أطلس الغبـارمحمد حلمي الريشـة |
|
|
|
أطلس الغبـار |
|
إِلَيكِ .. كأَنَّكِ قُبَّرَةٌ هُنَاك ! إِلَيَّ .. كَأَنَّنِي قَبرٌ هُنَا ! |
|
مُمَازَجةُ الجَمرِ بِسَلاسَةِ الحَرِير |
|
د. خليل حسونة * "القصيدةُ أجودُ الألفاظِ في أجودِ سياق" .(إليزابيث درو) * "إننا نعجزُ عن إدراكِ أيّ شيءٍ دون مساعدةِ الذّاكرة" . (برغسون) * "أجملُ الأشياءِ هي التي يُوحي بها الجنونُ ويكتبها العقل" . (أندريه جيد) |
|
على هذه الأسس، وعلى قاعدةٍ من الأمان المُمَعدَن، في محاولةٍ منّا للتَّصالح مع شهوةِ الدَّفق وصهوةِ النقيض، نضعُ هذه الومضاتِ الجامحةَ لـ" أطلس الغبار"، وهو العملُ ما بعدَ العاشرِ للشَّاعرِ المتميّزِ محمَّد حلمي الرَّيشة، حيث الدَّفقُ المطلقُ للآتي والمُنتظرُ عندما يَشخبُ حَليبُ الصُّدفةِ وهو يتداغلُ في فيضِ النُّصوص .
فالشِّعرُ كائنٌ محبوبٌ مُزيَّنٌ بفضائل يافعةٍ .. تتبوتقُ في تأمّلاتٍ مُتوحِّدةٍ .. تَمنحُ حقيقةً سيكولوجيّةً جماليةً شكَّلتِ الحياة .. تتجاوزُ تفاصيلَ العلاقاتِ اليوميّة، ويندفعُ الشِّعرُ بِجمر الرُّوحِ ليصلَ نَحوَ ديالكتيك القمَّةِ قابضاً على نُطَفِه، وهو يضعُ مباضعَ الكلماتِ تَحتَ إمرتهِ بشكلٍ مُلائم، وترتيبٍ أكثرَ مُلائمة، لتجعلَ من لوحاتِ قَصائدها تعاويذَ لِمَرَدَتِها، تضجُّ بالحياةِ، وتنبضُ بالطُّفولة .. تشحذُ ذاكرتك .. تستفزِّك. وعلى الرَّغم من أنَّها تقدحُ زِنادَك، إلاّ أنَّها تفتحُ نافذةً للجرحِ يبدأ من أَخمصِ الاعتذارِ حتى جُنونِ الانسكاب، فتجعلك تَجأرُ بقوَّة .
الشَّاعرُ الحقُّ يتحدَّثُ عن شعرٍ يَكتبُه، لا عن شعرٍ يَكتبُ به، فهو إلزامٌ روحيّ، والتزامٌ وجدانيّ .. توتيٌر للذِّهنِ بُغيةَ الوصولِ إلى الأعالي عبرَ إيقاظِ الصَّهيلِ المتولِّدِ تباعاً من شَاعريتهِ الحالمة، بِهدفِ أن تكونَ النَّتيجة إبداعاً جمالياً يربطُ المنتجَ بالمتلقّي في لحظةِ تبصيرٍ أصيلةٍ دونَ مُراوَغة .
يَرى البعضُ في الشِّعرِ أنه مُحرِّضٌ غير بَريء، وأن عدمَ بَراءتهِ تتأتَّى من علاقتهِ السِّريةِ التي تَربطه بشبكةِ علاقاتٍ واسعةٍ تَمتدُّ من المتلقّي باتِّجاهاتِ الاستحضاراتِ النفسيّةِ والأيديولوجيّةِ والمعرفيّةِ والإنسانيّة .. مُروراً بالاستنهاضاتِ الذّهنيةِ التي تتجسَّدُ في تَمثّلِ أعراضِ الشِّعر، والفعلِ المُصادمِ للقصيدَة .
لذا .. ما أن يُحاولُ المرءُ قراءةَ محمَّد حلمي الرِّيشة، في تَجربتهِ الأخيرةِ "أطلس الغبار" بِما يُكلّلهُ من أشكالٍ مُستنفِرةٍ ومُستنفَرةٍ، حتى يَجدَ نفسَهُ وقد تورَّطَ في متاهةٍ مُحكمةِ التَّعقيد، والوعي، فنحن أمامَ - اتِّجاهٍ نصيٍّ - بنموٍّ مُتسارعٍ مُذهلٍ .. مُنفتحٍ على تيّاراتِ الحداثةِ بكلِّ مَصاريعها .. تُحاولُ نصوصهُ الجميلةُ الرَّائقةُ أن تَجتاحك. ويبدو أن الشَّاعرَ لا يستطيعُ راضياً التخلُّصَ من لوثةِ الأنثى التي انتابته نَصِّياً في الإبداعاتِ السَّابقةِ لِهذا العَمل .
محمَّد حلمي الرِّيشة "الطِّفلُ" الطَّالعُ من رَحمِ المعاناة، المتعلِّقُ بشبقِ اللَّحظةِ وعَبثِ الألوانِ، اللاّهثُ وراءَ التَّطهرِ والتطهير، عبرَ قَصائدهِ المُمتدَّةِ من خَانةِ "الكَمَائِن" وحتى هوسِ "الفُلّة" وطقوسها، مُروراً بـ "الفَقد" و"الشَّائك"، واحتمالات "التَّحت" .. يعجنُ خبزَ الغيمِ، وهو يتداخلُ في فائضٍ من رَجفاتٍ عابرة، عبرها يعيدُ إنتاجَ ذاته. ففي كلِّ مرةٍ تشكّل كلُّ لوحةٍ عندهُ استجابةً بدائيةً تِجاهَ الشِّعرِ المغموسِ في الفلسفة، وأحياناً التَّرميز الرَّقمي وهو يُحاول استباحةَ الصُّدفة، بِما يَجعلنا نُفكِّر تِجاهَ كلِّ قصيدةٍ بعمقٍ باعتبارها حالةً فلسفيّةً نابضةً؛ لأن الشِّعرَ الحقيقيَّ هو الشِّعرُ الطامحُ لخلقِ من يتأمَّل، بِهدف أن يعيشَ حالةً من البذلِ القُصوى، عبر التَّعايشِ مع القصيدةِ في مُناخها المعرفيِّ المُعمّقِ الذي يُراهن على مُستوى من مُستوياتِ التلقّي، حتى وإن كانت صعبةَ المنالِ في مُجتمعِ الكفافِ مَعرفياً، والعزلةُ الواضحةُ عن رسائلِ هذه المعرفة بِمُعطياتِها المباشِرةِ، وغير المباشِرة .
