|
|
|
لله ثم للتاريخ : أخرجوا الوهابيين من جزيرة العرب(1-2) .
عندما يكون اللبس وعدم الفهم للفكرة مثبتا ومبرهنا فيجب فورا أن يطل الإيضاح برأسه والشرح والطرح فما بالك وقد حضر سوء النية مما يوجب التعقيب والتوضيح والإفصاح . كتبت في موضوع سابق وفي مواضيع سابقة وبأكثر من طريقة عن الوهابية. كتبت عنها مهاجما لها ومحذرا منها ومن نتنها ومن نتاجها العفن ومن خطرها على الأمة ومن تقلبها وتقلب أهلها وقد كنت وعن عمد وترصد ألفظ كلمة الوهابية مجملة دون تفصيل ومن ثم أنتقد كل المباديء الهدامة والمذاهب الضالة من رفض وتصوف وتجيم . ونظرا لأن كثيرا من الناس وفي السعودية تحديدا يعتقد أنه وهابي فإني أستثيره وأثيره بحديثي ويجدها نقطة معيبة وصفة ذميمة وليس خلافا في وجهة نظر فقط وقد راسلني أخوة وأخوات كثر بشأن هذا الموضوع . وعن عمد تجاهلت الكثير من هذه الرسائل حتى أرى أنه وجب علي أن أشرح وأطرح الحقيقة التي أراها ووجهة النظر التي أنتمي لها وخصوصا بعد حديثي الأخير عن إنتكاس الوهابيين وتراجعاتهم . في البداية أود أن أوضح بكل صراحة أنني على ما يعتقده الشيخ محمد إبن عبدالوهاب ولا يوجد لدي أي إختلاف ولو طفيف جدا في المسائل العقدية مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب . وثانيا أقول وبالصوت العالي أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب بريء كل البراءة من الوهابية التي نعرفها اليوم والتي سأشرحها وأذكر لكم بعض شخصياتها حاليا وأشرح كيف ظهرت وكيف ضحك بها على الناس . أما محمد بن عبدالوهاب فهو عالم فذ وشيخ جليل وداعية خير يشكره كل منصف ومما يسعدني أن هذا القول ليس قولي أو قول أحد السعوديين حاليا بل وجدت الكثير من خصوم إبن عبدالوهاب يصفونه بكل صفة طيبة من ألمعية ونبوغ وذكاء وصدق . حتى علماء الدولة العثمانية وصفه كثير منهم بالألمعية والصدق ومنهم من إختزل مقاطعا من كتبه وتحدث عنها وأفاد بأنها صحيحة ولا غبار عليها ولا جديد فيها أضافه إبن عبدالوهاب على دين الله وعالم أخر شرح وطرح وإنتقى عبارات من عبارات محمد إبن عبدالوهاب وأفاد أنه لم يجد جديدا بل يرى ان هذا هو دين محمد صلى الله عليه وسلم . ذلك من جانب بعض الخصوم وهناك خصوم لمحمد إبن عبدالوهاب وعلى جانب من الإنصاف على مايبدو والله أعلم بالسرائر وجدتهم يمتدحون دعوته ولكنهم يجرمونه من الجانب السياسي نظرا للفارق السياسي بين مجتمع إبن عبدالوهاب ومجتمع الدولة العثمانية . حتى الخلاف السياسي لم يكن قطعيا ولا يمكن القطع فيه لهذا أو ذاك وكلهم علماء إسلام أجلاء ولكن المعطيات السياسية تتغير بشكل أصعب من السيطرة عليه والدولة سياسيا آنذاك كانت لا تفرض نفسها بالشكل الحقيقي . والسيادة العثمانية آنذاك كانت معنوية أكثر منها سيطرة سلطة معنية ومعينة من كل النواحي . ونظرا لأن الشخصية العربية صعبة الإنقياد في الإطار العام وتحتاج إلى ترويض فقد برزت دعوات خاصة من الداخل العربي كلها قتلت في مهدها او إنتشرت بضعف وإستغلت الجانب السلمي ووالت كل شيء يأتي من السلطات العليا حتى لو تغيرت الدول فهي تترك ما للدولة للدولة ويسوق زعماء هذه الطوائف لأنفسهم ومن أجل مصالحهم .