بســم الله الرحمن الرحيــم

من منا لا يعرق ؟

زيادة فرط العرق ( التعرق) Hyperhidrosis

كل إنسان طبيعي يعرق ، إنسان يكثر عرقه ، وإنسان يقل عرقه وهذا طبعا أمر طبيعي ، إن العرق الجسدي هو فيسيلوجيه ضرورية للجسـم كما نعلم ، ليس لأنه فقط طريقة للجسد لكي يتخلص من الحرارة الزائدة ، بل هو طريقة للجسم لكي يتخلص من بعض الفضلات و الأملاح و بذلك يساعد الكليتين في عملهما ، علاوة على انه يعتبر كجهاز تكييف يلطف من درجة حرارة الجسم عندما ترتفع درجة حرارة الجو المحيط بالإنسان . و الذي يفرز العرق غدد خاصة تسمى الغدد العرقية ( Eccrine glands ) وهي كثيرة العدد حوالي المليونين في جسم الإنسان و تنتشر على سطح الجلد بصفة عامة ، وتكثر في راحة اليدين وبطن القدم و الجبهة و الإبط وتتكون الغدة العرقية من أنبوبة لها جزء خاص قادر على الإفراز ، وآخر هو القناة (مجرى العرق) ، ويستمر إفراز العرق ليلا و نهارا ، صيفا و شتاء ولكن تقل كمية العرق أو تزداد حسب الظروف المحيطة بالإنسان وحسب حاجة الجسم نفسه . إن كثير من الناس يشكون من كثرة التعرق ويمكن لهذا التعرق الزائد أن يكون موضعيا أي انه يصيب منطقة محددة أو واحدة من الجسم أو يكون عاما . أن أكثر المناطق إصابة بزيادة التعرق هي اليدين والقدمين والإبطين والجبهة والصدر نظرا لوجود كم هائل من الغدد العرقية بها . وهناك أنواع من زيادة التعرق فهناك التعرق الموضعي كما ذكرنا سابقا ، وهناك نوع يسمي زيادة التعرق الانفعالي ويتصف هذا النمط من التعرق بحدوث عرق غزير ويعتمد على أوج إثارة الانفعال المحدث بواسطة القلق ، والضيق ، والخوف ، أو الأدوية المنبهة مثل الكافئين في القهوة ، والشاي ، ومشروب الكولا . أن اكثر ما يدعو إلى القلق و الضيق لدي الإنسان أن يكون لقدمه رائحة كريهة ويكون ذلك طبعا نتيجة طبيعية لعدة أسباب تؤدى إلى زيادة التعرف بالقدم منها القيام بمجهود رياضي و ارتفاع درجة الحرارة سواء كان هذا الارتفاع في حرارة الإنسان نفسه أو في حرارة الجو المحيط به ومما يزيد من حدة هذه الحالة ارتداء الحذاء لفترة طويلة من الوقت وخصوصا إذا كان الحذاء ضيقـا و الجوارب من النوع الردى الغير قطني ، وكل هذه العوامل تؤدى إلى زيادة في العرق والى زيادة في نشاط البكتيريا و الفطريات الموجودة بالقدم محدثه رائحة يكرهها الشخص نفسه ... ويشمئز منها مخالطوه

. وقد يؤدى التكرار بمثل هذا النوع إلى حدوث الإصابة بفطر التينيا بين أصابع القدم خاصة الإصبع الصغيرة و التي يليها وتكون النتيجة التهابا جلديا محدود المحيط ، ابيض لون سطحه وقد يحدث شق في ثنية الجلد بين الإصبعين . وهناك نوع آخر يسمي زيادة التعرق العام أو المعمم ويمكن أن ينجم هذا النمط عادة في البيئات الحارة و الرطبة وكذلك يكون مصاحبا للتمارين المفرطة ، وأيضا تكون مصاحبة للحرارة الزائدة مثل الحمى الشديدة ، ويمكن أن تؤدي الاضطرابات الهرمونية مثل زيادة نشاط الغدة الدرقية ، ومرض السكر ، والحمل . وهناك نوع يعرف بزيادة العرق الذوقي ( Gustatory Hyperhidrosis ) ويوجد هذا النوع عند بعض الأشخاص يحدث لديهم وبانتظام زيادة تعرق الجبهة ، و الشفة العليا ، ومنطقة ما حول الفم ، ويحدث ذلك بعد برهة من تناول أطعمة كثيرة التوابل ، أو سلسة الطماطم ، أو الشوكلاتة ، أو القهوة ، أو الشاي ، أو الشوربات الحارة . ويؤدي زيادة حدوث العرق في بعض الأحيان عند الكبار و حتى الأطفال إلى حدوث احتباس العرق التالي لانسداد في قنواته أو في مسامه طفحا خاصا شائعا و خصوصا في البلاد الرطبة الحارة كما هو عليه في المناطق الاستؤائية أو في أشهر الصيف الحارة ، ويحول هذا الانسداد دون تشكل الإفراز الطبيعي للعرق ، ويؤدي الضغط الراجع بسبب ذلك إلى حدوث تمزق في الغدة العرقية أو في قناتها المفرغة على مستويات مختلفة . ويحدث تسرب العرق إلى النسيج المجاورة مما يؤدي إلى حدوث حويصلات مائية صغيرة حمراء وتكون عادة مصاحبة بحكة شديدة وتسمي هذه الحالة بطفح الحر (ٍSweat rash وتزول هذه الحالة بزوال المؤثر إلا وهو ارتفاع الحرارة الجوية وزيادة إفراز العــرق . ويعاني كثير من الناس من حدوث رائحة كريهة نتيجة لزيادة في العرق ، وقد يسأل الكثيرين عن مصدر هذه الرائحة وكيفية التخلص منها ؟ أن حقيقة الأمر أن سبب هذه الرائحة كما ذكرنا هي الجراثيم أو البكتريا وليس العرق نفسه ، مما يؤدى إلى نشاط هذه الميكروبات وبالتالي إلى ظهور ما يسمى بالدمامل العرقية أو الصيفية ، وهذه الدمامل تظهر غالبا عند الأطفال و الضعاف من الكبار اللذين يعرقون كثيرا وتظهر غالبا في الوجه و الرقبة ، وعلى هذا الأساس يجب أن نتخلص من تلك الجراثيم و الميكروبات وليس من العرق الجسدي . إن استخدام المواد المضادة للعرق الجسدي لها نجاح محدود في منع الترطب بواسطة العرق أن تسبب إثارة الجلد بالنسبة لكثير من الناس ( تذكر أن العرق يخول الجسم التخلص من الكثير من الفضلات ) وطالما أن جلدك لا يتفاعل بشكل معكوس فان استعمال المواد المعطرة هي فعالة وآمنة و استخدام الكولونيا على الجسد يمكن أن تضيف إلى فعالية المادة المعطرة أو المادة المضادة للعرق الجسدي . إن الناس الذين لديهم مشكلة استثنائية فيما يخص رائحة الجسم على كل الجلد يجب أن نتذكر أن أنواع الصابون المعطر قد تحدث

