأتراك ثم من البويهيين وأخيراً السلاجقه.

4.     لم يحافظ ولم يتعصب الخلفاء العباسيين للعنصر العربي على عكس من الأمويين فنراهم يختلطون إختلاطاً كبيراً بالموالي وتُفتَح المجالات أمام الموالي في جميع الأمور لدرجه أنه لم يكن من الخلفاء العباسيين إلاً ثلاثه من أب وأم عربيين، وأما البقيه من أمهات أجنبيات وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على اندماج واختلاط قوميات مختلفه في الدوله.

 

 

 

الوزاره

 

هناك آراء مختلفه حول أصل كلمة وزير وهي:

1.     أنها مشتقه من الوزر – وتعني العبء أو الثقل أو الحمل وكأن الحكم هو عبءٌ ثقيل على كاهل الخليفه فأتى الوزير ويخفف عن الخليفه بعضاً من هذا الحمل.

2.     الوَزَر – وتعني الملجأ، أي أن الخليفه يلتجئ الى وزيره لطلب المساعده.

3.     الأَزَر – وتعني الظهر فكما أن جسم الإنسان يستند على الظهر هكذا الخليفه يستند على وزيره والمقصود يساعده.

4.     هناك من يعتقد أن كلمة وزير هي أصلها فارسي وأصلها فشير والتي تعني وزير.

 

كان الرسول في الكثير من الأحيان يعتمد على أبو بكر في إدارة شؤون الدوله، وخاصةً أثناء غيابه أو فرصه، وهنالك بعض المسلمين، الذين كانوا يذهبون الى بلاد فارس، رأوا أن أبو بكر يقوم بنفس العمل الذي يقوم به الوزير عند الفرس، فأطلق هؤلاء على أبي بكر "وزير النبي".

وهكذا كان عمر بن الخطاب بالنسبه لأبي بكر أي مساعداً له، وعثمان وعلي مساعدا عمر، وهذه المساعده كانت بشكل تطوّعي دون مقابل.

وأما في العصر الأموي فمع إتساع رقعة الدوله وزيادة مساحاتها الناتجه عن الفتوحات اتخذ خلفاء بني أميه لهم الكثير من المساعدين والمستشارين ولكنهم لم يطلقوا على مساعديهم ومستشاريهم لقب وزير، وذلك من باب الكبرياء والعظمه، لأن كلمة وزير تعني المُساعِد، وخلفاء بني أميه قادرين على إدارة البلاد لوحدهم دون مساعده، مع أنهم اتخذوا لهم الكثير من المساعدين، وإن ظهور وظيفة الوزير كوظيفه رسميه ذات أسس وقواعد كان مع بداية الدوله العباسيه وذلك لتأثر العباسيين بالنظم الفارسيه، فأخذوا عنهم الكثير ومن بين ما أخذوه كانت الوزاره وأول من استَوزَرَه بني العبّاس، كان أبو سلمى الخلال الذي لُقِّب "بوزير آل محمد" والذي قُتِل على يد الخليفه العباسي الأول السّفّاح.

ثم استوزروا أبو جهنّم الذي قُتِل هو الآخر على يد الخليفه العباسي الثاني أبي جعفر المنصور ثم استوزروا آخرين قسم قُتِل وقسم آخر عُزِل، وفي هذه الفتره خاف الوزراء ورفضوا أن يسموهم بوزراء خوفاً من بطش الخلفاء وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على مدى ضعف الوزير أمام الخليفه الذي كان يتمتع بقوه ونفوذ كبيرين.

طرأ تطوّر على الوزاره في زمن الخليفه هارون الرشيد إذ أصبح هناك وزارة تفويض فنرى هارون الرشيد يقلّد وزيره جعفر البرمكي ختم الخلافه أي أصبح جعفر مسؤولاً ومفوّضاً على إدارة البلاد ووصل جعفر الى درجه كبيره من النفوذ والسلطه لدرجه أن هارون الرشيد عندما أراد مبلغاً من المال طلبه من وزيره، وكذلك كان يشتهي هارون الرشيد أن يكون عند أبنائه قصوراً مثل تلك التي عند البرامكه، وبالرغم من هذا النفوذ الكبير الذي وصل إليه البرامكه إلا أنه في ليله واحده استطاع هارون الرشيد أن يقتل وزيره وجميع البرامكه وعُرفت هذه الحادثه "بنكبة البرامكه".

أنواع الوزارات:

تنقسم الوزاره الى نوعين وهما:

1.     وزارة تنفيذ

2.     وزارة تفويض

وزارة التنفيذ: وفيها يكون الوزير حلقة وصل بين الخليفه وبين الأمراء ويكون مسؤولاً عن تنفيذ أوامر الخليفه.

وزارة التفويض:وفيها يكون الوزير مُفَوَّضاً من قبل الخليفه في إدارة شؤون الدوله، ولا يرجع الوزير الى الخليفه، إلا في الأمور الهامه مثل وزارة جعفر البرمكي في خلافة هارون الرشيد.

لأهمية وزارة التفويض هناك شروط واعتبارات يجب أن تتوفر في وزارة التفويض وهي:

 

وزارة تنفيذ

وزارة تفويض

الشروط المعتبره

ليس  شرطاً

شرط أساسي

(لأن المسلم يحكم على المسلمين)

الإسلام

ليس شرطاً

شرط أساسي

(لأنه لا يجوز لعبد أن يأمر أحرار)

الحريه

ليس شرطاً

شرط اساسي

(لأن وظيفته الجلوس في أعلى شريعه)

العلم بأحكام الشريعه

ليس شرطاً

شرط أساسي

(لأن من مسؤولياته أن يحمي حدود الدوله ويحافظ على الأمن الداخلي ومن مسؤوليته جباية ضريبة الخراج)

العلم بأمري الحرب والخَراج(ضريبة أرض)

 

حتى تبقى مكانة الخليفه أعلى من مكانة الوزير، يحق للخليفه بعض الأمور التي لا تحق للوزير، منها:

1.     يستطيع الخليفه عزل الوزير ولا يستطيع الوزير عزل الخليفه.

2.     يستطيع الخليفه أن يعزل من عيّنهم الوزير ولا يستطيع الوزير أن يعزل من عيّنهم الخليفه.

3.     يستطيع الخليفه أن يعيّن ولي عهد ولا يستطيع الوزير ذلك.

4.     يستطيع الخليفه التنازل والإستعفاء ولا يستطيع الوزير ذلك.

صلاحيات وزير التفويض:

1.     تعيين الولاه ورؤساء الدواوين والعمال والموظفين في الدوله.

2.     حماية حدود الدوله من الأعداء والمحافظه على أمنها الداخلي.

3.     الجلوس في محكمه المظالم والنظر في تظلمات الرعيه.

4.     جباية الأموال وحرية التصرّف بأموال بيت المال.

5.     تسيير الحج والمحافظه على العبادات وكل ما يتعلّق بأمور الدين.

 

في العصر العباسي الثاني عندما ضعف مركز الخليفه بدأ الراغبين في إشغال منصب الوزير بتقديم الرشاوي وكذلك بإحاكة/شبك المؤامرات والدسائس من أجل الحصول على الوزاره وهذا استمر حتى مرحلة النفوذ البويهي، لم يعد هناك قيمه لا للخليفه ولا للوزير وإنما أصبحت السلطه كلها للأمراء البويهيين.

 

 

 

الحجابه

 

الحجابه هي من حَجَبَ وتعني غطى وستر، فالحاجب هو ذلك الشخص الذي وقف على باب الخليفه وحجبه عن الرعيه فنظّم هذا الحاجب عملية دخول الرعيه لمقابلة الخليفه.

ظهرت الحجابه في زمن معاويه بن أبي سفيان، إذ لم يكن هناك حجابه، لا في زمن الرسول ولا في زمن الخلافه الراشديه، فكان بإمكان أي شخص مقابلة الخليفه متى شاء وخاصةً أن الخلفاء الراشدين قضوا معظم أوقاتهم في المسجد، وهذا أيضاً سهّل على اغتيال ثلاثه منهم (عمر وعثمان وعلي).

أما معاويه بن أبي سفيان فلكثرة أعدائه وخاصةً بعد محاولة إغتياله الفاشله، اتخذ بعض أساليب الحيطه والحذر، منها إتخاذه للحاجب.

راعى الحاجب في العصر الأموي في إدخال الرعيه للخليفه ثلاثة أمور:

1.     النسب: أي الذي من عائلة الخليفه أو ينسب للرسول فيدخل بدون انتظار.

2.     العلم: أي المعروف بعلمه.

3.     السن: الإحترام للأكبر سناً.

 

أوصى الخليفه الأموي عبد الملك بن مروان حاجبه في حجب جميع الناس ما عدا ثلاثه هم:

1.     المؤذن: لأنه الداعي الى الله.

2.     حامل الرسائل: حتى لا تكن هنالك رساله مهمه يجب أن يتطلع عليها الخليفه بسرعه.

3.     حامل الطعام: حتى لا يفسد هذا الطعام.

تطوّرت الحجابه في العصر العباسي فأصبح هناك داران للحجابه وهما:

1.     دار حجابة الخاصه : ويقابل فيها الخليفه الطبقه الخاصه أي الوزراء، الأمراء، رؤساء الدواوين، أفراد عائلته وشاعر البلاط.

2.     دار حجابة العامه: وفيها يقابل الخليفه العامه أي كل منلا ينتمي للخاصه.

وهكذا لم تعد تلتقي الخاصه والعامه في دار الحجابه.

كان نفوذ الحاجب يزداد مع ضعف شخصية الخليفه، ومن أشهر الحُجّاب "الفضل ابن ربيع" حاجب هارون الرشيد الذي كان له دور في مكبة البرامكه، وكذلك في التأثير على هارون الرشيد بإعطاء ولاية العهد لابنه الأصغر "الأمين" وليس للأكبر "المأمون"، وذلك لأن أم الأمين كانت عربيه وأما أم المأمون كانت فارسيه، وبما أن الفضل بن ربيع كان متعصّباً للعرب (ويمثّل الحزب العربي) ضغط على هارون الرشيد. وكذلك لعب دوراً في الحرب الأهليه بين الأخوين (الأمين والمأمون).

