الإبداع في الجامعة
الدكتور حسن أبو صالح
في العدد الماضي(العدد رقم 24)تحدث الدكتور حسن أبو صالح عن التعليم العالي و البحث العلمي فأشار إلى عدد من النقاط المفصلية التي نحس جميعاً بأهميتها , حيث دعا إلى وضـع هدف للبحـث وأن يسير الجميع باتجاه هذا الهدف حتى يتم تحقيقه . و من المفاهيم التي أكد عليها هي أن يتم تحويل الجامعة من مؤسسة مستهلكة إلى مؤسسة منتجةشكلاً و مضموناً و في هذا العدد يتابع الدكتور حسن حديثه السابق حيث يتطرق إلى شرح تصوراته عن الإبداع في الجــامعة ابتـداء من التأليف و الترجمة مروراً إلى اتقان اللغة الأجنبيــة و استخـدام الحاسـوب وصولاً إلى ( الجامعة و مناهجها ) .
بل الأصح هو العكس أي الترجمة ومن ثم التأليف،اذ لايمكن لمجتمع أن يتقدم من العدم ،بل لابد من أن يستفيد من آخر ما توصل إليه الآخرون وكمـا أننا مقتنعون بأن علينا أن نقدم الجامعة للطلاب مجـاناً وذلك لنشـر العلم في المجتمع ، كذلك يجب أن نقدم للطـالب وللمجتمـع المعلومة التي يستطيع منها أن يعي مقتضيات العصر الحديث . لقـد عرف أجدادنا أهميـة ذلك وقاموا بالترجمة أول ما تعرفوا على العلوم ،وعلينا أن نحذو حذوهم . ومع أننا لانقلل من أهمية أن يتقن المتعلم اللغة الأجنبية للاطلاع على العـلوم إلا أن على كل الأمم أن تقــوم بالترجمـة إلى لغتهـا الأم ، وحتى الأمريكيـون يترجمون مجلة العلوم الروسية والتشيكية والفرنسية إلى اللغـة الانكليزيـة . واقتراحي هو إلزام كل من يود أن يعمل في السلك التدريسي بالجامعـات ترجمة أو تأليف كتاب كل سنتين يكون شرطاً من شروط بقائه أو ترفيعه في الجامعة وأن ينال عن ذلك تعويضاً مادياً .
وهنا يجب أن ننسى كلياً العامل الاقتصادي في الموضـوع (أقصد الربح والخسارة في تجارة الكتب ) وأن يعتبر ذلك من مقومات التعليم الأساسية، وذلك ليكون لكل مادة تعليمية الكثير من المراجع المتشعبة والمتنوعة زيادة على الكتاب الجامعي الموجود حالياً والذي يجب أن يعتمد على أنه أحد المراجع .
أ - إتأقان اللغة الأجنبية واستخدام الحاسوب :
في العصر الحديث ،اللغة الإنجليزية هي لغة العالم العلمية, لذلك لابد وكشرط من شروط التوظيف في الجامعة الحصول على الحد الأدنى من إتقان اللغة الانكليزية ، هذا بالنسبـة للمدرسين ، أما الطلاب فإنني أرى أن طريقة تدريس اللغة الاجنبية المتبعة الآن في جامعاتنا غــير مجديــة فحبـذا لو اتبعنــا الطريقة المتخذة في أمريكا,وهي أن عــلى الطالب الجامعي تقديم شهـادة من معهد
لغوي معتمد (مثلاً المراكز الاستشارية الجامعية ) بأنه أنهى المستـوى الخامس (مثلاً في السنتين الأوليتين من الجامعة ) ولا يمكنه الانتقال إلى السنـة الأعلى أوأنه لايمنح الشهادة الجامعية الا بعد الحصول على الشهادة اللغوية . والأمر ذاته ينطبق على استخدام الكومبيوتر والبرمجة .