وضِمنَ ما تتطلَّبهُ القيمُ العاليةُ لحالةِ "أطلس الغبار"، تتبلورُ جملةُ النُّصوصِ لتؤكِّدَ تأمُّلاتِ رجلٍ حالمٍ مُنعزلٍ ولا مُنعزلٍ في سياقِ إراداتٍ نصيَّةٍ مُتصارعةٍ / مُتداخلةٍ تكتبهُ ويكتبُها، فتسكنُ القلوبُ العاشقة، وتُحدّد قيماً أكثر من كينونتها .. وعبرَ ثاني أكسيدِ خُطواتِ القصائدِ تبدو النّعومةُ المظفرةُ التي تُثار في هذا المذاق، وكأنَّها تكثِّف نُعومةَ العالم، وتصبحُ الفاكهةُ التي نَمسِكها في كلِّ لوحةٍ نَضارةً تضمنُ نَضجَها؛ تَستنهضُ ذائقتَنا، وتُؤجِّجُ الحُلم. طهارةُ اللّهفةِ حين تَجمعُ طهارةَ السَّماءِ المُشمسةِ والأرضَ الولودَ الصَّبورة .. حالةُ سَيرورةٍ الوعي تتحوَّلُ على مساحةِ النُّصوص، مُساحبةً معها جلَّ التَّأملات، لتصبحَ "نيرفانا" الشَّاعرِ سلاماً شاعرياً، ودفقاً يُمازجُ الجمرَ بسلاسةِ الحَرير .
أعظمُ الشُّعراءِ همُ الذين يَتمتَّعونَ بذاكرةٍ عَظيمةٍ تَمتدُّ إلى ما بعدَ أقوى تَجاربِهم .. إلى أدقّ ملاحظاتِهم عن النَّاسِ والأشياء .. وتَمتدُّ بعيداً عن مَركزيَّة الذَّات، والأنا المتفرِّد، والتَّمحور الذي برزَ جلياً في لَوحاتِ "أطلس محمَّد حلمي الرِّيشة" غير المُغبَرّ، والتي ظلَّت تضجّ بِخصبٍ يدعونا إلى تذوِّقِ العالم بقوَّة، تُؤكِّدُ ما ذَهبنا إليه .. لتشحذَ قَناعتَنا بأن التَّجربةَ والمعيشَ تَجعلان النصَّ الإبداعيَّ حَقلاً للاستقصاءاتِ والأخلاقيّاتِ المستمرَّة، لطَرحِ الأسئلةِ الصَّغيرة، وإعادةِ صياغةِ الأسئلةِ الكُبرى .. جاعلةً منها بُؤرةَ للوعي، الأمر الذي رشّحهُ لأن يَستجيبُ لأنواعٍ من الطُّموحِ المعرفيِّ المُتباين، وهنا قداسةُ الشِّعرِ التي ظَهرتْ منذُ اللَّوحةِ الأولى لـ"أطلس الغبار" ..
ففي هذا العالم، الذي يُقدِّم إليك طعمَ البرتقالِ الفذِّ، يُصوّر الشَّاعرُ رؤيتَهُ للعالم، ولأول مرّةٍ في تَجربتهِ الغنيِّة خارجَ حافَّةَ الأنثى التي عوَّدتنا عليها مُعظمُ أعمالهِ السَّابقة، في لغةٍ تَمزجُ بين الحلمِ والواقع .. بين الذَّاتِ والآخرِ الضَّديد. وبذلك يُمهِّد الطَّريقُ لذاته، ويجهدُ في التَّخلصِ من الكثيِر مِمَّا طغَى على أعمالهِ السَّابقةِ بعد أن ارتبطتْ أسطرةُ التأنيثِ بتجربتهِ الخاصَّة، كأبرزِ ملامحِ ابتكاراتهِ المعرفيَّةِ الإبداعيَّة، على الرَّغمِ من الأجواءِ المُتقاربةِ في الإيقاعِ والرُّؤيا والإحساس، وربَّما يعودُ ذلك، في رأينا، إلى طبيعةِ تَجربتهِ الفذّة التي يُشكِّلُ عبرها شاعرُنا رؤيتهُ للواقعِ، ومحنةِ الذَّاتِ المتقاطعةِ مع هذا الواقعِ – في عَقدِ واحدٍ لرسمِ صُورةِ الأشياءِ – عبَر رقعةٍ فذّةٍ من المعرفةِ وهواجسِ اللُّغةِ، دون إفراغِ هذه اللُّغةِ من مَدلولِها القاموسي، والتي أراها فكراً ونصاً تتبوئرُ في نصّ "الانتفاضة" :
" صَبَاحاً تَذهَبُ العَصَافيرُ إلَىمَدَارِسِهَا والتَّلامِيذُإلَىجَنَّةِالخُلْد ! "
لذلك لا يقفُ الشَّاعرُ مُحايداً وهو يرسمُ مطحنةَ الواقعِ في العلاقات ِالبشريّةِ والمثالِ الذّهني للمستقبلِ حيثُ قواعدهُ : الفكرةُ، والصِّدقُ، والجمعُ بين ما يُوحي بهِ التَّنافرُ والتّضادُ عبَر استاتيكيّةٍ جماليّةٍ تُجاري العمرَ وتَطلُّعاته، رافقتهُ للمَفهومِ القسري للشِّعرِ وسلطةِ النَّص، وحتى فُسيفساءِ اللُّغة .
وأخيراً .. نؤكِّدُ أن العملَ الجيِّدَ لا يُمكن أن يُوجدَ دون انفعال، أو أن شيئاً دون حَركةٍ للنَّص تُنظِّمُ علاقةَ الكلام . إنِّها علاقاتٌ داخليةٌ بين بُنى الكلام، تنسجمُ في عَقدٍ واحدٍ لرسمِ صُورةِ الأشياء، وعلاقةِ جُزيئاتِها بعضَها بالبعضِ الآخر، حين تنطلقُ العلاقةُ بين المبدعِ ورسالته .