وأما في العصر العباسي الثاني بسبب ضعف الخلفاء ازداد نفوذ الحاجب وبدأ يتطرّق الى أمور إداريه كالإشراف على الدواوين.

 

 

 

الوظيفه التي لم يصلّحها الأستاذ:

من الطالب شريف ياسين:

1.     ما هو التطوّر الذي طرأ على الحجابه في العصر العباسي؟

 

اقتدى الخلفاء العباسيين ببني أميه، فاتخذوا الحجاب، وزادوا في منع الناس عن ملاقاة الخليفه إلا في الأمور المهمه، وهذا ما يسمّيه ابن خلدون بالحجاب الثاني، وصار بين الناس وبين الخليفه داران:

1. دار الخاصه: حيث يستقبل فيها أقرباءه ورجال دولته وطبقة الأشراف وأتباعِهِ.

2.     دار العامه: حيث يستقبل فيها طبقات العامه التي تضم: أصحاب الحِرَف والصناعات والتجار والأدباء والشعراء والحكماء والمعنون.

 

وعلت مرتبة الحاجب بارتقاء الحضاره الإسلاميه في أيام العباسيين فأصبح يُستَشار في كثير من أمور الدوله ويتدخّل في أمور الدوله، ويستبد بالنفوذ دون الوزير ويلزم أصحاب الدواوين بالرجوع اليه.

 

2. الشعوبيه

من الطالب شريف ياسين:

في أوائل الدوله العباسيه نشأت بين الشعوب المَغلوبه، ولا سيما الفرس، حركة حريه بالدرس تومي الى مقاومة روح السياده والأفضليه التي كان يبديها المسلمون العرب وقد تسمّت هذه الحركه بالشعوبيه، وكان قوامها الدعوه الى التسويه بين كل المسلمين، ومع أنها تتجلى بين الخوارج والشيعه بشكل سياسي حزبي وتصطبغ في بعض الأوساط الفارسيه بصبغه دينيه كالزندقه وما أشبه، فإنها قد اتخذت على العموم شكلاً من الجدل الأدبي وراحت تسخر بما يدعيه العرب من تفوّق عقلي وتزعم بدورها أن التفوّق في الشعر والأدب كان لغير العرب، وقد ناصر الشعوبيه من رجال الأدب جماعة كالبيروني وحمزة الأصفهاني، بينما دافع عن العرب جماعةً من العرب وغير العرب أصلاً، منهم الجاحظ وابن درير..

 

من الطالبه أنهار:

2. الشعوبيه:

وهي مقاومة العصبيه القبليه بعصبيه أخرى، وهذه العصبيه سُميَت "بالشعوبيه"، وكلمة الشعوبيه مأخوذه من الشعوب وهي تعني تعًب الإنسان لقومه وشعبه، فيما أن العرب تعصّبوا لأنفسهم تعصّب الموالي لأنفسهم أيضاً.

والشعوبيه عبار عن نضال اجتماعي فكري دافع فيه الموالي عن أنفسهم في محاولة أن يبيّنوا أنهم أعلى من العرب وليسوا أقل منهم مركزاً. وااشعوبيه هي ذلك الإنسان الذي يميل الى الحطّ من شأن العرب وقيمتهم، وتُقسم الشعوبيه الى فئتين، أي أن داخل الشعوبيه هناك رأيين بالنسبه لتصوّرهم للعرب، فالفئه الأولى تَمثُل الى التسامح أكثر والمساواه بين العرب والموالي إذ تسمى هذه الفئه باسم "السوّه" أي الذين ساووا ما بين الشعوب، وقد اعتمد أهل السويه في تصوّرهم هذا على الآيات وعلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم، والتي تنصّ على المساواه، ومنها قوله تعالى "إنما المؤمنون إخوة" وقوله عليه السلام "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" ، وهذه الآيات تنصّ على المساواه أي أنهم من أب وأم واحد، لهذا لا داعي للتفرقه والتمييز بين إنسان وآخر بسبب أصله.

وأما الفئه الثانيه من الشعوبيه فهي الفئه التي تميل الى الحطّ من قيمة وشأن العرب، ورفعوا من قيمة باقي الشعوب عليها، مثلاً الفرس أحسم من العرب إذ أن لهم حضاره بينما العرب لا يملكون سوى الخيمه، أي أنه ليس لهم تاريخ ولا حضاره ولا تراث، بدليل أن لباقي الشعوب حضارات مثل فنون البناء والقتال، إضافةً الى ذلك كانوا يطعنون بكل شيء افتخر به العرب مثل الدين الإسلامي، أنه أول ما جاء عند العرب، ولكن الموالي طعنوا بهذا وقالوا أن الدين الإسلامي جاء لجميع الناس وبدأوا أيضاً بكتابة الكتب والأشعار في مثالب العرب ومناقب وحسنات العجم أي الموالي وقد اعتمدوا على أن يرفعوا من قيمة باقي الفئات والحط من العرب على قوله تعالى "إنا جعلناكم شعوباً وقبائل"، فقالوا أن العرب قبائل فلم يُذكروا في البدايه، وأنهم هم الشعوب وذُكروا في البدايه، وحسب رأيهم الذي يُذكر أولاً هو الأفضل.

 

من الطالب شريف ياسين:

3. نكبة البرامكه:

تغيّر قلب الرشيد على البرامكه واستنكر استبداد تلك الأسره الشيعيّه الفارسيه في شؤون الدوله وتصلّع فإذا هم يشاركوه في سلطانه. بحيث أخذ يشعر أنه لم يعد له معهم تصرّف في أمور ملكه، فغضب عليهم وقتل جعفر (37 سنه) وقبض الرشيد على يحيى وهو شيخ هُرِم وألقاه في السجن ومعه الفضل وأبناءه. كما أنه حُجزت أموال البرامكه وقدرها 3670000 ديناراً، وصودِرت ضياعهم وغلامهم ودورهم ورباشِهم.

 

 

 

شكراً للطالب شريف ياسين من الصف العاشر "د" على إعطاءه لنا الوظيفه

 

 

 

 

بيت المال

 

كانت الغنائم التي يكسبها المسلمون في الحرب في زمن الرسول وأبي بكر إمّا توزّع مباشرةً على الجنود أو تُحفظ في بيوت الرسول والصحابه، ولكن في زمن عمر بن الخطاب، بسبب توسّعات الدوله الكبيره وكثرة الأموال المتدفقه على الدوله من الواردات المختلفه، لم تعد بيوت الصحابه تكفي لحفظ مثل هذه الأموال، لذلك دعت الحاجه لإنشاء وتأسيس خزينه للدوله فأسس عمر بن الخطاب بيتاً للمال (خزينة الدوله) كان مركزه في العاصمه وكذلك كان هناك بيوت للمال في مراكز الولايات.

واردات بيت المال:

1.        الزكاه

2.      الجزيه
3.      الغنيمه

4.      الفَيْء

5.      الخراج

6.      العُشور

7.      المُكوس

 

الزكاة:

وهي ركن من أركان الدين الإسلامي، وهي فرض على كل مسلم أن يُزُكِّي عن أمواله، والزكاه هي عباره عن تطهير للمال حتى الله سبحانه وتعالى يبارك في هذا المال ويزيده ويمكن اعتبارها ضريبه إجتماعيه تُؤخذ ممن عنده وتُعطى لمن ليس عنده.

مصادر الزكاة:

1.         زكاة المواشي

2.                                          زكاة المزروعات

3.  زكاة التجاره

4.  زكاة الذهب المخزون

5.  زكاة الكنوز المدفونه

كانت الزكاه تُدفع بنسبة %2.5 مره في السنه أما طريقة صرف أموال الزكاه فهو بموجب معنى الآيه "إنما الصدقات للفقراء والمساكين، المؤلفه قلوبهم، الغارمين، فك الرقاب، عابري السبيل والعاملين عليها".

 

الجزيه:

وهي ضريبة رأس فُرضت على أهل الذمه أي أهل الكتاب الذين يعيشون في الدوله الإسلاميه في ذمة المسلمين أي حمايتهم وهم في الأساس اليهود والنصارى ولكن هناك بعض الفئات التي عوملت معاملة أهل الكتاب كالمجوس والصابئه والنساطره واليعاقبه.

حُدّدت ضريبة الجزيه على يد أبي حنيفه النعمان وأحمد بن حنبل ب 48 درهم للأغنياء، 24 درهم لمتوسطي الحال، و 12 درهم للفقراء وقد أُعفِي من دفعها الشيوخ والنساء والأطفال وأصحاب العاهات.

إذا شعر الذمي أنه غير محمي في الدوله يمكنه أن يتوقّف عن دفع الجزيه وكانت الجزيه تسقط في حالة دخول الذمي في الإسلام وكانت تُدفع مره في السنه.

 

الغنيمه:

وهي كل ما يكسبه المسلمين في الحرب. مثال: أراضٍ، أسلحه، ماشيه وحتى الأسرى. أما توزيع الغنيمه وصرفها فيتم على النحو التالي:

تُقسم الغنيمه الى خمسة أخماس فيؤخذ خُمسها، خُمس الخُمس للرسول، وأربعة أخماس الخُمس للفقراء والمساكين، أما أربعة أخماس الغنيمه فهي للجيش. سقطت حصة الرسول بعد وفاته.

 

الفَيْء:

وهو كل ما حصل عليه المسلمون دون قتال أي أفاء (أعطى) الله به عليهم ويمكن أن يكون الفيء كالغنيمه ما عدا الأسرى. أما تقسيم أموال الفيء فهو كتقسيم الغنيمه.

 

الخراج:

وهي ضريبة أرض تُدفع إمّا محصول أو مال وكان يراعي في جباية الخراج أحوال الطقس في تلك السنه مثل كثرة الأمطار أو قلّتها، وكذلك كانت الكوارث الطبيعيه تُؤخذ بعين الإعتبار.

كانت ضريبة الخراج متعلّقه بعاملين وهما: مساحة الأرض، وخصوبة الأرض فكلما زاد أحدهما زادت ضريبتها.

الأراضي الخراجيه: هناك أراضي يُدفع عنها خراج وهي:

1.  الأرض التي احتلها المسلمون بالقوه ولم توزّع على الجنود إنما بقيت مع أهلها مقابل دفع خراجها.