ب ـ في المجال الإداري والتنظيمي :
آ - رئيس القسم ومجلس القسم هما العامود الفقري للجامعة وبدونه تصبح الجامعة مدرسة عادية وتتحول من مؤسسة خلاقة إلى وظيفـة لتسيير الأمور الإدارية الروتينيـة . لذلك يجب التأكيد على أهميته وإعطائه كامل الصلاحيات في الحركة والقرار المعنوي والمادي وإذا حدث العكس فيجب أن تكون المحاسبـة صارمــة وصادقة وعادلة .
ب ـ المهندس المفرز والمعيـد : لم أشاهـد مهندساً مفرزاً أو معيداً في الجامعات التي زرتها ، ولكني رأيت مهندسين يعملون مع أساتذتهم ، يدخلون معهــم المحاضـرات النظـرية ، ويقومون بإدارة التجارب في المخابر والجلسات العملية للمواد ، كما يمارسون
العمل معهم في الأبحاث والعقود مقابل السماح لهم بتحضير شهادة الماجستير أو شهادة الدكتوراه حيث يتم إعفاؤهم من أقساط الجامعة وأقساط المواد .
بالمقابل لو نظرنا ما عندنا لرأينا أن : المهندس المفـرز أو المعيـد يداوم على الجلسـات العملية فقط ولمدة لا تزيد عن نصابـه أي 13 ساعة اسبوعياً . وبالتالي فهو لايقدم أي دراسات علمية أو عملية سوى ما يقدمه له من أستاذ المادة وبالتالي فـإن معلوماته ( حتى الهندسية الأولية منها ) تصبـح ضحلة جداً إلا ما ندر . لذلك ولرفع المستوى التعليمي في الجامعة وحيث إن هؤلاء المهندسين هم الأكثـر اتصـالاً مع الطلاب ، لذا أقترح :
1 ـ على كل مهنـدس مفـرز أن ينهي في سنواتـه الثلاث الأولى :
ـ دورة لغة أجنبية ( المستوى الخامس ) .
ـ دورة برمجة واستخدام الحاسوب .
ـ دبلـوم في اختصاصــه .
2 ـ أن يتقدم بعد ثلاث سنوات على الأكثر بطلب لتحضير الماجستـير بعد أن يكون قد أنهى ما ورد في الفقرة الأولى .
3 ـ أن يُطلب منه حضور محاضرات المـاده التي يدرسهـا زيـادة على مساهمته في المادة العملية .
4 ـ أن يتحول إلى قائم بالأعمال بعد تحقيق ما تقدم أعلاه ، بعد خمس سنوات من تعيينه مثلاً .
ج ـ الجامعات ومناهجها :
إن كلمة تعدد الجامعات يعني تعدد المناهج والأساليب التعليمية فيها وهذا ما يجب أن يحدث إن أردنا التطور لجامعاتنا وهذا هو الموجود عند الأمم المتطورة الأخرى .
إن التنافس العلمي بين أساتذة الجامعات في الاختصاص الواحد والتنافس العلمي بين الأقسام والكليات والجامعات ودعوتها وادعاءها أنها الأفضل والأنسب للتعليـم والتحصيـل سيؤمن للجيل الصاعــد القــدرة على الاختيار بين هذه الجامعات والكليات والأقسام فإن الطالب من درعا أو دمشق سيدرس في حلب أو البعث أو تشرين والعكس صحيح وستصبح هناك حركة تنافسية علمية ستعطي دفعاً للأمام لأنها ستجبر الجميع على التقدم نحو الأفضل لنيل رضا الآخرين ، المنافسة هي الطريق الأمثل للتقدم .
إنني إذ أثرت بعض النقـاط عما يجري في جـامعـاتنــا وعمـا يجب أن يكون - وجهة نظر - أردت فقط أن أحــث المهتمين بالسير في هذا المجال وإن مـا تقدم لايشمل إلا الجزء اليسير من موضوع يحتاج إلى عمق في البحث والتمحيص .