وعلى العكس كانت دعوة محمد إبن عبدالوهاب فقد كانت عامة وتقنن السلطة وتحالفت معها للتصحيح العقدي وهذا ما أورث دعوة إبن عبدالوهاب صدى غير محمود لدى الكثير من عامة المسلمين آنذاك فالقوة الإعلامية والسلطوية للعثمانيين وسحق إبراهيم باشا للدولة السعودية الأولى وإشاعة (الخروج) ونسبته لدعوة إبن عبدالوهاب أصابها بنوع من الإنكفاء لفترة طالت ولكن الله أشاع نور الحق فيما بعد . وغير العثمانيين وأتباعهم من العلماء هناك خصوم من مذاهب هدامة مثل المذهب الصوفي وهؤلاء كتبوا فقط من أجل نوازع سياسية وبحث عن ذواتهم ومن يقرأ كتبهم اليوم ويكون منصفا يجد ان تقارير أتباع المذهب المنحرف الجامية والتي يقدمونها للسلطات الأمنية حاليا نسخة أخرى من كتب المتصوفة في ردودهم على دعوة إبن عبدالوهاب . فلم أجد بدائل يعتد بها يسوقها علماء الصوفية بل هم يحاولون تصيد بعض الأمور وتفسيرها بطريقتهم لدحض دعوة إبن عبدالوهاب والتشكيك فيها . لا أنسى أن أقول أن ما حدث من ردود من قبل الشيخ سليمان إبن عبدالوهاب شقيق محمد كان الدافع الأساس له الغيرة والحسد وتعرية ردوده وتعليقاته على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ترد على نفسها ولا تحتاج أن يعقب عليها طرف غير سليمان نفسه غفر الله لنا وله . محمد بن عبدالوهاب لم يأت بجديد أبدا بل هو ناقل من كتب من سبقه وهو رجل متعلم ومثقف في مجتمع غير متعلم ويجهل الكثير في جميع مناحي الحياة وهو فقهيا يتبع للمذهب الحنبلي ولكن وبكل وضوح أيضا أختلف مع إبن عبدالوهاب في طريقة تطبيقه للفقه الحنبلي فقد كان ينتقي الأحوط في كل المسائل مما أظهر صلفا وتشددا مريعا في فقه إبن عبدالوهاب ولكني وبكل نزاهة وموضوعية عند الإطلاع على الحالة الإجتماعية والدينية آنذاك لا ألومه على هذه الإنتقائية وعلى قاعدة الأحوط التي إنتهجها بل ليته أوضح لمن بعده هذه الطريقة لكي لا يتعلق بها من بعده ويختط منهجا فقهيا مستقلا في ذاته لا يسمح لغيره من المذاهب الفقهية الأخرى بالحياة رغم الإتفاق على أنه لا خلاف حقيقي بينها وكلها مشرعة وصالحة للمسلمين . وهذه القاعدة أورثت في بعض العقليات الدينية عقدة من المذاهب الفقهية الأخرى حتى أنني وجدت بعض من أظن أن لديهم حصيلة دينية يخلط بين أتباع المذهب الشافعي والصوفية رغم أن الصوفية مذهب هدام عقديا والشوافع مذهب فقهي يتفق مع الحنبلي في أصوله العقدية . إذا في نظري محمد بن عبدالوهاب ليس مجددا للدين فالدين لا يبلى ليجدد وليس كالبيعة للحكومة السعودية يقوم طائش في القريات بإطلاق النار على مبنى الإمارة فيجبر أهالي جيزان على السفر لسكاكا لتجديد البيعة وهكذا . بل الإسلام منهجية كاملة ومكتملة ولا يوجد ما يستجد على الإسلام حتى نحكم بتخلفه أو تقدمه بل هو دين صالح في كل الأمان . وما نراه اليوم من تقدم في المجالات الدنيوية فالإسلام قرره وحدده وأخبرنا نبينا الكريم أننا أعلم بأمور دنيانا ووضع الأطر العامة وعلينا نحن أن نصوغ التفاصيل الصغيرة داخل الإطار العام المرسوم . فالخبائث محرمة والطيبات مباحة والرسول تركنا على مثل المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك . والتجديد في الدين هو الإبتداع فيه وحاشا وكلا أن يكون إبن عبدالوهاب مبتدعا . بل يبقى إبن عبدالوهاب شيخا جليلا وعالما فذا خرج ونادى بتوحيد الله ونبذ عبادة الأوثان وتحالف مع الركن المهيب والقائد المظفر محمد بن سعود وسلكا طريقا محترما للدعوة إلى الله . وكانت الدولة تحصيل حاصل لعمل تعبوي ودعوة نقية وصادقة . بعد الدولة السعودية ونظرا للتحالف بين إبن عبدالوهاب الممثل الديني في الدولة الاولى ومحمد بن سعود ممثل السلطة تحول الدين في الدولة السعودية الثانية إلى جبهة إعلامية لإنتزاع الشرعية وتحول العلماء إلى شعراء مرافقين للملك او القائد في الحل والترحال .