2.  الأرض التي أسلم أهلها دون قتال.

3.  الأرض البور التي استُصلِحت وتقع في منطقة خراج.

هناك بعض الأراضي التي عُرفت بالأراضي العشريه أي يُدفع عنها العُشر وهي:

1.  الأرض التي احتلها المسلمون بالقوه ووُزعت على الجنود مقابل دفع العُشر.

2.  الأرض البور التي استُصلحت ولا تقع في منطقه خراجيه.

طرق جباية الخراج: تعددت طرق جباية الخراج، منها:

1.  الطريقه المباشره: وهي أن تعطي الدوله شخصاً كان يقوم بجباية الخراج بشكل مباشر من أصحاب الأراضي وغالباً ما يقوم بهذا في الولايات الولاه أنفسهم.

2.  طريقة التضمين أو الإلتزام: وهي أن تعلن الدوله رغبتها في تضكين خراج منطقه معينه فيأتي الراغبون في الضمان وبطريقة المزاد العلني فالذي يدفع أكبر مبلغ لخزينة الدوله يرسي عليه العطاء فبالطبع الذين يأتون لضمان الخراج هم من الأغنياء.

3.  طريقة المقاسمه: وهي الطريقه التي اتبعها عمر بن الخطاب إذ كان يحصي أموال عامل الخراج قبل تسلمه عمله ويحصيه ثانيةً بعد إنهاء عمله، فإذا زادت أملاكه كثيراً فهذا يعني أنه قد اختلس، عندها كان عمر بن الخطاب يقاسم عامل الخراج أملاكه وأمواله.

4.  الإستخراج والتكشيف وهي الطريقه اتبعها الأمويين إذ كانوا يحققون مع عمال الخراج. بعد انتهاء عملهم وأثناء التحقيق كان يحدث أحياناً كثيره تعذيب حتى يعترف عامل الخراج بجميع الأموال التي سرقها.

 

المُكوس (الجمارك) :

كان التاجر المسلم إذ ذهب الى دار الحرب للمتاجره كان يدفع مكوساً عن بضاعته، لذلك فرض عمر بن الخطاب على كل تاجر يأتي من دار الحرب الى دار الإسلام مكوساً فإذا كان هذا التاجر وثنياً دفع العشر وإذا كان من أهل الكتاب، دفع نصف العشر، وإذا كان مسلماً دفع رُبع العشر.

كان التمسك بجباية المكوس مرتبطاً بأحوال الدوله الإقتصاديه، إذ كان إقتصاد الدوله مزدهراً لم يكن هناك تشدد في جبايتها والعكس صحيح.

 

مصروفات بيت المال:

1.     رواتب الولاه والعمال والموظفين في الدوله.

2.     مصروفات الخليفه والقصر والحاشيه.

3.     مصروفات الجيش من رواتب وأسلحه وكل ما يحتاجه الجنود.

4.     إستصلاح أراضي، فتح قنوات مائيه، بناء سدود.

5.     مصروفات على المشاريع العامه كبناء مساجد ومستشفيات.

6.     مصروفات السجون على المساجين والأسرى من مأكل وملبس وحتى مدفن.

7.     مِنَح وهبات وعطايا للشعراء والأدباء لتشجيعهم.

 

 

 

 

 

النظام القضائي

 

القضاء هو حل الخلافات والمناوشات والمنازعات بين المتخاصمين والمتشاجرين.

يعتبر الرسول أول قاضي في الإسلام وكان يعتمد في قضاءه على ما أنزل عليه من وحي وإن لم يجد اجتهد الرأي وكان يعتمد في قضاءه على البيّنه لمن ادّعى والشّهود عن أنكر.

وعندما اتسعت الدوله اعتمد الرسول على بعض الصحابه في تناول القضاء في المناطق المختلفه فسأل الرسول معاذ بن جبل الذي كان قاضياً في اليمن "كيف يسير القضاء عندك يا معاذ؟" أجاب: "حسب كتاب الله" فسأله الرسول:"وإن لم تجد؟" أجاب: "حسب سنّة رسول الله" "وإن لم تجد؟" "إجتهد رأي وهكذا اطمئن الرسول على سيد القضاء في اليمن.

 

مصادر التشريع:

1.             القرآن: يعتبر القرآن الكريم مصدر التشريع الأول بالنسبه للقضاه إذ ينقسم القرآن من حيث السور الى قسمين: سور مكيه التي نزلت في مكّه وتتميز هذه السور بأنها سور قصيره مُوجّهه للكفّار، فيها تهديد ووعيد وأنهم سيلاقون العذاب الأليم في نار جهنّم. ويبلغ عدد هذه السور 90 سوره، أما القسم الثاني من السور فهي سور مدنيّه أي التي نزلت في المدينه، وتتميز هذه السور بأنها طويله، أي كثيرة الآيات، وتناولت الكثير من الأمور التشريعيه كقضايا الطلاق والزواج، والإرث (الميراث)، حل الخلافات، الغزوات، الخ... إذاً تُعتبر هذه السور المصدر الأساسي للتشريع. هنالك قضايا لم يجد لها حلاً بالقرآن حينها يلتجىء القاضي الى المصدر الثاني وهو السُنّه.

2.             السُنّه: هي كل قول أو فعل صدر عن الرسول، والسُنه تعتبر مكمله ومُفسره لما جاء في القرآن لأن هناك الكثير من القضايا غير الواضحه في القرآن، فقام الرسول بشرحها وتفسيرها للمسلمين. إذاً تُعتبر السُنه المصدر الثاني للتشريع.

3.             الإجماع: بسبب التطورات التي طرأت على المجتمع الإسلامي وبسبب إختلاط المسلمين بشعوب أخرى، طرأت على هذه المجتمع قضايا جديده لم يكن لها حلاً في القرآن ولا في السنه، لذلك وجب على فقهاء ذلك العصر أن يصدروا إجماعاً خول هذه القضايا وهذا الإجماع يصبح مصدراً للتشريع بالنسبه للقضاه في ذلك العصر وفي العصور اللاحقه لكل قضيه مشابهه.

4.             القياس: إذا واجه القاضي قضيه لم يكن لها حل لا في القرآن ولا في السنه ولم يكن هناك إجماع حولها، إلتجأ الى القياس وهو قياس مسأله آنيه (حاليه) بقضية مشابهه لها حدثت في الماضي وكان بها قرار يعتمد القاضي على قرار القضيه السابقه في القضيه التي أمامه. وهذا يتطلّب إجتهاداً كبيراً من القاضي.

 

تطوّر القضاء:

كان الرسول أول قاضي في الإسلام وكان يعتمد في قضاءه على ما أُنزل عليه من وحي وإن لم يجد اجتهد الرأي وكان يعتمد على السنه لمن ادّعى والشهود لمن أنكر. وعندما اتسعت الدوله عيّن الرسول بعض الصحابه ليتناولوا القضاء في تلك المناظق.

أما في خلافة أبي بكر الصديق فقد أسند أبو بكر القضاء لعمر بن الخطاب ويُقال أنه في خلال عامين لم يأته متخاصمان لأنهم علموا أنهم عند وصولهم الى عمر سيظهر الحق لأنه عُرف عنه العدل وتفريقه بين الحق والباطل ومن هنا جاء لقب عمر بالفاروق.

أما في زمن عمر بن الخطاب فقد طرأ تطوّر عام على الجهاز القضائي عندما عين عمر في كل ولايه قاضي مستقلاً تماماً عن الوالي لا صلاحيه للوالي عليه وهكذا يكون عمر قد فصل الجهاز القضائي عن الجهاز الإداري. وهكذا صار القضاء حتى نهاية العصر الراشدي.

القضاء في العصر الأموي:

إستمر القضاء في العصر الأموي على الأسس التي وضعها عمر بن الخطاب ولم يتناول خلفاء بني أميه القضاء بأنفسهم، إنما أوكلوا ذلك الى غيرهم وذلك يعود لانشغالهم في لأمور الإداريه والسياسيه والعسكريه أي الفتوحات. ونشهد بعض المميزات للقضاء في هذا العصر، ومنها:

1.     نزاهة القضاء إذ تميّز القضاء في هذا العصر في نزاهته ولم يتدخّل أمراء الأمويين بالقضاء.

2.     تأسست في هذا العصر نوع جديد من المحاكم وهي محكمة المظالم وبالتحديد زمن عبد الله بن مروان وهي عباره عن محكمة إستئناف عليا من أجل منع تعدّي أصحاب الجاه والنفوذ على الرعيه.

3.     بدأ في هذا العصر تسجيل الأحكام التي تصدر عن القضاه، ومن ثم توقيع الشهود عليها وهكذا لم يعد باستطاعة المحكوم عليه التنكر للحكم الذي صدر ضده.

4.     بدأت في أواخر الدوله الأمويه تظهر مجموعتان وهما أهل الرأي وأهل الحديث، وهاتان المجنوعتان تحولتا في العصر العباسي الى مذاهب فقهيه رسميه.

القضاء في العصر العباسي:

تميّز القضاء في العصر العباسي في عدة مميزات، منها:

1.     لم يعد القضاء نزيهاً كما كان عليه في العصر الأموي بل أصبح القضاء مُسَيَّساً أي تدخّل الأمراء العباسيون في أحكام القضاه، فأصبح القضاه يصدرون أحكامهم وفقاً لأهواء ورغبات وذلك حتى يعطوا لأنفسهم وأعمالهم شرعيه، وخاصة أن العباسيين استولوا على الخلافه بعد ثوره.

2.     تأسيس ديوان جديد في هذا العصر ألا وهو ديوان النظر في المظالم وأسسه الخليفه المهدي.

3.     ظهور وظيفه قضائيه جديده ألا وهي وظيفة قاضي القضاه وهي أعلى منصب قضائي في تلك الفتره وهو بمثابة وزير العدل في أيامنا هذه.

4.     ظهور وظيفة المُحتَسِب والحِسبه وهي وظيفه قضائيه تخصص عمل للمحتسب في السوق لذلك سُمِّي المُحتَسِب بقاضي السوق أو صاحب السوق.

