إلا هذا
أن نستورد
لقمة العيش فهذا جائز ، و أن نستورد التكنولوجيا و الحضارة فهذا يحدث و خاصة لدول
العالم الثالث أمثالنا ، و أن نستورد أي شئ مهما كان فهذا لا يعنى شئ لكثير مننا ،
أما أن نستورد الدم فهذا هو ما لا يطاق .
بغض النظر عن الأسباب التي تجعلنا نستورد سلعه ما
فان هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال ما يحدث
فالدم ليس سلعة و لا يوجد شعب بأي حال من الأحوال
يرضى بتلك الإهانة ، نعم انها إهانة بكل المقاييس.
و إن كان لا محالة فلنستورده من بلد ذات قيم و
مبادئ لعلها توصل لنا بعض من مبادئها و
أخلاقها فقد فقدنا كثيرا منها و الأخطر من ذلك أننا نعتقد أننا بخير و أننا حضارة
السبعة آلاف سنة فأي حضارة تلك التي تقاس بعمرها و مقدار بقائها ، فها هو فرعون
مصر عاش ما عاش و فعل ما فعل و كان في النهاية عبره لكل البشر.
لابد لنا من وقفه ، إننا عندما نكون قد حققنا
رقما قياسيا في إحدى حملات التبرع بالدم نكون قد حققنا 146 كيس دم في كلية بها 12
ألف شاب في حمله استمرت ليومين، إن كان هذا معقول فهل يعقل في بلد عربي مسلم .
و لكن هل تعرف من يحتاج لهذا الدم الذي نبخل به ،
يحتاجه طفل محجوز في مستشفى ينظر يمينه فيجد زميل له في غيبوبة و ينظر يسارا فلا
يجد زميله الآخر المحجوز فلقد غادر
المستشفى إما و قد شفى أو إلى مثواه الأخير ، و يحتاجه شاب أصيب في حادث و يحتاجه
شيخ لم يبقى له من الدنيا سوى الذكريات و تحتاجه أم ينتظرها أبنائها بلهفة و أنين
و تحتاجه أخت و يحتاجه صديق ……يحتاجه أخيك
و أبيك و اهلك ، و ليس شرطا أن يكون أخوك اسمه مقرونا باسمك ، ألم تسمع عن الاخوة
في الله
إننا يوميا في معهد الأورام نرى من آلام الناس ما
تقشعر له القلوب، و ما اصعب من ذلك أن ترى مريض يمكن أن تساعده و لكنك لا تستطيع
لان اليد الواحدة لن تفعل أي شئ ، لكن يدكم معنا لنصنع الكثير بإذن الله فوحدي لن
أستطيع التبرع إلا ب 450 سم2 كل
3 شهور لكن بكم و معكم يا أبطال مصر و رجالها سوف نحقق المستحيل أو ما كنا نسميه
مستحيل نتيجة للسلبيه واللامبالاة .
و تذكر أن هناك من يحتاج إلى نقل الدم كل 3 ثواني
و أن 5% فقط من الناس يتبرعون بدمهم .
انها أشياء وهبنا الله إياها و أعطانا اكثر من
حاجتنا لتكون زكاه عن صحتنا فهل من مجيب ، هل من ذو قلب ، هل من رجل …
و إن كنا نتعجب من حالنا و ما وصلنا إليه وما
يمكن أن نصل إليه من انحدار فلا عجب ، و إن كنا نظن أن من أرسل الله عليهم الجراد
و القمل و الطوفان و الضفادع و من جعل الله منهم القردة و الخنازير كانوا منذ زمن
بعيد فها نحن الآن بين الإيدز و الفاشيولا والحمى القلاعية و جنون البقر و الفشل
الكلوي و الالتهاب الكبدي ……… وهناك المزيد.
آيا شعب مصر يا من تظهرون في الشدائد و المحن طال
الاشتياق فمتى ستظهرون ؟
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
فلنبدأ بأنفسنا و لنبتعد عن السلبية قليلا حتى نعلو كثيرا بإذن الله.
حملات التبرع بالدم في الجامعات و النوادي و في
كل مكان فماذا سيكون رأيك حين ترى سيارة الإسعاف في الحمله القادمة ؟ هل ستتذكر
الأطفال الذين هم في انتظار أم الشباب أم الشيوخ أم……
لا يهم من ستتذكر وقتها فالمهم انك ستتبرع بدمك و
لتحتسب عند الله الأجر و الثواب.
و في النهاية ابعث تحية شكر و إجلال لكل من لم
ينتظر الحمله و بادر بالذهاب لأقرب مستشفى ليتبرع بالدم فتلك نقطة انطلاقه نحو
الإيجابية.
هيا بنا نحيى ضمائرنا و نطهر أنفسنا و نضيف إلى
معاجمنا مفهوم جديد ألا و هو العطاء و التضحية.
فهل من مجيب ؟
نعم بإذن الله هناك الكثير ممن سيجيبون فإننا قد نتسم بالسلبية لكننا لم
ولن نفقد قلوبنا فنحن المصريون خير أجناد الأرض .
في انتظاركم دائما و أبدا فنحن بدونكم لا شئ
و بكم و معكم نحن شعب مصر .
في انتظاركم يا شعب مصر الجليل .