وتحول الدين بكل جلاء إلى صبغة وركن لإثبات شرعية الدول السعودية المتعاقبة .وبقيت دعوة إبن عبدالوهاب هي المستند الأساس ولكن عاد الجهل مرة أخرى وتم الإمساك والتمسك بعناوين دعوة إبن عبدالوهاب وترك العمق والشروحات وفرض الفروع على الأصول .ولكن مهما يكن فقد كان المتمسكين بها أنقياء حتى حين يتشددون فتغليب حسن النية يظهره تصلبهم حيث ينظرون لما لديهم على أنه قشة النجاة ولم يكن وقتها هناك علماء أفذاذ وبالكثرة الكافية إن وجدوا وكان الضعف عاما في جميع جوانب الحياة والجانب الديني هو الجزء الأساس في عقلية كل المسلمين ومتى ما كان قويا كانت أمة الإسلام قوية وهكذا . حينما عاد الملك الأسطورة عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى الرياض ليبدأ رحلة التوحيد التي نشهد نتاجها اليوم مملكة بلاحدود إجتمع حوله طوائف من الناس تمت تسميتهم بالأخوان وهم رجال مخلصون وصادقون ولكن لم يكن بينهم أي عالم بل أغلبهم من عامة الناس ثقافيا وتم توجيههم للجانب السياسي لبناء الدولة . وهنا يجب أن أستدرك وأقول أنها وصمة عار وإهانة وصفحة تاريخية سوداء أعلقها بكل أسف على أعناق أفراد الأسرة السعودية الحاكمة حاليا بداية بخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وإنتهاءا بأصغر فرد من الأسرة السعودية الحاكمة الكريمة . وألوم بالدرجة الثانية الشعب السعودي ونفسي على عدم التصدي للعلمانيين ولاعقي البساطير الغربية حيث يقولون أن جنود الملك عبدالعزيز عبارة عن مجموعات من قطاع الطرق قام الملك عبدالعزيز بتوحيد صفوفهم وبرمجتهم لأهدافه الشخصية وللحقيقة ان قطاع الطريق لا يجمعهم إلا قاطع طريق والملك عبدالعزيز رجل دولة وموحد وبنى دولة مازال ابناؤه يتعاقبون على كراسي ملكها ولكنهم يسمحون لأمثال الدكتور محمد القويز الكاتب في الصحافة السعودية ولكتاب أخرين مثل الغذامي أن يقولوا عن الملك عبدالعزيز هذا الوصف النتن مختفين تحت تبرير إنقلاب الأخوان على الملك عبدالعزيز . الأخوان في خلافهم مع الملك عبدالعزيز نظرا لتمسك الأخوان كما أسلفت بعناوين دعوة الشيخ إبن عبدالوهاب ووضع فروعها أصولا وتأصيلها وخلط معتقدها بفقهها والدافع الجهل وبرمجة بناء الدولة سياسيا والتي لم تكن تسمح لهم رحمهم الله جميعا بالتروي في صناعة القرار وخسارة العلاقة مع القائد الجسور عبدالعزيز طيب الله ثراه وبكل الأحوال هم رجال أنقياء وأتقياء وليسوا لا هم ولا قائدهم رحمهم الله جميعا قطاع طرق . ولما توطد السلطان لعبدالعزيز خرج من ينادي بفكرة الشراكة الدينية ويعود لأساسها وهي الشراكة بين سلطان إبن سعود في الدولة الأولى ودعوة محمد بن عبدالوهاب . وقد إستجاب الملك عبدالعزيز لخلق مثل هذه الشراكة لسببين أولهما بسبب الواقع الديني وواقع المبدأ الذي اسس عليه دولته وجيش الجيوش لجمع أطرافها وبسبب تدينه الشخصي .ونظرا للواقع السياسي للعالم الإسلامي والخارطة العالمية أنذاك والتي كان المستعمر يصنعها ويديرفصولها الأخيرة في الشرق الأوسط . إلى هنا إنتهى الجزء الأول وسأضيف الجزء الثاني من المقال بحول الله وقوته قريبا . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
|