نَتركُ القارئَ مع محمَّد حلمي الرِّيشة، كي "يتأطلس" بذائقةِ الشَّاعرِ الجماليّة، بشكلٍ مُلتهبٍ لِنشاركهُ مِتعَتَه. |
|
الكمَائِن
الطُّرُقُ المَجرُوحَةُ ، في طَرِيقي ، رَطبَةُ الطَّمْيِ ، [ بَيضَاءُ مِن لَبَنٍ أَحيَاناً ] تَتصَاعَدُ مِثلَ سُلَّمٍ جَبَليٍّ ، بَل هيَ هكذَا ؛ جِبَالٌ أَسِيرَةٌ ، مَفرُوشَةٌ بِلَحمِ النَّباتَاتِ الغَرِيبَةِأَخشَى عَلَيهَا خُطَايَ البَطِيئَةَ أَنْ يَذهَبَ الرَّبِيعُ سَرِيعَ الخُطَى في الحِصَار ! *
- كَمِ السَّاعَةُ الآنَ أَيُّهَا الظِّلُّ الضَّيِّقُ ؟ - هل خُطوَتي تَصِلُ الأَبَدِيَّةَ ؟ أَم أَنَّهَا جَاذِبِيَّةُ خَشَبٍ مُغرُوزٍ إلَى رُكبَتَيَّ ؟ *
الكَمائنُ مَزهُوَّةٌ بِالأَمَانِ المُمَعدَنِ والرِّيَاحُ لَواقِحُ لِلخَلفِ ، لِوَقْفَةِ الانتِظَارِ المُفَاجِئ بِنِعَالٍ شَائِكَة .. أُكاشِفُ سَمائي خِلسَةً وَرَغبَةً جَامِحَة : إِلهي الَّذي لا إِله سِوَاه حَدَائِقي في بَاطِنِ الإِثمِ كأَنَّهُ مَعِدَةٌ طَاحِنَةٌ والبُذُورُ التَتَسَا قَطُ لَيسَتْ تَجِفُّ مِن عَرَقِ الرُّعَاةِ وبَولِ الجُنُود .. هَبني قُوَّةَ حَلِيبِ الزَّهرَةِ وغِنَاءً مُضَاعَفَاً في تُرابِ الحَصَى وصَدَأً مُبَارَكاً كَي يُبصِرَ الآمِنُونَ كَلامي ! *
عَلَى عَتَبَاتِ التِّلالِ المُتَشَاهِقَةِ كَنسْرٍ مُخَضْرَم يَنطَرِحُ الخصْبُ بِجَلَبَةٍ ضَعِيفَةٍ ، وَشَاسِعٌ دَمُنَا مِثلَ أَبارِيقِ غَيْمٍ بالسَّوَاد .. أَيُّهَا القَادِمُونَ داخلَ "حِصَانِ طُروَادةٍ" آخَرَ : لِي مَا مَلَكَتْ يَمينِي مِنَ الرَّائِحَةِ الخَضرَاءِ لأَعنَاقِ القَصَب ولِي مَا مَلَكَتْ يَسَارِي مِنْ نَدَى الملحِ ومَا كانَ لِي مِنَ اندِفَاقِ المَدَى ! *
بِانتِظَاري امرَأَةٌ تُرَبِّي أَزهَارَ الكَستَناءِ بِأَهدَابِهَا تُخَبِّئُ شَمْعَ اليَاقُوتِ إِلَى حِصَارٍ لا يَندَمِل وَعَن شُرفَةِ الرُّوحِ المُنحَازَةِ لِلضِّيقِ تُطفِئُ غُبَارَ الزُّجَاجِ بِدَمعَةِ أَلَمٍ ، وأُخرَى لأَمَلٍ يَتَعَالَقُ مِثلَ حُنجَرَةٍ لِبلابِيَّةٍ في غِنَاء ! *
[مَاذَا يَفعَلُ الجُندِيُّ مُختَبِئاً خَلفَ يَأْسِه ومُشتَبِهاً بِظِلِّهِ : يَنسَلُّ كَالنَّملِ مِن آنِيَةِ الفُجَاءة !] *
أَمَامَ أَمَامِي مُنـزَلَقٌ لِلشَّرَايِينِ : حِينَ أَنتَخِبُ اسمِي وَحِينَ أَتَصَدَّقُ بِزَفيرِ لُهَاثي عَلَى سَطوَةِ الأَعشَابِ في صُفرَةِ حُلَّتِهَا وجَفَافِ ذَهَبِها ؛ يَ تَ قَ صَّ فُ تَحتَ تَعَبي ! *
أُحِسُّ بِمَسَافَاتي شَاهِدَةً عَلَى سَاعَاتي المُتَخثِّرَة أَستَمِعُ لِلعَابِرِ بِقُربي وهوَ يَجِزُّ خُطواتِهِ بِتَجَمُّدِ إِيقَاعِ مَسلَكِنَا الوَحِيد يَقُولُ ، وَقَد لا يَعنِيه : - غَائِبٌ أَنَا رَغمَ غَايَاتي الخَفيفَة غَائِبٌ أَكبَرُ مِن حِصَّتي في كِتَابِ السَّمَاء .. وأَنَا ، مُستَمرَّاً بِسَاقَينِ سَهمِيَّتَينِ ، أَخلعُ عَنهُ صُوفَ صَوتهِ وأُجَاذِبُ حُلُمي ؛ ذلِكَ أَنَّ دَمي لَم يَزَلْ قَابِلاً لِلحَياةِ بَعد ! * [الجُنُودُ اعتَلَوا سَروَ التَّذَاؤبِ ، لا لِشَيءٍ سِوَى قَنَاعَةِ النَّفسِ بِشَجَاعَةِ الأَسلِحَة !] *
في الرِّحلَةِ الشَّاحِبَة ذَاتِ الاتِّجَاهِ المُتَشَقِّقِ كَصَفيرٍ مُتَقطِّعٍ وحَيثُ الغُبَارُ يُقَاسُ بِالجَزَعِ الَّذي يُقَلِّبُ الحَواسَّ كَالطُّهَاة ، أَدفَعُني بِجَنَاحَي قُبلَةٍ عَابِرَةٍ لَها نَكهَةُ قَهوَةٍ بَطِيئَةٍ تَرَكَهَا خَوفُ امرَأَةٍ عَلَى خُبزِ وَجنَتي ، وَبِتَرتِيلِ بَصمَاتِ الحَيطَةِ والحَذَرِ دُونَ استِرَاحَةٍ مُمكِنَةٍ لحُبَيبَاتِ الطَّلعِ فَوقَ هُدبَيَّ الرَّمَادِيَّينِ ، أَدفَعُني نَحوَ طَيِّ المَسَافَةِ الَّتي تَتَمادَى في رُعونَةِ أَوصَافِهَا عَلِّي أَرَى ما يُرِي الرَّائي : سُكَّرَ يَدَيهِ يَ نْ ثُ رُ هُ فَوقَ انتِصَافَاتِ نَهَارَاتِنَا المُطفَأَة ! *
سُعَارٌ رِيَاحِيٌّ إِلى قَواطِع فَرَادِيسي لَيلَكِيٌّ تَتَضَاعَفُ قِيَامَتهُ في عِنَبِ الأَصَابِع .. آلآنَ جَبهَتي تَستَجِيبُ لِنَحْتٍ مُرٍّ مِن حَشوَةِ تَصوِيب .. آلآنَ أَتَداغَلُ في فَائضٍ مِن رَجفَةٍ عَابِرَةٍ .. اصخَبِي قَليلاً أَو اهدَئي تِجَاهَ فَتِيلَةِ نُعَاسِي أَيَّتُها السَّعيرَةُ المُنحَنِيَةُ بِبُطْء ! *
لِلرُّجُوعِ وَسِيلَةٌ وَاحِدَة : ظَفرٌ بِالحِذَاءِ قَبلَ أَن تَأخُذَهُ مِنكَ فَدَاحَةُ الرِّحلَةِ والمَرحَلَة ! *
