الكاتب5

 

 


 

أشعل السيجار وطلب من صديقه أن يحضر كأسا من النبيذ المعتق بينما توجه هو نحو المدفأة ليوقظها من سبات يومها . ويبتسم متلهفا على لقاء إبنة الصحراء مها وأخواتها لبنى وعالية والمهندسة رشا .

صديقه يحدثه عن رهاب أمريكا في محاربتها للإرهاب وهو يحرك رأسه لا يتخيل إلا تلك الصورة التي إقتصها من صحيفة وحولها كتابة بلغة لا يفهمها يحاول جاهدا ان يفهم نفسه انها ليست كلمات بل نقوش من نقوش الشرق المسلم .

يهمس لصديقه ضاحكا :

أرسلنا إليهم ما يزيد على عشرة جيوش وقادتها أعتى واقسى وأشهر الملوك لنبحث عن خيرات الشرق فتعود إلينا جثامين رجالنا وأساطير عن غول ومارد يأكل الرجال أكلا إسمه صلاح الدين . واليوم إنظر إنهم يرسلون لنا نساءهم لنباسطهن الحديث ونحقق لهن العدالة .

يقاطعه صديقه : هل هذا رهاب أم إرهاب ؟.

يقهقه قهقهة المنتصر ويرفع كأسه لتعانق كأس صديقه مغمضا عينيه بعد أن أتى عليها دخان السيجار الذي تمسكه الأسنان واللسان .

ويردد وبشموخ وبكبرياء : لقد سحقناهم .لقد سحقناهم .سحقناهم .

يبدأ صديقه بمحاولة إستقصاء الفكرة . فيحلق عقله في كل الزوايا ويردد بهذيان وعنترية بلهاء : لقد سحقناهم . لقد سحقناهم . سحقناهم .

ليصرخ في صدره سؤال يحاول ألا يظهره لكي لا يكون غبيا على عدم معرفته للإجابة عليه .

فيقول : هل تعني شعب العراق ؟. ويسترسل ولكنا ياصاحبي نرفض الحرب على العراق ؟.

فيتنهد ويرفع صوته : العراق لأمريكا وها قد عدنا يا صلاح الدين .

يقوم واقفا متجها نحو المدفأة محركا يده اليمنى نزولا وصعودا على يده الأخرى الممسكة بالكأس ليقضي على قشعريرة برد تسكن تلك المنطقة ويقول ياصاحبي يبدو أنك بعيدٌ عن الخبر وبعيد عن الدنيا .

فيبقى صديقه في حيرة من أمره فهو لا يستطيع السؤال خجلا من عدم الفهم ولا يستطيع ان يفهم شيئا .

ينبهه بتحريك يده وينده عقله ليقول له : هل ترى ذلك السرير ؟.

فيجيبه صديقه وهو يشك في كل قدراته العقلية بل وصل به الشك حتى في قدرات صاحبه . لذلك يختصر الإجابة بتحريك رأسه بالإيجاب مبديا شبه إبتسامه على شفتيه .

فيقول له : هناك سأتباحث مع مها عن حقوق المرأة في جزيرة العرب .

سأعلمها بعد غد كيف تميس بقدها أمام أعضاء الإتحاد الأوروبي .

بدأت الأمور تتسرب إلى عقل صديقه .

فيتحرك نحوه ليضحك على خيبته .

فيقول: تبا لك . ألم تختر إلا مها من وفد الشرق ؟.

فيقهقه كقهقهته الأولى . ويقول ومن غير الشابة الدكتورة مها تدخل الحرارة إلى أنحاء جسدي ؟.

فيتحدث صديقه بنشوة المنتصر .

أنت تبحث عن دفء يوم او يومين او ثلاثة .

أما أنا فإني إخترت الثرية لبنى .

يسأل بحيرة ومن هي لبنى ؟.

يجيبه صديقه

لبنى أخبرني عنها زوجها الأسبق أنطوان اللبناني حين إجتمعنا مع زوجها السابق ميشيل اللبناني أيضا في منزل زوجها الأخير نبيه اللبناني أيضا قبل أن تستمع به أو يستمتع بها أسبوعين وتهديه بيت الزواج أو التزاوج يا صديقي وتعود إلى ديارها .

يريد أن يدافع عن نفسه وعن حلمه الدكتورة مها فيقول :

ولكن مها مثقفة .

فيجيبه صديقه : ولبنى مثقفة وثرية ومتفتحة وهاربة من القيود الشرقية التي وضعها نبيهم الذي يسمونه محمد .

أوووووه يا صاحبي لا تدخلنا في مناقشة الأديان دعنا نتحدث ونهمس لليلة تنتظرنا .

........................................................................

هذا المشهد كان يلح على خاطري ويزعجني ويكدرني والطائرة تستعد للهبوط في بروكسل حيث إلتقت مها وشقيقاتها بوفد من الإتحاد الأوروبي. كانت ست ساعات فقط وترتحل الطائرة والغالبية العظمى من المسافرين يذهبون للتسوق أو التجول ولكني لم ولن أفارق المطار ولو إستطعت لما فارقت الطائرة فكيف يسجل لي التاريخ أنني مررت من هناك حيث أهينت كرامة أمة وبيع شرفها في سوق النخاسة الأوروبية .

أعلم أن الأمة ضعيفة ومهزومة وأعلم أن الحكومات واهنة وضعيفة وعميلة وخائنة للشرف .

والنفس قد تبرر بالغلبة قبول ذلك او تحتمل قوة الجرح حين يتجهمنا العدو أن يغتصب نساءنا وان يقتلنا وان يهين كرامتنا كما يحدث في فلسطين وفي العراق ولكن أن يصل بنا الأمر أن نرسل نساءنا ليحل لهن الإتحاد الأوروبي مشاكلهن ويستعرض أعضاء الإتحاد الأوروبي أجسادهن وما خفي يعلم الله به فهذا مالم يدر في خلدي .

لم أكن أتخيل أن يكن النواشز بلا أولياء يدافعون عن شرف بناتهم أو على الأقل يمنعونهن من إذلال الأمة بشكل علني .ولم أكن اتخيل أن الحكومة عاجزة عن صدهن . ولم أتخيل ان سعادة المفتى سيصمت وكأنه لا يعلم شيئا .

ولكن بكل أسف ذلك ما حدث لذلك أيها التاريخ أرجوك حاول أن تقفز هذه المرحلة ولا تقل يوما للأجيال القادمة أننا أرسلنا نساءنا لأوروبا ليناقشن حقوقهن مع فحول الإتحاد الأوروبي .قل عنهن نواشز .قل عنهن أنهن سائحات أو بائعات أو سمهن ما شئت ولكن لا تخبر أننا رضينا بإرسالهن وسكتنا وصمت مفتينا .لا أيها التاريخ لن أخبرك ولن أتخيل مشهدا حدث في بيروت مع مائة وعشر من بناتنا برفقة رجال منا ذهبوا بهن إلى بيروت لأشياء لا يعلمها إلا الله لن أخبرك فأرجوك تجاوز عما علمت ولا تبحث عما لا تعلم فالشرف غالي وشرفنا لم يدسه الاعداء عنوة . بل نحن من باع شرفه في سوق النخاسة وأرسلنا النواشز إلى بروكسل وبيروت لفحول أوروبا الشقر وفحول لبنان الشقر أيضا .

...........................

مذكرات مسافر.

الكاتب 5 .

 

القائمة الرئيسية