حساسية الجلد تجاه أشعة الشمس . وقد يشكو بعض من المرضى الذين يعانون من زيادة العرق أن يكون هذا العرق مصاحبا بلون اصفر أو احمر أو بني ، أن تلون العرق أو ما يسمي بالعرق المتلون هو اضطراب وظيفي نادر يصيب الغدد العرقية مختلطة الإفراز Apocrine sweat gland ، ويرجع سبب ذلك الى عدة عوامل منها كثرة تناول الفلفل و التوابل الحار والحلبه والثوم و البصل و الفجل وفى بعض الحالات قد يرجع حدوث هذا اللون الى تعاطى بعض أنواع الأدوية مثل عقار الرفامبسين وهو مضاد حيوي معروف . إن العرق الجسدي نفسه لا يعطى رائحة كريهة كما ذكرنا ، بل إن جراثيم الجلد التي هي موجودة في العرق الجسدي و التي تنتج موادا كيميائية هي سبب الرائحة و ربما كلنا نريد أن نحارب تلك الرائحة بغض النظر عن مسبباتها . وقد استعملت عدة طرق علاجية متعددة للتخلص من العرق الزائد منها الداخلي ومنها الموضعي ، ان كثير من الأدوية التى تعالج حالات العرق الزائد فى الوقت الحاضر لها أعراض جانبية كثيرة فيصعب التخلص من هذا المرض المزعج بطريقة الادوية ، الا انه وجد من ان استعمال بعض المهدئات فإنها تؤدي الى تحسن الحالة بشكل معتدل . بخاصة تلك الحالات من زيادة التعرق التي تثار من قبل زيادة الانفعال و التوتر العصبي ، أما عن العلاجات الموضعية فتوجد هنالك فى الوقت الحاضر الكثير من العلاجات التجارية الجاهزة الموجودة في متناول اليد و التي تحد من زيادة تعرق منطقة الإبطين . هذا و تتضمن معظم تلك العلاجات كلوريد الألمونيوم Aluminum chloried وهو علاج فعال فى الحد من زيادة العرق ولكن لفترة محدودة . وهناك الكثير من الأنواع المختلفة من الصابون المضادة للجراثيم و المكير وبات ، ومزيلات الروائح التجارية التي لها فاعلية مناسبة لكبح الروائح الكريهة ، هذا وتساعد الحمامات المتكررة ، وتبديل الملابس الداخلية في إزالة الروائح الكريهة نتيجة زيادة التعرق ، وهناك عدة طرق علاجية أخرى منها التدخل الجراحي لقطع بعض الإعشاب للحد من زيادة التعرق وقد ثبت فشل كثير من هذه الحالات فى التحسن بعد ستة شهور من اجراء مثل هذه العمليات ، وكذلك أجريت عدة دراسات و أبحاث أكدت نجاح استخدام الابرالصينية فى الحد من زيادة فرط التعرق فى اليدين و الرجلين ، وهناك العلاج الايوني الحديث

( Iontophoriasis ) حيث يتم تعريض المنطقة التي تفرز العرق بغزارة إلى جهاز صغير يعمل بالبطارية ويبلل سطح الجهاز بقليل من الماء ويؤدي ذلك الى دخول شحنات كهربائية طبعا تكون غير محسوسة مما يؤدي إلى تقليل إفراز الغدد العرقية لفترات زمنية ، ويتوافر هذا الجهاز بأسعار معقولة في الأسواق الأمريكية الآن .

 

إعداد / الدكتور فهد عبد الله إبراهيم

دكتوراه الأمراض الجلدية و التناسلية