الذُّهُولُ الَّذي لَمَستُهُ عَلَى كُمَّثرَى الجَسَد عَامِلُ نِسيَانٍ كَثيفٍ كَفَروَةِ رَأْسِ العُزلَة ، رغمَ أَنَّ الذِّئابَ الَّتي تَنوَجِدُ في زَوايَا المَمَرَّاتِ المُثخَنَة لَمْ تَزَلْ صَاخِبَةَ عُوَاءٍ عَلَى مَارِّينَ وَحِيدِينَ ، كأَنَّ رُسُومَ الغَابَةِ المُنفَلِتَةِ [وهيَ حَالَةٌ مُكتَشَفَةٌ قَدِيْمَاً ] قَد رَتَّبَتْ أَدرَاجَهَا لِلضَّالِعينَ في "عِلمِ القَوافِلِ" والسَّيرِ فوقَ حَوَافرِ الأَثَرِ دَاخلَ أَكوَاعِ الصَّحَارَى ! * [الجُنُودُ يَتَشَابَحُونَ في الظُّلُمَات ؛ تِلكَ مُحَاوَلَةٌ لِقَتلِ بَرقِيَّاتِ اللَّيلِ ونَظرَةِ الشُّهَدَاءِ من عُلُوِّهَا !] *
- حَوَاجِزٌ / مُستَرخِيَةٌ عَلَى صَدرِ الإِسفلْت / .. - حَوَاجِزٌ / تَفتَرِشُ حَزنَ السُّفُوح / .. - حَوَاجِزٌ / مُطَوِّقَةٌ لِلمَلَل / .. (... المَمَرَّاتُ سُرُوجٌ بِلا صَهِيل ...) كَيفَ يَمكِنُ الاختِبَاءُ بَينَ " أَورَاقِ العُشْبِ" المَأكُولَةِ يَا "والت وايتمان" مِن شَهوَةِ صَيدِ النَّقِيض ؟ *
قُطنُ الضَّبَابِ الَّذي يَسبِقُ شَمسَ المُنحَدَرَات يُزَغِّبُ وَجهِي كَكَارِثَةٍ بَيضَاء – كَفَنٍ ، مَثلاً ذلِكَ أَنَّ الجَمَالَ لَم يَعُدْ مُمكِنَاً وأَنَا أَ تَ وَ ا ثَ بُ حَذِرَاً مِثلَ أَيْل ! *
أُطَأطِئُ القَدَمَينِ نَحوَ جَمرَةِ الصُّبْح ثَمَّةَ رَعَوِيٌّ مُجَاوِرٌ بِبَلادَةٍ يَتَنَفَّسُ جَنَّتَه ، لا يُمكِنُ اصطِفَاؤهُ نَخْلَةَ رُؤى .. قَدْ أَترُكُ بَقَايَاي احتِمَالاً فَوقَ تَلَّةِ مَعْنَاي ؛ فَلا غُفرَانَ إِلا دُونَ أَعشَابِ التَّواهُمِ وَعَصْفِ المَدِيحِ المَأْكُول ! *
بِأُسلُوبٍ يَتَخَطَّفُني مِن ذَاكِرَةِ الفَرَاديسِ - عَلَّني أُنسَى يُعِدُّونَني عَلَى مَرمَى النَّومِ الطَّويلِ مِثلَ هَدَفِ رِمَايَة .. شِفَاهُهُم مَصقُولَةٌ بِالتَّلاشِي ، وَعَلَى مِشْبَكِ أَعصَابِهم يُعَلِّقُ الفَتَى بَتَلات آمَالِهِ بِسَاحَةِ لَعِبٍ دُونَ أَنْ يَهتَزَّ لَهُ جَفنُ خَوف .. وَفي مُنتَهى الحَدَقَةِ الحَمرَاءِ ، حَيثُ : النَّارُ صِبغَةُ الصَّدرِ والهَزَائِمُ حَالاتٌ لِمُدَاعَباتِ السَّاسَةِ لَن يَجِدُوا ، بَعدَ كُلِّ سَكينَةٍ تَتأَلَّمُ بِصَمت ، بَعدَ مَوتَى البَارِحَة مَن يُرشِدُهُم إِلَى غُرفَةِ العِنَايَةِ الفَائِقَةِ أَو / يُنشِدُهُم في طَرِيقِهم لِمَبَاضِعِ الدُّود ! * [القَوَاطِعُ الَّتي تَجرَحُ الأَرضَ بِحَدِّهَا المَالِح تَزِيدُ مِن مَرَضِ الأَرضِ ، لكنَّها لا تَجعَلُني بَعِيداً عَن مَدَى عِلاجِي لَهَا !] *
مَا لَيسَ لِي لَمْ يَكُنْ لِي أَيَّتُهَا الخَسَارَاتُ المُبَرمَجَةُ في ذَاكِرَةِ خُطُوَاتِنَا عَلَى التُّرَابِ المُوَارَب ! *
الَّتِي لَمْ تَزَلْ في انتِظَارِي تُ قَ سِّ مُ عَجِينَ الوَقْتِ إِلَى خُبْزِ سَاعَات ؛ كُلُّ قُرْصٍ : حَصْوَةٌ في بِركَةِ شَفَق كُلُّ يَأْسٍ : ضَرُورَةٌ ضِدّ جُوعِ النِّسيَان .. بَعِيدَةٌ ... مَائِدَتُكِ عَن تَقَوُّسِ فَمِي قَرِيباً ، لَمْ أَزَلْ ، مِن فَدَاحَةِ النَّدَمِ أَيَّتُهَا العَتَبَةُ الصَّافِيَةُ في بَاطِنِي المُسَمَّى : كَيفَ أَستَطِيعُ إِخمَادَ الطُّرُقِ بِثَانِي أُكسِيدِ خُطُواتِي الثَّابِت ! *
اترُكُوا التَّنَفُّسَ المُقَنَّعَ لي .. لَيسَتِ الأَعذَارُ عَلامَةً مِن إِشرَاطَاتِهَا أَيَّتُها الضَّآلَةُ مِن مَهدِهَا إِلَى لَحدِهَا ! *
أُمْسِكُ طَرَفَ وَصْلٍ يُضَفِّرنُي بِمُذَابِ حَامِضِ الحَرب .. مُضطَرِمٌ ، أَنَا ، مِثلَ حُلُمٍ مُرتَبِكٍ عَلَى وَبَرِ غُصْنٍ يُخَطِّئُ شَجَرَتِه ، والعَنَادِلُ لَيسَتْ صَافِيَةَ الشَّهِيَّة وطُعمِي رَقِيقُ الحَوَاشِي والجَاذِبِيَّةُ لَمْ تُكتَشَفْ ، بَعدُ ، يَا إِقدَامي لَهَا ! *
دُرُوبي عَلَى أُهبَةِ مَدَارَاتِهَا ، وَصُعُودِي كَثِيرٌ دُونَ رَونَق .. أَنفُضُ رِئَتَيَّ مِن رِفْقَةِ السِّربِ الرَّمَادِيِّ : - سَيَكُونُ وَقتٌ في ضَرَاعَةِ الدَّمِ كَي أُسبِلَ يَاقَةَ اللَّيلِ عَلَى جَيْبِهِ صَبَاحاً .. - سَيَكُونُ وَحْشٌ دَاخِلَ مِنفَضَةِ تَعَبي .. أَيَّتُها العَتمَةُ بِحَرَاشِفِ قُطَّاعِ الطُّرُقِ ولُصُوصِ الأَوسِمَة : - لَيسَ كُلُّكِ ... لِي ! |
|
الفَقْـد
لَستُ مَدِيناً لِتبرِ الأَعصَابِ يُعبِّئُني بِانتِبَاهِه .. أَوَ كُلَّمَا أَعشَبَ الجِلدُ لَونَ عَبَّادِ الشَّملِ بَاغَتَني أُفقُهُمُلَوِّحَاً بِالغُبَار !*
كَيفَ خَرَجَتْ مِن إِصبَعِ الضِّيقِ كَخَاتَمِ العِطْر ؟ يَهبِطُ الوَقتُ مِثلَ ضَجَرِ الصُّعُودِ ، وَرَنِينِ عُروَةِ العَين ! *
… حَتَّى فَرَائِس مُوسِيقَى عَجَلَتِهَا المُنسَرِبَةِ ، مِثلَ نُ ثَ ا رِ رُوح ، تُركَلُ بِفَرَاشِ اللَّحَظَاتِ وَلا مَزَايَا لِلأَجنِحَةِ الطَّلِيقَة ! *
وَإِذْ أُحَاوِلُ إِضَاءةَ غُرَّةِ اللَّهفَة ، وَإِذْ تُحَاوِلُ إِضَاعَتي .. كَأَنَّني عَابِرُ مَمَرِّ نِسيَانٍ دُونَ سَهْلٍ ، وَسَائِلٌ بَرْقُ أَوجَاعِهِ المُبكِرَة ! *
