ما البديل؟!

 بعض الأخوة الذين قرأوا الطبعة الأولى من هذا الكتاب كانوا يتساءلون عن البديل؟

ويقولون: أنت الآن شككتنا في هذه الكتب ولم تقدم لنا البديل، فإذا كانت الحنبلية كغيرها من الفرق، فيها الحق والباطل، الخير والشر، وجميع ما كنا ننقده على الفرق الأخرى، فما البديل السني الذي نطمئن إليه؟ نحن لا نثق في الفرق الأخرى ومؤلفاتهم وعلمائهم، فهل من بديل سني؟.

  أقول: ورغم أن هذا السؤال (عن بديل سني) قد يوحي بتعصب مذهبي أيضاً، إلا أننا سنأخذه على أن السائلين أو المتسائلين إنما يقصدون السنة الحقيقية النبوية لا السنة المذهبية التي يدعيها بعضهم، فنقول: 

رغم أنني ذكرت البديل مجملاً من العودة لكتاب الله وسنة رسوله الصحيحة المشهورة والإسلام من طبيعته أنه دين الفطرة يعرفه العامي والعالم ليس فيه هذا التعقيد الذي رسمته كتب العقائد في نفوس الجميع.

الإسلام يا أخي الكريم  مجموعة من الإيمانيات والأوامر والنواهي يمكن أن نضع لها هنا قائمة جامعة تجمع كل أصول الإسلام العامة وأوامره ونواهيه القطعية، دون فصل مبالغ فيه بين هذه القوائم، تلك الأوامر والنواهي والإيمانيات التي لا يخالف فيها المعتدلون من طوائف المسلمين كافة؛ ولو التزمنا بها لكان فيها الكفاية؛ وقد نتوسع فيها مستقبلاً ولكن يستحسن أن أشير هنا إلى قائمتين، قائمة الواجبات الكبرى وقائمة المنهيات الكبرى:

أولاً: قائمة الواجبات:

   1.     الإيمان بالله رباً وخالقاً لا يستحق العبادة أحد سواه، والإيمان بجميع ما ذكره الله عن نفسه في القرآن الكريم وما ذكره عنه رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعرفة المحكم القطعي منه والتمسك به، مع الإعذار في الظني والمتشابه.

      2.         الإيمان بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي صلى الله عليه وآله وسلم نبياً ورسولاً، ومحبته ومعرفة فضله وطاعته.

      3.         الإيمان باليوم الآخر والحساب والجنة والنار.

      4.        الإيمان بكتب الله المنـزلة([1]) وأعظمها القرآن الكريم.

      5.         الإيمان بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير، وأنه لا يظلم الناس شيئاً.

      6.        الإيمان بنبوة جميع  الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.

      7.        الإيمان بوجود الملائكة.

   8.    الإيمان بالغيب، ومن ذلك الإيمان بكل ما أخبرنا به الله في كتابه وما أخبرنا به رسوله سواء فيما يتعلق بالله عز وجل أو اليوم الآخر أو الأمم السابقة ..الخ، وفي هذا نرى التنبيه أن الله عز وجل قد جعل مساحة كبيرة للإيمان بالغيب فلا ينبغي  البحث عن معرفة الدقائق فيما يتعلق بالذات الإلهية والقضاء والقدر ونحو هذا  من الأمور التي فيها جزء من الغيب لا يمكن معرفته بالتشريح ولا بالفلك ولا بالقوانين الفيزيائية والرياضية ولا بالبحوث الفلسفية.

      9.         إقامة الصلاة المفروضة.

   10.       إيتاء الزكاة لمن وجبت عليه.

   11.       صوم شهر رمضان لمن وجب عليه.

   12.      حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا.

   13.      الصدق.

   14.      الإخلاص وأشرفه إخلاص العبادة لله، ومن ذلك إخلاص العمل وإتقانه.

   15.      الأمانة.

   16.      العدل.

   17.      الصبر.

   18.      التوبة وخاصة من كبائر الذنوب والموبقات.

   19.      الجهاد في سبيل الله ويتأكد وجوبه في حالة الدفاع عن المسلمين وبلادهم وأعراضهم.

   20.      التعاون على البر والتقوى.

   21.      تأدية الحقوق، حق الجار وحق الضيف وحق المسلم وحق الطريقالخ.

   22.      صلة الرحم.

   23.      بر الوالدين.

   24.      الخوف والرجاء.

   25.      حسن الخلق.

   26.      الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد.

   27.      قراءة القرآن الكريم.

   28.      العلم، ونشره والعمل به.الخ.

  29.    الحب في الله والبغض في الله وذلك بمحبة الصالحين من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سواء من صحابته أو من أهل بيته أو من غيرهم،وبغض الكفر وأهله والظلم وأهله، وتزداد المحبة بزيادة فضل الشخص والتزامه الإسلام، وقربه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطول صحبته له وإحسانهاالخ. ويتخصص الوجوب في محبة أهل البيت الأربعة (وهم علي وفاطمة وابناهما ) والمهاجرين والأنصار وزوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم كل التابعين بإحسان من الأمة إلى يوم القيامة.

   30.      ذكر الله عز وجل من حمد وشكر ودعاء واستغفار.

وهكذا فالأمر لا أسرار فيه ولا غموض ولسنا في حاجة للغوص في  كتب العقائد المذهبية حتى نعرف ديننا فالدين معروف قبل تأليف هذه الكتب والقرآن الكريم ومشهور السنة الصحيحة موجودان قبل تأليف هذه الكتب.