5.     ظهور المذاهب السُّنِّيَّه الفقهيه الرسميه في هذا العصر وأصبح القاضي يسير بموجب إحدى هذه المذاهب التي تناولت جميع الأمور التشريعيه وهذا أدّى إلى ضعف الإجتهاد عند القاضي.

 

الحِسبه:

وهي من حَسبُك أي يكفيك والمقصود أن يكتفي التاجر في الربح الحلال وأن يمتنع عن الغش من أجل زيادة أرباحه.

عَرَّف ابن خلدون وظيفة الحسبه بأنها وظيفه قضائيه دينيه اجتماعيّه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد تخصّص عمل المُحتَسِب في السوق لذلك سُمِّي بقاضي السوق أو صاحب السوق.

نشأة الحِسبه:

هناك من يعتقد أن الرسول هو أول مُحتَسِب بالإسلام لأنه قال: "مَن غشَّنا فليس مِنّا" وهنا يكون الرسول قد نهي عن الغش.

وهناك من يعتقد أن عمر بن الخطاب هو أول محتسب بالإسلام لأن من عادته ان يطوف في الأسواق وفي يده سوطه وإذا رأى تاجراً يغش ضربه بسوطه أو أتلف له بضاعته.

إن نشأة الحسبه كوظيفه رسميه كان في العصر العباسي ولكن اختلف المؤرخون حول تحديد نشأتها فهناك من قال أنها نشأت في زمن الرشيد أو الهادي أو المأمون.

إذاً لم يكن هناك تجديد في زمن أي خليفه ظهرت الحسبه، ولكن الأكيد أنها ظهرت في العصر العباسي.

أعمال المُحتَسِب:

تعدّدت أعمال المحتسب وتناولت جوانب مختلفه منها القضائيه ومنها الدينيه ومنها الإجتماعيه. ومن أهم هذه الأعمال:

1.     مراقبة الكيل والميزان إذ كان المحتسب يمنع التجار من التلاعب والغش والنقصان في الكيل والميزان.

2.     مراقبة الأسعار ومنع التجار من الزياده فيها وخاصةً عندما تقل السلعه أو المنتوج من السوق.

3.     مراقبة أصحاب المهن والحرف بأنه يقومون بأعمالهم على أحسن وجه، حتى الأطباء إذا مات مريض بسبب سوء تصرّف أو إهمال من قبل الطبيب على دفع ديّة المريض.

4.     مراقبة الأخلاق العامه فيمنع المحتسب شرب الخمره في الأسواق كذلك يمنع تعرّض الرجال للنساء والتحرّش فيهن.

5.     مراقبة العبادات فيحث المسلمين على الصلاه في الجمعه وكذلك في الأعياد ويمنع الإفطار في رمضان وكذلك يحافظ على المساجد من حيث نظافتها والإهتمام بها.

6.     يمنع المحتسب التجار من وضع بسطاتهم في الممرات المُعَدّه للمشاه وكذلك يأمر بهدم المباني القديمه الآيله للسقوط وكذلك يمنع فتح نوافذ بالبيوت التي تطلّ على غيرها.

7.     أعمال عامه مثل مراقبة معاملة الأسياد لعبيدهم وكذلك مراقبة معلمي الكُتّاب لصبيانهم، وكذلك مراقبة أصحاب البهائم لبهائمهم وعدم تحميلهم أكثر من طاقتهم.

8.     رعاية الأطفال اللقطاء في الأسواق والإهتمام بهم وكذلك الإحتفاظ بالمفقودات أي الأشياء التي يفقدها أصحابها وتصل الى المُحتسب فيحتفظ بها الى أن يأتي أصحابها ويأخذوها.

عقوبات المُحتَسِب:

تعددت عقوبات المحتسب وتنوّعت ومن أهم هذه العقوبات ما يلي:

1.     التوبيخ .

2.     إتلاف البضاعه .

3.     سكب الخمور .

4.     الجلد .

5.     النفي من البلد .

6.     السجن .

7.     التجريس، وهي أن يأتوا بالتاجر الغشاش الذي لم يرتدع ويلبسوه ملابس مرقعه وعلى رأسه قبعه مخروطة الشكل تُعرف بالطرطور ثم يركب هذا التاجر على دابه بالمقلوب وبيده جرس يطوفون به في شوارع البلد وهو يرن (يقرع) الجرس ويقول وينادي "أنا تاجر غشاش، وهذا عقاب كل من يغش"، وهكذا يعرف سكان البلده أنه غشاش فيتجنبوه.

 

قاضي المظالم:

يعتبر قاضي المظالم أعلى قاضي في الدوله أي أعلى منصب قضائي في الدوله وهذه المحاكم أي محكمة المظالم تأسست من أجل وقف تعدي أصحاب الجاه والنفوذ على الرعيه وهي عباره عن محكمة إستئناف عليا تستأنف اليها القضايا التي بُثَّ فيها في المحاكم العاديه واستأنفت اليها ولم يحكم القاضي العادي بالعدل لعلو شأن المحكوم عليه.

يجب أن تتوفر بقاضي المظالم بعض الصفات وهي:

1.             قليل الطمع .

2.             كثير الورع .

3.             نافذ الأمر .

4.             ذو هيبه .

5.             عادل .

حتى تنعقد محكمة المظالم كان يجب أن تتواجد في المحكمه خمسة فئات، لا تنعقد المحكمه في حالة تغيُّب إحداها، وهي :

1.     القاضي، وهو الذي يصدر الأحكام بعد الإستماع الى أطراف القضيه.

2.     الفقهاء، وهم يتواجدون في المحكمه من أجل أن يستشيرهم القاضي قبل إصداره الحكم.

3.     الحماه والأعوان، وهم يجب أن يتواجدوا في المحكمه من أجل وضع حد لذلك الشخص صاحب النفوذ في حالة تمرّده في قاعة المحكمه وعصيانه (عربدته). وكذلك يقوم هؤلاء بتشجيع البسطاء الخائفين في عرض قضيتهم أمام القاضي دون خوف.

4.     الكاتب، وهو يقوم بتسجيل الأحكام التي تصدر عن القاضي وكذلك كل ما يدور في المحكمه.

5.     الشهود، وهم يقوموا بالتوقيع على قرارات المحكمه.

إختصاصات قاضي المظالم:

1.     وقف تعدي أصحاب الجاه والنفوذ على الرعيه.

2.     منع تأخير أو نقصان في رواتب المسترزقه.

3.     تنفيذ الأحكام التي تصدر عن القاضي العادي أو عن المحتسب والتي استعصي تنفيذها من قبل القاضي العادي والمحتسب لعلو شأن المحكوم عليه.

4.     مراقبة الأوقاف والإشراف عليها، والإشراف على كيفية صرف مدخولاتها.

5.     رد الغصوب السلطانيه.

6.     مراعاة العبادات وأمور الدين والإهتمام يتسيير عملية الحج.

 

 

المذاهب السُنيَّه الفقهيه

 

ظهرت في أواخر الدوله الأمويه فئات أهل الرأي وأهل الحديث وتحوّلت هاتان الفئتان الى أربعة مذاهب فقهيه رسميه في العصر العباسي، وهذه المذاهب هي:

1.المذهب الحنفي: نسبةً لمؤسسه أبو حنيفه النعمان، وهو فارسي الأصل وُلد في بغداد، درس الفقه وعلوم الدين على يد كبار الفقهاء في ذلك الوقت أمثال إبراهيم النخعي، عمل في تجارة الثياب، ولم يقصد أبو حنيفه النعمان في تأسيس مذهب خاص ولكنه أصبح صاحب أكبر مذهب فقهي فيما بعد وفي الفترات الأخرى.                                                                                                                                                                       يعتمد أبو حنيفه النعمان في مذهبه بعد القرآن على الرأي ولم يعتمد الحديث أي أنه استخدم رأيه في استنباط الأحكام الشرعيه ولم يعتمد على الحديث لكثرة الأحاديث المزوّره في هذا العصر خوفاً من أن يعتمد على حديث موضوع (مُزوَّر) ويكون حكمه باطلاً، ولكنه اعتمد على بضعة أحاديث لا تتجاوز العشره وهذه أحاديث صحيحه مئه بالمئه لا شك في صحتها. من أهم مؤلفاته: العالم والمتعلم، الرد على القدريه (القدريّه هي المعتزله). عاش في 767-699 .

2.     المذهب المالكي: نسبة لمؤسسه مالك بن أنس عاش 715-795 وهو عربي الأصل، نشأ بالمدينه تعلّم القرآن والحديث وقد خالف مذهبه المذهب الحنفي إذ اعتمد مالك بن أنس بعد القرآن على الحديث ولم يعتمد على الرأي، وقد تطرّف مالك بن أنس الى أكثر من ذلك إذ اعتبر مالك كل إجماع لأهل المدينه على عمل ما هو من السنه على اعتبار أن الرسول قد قضى معظم حياته النبويه بين أهل المدينه، إذاً إجماع أهل المدينه على عمل ما يكون تقليداً للرسول.

قضى مالك بن أنس معظم أيام حيلته في المدينه ولم يغادرها إلا الى مكه حاجاً وقد الوضع العديد من المؤلفات، منها: "الموطئ في الفقه" .

3.      المذهب الشافعي :  767-820 محمد بن إدريس الشافعي وهو المولود في غزه، توفي أبوه وهو صغير فأخذته أمه الى مكه التي درس فيها القرآن ودرس المذهب الحنفي وكذلك درس على يد الإمام مالك الحديث، لذلك جاء المذهب الشافعي حلاً وسطاً بين المذهب الحنفي والمالكي إذ اعتمد الإمام الشافعي في مذهبه بعد القرآن على الحديث والرأي. قضى الإمام الشافعي آخر أيامه في مصر وقد كتب بعض المؤلفات، منها: "الفقه الكبير".

4.المذهب الحنبلي: نسبةً لمؤسسه أحمد بن حنبل 780-855، ويعتبر المذهب الحنبلي من أكثر المذاهب تشدداً بالإسلام إذ عاد أحمد بن حنبل في مذهبه للإعتماد بعد القرآن على الحديث ولم يعتمد على الرأي، وهكذا يكون أحمد بن حنبل قد عاد الى المذهب المالكي، ولكم ما يميّز هذا المذهب هو التشدد في ظاهر الحديث.