كَثَافَةُ هُدُوءٍ في صَالَةِ اللَّيلِ هذهِ .. أَيَّتُها المُخَيَّلَةُ الصَّافِنَة : لَمْ تَعُدْ رِشوَةُ الشِّعرِ تَقبَلُ القِسمَةَ عَلَيّ ! *
هذَا الفَرَاغُ الَّذِي يَشفُّ مَا قَبلَهُ ؛ يَطْبَعُ صُورَةَ الفَقْدِ عَلَى لَسعَةِ لُهَاثي .. ثَمَّةَ شُرفَةُ شُرُودٍ ذَهُولَةٍ ، وَخُطَىً تُسَيِّرُ الافتِرَاقَ أَعلَى مِن رِكَابِي ! *
ذاكَ الصَّبَاح ؛ حَيثُ عَرَبَةُ غُربَةٍ تُعَكِّرُ تَمَوُّجَ القَهوَةِ في بَحرِ حَلْقِي – لا تُصَدِّقِي مَا اقتَرَفَتْ يَدَايَ مِن الوَدَاع .. أَشعُرُ بِرَغبَةِ جُنُونٍ مِن أَخمَصِ الاعتِذَارِ أَوَّلاً ! *
بِالأَمسِ ؛ دَرَّبتُ المَنـزِلَ ضِدَّ خِيَانَةِ الفَرَاغ /لَمْ أُفَسَّرْ بِالنَّجَاح .. كُلُّ العَصَافِيرِ حَولِي ، ولا يَكتَمِلُ قَفَصُ الصَّدر ! *
فَاتِنٌ .. شَاهِقٌ .. وَمُكَحَّلٌ .. بِالعُرْيِ ضَعفِي أَمَامَ غَشيَتِهَا ! *
الَّذينَ يَحثُّونَني عَلَى لَهجَةِ غِيَابِهَا ؛ لَمْ يَقدِرُوا عَلَى رَعيِ التَّنمِيلِ في أَصلابِهِم .. المُلُوحَةُ تَكسُوهُم خَدَرَاً كَمَا لَو أَنَّ بَحرَاً جَفَّ في جُيُوبِهم ! أُحَاذِرُ النِّسيَانَ أَنْ يُعِيبَ حَطَبَ حُضُورِي .. قَالَت : الشِّتَاء شَرشَفُ المَاءِ ، وَشَرنَقَةُ الدِّفءِ صَوتِي ؛- مَا الَّذي أَبْهَجَ عَمَايَ لأَرضَى ؟*
تُهِيلُ لَذَاذَاتِهَا مِثلَ دَبَقِ النَّحلِ كَانَت .. الفَقْدُ ؛ وَحدِي أَنْ أَكُونَ مَعهَا ! *
دُخَانِي كَثِيفٌ ، وَزَيتي يَتَجَمَّدُ في فَرَاسَتِه .. بَاهِرَةٌ زُرقَةُ الإِبصَارِ لَو فَقَدتُ فَقدِي ! جِدَارٌ وَاحِدٌ يُخَبِّئُ عَنَاقِيدَ الحَذَر / حَبلٌ وَاحِدٌ وَأَقطُفُ حَشدِي .. أَيَّتُهَا المَرَاهِمُ الَّتي سَقسَقَتْ قَبضَتَي : الجَفَافُ يُطَرِّزُ بُذُورَهُ مِثلَ قُفَّازَةِ خَرِيف ! *
يَسِيطُ السِّيَاجُ قُبَّةَ الظَّهر / مَرَّ رَونَقُهَا كَهَدِيلٍ مُوَشَّح .. لَيسَ بَيَاضِي الآنَ فَأَبدَأُهَا ثَانِيَةً ! * أَتَحَسَّسُ 18/9 في تَقوِيمِ البَنَفسَجلَيسَ بَعِيدَاً 24/12 عَن ذَاكِرَة اللَّهَب وَلَيسَ أَبعَد مِنهُ 9/11 الخُرَافَةُ أَنَّنَا نَتَأَخَّرُ في استِبَاحَةِ الصُّدفَة !*
هَفوَاتٌ تَطِنُّ كَذَبذَبَةِ طَيَرانٍ قُربَ قِربَةِ القَلب ، وَخَطوِي يُغَضِّبُ أَيَائِلَ رَبوَةِ الرُّوح .. ثَمَّةَ مَن يَتَوَهَّجُ في غَسَقِي مُجَدَّدَاً ! *
بِغِيَابِهَا ؛ تَمَاطَرَتْ فَوقَ أَصفَري سَحَابَةُ شِعْر .. تُرَى : لَو لَم أَكُن شَاعِراً مَا الَّذي كَانَ سَيَهمِي ؟*
أَرِحني ، أَيُّها الوَقتُ ، من جَبَرُوتِكَ الوَضَّاح .. لِمَن تَرتَدي ثِيَابَ السَّاعَاتِ المُشَاكِسَةِ ، وتَترُكُني عَارِيَاً في انحِنَاءاتِهَا ؟ *
تَتلامَسُ الأَفكَارُ ، عَالِيَةً ، مِثلَ قَبَابِير مَرِنَة .. لا أَحَد يَسأَلُ إِشَارَاتي : أَينَ هُوَ مِنهَا في لَحَظاتِ الصَّلادَةِ هذِه ؟ *
أَمَا مِن شَيءٍ شَهِيٍّ في نِصفِ زَوَايَايَ الأَثيرَة : رَشفةِ ظِلِّ ابتِسَامَةٍ مَثَلاً .. مُرُورِ ضَوءٍ مُسَربَلٍ بِالرَّهبَةِ الصَّافِيَةِ .. أَو طَعنَةٍ رَحِيمَةٍ ضِدَّ هذهِ المُكَابَدَة ! * مُرَقَّشَةٌ بِالوَدَاعَة طَافِحَةٌ بالإِبْهَام ؛ صَفحَةُ يَقِينِ البَيَاضِ الخَاطِفِالَّتي لَم تَمتَلئْ بَعد ! *
الصَّمتُ الَّذي يُثَرثِرُ كَثيرَاً ، مِثلَ أُبَّهَةٍ ثَكلَى ، لَن يَستَطِيعَ صُنعَ قَهوَةٍ لي بِمَاءِ القَلبِ كَي يُشَاغِلَ هِرَّةَ الذَّاكِرَة ! *
فَجأَةً ؛ يَسقُطُ الهَاتِفُ عَن جِدَارِ التَّنفُّس .. فَجأَةً ؛ تَنتَصِبُ رِئَتَاي .. ثَمَّةَ حوَارٌ مُتَعَثِّرٌ بِقَدَمِ العُقدَةِ وَقِدَمِ انتِظَارِي !*
الحَوَاسُّ مُعَطَّلَةٌ في أَبَاريقِهَا ، وَلَستُ في ظَمَأٍ كَي أَكسِرَ سَاكِني .. لَن يُغَيِّرَ الرَّصَاصُ عَادَاتِهِ في الخَارِج ، وَلَن يُغَيِّرَ هَدأَتي ! *
مَاذَا يَفعلُ إِنَاءُ المَكَانِ بي غَيرَ أَن يُخَلِّلَ حِصَاري بِمُلُوحَةِ الفَقْد ؟ - لي شَهِيَّةُ البَحر ! *
مِن طُلَّسمِ مُجَارَاةِ المَسَاء تَندَفِعُ العَتمَةُ المُطَعَّمَةُ بِالبَردِ ، مِثلَ سِربِ غِربَانٍ ضَجِرَة ، .. - سَأُوقِظُ صُورَتَهَا لأُضيءَ دِفئي ! *
الهَوَاءُ الَّذي حَمَلَ تَيَّاهَةَ البَرِيق لَم يَعتَذِرْ لِزَلَّتي البَرِيئَة .. هُنَا ، بَينَ مَرجَانِ إِيمَاءاتي الخَفِيضَة ، يَرتَفِعُ أَسَفِي !*
لِضَرُورَةِ الصَّدر : لَن أَفتَحَ كُمَّثرَايَ ، ثَانِيَةً ، لِيَفرَّ فَرَحِيلَن .. - كَثيرَاً مَا تَبدُو الطُّيورُ أَجمَلَ في أَقفَاصِهَا ! *
بَينَمَا النَّايَاتُ تَتَثَاقَبُ مِن شَرَرِ الشَّكِ والعُزلَةُ تَلتَمِعُ في سُبحَةِ العَين ، أَعِدُّ الظَّلامَ لَيلَةً لَيلَةً وَقَد أَنتَهِي .. فَيَنتَهِي !