 إذن فهذا ونحوه من الواجبات المشهورة المعروفة هي الواجبات المطلوب من المسلم تأديتها؛سواءً كانت هذه الواجبات إيمانية أو عبادية أو أخلاقاً أو معاملات، وهذا التسميات ينوب بعضها عن الآخر؛ فلا فصل بين أخلاق وعبادة ولا بين معاملة وعبادة.. وإنما في الموضوع خصوص وعموم، كما أن بعض الواجبات قد تشتمل على بعض وتشتمل على مالم نذكره هنا، فإنني لم أقصد الاستقصاء لكن أيضا لم نهمل الواجبات المهمة، وأنا هنا أتعمد تبسيط الأمور وتسهيلها ليفهمها كل مسلم.

ثانياً: قائمة المنهيات:

 

1-    الشرك بالله.

2-    قتل النفس.

3-    ترك الصلاة.

4-    منع الزكاة.

5-    ترك صوم رمضان.

6-    ترك الحج للقادر عليه.

7-    السحر.

8-    أكل الربا.

9-    أكل مال اليتيم ظلماً.

10-           الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).

11-           الظلم.

12-           الكبر.

13-           شهادة الزور.

14-           الكذب مطلقا إلا في حالات يسيرة مستثناة..

15-           السرقة.

16-           الزنا.

17-           شرب الخمر.

18-           الغش.

19-           الفرار من الزحف.

20-           اللواط.

21-           القذف وخاصة قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.

22-           قطع الطريق.

23-           اليمين الغموس.

24-           قتل النفس.

25-           قاضي السوء وعالم السوء.

26-           أكل الميتة والدم ولحم الخنـزير.

27-           المكس.

28-           القواد على أهله.

29-           المتشبهون من الرجال بالنساء والعكس.

30-           الرياء.

31-           النفاق.

32-           الخيانة.

33-           التعلم للدنيا وللعلو في الأرض والفساد.

34-           كتمان العلم والتسويغ أو التبرير الفاسد في كتمه.

35-           الغدر.

36-           قطع الرحم.

37-           النميمة.

38-           الغيبة (إلا غيبة الفاسق الفاجر الظالم المتحقق من فسقه أو فجوره أو ظلمه).

39-           الطعن في الأنساب.

40-           البغي.

41-           تكفير المسلم.

42-           من أدعى إلى غير أبيه.

43-     سب أو بغض أو أذية الصالحين من الأمة وأعظم هؤلاء أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمهات المؤمنين وأكابر الصحابة من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان.

44-           سن السنن السيئة والدعوة إلى الضلالات.

45-           أذية الآدمي من المسلمين والمعاهدين والذميين ومن لم يحارب المسلمين وشتمه وسبه.

46-           ترك صلاة الجمعة.

47-           المنان.

48-           المسبل إزاره خيلاء.

49-           من أشار إلى أخيه بسلاح ليخيفه.

50-           الجدال بالباطل.

51-           الجاسوس ضد المسلمين.

52-           المسيء للجار.

53-           ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للقادر عليه.

54-           المكر بالمسلم.

55-           البذاءة والجفاء.

56-           التقاطع والتدابر والتهاجر بلا موجب شرعي.

57-           الغلو.

58-           البخل والإسراف.

59-           الحسد.

60-           الغلول.

61-           المحلل والمحلل له.

62-           المتجسس على الناس.

63-           تصديق الكهنة والسحرة.

64-           الأمن من مكر الله وسوء الظن بالله والقنوط من رحمته.

65-           كفران النعمة.

66-           القمار.

67-           ذو الوجهين.

68-           التعذيب والمثلة.

69-           مماطلة الغني في قضاء الدين.

70-           الشفاعة في الحدود.

أقول:

هذه أبرز المحرمات القطعية وقد يتداخل بعضها مع بعض؛ وهي تشمل غيرها مما أهملنا ذكره أو نسينا ذكره فلا تجد محرما من المحرمات المشهورة إلا مذكورا أو مندرجا.

فالدين الإسلامي ليس بهذا الغموض الذي يظنه بعض الناس إتباعا منهم  لكتب وخطب وفتاوى غلاة العقائديين  الذين جعلوا من الدين طلسما لا يعرفه إلا الخاصة من الناس؛ فالدين ميسور معلومة فرائضه وحدوده؛ أوامره ونواهيه؛ فلا يخشى أحد أو يظن أن نقد كتب العقائد سيضر الدين؛ بل سنخدم هذا الدين بنقد من أساء إليه بسوء فهمه أو سوء تعصبه  حتى جعله منحصرا في الموقف من  خصومات وأفكار جزئية قال بها مجموعة من المتخاصمين في القرن الثالث.

فالدين الإسلامي بحمد الله أعلى وأسمى من الأشخاص  وهو محفوظ بالقرآن الكريم والسنة الصحيحة المشهورة  وما على المسلم إلا أن يقرأ القرآن الكريم مرة واحدة وسيجد فيه من الأوامر والنواهي الرئيسة ما أهمله  هؤلاء الغلاة لأجل جزئيات وتشقيقات كلامية وتوهمات ما أنزل الله بها من سلطان (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)؟! .

الإسلام جاء رحمة للعالمين فجعله الغلاة عذابا على المسلمين ! فسبحان الله ماذا تفعل الخصومات بأصحابها!،  اللهم اهدنا لما اختلفنا فيه من الحق، واجمعنا على كليات الإسلام ومحكماته ونجنا من الفتنة بالمتشابه، وارحم هذه الأمة وأخرجها  من نفق الغلو والتعصب إلى ساحة التعاون على البر والتقوى والعمل لعزة الإسلام وأهله.


 

([1]) المقصود بالإيمان بالكتب المنـزلة، الإيمان بأن الله أنـزل التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى والقرآن الكريم، ولكن قد تعرضت للتحريف ما عدا القرآن الكريم.