عاصر أحمد بن حنبل الخليفه العباسي المأمون الذي جعل مبدأ الإعتزال هو المبدأ الرسمي للدوله فعرض المأمون على ابن حنبل بأن يُسنِد إليه أعلى وظيفه قضائيه وهو قاضي القضاة بشرط أن يعترف بخلق القرآن ولكن أحمد بن حنبل رفض ذلك وسُجن واضطُهِد ولم يتراجع عن موقفه.

 

إن وجود المذاهب الفقهيه الأربعه كمذاهب رسميه هذا أدى الى ضعف الإجتهاد عند القاضي أن هذه المذاهب لم تترك قضيه إلا وبحثتها فما كان على القاضي إلا أن يسير بموجب إحداها.

 

 

 

 

فئات المجتمع الإسلامي

 

يتكون المجتمع الإسلامي من عدة فئات وهي:

1.     العرب المسلمون.

2.     الموالي (المسلمون من غير العرب).

3.     أهل الذمه.

4.     الرقيق.

 

العرب المسلمون:

إن نواة الدوله الإسلاميه هم العرب إذ أن الدين الإسلامي نزل في شبه الجزيره العربيه، والتي غالبية سكانها من العرب، وكذلك إن الرسول كان عربياً والقرآن نزل في اللغه العربيه فمؤسسي الدوله الإسلاميه كانوا العرب، فهم أيضاً الحكّام لعذع الدوله وهم أيضاً الذين قاموا بالإحتلالات والتوسعات خارج سبه الجزيره العربيه ومع هذه الفتوحات حدثت هجره من القبائل العربيه من شبه الجزيره واستوطنوا في تلك المناطق المُحتله، ومن العجيب أن اللغه العربيه حلّت بسرعه كبيره جداً مكان اللغات المحكيه التي اقتصرت فيما بعد على الطقوس والشعائر الدينيه. أما اللغه المحكيه فأصبحت العربيه مثال على ذلك في مصر مثلاًُ حلّت اللغه العربيه محل اللغه القبطيه واقتصرت اللغه القبطيه على الطقوس الدينيه.

من  الجدير ذكره أيضاً أن حدثت حركة تأسلم كبيره بين أهالي البلاد المحتله وخلال فتره قصيره وبالتحديد في خلافة عمر بن الخطاب أصبح العرب أصحاب امبراطوريه كبيره. وكانت تنقصهم الخبره الإداريه، وبقي الحكام منهم وقد تعلموا من أهالي البلاد وخاصةً  الفرس الكثير من الأمور الإداريه.

لقد غلب الطابع العربي في العصر الأموي بسبب تعصب الأمويين للعرب واحتقارهم للموالي الذين قدموا مساعدات جمّه للأمويين وخاصةً في مجال الفتوحات إلا أنهم لم يحققوا العداله الإجتماعيه والمساواه في الدوله الأمويه بل نظر الأمويين للموالي نظرة احتقار ولم تُسنَد اليهم وظائف عاليه إنما احتفظ الأمويون بتلك الوظائف للعرب، لهذا ولدت عند الموالي نقمه تجاه الأمويين وأصبح حلمهم هو التخلّص من هذه الخلافه فنراهم يشاركون في الثوره العباسيه التي أطاحت بالخلافه الأمويه.

تحسن وضع الموالي في الدوله العباسيه لكن معظم الطبقه الحاكمه كانت من العرب لأن الخلفاء العباسيين تعصبوا هم أيضاً للعنصر العربي. وفي زمن الخليفه المعتصم الذي أكثر من إدخال الأتراك الى الجيش فنراهم يسيطرون على الخلافه ما بعد المعتصم وهنا فقد العرب الحكم وأصبحت مقاليد الحكم في يد الأتراك وبعدهم البويهيين ومن ثم السلاجقه.

ملاحظه: عند هجرة القبائل العربيه واستيطانها بالمناطق التي احتُلَّت نقلت هذه القبائل معها العصبيه القبليه والتي زاد من حدتها خلفاء بني أميه عندما كانوا يميلون ويفضلون فرقه عن الأخرى (القيسيين واليمنيين) وقد وصلت العصبيه القبليه أوجها في فترة مروان بن الحكم في معركة مرج راهط.

 

الموالي:

حملت كلمة مولى في الجاهليه معاني عديده منها العبد وكذلك السيد وكذلك ابن العم والحليف والمُعاهد. أما في الإسلام فقد أصبحت كلمة مولى تحمل معنى واحد وهو المسلم من غير العرب، ولكثرة الفرس من الموالي أصبحت كلمة مولى تعني مسلم فارسي.

لم يكن هناك الكثير من الموالي في فترة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق، وقد عوملوا في هاتين الفترتين بالمساواه.

أما في فترة عمر بن الخطاب، فبسبب كثرة الفتوحات إزداد عدد الموالي بعد دخول أهالي البلاد المحتله في الإسلام وعندما وضع عمر بن الخطاب نظام العطاء أي نظام تقسيم الأموال على المسلمين وضعها مبنيةً على أساسين:

v    حسب القرابه من الرسول.

v    حسب الأسبقيه في الإسلام.

من خلال هذين الأساسين نرى أن حصة الموالي من العطاء قليله جداً لأنهم ليسوا من أقرباء الرسول وكذلك امهم كان متأخراً لهذا فُذَِل الموالي سلبياً من قبل عمر بن الخطاب وهذا أدى في نهاية الأمر الى قتل عمر بن الخطاب على يد مولى فارسي "أبو لؤلؤه فيروز".

ازداد التمييز السلبي تجاه الموالي في العصر الأموي وخاصة ان الأمويين تعصبوا جداً للعرب ونظروا الى الموالي نظرة احتقار وازدراء وخاصةً أن الأمويين رأوا في أنفسهم والعرب كذلك أنهم أصحاب الدوله وأصحاب الدين لذلك لم يحققوا للموالي العداله الإجتماعيه والمساواه فبالرغم من المساعدات الجمه التي قدمها الموالي للأمويين إلا أنهم بقيوا درجه ثانيه بالنسبه لهم، فنراهم رغم المساعدات في مجال الفتوحات التي قامت على أكتافهم وخاصةًُ في منطقة شمال إفريقيا إلا أن الأموين حرموهم من عدة أمور، منها:

1.     ركوب الخيل في الجيش.

2.     حرمانهم من العطاء.

3.     مُنعوا من الزواج من عربيات.

4.     الأسوأ من هذا كله هو دفع الموالي لضريبة الجزيه وهي المفروضه بالأساس على أهل الذمه.

لم تُسنَد للموالي وظائف إداريه عاليه حتى أنه في زمن عبد الملك بن مروان قد عزلهم هم وأهل الذمه من الدواوين وعمل على تعريب الدواوين أي جعل اللغه العربيه اللغه الرسميه في الدوله وطرد الموالي وأهل الذمه منها لأنه في هذه الفتره أصبح هناك خبره في أمور الدواوين وأصبح بإمكانهم التخلّي عن الموالي وأهل الذمه.

بسبب عدم إسناد وظائف للموالي وحرمانهم منها التجئ معظمهم الى مزاولة الحرف والمهن، هناك الكثير من الموالي الذين زاولوا المهن والحرف بسبب اختلاف الوظائف الإداريه أمامهم في العصر الأموي.

وهذا أدى الى ظهور فئه من الموالي أصحاب رأس مال أي أغنياء. وهذا جعل في العصر العباسي قسم كبير من الخلفاء من التقرّب إليهم والأصح التقرب الى جيوبهم وهذا أعطى لهؤلاء الموالي نفوذاً وسلطةً عند هؤلاء الخلفاء.

ردود فعل الموالي:

كان رد فعل الموالي على التمييز السلبي ضدهم من قبل الأمويين متنوعاً، ففي البدايه لم يعارض الموالي سياسة التمييز ضدهم من قبل الأمويين فقبلوا به وخاصةً أنهم نظروا الى الأمويين من نظره دينيه واحتراماً لهذا الدين لم يفعلوا شيئاً إنما سكتوا على هذا الظلم. وكذلك بسبب أن وضعهم السابق إذا كان في الإمبراطوريه الفارسيه أو في الإمبراطوريه البيزنطيه ليس أحسن من هذا الوضع أي أن وضعهم الآن رغم التمييز أحسن من ذي قبل.

هنالك الكثير من الموالي ومن أجل تحسين وضعهم في الدوله ومن أجل تَبَوُّء (الحصول على) مناصب رفيعه اتجهوا والتجأوا للعلم. من أجل إثبات أيضاً مقدرتهم وتفوّقهم على العرب، فمن بين هؤلاء الذين سطعت أسماءهم كان مُجاهِد عالم مكه، كذلك حسن البصري، سيباويه، حماد الراويه.

هنالك الكثير من الذي تكوّنت في أنفسهم نقمه كبيره تجاه الأمويين وبدأوا يحلمون في التخلّص من هذه الخلافه، لذلك  تكالبت الفرقه المعارضه للأمويين من كسب هؤلاء الموالي الى صفوفهم وعلى رأسهم الخوارج وغيرهم من الفرق وقد شارك الموالي في كثير من الثورات التي حدثت على امتداد الخلافه الأمويه، وأشهر هذه الثورات ثورة المختار في الكوفه (عبد الملك بن مروان) وثورة ابن الأشعث وثورات الخوارج ولكن معظم هذه الثورات باءت بالفشل الى أن جائت الثوره العباسيه التي لعب فيها الموالي دوراً رئيسياً، وأشهرهم أبو مسلم الخراساني الذي بثّ الدعوه في خراسان وجنّد أهلها وانطلق من هناك بالثوره العباسيه الى أن انتصروا على الجيش الأموي في معركة الزاب وسقوط الخلافه الأمويه.

أما في العصر العباسي فقد تحسّن وضع الموالي ممّا كان عليه في العصر الأموي وقد أُسندت إليهم في هذا العصر بعض الوظائف الإداريه الهامّه مثل الوزاره، وقد وصل نفوذ الموالي الى درجه كبيره جداً في زمن هارون الرشيد عندما تولّى جعفر بن يحيى البرمكي وزارة التفويض ولكن في زمن هارون الرشيد أيضاً حدثت نكبة البرامكه التي كان أحد أسبابها الصراع الشعوبي بين الفرس وبين العرب وهذا الصراع الشعوبي تجلّى واضحاً في الأدب العربي في هذا العصر ومن أشهر الأدباء العرب الذين ردّوا على الشعوبيه كان الجاحظ .