|
|
الشَّائِك
لَعلَّهُ لَم يَخرُجْ ، بَعدُ ، من خِزَانَتهِ السَّابِعَة .. وهوَ لَم يَمكُثْ ، طَويلاً ، فَوقَ رَفِّهِ الأَبَنُوس ؛ يُعدِّلُ طِبَاعَهُ المُزَركَشةَ بِثُريَّا التَّطبُّع .. كَم كانَ يَتعَالَقُ مثلَ نَملَةِ الفَاكِهَةِ ، ولا يَصِلُ نُونَ النَّوايَا .. الحَقيقَةُ أَنَّهُ أَطبَقَ عَلى غَسيلِ عَينَيهِ دَفَّتَي كِتَابِ نَجَاةٍ ، وأَخلَدَ في شِتَاءِ حُمَّاهُ إِلَى صَيفٍ آخَر بِمَنامَةِ استِنْمَاءٍ ... وأَظنَّهُ لا يَأتي ! *
لَعلَّهُ يَتأَسَّى بِصَحوَةِ قُرونِ شَجَرةِ الحُلُم .. كانَ يَتأَبَّطُ سُعَالَ مَاضِيهِ ، كَصُحُفٍ في سِنِّ يَأسِهَا .. لَيسَ لِسَاعَاتِهِ حِمْلُ أَنَامِلِهِ ، وحينَ كَفْكَفَ مَاءَ فِضَّتِهِ بأَظَافِر ذِئبٍ [ أَظنُّها في دَاخلِهِ ] مَ قْ صُ و فَ ةٍ تَدَاعَى إِلَى نَحتِ سِيرَتِهِ فَوقَ مَقَابضِ لَهفَةِ الكَلام ، دُونَ أَنْ يَستَوي عَلى ثُغَاءِ حِكَايَة ! *
لَعلَّهُ ادَّارَكَ ثَمرَةَ الدَّمِ بِخُفَّي الرِّضَى .. حَيثُما عَفَتِ الأَماكنُ مَشَاربَهُ ، تَرَاقصَ مثلَ تَهَدُّلِ ذَوائِب ثَلجٍ عَلى زَفيرِ رَمْل .. وبَينَ جَزْرٍ لِضَبابٍ قُدَّ من فُحُولَةِ المَاءِ ، وسَكِينَةِ جَسَدهِ المُطفَأَة ؛ تَراخَتْ مَفاصِلُ إِيَابهِ تَحتَ مَعَارجِ النَّومِ كأَنَّ سُلَّمَ استِغَاثَةٍ يَغورُ في اضطرابِ لُجَّة ! *
لَعلَّني لَم أَصِلْ إِلى تَمَامِ ما يَتَشَهَّاهُ الوَصْف .. أَركبُ سَقْفَ رَاحِلَةِ الطَّلْعِ / أَقتَفِي جِمَارَ التَّشابَهِ ؛ بينَ مِزوَلَةِ حِيلَةٍ تَ نْ زِ فُ رَمَادَاً وبينَ تَنظِيفِ التَّنفُّس !
|
|
العَائِلةأَتَمَاثَلُ لِلشَّقاءِ كَصِحَّةٍ تَتَأَكسَد .. مَا أَبصَرتُها كَرَهيفِ ضَوءٍ في شُرفَتِها الضَّريرَة ، وَلَم تَحمِلْ ذَاتَ رُؤيَةٍ في سَلَّةِ جَسَدِهَا عُنفُوانَ ثَمَرةٍ مَا .. كأَنِّي وُلِدتُ بِطَعنَةِ الخُبزِ ومَزَايا "ابنِ زُرَيق" ، وغُبَاري ؛ يَنفَرِدُ بِأَغشِيَةِ الأَنفِ برَائحَةٍ مُستَنفَرَةٍ مثلَ وَ ثَ بَ ا تِ وَحش ! *
بِمَاذا يُفكِّرُ الذَّهُبُ في إِنائِهِ الأَرضيّ ؟ لِمَاذا تَلمِسُ أَصَابعُ الرُّوحِ لُؤلُؤةً وَعِرَة ؟ هذا انثِيَالُ خَدَرِ المسَاءاتِ عَلى أَريكَةِ الأَرَق ؛ يَدلِكُ صُوفَ الغِطَاءِ بِعضَلاتِهِ اللَّيِّنَةِ ، ولا إِيَاب .. هكَذا تُسرَقُ العَائِلَةُ مِنِّي ! *
نُجومٌ خَمسَةٌ عَلى أُهبَةِ انتِظَارٍ ، وقَمَرُ اللَّهفَةِ يُعِدُّ مَوائدَهُ ، ولا يُخطئُ الدِّفء .. مَا أَبعدَ هذهِ اللَّقطَة المُعَادَة / مَا أَقرَبَ شَرِيطَ حَيرَتي .. كيفَ يَصرخُ المُخرِجُ النَّرجسِيُّ : Action ؟ ولا يَقولُ بَعدَ دَورِي : Stop ! *
لَيسَ يَكفي إِهرَاقٌ وَاحدٌ لِتَماثُلِ الهُبُوط .. أَشعرُ بِشُغورٍ سَاهِمٍ في حِنكَةِ اليَدَين ، وَلا يُعطِيني النَّهارُ مِظلَّةَ الغَفلَةِ - فَأَتَناسَى صَهوَةَ الإثْم .. سَيَسَّاقَطُ بَذَخُ الغِيَابِ مُعَرَّىً عَلى حَدَقَتيَّ ومُسَنَّماً بِشُبُهاتِ نَاقَةِ الوصُول ! *
غُرفَتي مُعلّقَةٌ كأُرجُوحَةِ ريَاحٍ ، والهَواءُ يَنفثُ صَفيرَهُ كَذِئبٍ مُرَاهِق .. مَا من أَحدٍ لاثنَينِ هُنا ؛ أَنَا وزُجاجُ فِضَّتي .. لِمَاذَا لا يَزَالُونَ يُخبِّئونَني عن العَائِلَةِ كَضَيفِ حَرَج ؟
|
|
السُّعَاة
السُّعَاةُ الأَثيرِيُّونَ لَم يَتعَبُوا ، وأَتعَبُونا ، من كَثرَةِ جَولاتِهم ؛ رُطوبَةٌ مَريضَةٌ لا تَجِفُّ في رَاحَاتِهم ، وبَردٌ في ثَنايَا دِفئِهميَترُكُ قَامَاتِهم نَهباً لِلرِّثَاء !*
مَا بَالُهم "والطَّيرُ في وَكنَاتِها" يُخِيطُونَ أَبدَانَهم بِالخَطِيئَةِ ، وَيَستَعذِبُونَ الأَرصِفَةَ المَخفُورَةَ بِالتَّبَاغُت ؟ لِمَ يَنفثُونَ أَعمدَةَ دُخَانِهم صَاعدَةً نَحوَ "أُوزُونِهم" - [كمَن يَصَّعَدُ في السَّمَاء] وهَابِطَةً إِلَى جَحيمِ الخِيَانَةِ فينُوَاةِ البَدَن ؟ *
يَكادُونَ يَسعلُونَ تِيجَانَ أَروَاحِنَا من أَدهَم الرَّأس .. فَيا لَحُسْنِ مَا وَرِثُوهُ عَنَّا مُتأَهِّباً بِالسُّؤال ، ويَا لَسُوءِ تَصرُّفِ آبَاطِهم بهِ بَعدَ تَوَهانِ العَضُدَين ! *
السُّعَاةُ الَّذينَ لا يَمِيزُونَ رَفسَةَ الرِّدفِ من رَفَّةِ الزِّاجِل ؛ كَثيرُونَ مثلَ سُبحَةِ تُرَابٍ بينَ أَصَابِع نِمَال .. يَضربُونَ أَنفَاسَهم بِصَخرَةِ كَمَدٍ ، ويَستَظلُّونَ بِرَابعَةِ النَّهارِ قِسْمَةَ قَابِلَةِ التَّلكُّؤ .. إنَّهم يَزأَرُونَ فُقاعَاتِهم في أَحشَاء تَتلهَّى ؛ أَملاً بِارتكَابِ كُرسِيِّ الطَّاعَةِ ورَغبةً بِاستِعذَابِ التَّروِيض ! *
لَن يَشفَعَ كَشفُ الأَسرَارِ لاتِّبَاعِهم ، ولَن تَظَلَّ مِدْيَةُ الوَقتِ خَارجَ عُنقِ النَّدَم !