خفّ التعصب العربي في العصر العباسي وخاصةً بعد أن بدأ الخلفاء والأمراء العباسيون بالزواج من أجنبيات ويُقال أنه ثلاثه من خلفاء بني عباس هم من أب وأم عربيه أما الآخرون فهم أبناء لأمهات أجنبيات، وهكذا سارت الرعيه أيضاً على درب الخلفاء أي كَثُر الوزاج في هذا العصر من أجنبيات لذلك نشأت طبقه من الهجناء (أنصاف العرب) ومن الطبيعي أن يخف التعصب عند هؤلاء.

ولكن في زمن الخليفه المعتصم وصل الصراع الشعوبي الى الجيش لذلك حتى يتخلّص الخليفه المعتصم من هذا الصراع بين الفرس والعرب بدأ بإدخال عنصر آخر الى الجيش ألا وهو العنصر التركي (أنه أمّه تركيه).

ولكثرة الأتراك في الجيش ولسوء تصرفهم ضجر أهل بغداد من تصرفاتهم، لذلم قاموا بتهديد الخليفه المعتصم إما بإخراجهم من المدينه وإلا قتلوه، لذلك اضطر الخليفه الى بناء جديده لتكون عاصمه له، وهي مدينه سُرَّ من رأى (مدينة سمّراء) التي أصبحت عاصمة -------- الدو㺄ه العباسيه زمن المعتصم، أما بعد المعتصم فقد سيطر الأتراك على الخلافه العباسيه وبدأت مرحلة النفوذ التركي، وأصبح الحكم في أيدي الموالي الأتراك وبعدها مرحلة النفوذ البويهي، وهم من الفرس الشيعه التي ساءت حالة الخليفه العباسي  في هذا العصر الى الحضيض، وهذا الوضع استمر حتى مجيء السلاجقه الذين أعادوا بعض الإحترام الديني للخليفه العباسي، ولكن الحكم بقي في أيديهم، وهذه المراحل النفوذ الثلاث الحكم فيها كان للموالي مع المحافظه على الخليفه العباسي وهذا العصر يُعرف بالعصر العباسي الثاني.

 

أهل الذمه:

وهو مصطلح فقهي إسلامي أُطلق على من يعقد المسلمون الذمه معهم أي يكونوا في حماية المسلمين، وهم في الأساس أهل الكتاب (اليهود والنصارى) الذين سكنوا في داخل الدوله الإسلاميه، وهناك بعض الفئات التي عوملت معاملة أهل الكتب كالمجوس والصابئه.

فُرض على أهل الذمه ضريبة الجزيه وهي ضريبة رأس مقابل بقائهم على دينهم، ومقابل حماية الدوله لهم، وقد حُدّدتضريبة الجزيه ب 48 درهم للأغنياء، 24 درهم لمتوسطي الحال، و 12 درهم للفقراء، وقد أُعفي من دفعها النساء والشيوخ والأطفال وأصحاب العاهات. وكانت تسقط إذا دخل الذمي في الإسلام.

شروط عقد الذمه:

للقيام بعقد الذمه بين الطرفين الإسلامي والذمي يشترط شرطان:

1.   مُستَحَق وشروطه سته:

v    لا يذكر الإسلام بذمِّ له أو مدح فيه.

v    عدم ذكر كتاب الله بطعن له أو بتحريف فيه.

v    عدم ذكر الرسول بتكذيب له أو إزدراء.

v    أن لا يصيب مسلمه بزنا أو نكاح (الزواج).

v    أن لا يفتنوا مسلماً عن دينه أو يتعرضوا لماله ودمه.

v    ألا يعينوا أهل الحرب.

هذه الشروط ملزمه فإذا نقضوا، انتقض عهدهم.

2.   المُستحبّه، وشروطها سته:

v    لبس الغيار (أي الملابس ذات لوناً مخالفاً للون ملابس المسلمين).

v    أن لا تعلو أصواتهم نواقيسهم (أجراسهم) وتلاوة كتبهم.

v    أن لا تعلو أبنيتهم فوق أبنية المسلمين.

v    أن لا يجاهروا بشرب الخمره وإظهار صلبانهم وكذلك خنازيرهم.

v    أن ----- دفن مواتهم، ولا يجاهروا بالندب عليهم ونياحهم؟؟.

v    أن يُمنعوا من ركوب الخيل.

ولا تلزم هذه الشروط السته الأخيره لعقد الذمه، ولا يكون ارتكابها نقضاً للعهد، ويتضح لنا أن الشروط السته الأولى التي اتُّفق على تسميتها بالمستحقه استهدفت في أساسها الإسلام والجماعه الإسلاميه الى حمايتهم. كما أنها تتفق في مجموعها/مجملها مع الشريعه الإسلاميه، أما الشروط السته المستحبه واضح أنها وُضعت على يد الفقهاء في فتره متأخره مُغالاةً؟؟ منهم في فرض القيود على غير المسلمين لأن أهل الذمه كما؟؟ يقرض عليهم لبس الغيار في عهد الرسول.

وتكثر في كتب التاريخ نصوص العهود والعقود المختلفه التي عقدت بين المسلمين وأهل الذمه وكلها تحدد حقوق الذميين وواجباته في الدوله الإسلاميه، وهي بحد ذاتها تعكس العلاقات بين السلطه الإسلاميه الحاكمه وبين أهل الذمه عبر التاريخ الإسلامي.

ويتلخص ما جاء في تلك العهود بأن للذميين حق الأمان في الدوله الإسلاميه على نفوسهم وأموالهم وحق الحمايه الدينيه في الإعتقاد وممارسة الشعائر الدينيه (الطقوس الدينيه)، وكذلك حق السكن ومزاولة الأعمال المختلفه ولكنهم مقيدون في تغيير الدين، فات تغيير إلا للدخول في الإسلام ولا يسمح بزواج المسلمه من غير المسلم (كما ذكر أعلاه).

أهل الذمه زمن الرسول والخلفاء الراشدين:

كان للمسيحيين زمن الرسول وضع خاص في العلاقه بينهم وبين المسلمين ويعود ذلك الى موافقة النجاشي على استقبالهم (النجاسي ملك الحبشه).

ولوجود علاقات طيبه بين الطرفين زمن الرسول في شيه الجزيره العربيه.؟؟

إذ أن عدداً كبيراً من القبائل العربيه كانت تدين بالمسيحيه مما زاد من تحسين العلاقات، تلك الآيات القرآنيه التي نادت بالتسامح والمعامله الطيبه.

أما بالنسبه لليهود فقد اختلفوا مع الرسول بسبب هجرته ليثرب، لهذا كانت العلاقات متوتره بشكل عام بين الطرفين بالرغم من إشارة القرآن الى حسن معاملة ومجادلة أهل الكتاب من يهود ونصارى.

وكذلك نقرأ عن أبي بكر عندما أمر جيوشه بالتوجه نحو الشام بحسن معاملة الرهبان النصارى واحترام الأديره والكنائس.

وكذلك في زمن عمر بن الخطاب عندما فتح عمرو بن العاص (واستوصوا بمن جاور ------ من القبط خيراً)، وكذلك العهده العمريه التي أعطاها عمر بن الخطاب لأهالي القدس المسيحيين.

أهل الذمه زمن الأمويين:

أولى معاويه النصارى اهتماماً كبيراً، فعيّن لابنه يزيد مربياً مسيحياً، وكذلك فإن شاعر البلاط وهو شاعر بني أميه كان الأخطل التغلبي نسبةً الى قبيلته تغلب، وكان يلبس الصليب دائماً ولحيته تقطر منها الخمره، فلا يقف أمامه أحد، وكذلك اتخذ الخلفاء الأمويين عدداً من المساعدين والمسؤولين لهم في تصريف شؤون بلادهم، أشهرهم سرجون بن منصور كاتب البلاط.

وإن استخدام المسيحيين واليهود في الأجهزه الإداريه يعود الى خبرتهم الواسعه في المجال بسبب ممارستهم العمليه زمن الحكم البيزنطي، وأيضاً بسبب حاجة الدوله الى كتبه؟؟ وموظفين الى تنظيم الأجهزه الإداريه ولأن لغة العمل الإداري لم تكن بالعربيه حتى زمن عبد الملك بن مروان الذي أمر بتعريب الدواوين.

يُعتبر الخليفه الأموي عمر بن عبد العزيز من الخلفاء الأمويين الذين تشددوا مع أهل الذمه، وأسلوب القسوه والتشدد هذا جعل الكثير من أهل الذمه يدخلون في الإسلام لدرجه أن ذلك أثّر في موارد خزينة الدوله لأن دخول الذمي في الإسلام يُسقط عنه الجزيه.

وفرص على أهل الذمه بعض القيود، ويعود سبب ذلك الى شخصية الخليفه ونفسيته المزاجيه أو الى ضغط سياسي خارجي وخصوصاً من الدوله البيزنطيه، أو الى ضغط سياسي داخلي قد يؤثر على شكل ونوع سياسة الدوله.

فمثلاً منع الخليفه الأموي عمر بن عبد العزيز بناء كنائس، وكذلك فإن الخليفه يزيد بن عبد الملك أمر بكسر الصلبان ومحو الصور والتماثيل من الكنائس، وذلك ضمن حمله عامه ضد الإيقونات (الصور المقدسه) التي اعتُبرت نوعاً من الأصنام. وجاء ذلك (العمل) وهذا تأثراً من حملة الإمبراطور البيزنطي (ليو الإيسوري؟؟) الذي قام بحمله ضد الإيقونات في جميع أنحاء الإمبراطوريه وكان ذلك سنة 726 م .

أهل الذمه زمن العباسيين:

تحوّلت سياسة التعامل مع أهل الذمه في هذه الفتره، وذلك بسبب التحوّل في الأجهزه الإداريه في الدوله وحدوث إنقلاب في الحكم (من أموي لعبّاسي). وكان هارون الرشيد من أكثر الخلفاء العباسيين تشدداً وقسوةً على اهل الذمه حيث عزلهمن من مناصبهم واستبدلهم بموظفين مسلمين، وكذلك أرسل مراقبين ليتعقّبوا الذميين في لباسهم، فإذا ارتدوا ملابس مشابهه لتلك التي يلبسها المسلمين عاقبهم. لذلك لبس الذميين عباءات مع أشرطه مختلفه.

أما الخليفه الآخر المسهور بقسوته واضطهاده للذميين فكان المتوكّل الذي أخرجهم من بيوتهم وطردهم من وظائفهم وهدم كنائسهم وأديرتهم في بغداد وغيرها من مدن الدوله، وألزمهم بلباس معيّن بلون عسلي ووضع علامات مميزه على ملابسهم وأمرهم أن يضعوا على أبواب منازلهم صور شياطين من خشب وأمرهم بركوب البغال والحمير دون الخيل.

ومن جهه أخرى نرى أ، العصر العباسي لم يتميّز بمثل هؤلاء الخلفاء في سياستهم التعسّفيّه تجاه أهل الذمه. إذ نقرأ أن الخليفه المعتزّ أرسل كتاباً الى بطريرق الأقباط في مصر يُعلمه فيه أنه أمر والي مصر بالسماح له بإعادة تعمير ما هُدم من كنائس وأديره على يد الوالي نفسه.

عانى أهل الذمه الأمريّن زمن حكم الفاطميين (969م – 1171م) إذ انه من الغريب أن الدوله الفاطميه لم تتبع سياسة التسامح الديني إزاء المصريين السنّه، لكونهم ينتمون للمذهب السيعي؟؟. وقد أثرت هذه السياسه على أوضاع البلاد عامةً علماً بأن عدداً ليس بقليل من اليهود قد وصلوا الى أرقى المناصب وكذلك النصارى وهذا أمر غريب، فتسلّم يعقوب بن كلس يهودي الأمور الماليه، وكذلك منشه اليهودي ونسطوريوس النصراني اللذان توليا مقاليد الأمور يعد وفاة ابن كلس.

 وقد ظهر التنافس الشديد بين اليهود والنصارى في تقلّد المناصب العاليه والهامه، إما في بغداد ذاتها أو في مصر.

ورغم أن بعض المؤرخون يعتبرون العصر الفاطمي عصراً ذهبياً بالنسبه لأهل الذمه من جميع الوجوه والنواحي، إلا أنه يجدر بالذكر/الإشاره ما حدث أيام الخليفه الحاكم بأمر الله باهتباره ظاهره استثنائيه في تاريخ هذه الدوله خاصةً والإسلام عامةً، فقد فرض عليهم عدة قيود خاصه ومميزه مثل الملابس والمظهر والنشاط الإجتماعي كما خيّرهم لاحقاً بين اعتناق الإسلام أو الخروج من مصر وصادر أموالهم وأوقافهم وهدم الكثير من كنائسهم.

حتى أن كنيسة القيامه لم تنجو من مخططه، ولم يكن أحد يجرأ أن يقيم الصلاه عاناً كما أنه أحرق حي اليهود ونقلهم للسكن في حي آخر، واتفقت هذه الأوامر مع أوامر أخرى غريبه أصدرها، مثل الأمر بسب الصحابه ورفع بعض المشروبات والأطعمه، ومنع خروج النساء وإغلاق المحلات نهاراً وفتحها ليلاً.

وحين بدأت هذه الإضطهادات تجوّل كثيرون الى الإسلام، بينما فرّ الآخرون خارج البلاد ولكن الحاكم بأمر الله أصبح أكثر متسامحاً في أواخر أيامه، وسمح لكل الذين اعتنقوا الإسلام مُكرَهين بالعوده الى ديانتهم الأصليه.

في سنة 1027م أمر الخليفه الحافظ أن يسمح لمن اعتنق الإسلام كرهاً أيام الحاكم بأمر الله بالعوده الى دينه فعاد كثيرون لليهوديه والمسيحيه.

إستقلالية أهل الذمه:

تركت الشؤون الداخليه لأهل الذمه أنفسهم لينظموها كيفما شاؤوا إلا إذا لجأوا في خصوماتهم ومنازعاتهم الى حاكم مسلم، فأنه يتعين عليهم أن ينقادوا لحكمه وفقاً للشريعه الإسلاميه ولا يسمح الإسلام بهذا فقط بل يأمر به أمراً في القرآن : "وليُحكم اهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يُحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون".

لم تتدخل الدوله في شؤون اهل الذمه الخاصه. إنما تركت ذلك لهم فهم الذين اختاروا رؤسائهم الذينيين مثل البطريرق عند المسيحيين والراف الأكبر (çëí) عند اليهود. وقد احتفل أهل الذمه بأعيادهم حتى أن هناك بعض الأعياد التي اعتُبرت عطلاً رسمية مثل عيد الفصع أي القيامه وعيد الزيتزنه (عيد الشعانين) بالنسبه للمسيحيين وعيد الفصح ويوم الغفران والعنصره (ùáåòåú) عند اليهود. وقد شارك المسلمون أهل الذمه باحتفالاتهم وقد شارك أهل الذمه المسلمين اعيادهم.

لعب اهل الذمه دوراً هاماً في إثراء الحضاره الإسلاميه الى جانب الدور الهام الذي لعبوه في المجال الإداري إذ أًُسندت اليهم الكثير من الأمور الإداريه التي كان يجهلها المسلمون، والأهم من هذه الوظائف كان في الدواوين إذ كان القُيِّمون عليها من أهل الذمه في معظمها لدرجه أن الدواوين كانت تُسَجَّل بلغاتهم الخاصّه وهذا استمرّ حتى خلافة عبد الملك بن مروان الذي أمر بتعريب الدواوين.

أما بالنسبه لإثراء الحضاره الإسلاميه فكانت بسبب دور الترجمه الذي قام به اهل الذمه إذ كانوا يعرفون لغاتاً أجنبيه كثيره، كاليونانيه والقبطيه والآراميه، فقام اهل الذمه بترجمة كتباً هامه جداً عن تلك اللغات الى اللغه العربيه في مجال الطب والفلسفه والشعر. وهكذا سنحت الفرصه للعرب أن يتطلعوا أمهات الكتب في لغات لا يعرفونها، وبعد أن تُرجمت اتطلعوا عليها وكذلك تقدّموا فيها، لدرجه أن هناك بعض العلماء الذين ابتكروا في مجالات مختلفه.

 

 

الرقيق:

الرقيق في اللغه تعني الضعيف، والرقّ أو الرقيق هو إنسان سُلبت منه حريته وأصبح مُلكاً لغيره. والرقيق نوعان :

1.   سود البشره

2.   بيض البشره

فالرجل من الرقيق الأبيض عُرِف بمملوك أما المرأه جاريه، والرجل من الرقيق الأسود عُرِف بعبد أما المرأه أَمَه.

مصادر الرقيق:

تعددت مصادر الرقيق وتنوعت ومن أهم هذه المصادر ما يلي:

1.   أسرى حرب، فكل من يقع بالأسر يصبح عبداً عند آسره وفي الإسلام كانت الحرب مشروطه بأن تكون مع الكفار.

2.   الشراء من الخارج، وكانت مصادر الشراء متنوعه ومختلفه لذلك كثرت جنسيات الرقيق في الدوله مثل الزنوج من أفريقيا، الأتراك، الروس والروسيات (صقالبه) وهنود.

3.   الدَّيْن، إذا كان على رجل دين معين، ولم يستطع هذا الشخص من تسديد دينه يصبح عبداً عند صاحب الدين.

4.   أولاد الرقيق أرقاء مثلهم.

5.   المراهنات، في بعض الأحيان كان هناك مراهنات بين الأحرار أنفسهم، ويكون شرط الرهان أن الخاسر يصبح عبداً عند رابح الرهان.

نظرة الإسلام للرق:

لم يحرّم الإسلام الرق، إنما عمل جاهداً هلى التخفيف والحد من عدد الرقيق في الدوله. ومن اجل هذا الهدف نرى أن الدين الإسلامي حرّم استرقاق بعض الفئات منها :

1.   منع الإسلام استرقاق المسلمين رجالاً كانوا أم نساء.

2.   منع الإسلام استرقاق الرجال العرب من غير المسلمين.

3.   يمنع استرقاق المُعاهدين أي الذي تربطهم مع المسلمين عهود ومواثيق.

4.   يمنع استرقاق الرجل الحر المتزوج من أَمَه/جاريه وله أولاد منها.

 

ومن أجل التخفيف من عدد الرقيق في الدوله جعل الإسلام أن يكون التكفير عن بعض الذنوب بفك رقاب أي تحرير عبيد، ومن هذه الذنوب:

1.   قتل مسلم من غير عمد.

2.   يمين كاذب، فالتكفير عن ذلك يكون في فك رقاب.

3.   الإفطار في رمضان.

4.   نذر لم يوفى.

وكذلك جعل الإسلام نصيباً من أموال الزكاه تُصرف على فك الرقاب.

إضافةً الى ما ذُكر، عمل الإسلام على وضع حقوق وواجبات للرقيق، والهدف تحسين وضعه في المجتمع رغم مكانته المتدنيّه.

حقوق الرقيق:

1.   حق الحياه، حرّم الإسلام قتل النفس ولا فرق بين نفس العبد ونفس الحرّ .

2.   الحصانه الجسديه، يُمنع السيد من أن يقوم بتشويه عبده كأن يقطع له عضواً من أعضائه.

3.   حق النفقه، يجب على كل سيد أن ينفق على عبده، وإذا استكى العبد سيّده، يُحكم على السيد بإطعام وإلباس العبد ممّا يأكل ويلبس.

4.   الحصانه العائليه، يُمنع السيد من التفريق بين العبد وزوجته.

5.   الرفق بالرقيق، يجب على السيد ان يرفق بعبده مثل أن لا يحمله أكثر من طاقته.

6.   عدم التحقير، يجب على السيد أن ينادي عبده بـِ : يا فتايَ أو يا بنيَّ أو يا فتاتي أو يا بنيّتي وليس بـِ يا عبدي ويا أمتي أو جاريتي وذلك حتى لا يذكّر السيد عبده بوضعه الإجتماعي السيّء.

7.   حق التعليم، يجب على السيد أن يقوم بتعليم وتهذيب عبده وخاصةُ الأمور الدينيه.