|
|
الضُّيُوف
هُنَا .. حَيثُ لا أَستَطيعُ اصطِيادَ ضُيوفِ الشُّرفَاتِ دُونَ إِبَرِ الرَّحيقِ .. ولا يَأتُون ؛ أُمَرِّرُ نُعَاسَ الهَوَاءِ تَحتَ قَصَبتي كَصَفيرِ سِنَّورٍ يُحاوِلُ نَجاةً دَاخِلَ دَغلِ سِيقَانٍ طِينيٍّ لَعلَّ هَدأَةً ، نَيسَانِيَّةَ الكَذبِ ، تُوقِعُهم صَفَّاً .. صَفَّاً بينَ حَشَائشِ العَتَباتِ وَ قَوَاريرِ المَنـزِلِ الغَامِضَة . هكَذا جَاءَ في تَفسِيرِ سِفْرِ السَّفَر ، هُمْ .. مَا جَاءوا ! *
لَفَائِفي تُغَادِرُ مِنفَضةَ الوَقتِ إِلَى ضحكَةِ سُعَال .. عَلى الضِّفةِ الأُخرَى لِلهَاتِفِ تَثِبُ ثَعَالِبُ اللَّومِ مَوجَةً .. مَوجَةً دَاخِلَ جَرَسِ الأُذن .. الآنَ يَتَّصلُ الضُّيوفُ .. ولا يَصِلُون ؛ كأَنَّهم أَشوَاكُ لَذَّةٍ في حِضنِ قُطنٍ مُبلَّل / كأَنَّني يَدٌ ثَالِثَةٌ تُلوِّحُ بِنُضوجِ قُرُوحِها / كأَنَّنا مَحضُ سَفَرٍ في زَوايَا الغِياب ! *
لَيسَتْ لي وَداعةُ نَهَرٍ بَعدَ صَخَبِ الرِّئات .. الَّذي استَحمَّ في بِرَادَةٍ ضَوءٍ غَشِيَهُ نُعَاسٌ من يُتْمِ صَيحَتِه ؛ لَم يَشرَبْ كِتابَهُ المُلقَى عَلى سَطْوِ نَظَراتِ النَّافِذَة / فَلِجَدائِلهم سِتارةٌ في شَيخُوخَةِ هُبوبِها ، وأَنا .. لَم أَزَلْ أَنا : نِصفُ اتِّزَانِ القَلبِ ، ومِلءُ مَرَضِ الأَسئِلَة ! *
إنَّهُ ثَمَرُهم المُتَباعِدُ عَن يَدٍ سَريعَةِ الضَّجَر لا يَسَّاقَطُ ، أَيضاً ، في اكتِمَالِ مَوسمِه ؛ ثَمَّةَ بُثورٌ تُخلِّفُها صُوَرُهم عَلى جِدَارِ الكَلام ثَمَّةَ وَسطٌ كَكُمَّثرَى مُعبَّأَةٍ في خَلايَا وَتَر ، .. وهم ، أَيضاً ، شَجَرُ ضَحكٍ تَرشحُ سَلالِمَ جَنازَةٍ هَابِطَةٍ إلَى وَاجِباتِها ! *
هُناكَ .. حَيثُ هُم ؛ لَن تَصطادَهم فِخَاخُ الشُّرفَاتِ ولَن يَستَعيروا اسمَ قَلَقي .. سَأَتَّخِذُ ضِيقَ حِيلَتي مُتَّكأً .. إِنِ استَطعتُ لَعلَّهم يَهبطُونَ مثلَ عِنَّابِ حُلُمٍ عَلى جُوعِ نَومي ! *
- : كَمِ السَّاعةُ ، الآنَ ، في انتِصَافِ لَيلَةِ الأَمس ؟ - : … … … كأَنَّها غُلِّقَتِ الأَبوابُ عَلى قُبُلي مِن قَبْل !