واجبات الرقيق:

مقابل الحقوق التي أعطاها الإسلام للرقيق فرض عليهم بعض الواجبات منها:

1.   إطاعة السيد والعمل على تنفيذ أوامره.

2.   السهر على راحة سيّده.

3.   عدم الإهمال في واجباته الدينيه وإذا أهمل فيها يحق للسيّد جَلَده بعشره سياط لا أكثر لتأديبه ومن أجل التخفيف من عدد الرقيق أوجد الإسلام طرقاً لتحرير العبيد ومن هذه الطرق ما يلي:

 

1.   المُكاتبه، وهي أن يكتب السيد وعبده عهداً يتفق فيه الطرفان بأنه غذا استطاع العبد أن يدفع مبلغاً محدداً في فتره محدده يصبح حراً.

2.   التدبير، وهي ان يقول السيد لعبده "أنت دَبِرٌ بعدي" أي أنت حر بعد وفاتي.

3.   زواج الأمه من الحر، غذا تزوج حر من أمه أو جاريه وانجبت تصبح هذه الأمه أو الجاريه تُعرَف "أم ولد" أي في مرتيه أقل من الأحرار وأعلى من العبيد وبعد موت زوجها تصبح هي وأولادها أحراراً.

 

بالرغم من محاولة الإسلام التقليص والحد من أعداد الرقيق في الدوله، إلا أن ما حدث كان عكس ذلك تماماً فكانت أعداد الرقيق في تزايد مستمر. وكان هناك أسباب لهذا التزايد.

العصر الأموي:

كان سبب ازياد أعداد الرقيق في هذا العصر بالذات هي الفتوحات التي حدثت فيه وخاصةً في شمال أفريقيا. فيُقال أن موسى بن نصير قد أرسل الى الخليفه الأموي الوليد بن عبد الملك 5000 عبد من البربر سكان شمال أفريقيا. ويُقال أن ثمن العبد في هذه الفتره كان دينار واحد، بينما الجمل كان يُباع بخمسة دنانير.

أما السبب الثاني لازدياد عدد الرقيق كان الوضع الإقتصادي العام لمثل في الدوله لمثل هؤلاء الرقيق.

العصر العباسي:

ازداد عدد الرقيق في العصر العباسي بشكل كبير وتنوّعت جنسياتهم، وأسباب ذلك:

1.   أسرى حرب، إذ كانت الدوله العباسيه في حروب مستمره مع الإمبراطوريه البيزنطيه، فالأسرى اعتُبروا رقيق.

2.   انتشرت في هذا العصر أسواق النخاسه، وكانت تجاره مربحه لذلك كان النخاسون يحصرون الرقيق من أماكن مختلفه في العالم.

3.   بسبب الوضع الإقتصادي الجيد في الدوله، اتبع الناس إحضار (شراء) جواري لكي يعملن في بيوتهم لمساعدة نسائهم في المنزل.

4.   ازدهرت في هذا العصر مجالس الغناء والطرب لذلك اهتم تجار الرقيق بتعليم جارياتهم العزف أو الرقص أو الغناء وإذا أجادت احداخن درباً من دروب الفن ارتفع سعرخا ارتفاعاً كبير جداً، فيُقال أن هارون الرشيد قد اقتنى جاريه بـ 39000 دينار.

5.   كان هناك عاده بين أمراء بني العباس وأمراءهم إهداء بعضهم بعضاً جواري.

6.   اتبع العباسيون عادة الزواج من اجنبيات، وهكذا قلدت الرعيه حكامها. فبدأوا يقتنون الجواري من اجل الزواج.

7.   ظهرت إقطاعيات زراعيه كبيره، فدعت الحاجه الى إحضار عبيد لعمل في هذه الإقطاهعيات وكانوا يفضلون للعمل في الزراعه، العبيد الذين احضروهم من أفريقيا وذلك لقوة أبدانهم. ففي العراق مثلاً عما الزنوج في تجفيف المستنقعات وكذلك استخراج الأملاح. فصاحب الأرض كان يكسب مرتين، الأولى في زيادة مساحة الأراضي بعد تجفيفها والثانيه بيع الأملاح المُستخرجه. وبسبب وضعهم الإجتماعي السيء ثار هؤلاء سنة 808-814 م ضد الخلافه العباسيه، وعغُرفت يثورة الزنزج التي سيطر خلالها الزنزج على مدينة البصره، وكذلك هاجموا بغداد، ولقوة هذه الثوره لم يستطع الخليفه العباسي القضاء عليها.

 

بسبب تنوّع جنسيات الرقيق واختلافهم أُدخلت الى الدوله الإسلاميه عادات وتقاليد عن طريق هؤلاء الرقيق. مثل:

v أزياء ولباس متنوع.

v تسريحات شعر مختلفه.

v أنواع طعام.

والكثير من الأمور الخاصه بحضارات غير عربيه، وهذا أعطى صبغه خاصه للدوله الإسلاميه وخاصةً في العصر العباسي وبالتحديد في مدينة بغداد التي اعتُبرت ملتقى الحضارات.

من الجدير ذكره أن عمل الرقيق كان متعلّق بجنسياتهم، فمثلا:

الرقيق الأسود أي العبيد خصصوا للأعمال الشاقه والصعبه.

الجواري البيض عملن في البيوت وذلك لحسن منظرهن.

أما بالنسبه للهنود فقد أدخلوا الكثير من الحرف اليدويه التي تميّزوا فيها. وهذا أغنى الدوله الإسلاميه في المجال الحرفي.

من العجيب أن هناك مجموعه او مجموعات من الرقيق قد وصلوا الى طبقة الحكام، مثل:

المماليك الذين حكموا في بلاد الشام وكذلك في مصر وأقاموا دوله لهم، الى ان جاء محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثه وقضى عليهم في نصر، وكان ذلك سنة 1811 م.

 

 

 

 

 

طبقات المجتمع الإسلامي

 

انقسم المجتمع الإسلامي الى عدة طبقات، وذلك على أسس اقتصاديه، اجتماعيه ودينيه، وبمجرّد أن نقول طبقات المجتمع، فهذا يتنافى مع الدين نفسه لأن بموجب الدين الإسلامي يجب أن يكون مساواة وليس طبقات.

ومن أهم الطبقات في المجتمع الإسلامي:

طبقة الحُكّام:

وتشمل الخليفه، الولاه، وزراء، رؤساء الدواوين وهذه الطبقه في البدايه كانت من العرب لأن مؤسسي الدوله هم عرب وتشتمل هذه الطبقه أيضاً مجموعة الأشراف الطالبيين وهم الذين يعودون بالنسب لبني هاشم أي عائلة الرسول صلى الله عليه وسلّم وهذه المجموعه كان لها امتيازات خاصّه: لم تختلط بغيرها، كان لها قاضي خاص، لباس خاص يُميّزهم عن غيرهم، ولم يتزوّج هؤلاء من غيرهم حتى لا يختلط نسبهم الشريف مع غيرهم.

طبقة رجال الدين:

ليس في الإسلام توزيع كهنوتي، كما هو الحال عند المسيحيين، ولكن هذه الطبقه شملت الخطباء، الأئمه، المؤذن، الفقهاء والقضاة، أي كل من له صله في الدين، وهذه الطبقه كانت تمر بفترات يكون لهم فيها نفوذ عندما كان يحتاج بعض الخلفاء الى فتاوتهم لكي تعطي شرعيه لبعض أعمالهم.

طبقة أصحاب المهن والحِرَف:

لم يتعامل العرب في المهن وذلك لانشغالهم بالأمور العسكريه، وهذه الطبقه وُجدَت في المدن التي سيطروا عليها، إذن هذه الطبقه لم تكن من العرب في البدايه، ولكن بسبب انخلاط العرب مع أهالي تلك المدن تعلّم العرب هذه المهن واتقنوها.

كان اصحاب المهنه الواحده يتجمّعون في منظقه معيّنه في داخل سوق، وكانت هذه المنطقه تُسمّى على اسم المهنه، مثل سوق العطّارين.

وكان في داخل المهنه الواحده تدريج الذي يبتدأ بالصبي ثم الصانع فالمُتعلّم فالمُعلّم وهناك شيخ المعلمين.

طبقة ارباب السيوف:

يتضّح من الإسم ان أبناء هذه الطبقه هم رجال الجيش من قاده وجنود وعسكريين، وكانت هذه الطبقه في البدايه من العرب لأن الدوله تأسست على يدهم، ولكن بعد الفتوحات والتوسعات ودخول الكثير من أهالي البلاد المُحتلّه في الإسلام لم تعُد تقتصر هذه الطبقه على العرب إنما انضم اليهم الموالي، وحتى ان في العصر العباسي الثاني أصبح هؤلاء الموالي مسيطرين على الجيش وحتى على الخلافه، وكان ذلك عندما سيطر الأتراك على الخلافه، ومن ثم البويهيين وبعدها السلاجقه.

طبقة أرباب القلم:

هم بالأساس الكُتّاب، وخاصة كتاب الدواوين، وكانت هذه الطبقه ليست من العرب في البدايه وذلك لسببين:

v عدم معرفة العرب الكتابه.

v عدم معرفتهم في الأمور الإداريه.

لذلك كان أرباب الأقلام من أهل الذمه بالأساس والموالي، وكانوا يكتبون بلغاتهم الخاصه، كاللغه القبطيه بمصر واليونانيه بسوريا، وهذا استمر حتى خلافة عبد الملك بن مروان الذي أمر بتعريب الدواوين، فطرد أهل الذمه وعيّن مكانهم مسلمين عرب.

طبقة الزُّرّاع والفلاحين:

لم تكن هذه الطبقه من العرب، إنما من اهالي المناطق المُحتلّه، ولكن فيما بعد انضمّ الى هذه الطبقه العرب وكانت تشمل الزراع والفلاحين وأصحاب الأراضي، الذين علموا بزراعة المنتوجات المختلفه والتي كانوا يزوّدون بها أهالي المدن عندما كانوا يُحضرون منتوجاتهم الزراعيه الى الأسواق في داخل المدن.

طبقة الرقيق:

قد تكلّمنا بما فيه الكفايه عن هذه الطيقه.