|
|
الانتِفَاضَة
صَبَاحاً تَذهَبُ العَصَافيرُ إلَى مَدَارِسِهَا والتَّلامِيذُ إلَى جَنَّةِ الخُلْد ! |
|
الشَّفِير
قَذَىً في انكِسَارِ الرُّؤيَة ، ومَصَابِيحِي غَيرُ مُنتَبِهَةٍ لِزَوالِ الانعِكَاس .. أَغتَنِمُ بُحَّةَ الصَّلصَالِ ( عَن عَمْدٍ ) في العَتمَةِ القَادِمَة ؛ فَلا شَيءَ أَدَّارَكُهُ بِالبَيَاتِ المُبَكِّرِ ، وَلا أَيَّة مَملَكةٍ أَتَشهَّاهَا في انحِسَارِ الغِطَاءِ اللاّمِعِ - عَن نَظرَةٍ مِن عَمَاء .. كأَنَّني إلَى غَايَةٍ أُخرَى ؛ أُصَوِّبُ مَفَاتِيحِي ، وَهْنَاً عَلَى وَهْنٍ ، نَحوَ مَغَالِيقَ خَالِيةٍ مِن أُكَرِهَا لأَرَى بِلَمحَةِ ذَوَبانِ مِلْحٍ ؛ مَا لا أَرَاهُ في الفَرَاغِ المُتَجمِّدِ منذُ أَلْفيَّةٍ - حُصِّنَتْ في الكُتُبْ ! *
رَوْحَةٌ أَكادُ أَتفَادَاها لَولا عِنَاقُ رَمَادِ الأَسَف ؛ تِلكَ جَمرَتُهم الَّتي لَعقتُها من خَاصِرَتي اتَّسَعَتْ أَربَاحُها دَماً يَتلألأُ قُربَ خَسَارَتي الظِّل .. أَيَّتُها الرَّوائحُ الكَائِنةُ علَى سُفوحِ الرُّوح : أَيَّةُ فَاكِهَةِ شَمسٍ تُبرقينَ لي كَي تُثيري مَتاعِبَ الحَواسِّ مِن بَعيد ؟ لَهُم ، الآنَ ، أُمسِيةٌ مَخرُوزَةٌ بالصَّقيعِ يَصعبُ اتِّقَاؤُها ، وَأَنا علَى شَفيرِ الزَّبَد : أَتوَازنُ مَع خَواصِّ البَدَنِ رغمَ شُحُوبِ الوُقُوف ! *
بِركَةٌ مِن دَمَارٍ عَلَى ضِفَافِهَا يَجلِسُ وَحشيٌّ بِعُطورهِ المُلَوَّثَة يُعتِّقُ يَدَيهِ في تَنظيفِ مَا بَينَ أَسنَانِهِ مِن جُثَّتي الحيَّةِ الَّتي مَرَّتْ خَلَلَهَا تَارِكَةً صُرَاخَها في الشُّقُوق يَصطَكُّ بِأَسبَابِهِ مِثلَ سَريرِ مُومسٍ مُرتَجٍّ يَستَلقي تَحتَ إِبطِهِ الخَدَرُ والماء وبِجَانِبهِ لُهَاثُ أَعمِدَةٍ مُطفَأَة .. ثَمَّةَ كِبريتٌ يَتَناثرُ في زَوايَا الإيلاجِ وثَمَّةَ ، أَيضَاً ، أَعقَابُ أَشباحٍ ضَجرَةٍ تُحاوِلُ تَرتِيبَ أَربِطَة أَعنَاقِهَا وأَزرارَ انكِشَافَاتِها الضَّائِعَة ! *
في صَوابِ خَطَأَي يَحمِلُني اندفَاعي بِسَاقَينِ مُفرَدَتين ؛ كلُّ خُطوَةٍ في اتِّجَاهٍ يَتَناحَلُ بِمَوهِبةٍ يَابِسَة كأَنْ ليسَ لي مَنـزلٌ أَتَقرَّاهُ مِن عِهْنِ السَّمَاءِ - فَأَقرأُ عَلَى جَسَدي فَسيحَ سِيَاحَتهِ قَبلَ أَن يَغفُو بِحَذَرٍ ويُورِّثُني كَسَراتِ قِيَامَتِه ! *
أُخبِّئهُ في ذُهولِ بَياضٍ مَرِيضٍ ، لكنَّها فَتَحاتُهم في جُدرَانِ عُريٍ ؛ أُبصِرُ صَهِيلي مَسَافَةً لا تَلتَئِم - وأَهُشُّ هَيبَتي عَن دَويِّ تَفَاصيلِهم القَذِرَة : أَمسُهُم حَانَتُهُم يَومُهُم خَمرُهُم وغَدي يَتَرنَّحُ بالرَّائِحَة ! - مَا الَّذي يَفعَلُني ، الآنَ ، بِقَلمٍ مَهبُوبٍ وحِبرٍ أَحْدَب ؟ |
|
الانتِظَاركَتَبْنَا : قَصيدَةً عَمُوديَّةً .. كَتَبْنَا : قَصيدَةَ تَفعِيلَة .. كَتَبْنَا : قَصيدَةَ نَثْر .. يَا الله .. يَا الله .. يَا الله .. مَتَى سَنَكْتُبُ : قَصِيدَةَ نَصْر ؟.
|
|
التَّاسِع
"الأَعرِقةُ" كَانتِ استِحَالةَ الأَفعَى ، وأَنَا .. أُحاوِلُ تَجدِيدَ عَينَيَّ خشيَةَ التَّصدِيق : لَمْ تَكُنْ قَرِيبةً فُسحَةُ النَّهَرينِ عَن شَفَتي /الإِبرِيْقوَلَمْ تَكُنْ بَعيدَةً عَنِ انتِصَارِ الأَثيرِ ، دَائِماً ،وَ ..هَـ زِ يْ مَ تِ يأَمَامَ نَافِذَةٍ مُكتَئِبَةٍ تُعِيدُ طِلاءَ كَهرَباءِ زُجَاجِهَا ؛ ثَمَّةَ دُخَانٌ ، كَالخَديعَةِ ، يُمَسرِحُ النَّخِيلَ والبَشَر [فَائِضٌ عَن حَاجَتي والعُيُوب] رَأَيتُني أُجَاذِبُ طَرْفَةَ الوَهمِ كَلِصٍ مَرِيض : لِمَن هذهِ اللَّوثَة المُفتَرِسَة مِثلَ كَيْدِ سَاحِر ؟ [أَعرِفُ لِمَن] … ويُغشَى عَليَّ وَلا أَزَالُ ، وَلا أُزَالُ يَقِظَاً ! *
كَأَنَّني بَحْثٌ عَن حَوافِّي الأَخِيرَة ؛ لا يَصمِتُ الدَّاخِليُّ عَن كَوَابِيسِهِ – الكَارِثَة .. ثَمَّةَ : إِلَى أَين ؟وقَبْلاً :أَيني ؟أَينَانَا ؟ * عَشَراتُعَثَرَاتٍونُخْطِئُ في مُفَاوضَةِ الفُضَول(مَثَلاً: الوقوفِ في الشَّوارعِ العَامَّةِ بِرجَالِ الأَمنِ المُشَاغِبين)مَا مِن حُلُمٍ إِلا وشَرَاشِفُهُ عَجينٌ يَابِسٌ ،وَمُتَّكَؤهُ فُوَّهةُ نَايٍيَنتَصِبُكَبُرجِ العَقرَبِفي صَحيفَةٍ رَسمِيَّةٍ[بِجَانبِ أَعمِدَة المَوتَى]مِثلَ هُتافٍ ضَيِّقٍ في سَاحَةٍ خَائِنَةٍ لا تُبْصِرُني إِلا مُتَربِّصَاً بِأُنوثَةِ حُرِّيَتي [ضَعفِي الخَاصِّ جِدَّاً] أَو مُتَلَبِّسَاً بِتَحَرِّي أَخبَارَ عُرييِ وأَنا دُونَ حَرَاشِف .. إِنَّها الدَّائرةُ تَتَعالَى عَمَّاأَشتَهيكَعَنكَبُوتٍ تَغسِلُ سِيقَانَ سَقفِي الخَفِيضِ بالتَّنظيفِ الجَافِّ، وَأَنا مَا زِلتُ آمَلُ ، نُطْقَاً ، نُطَفَاً كي أَدفَعَ العَتمَةَ عَن بَيَاضِ حِجَابِي ! *"قِفُوا نَبْكِ مِن …"كَم نَبدُو الثَّورَ الأَبيَضَ (اليَومُ الأَسوَدُ .. جَاء !) في سَاقِيَةِ المِدَادِ لا أَكثَر ؛ دَوَّارُونَ .. نَزَّافُونَ .. خَطَّاؤونَ .. حَتَّى عَتَبة الصَّحْو ! هُنَا تَعرُجُ الحَقيقَةُ مِن شَفَتيهَا كَجُمَلِ جَمَلٍ ، نَسَّاءِ الخُفَفِ ، في صَحَارى الزَّفَرَاتِ إِلَىقَحطِ الرُّويَةكَأَنْ كُلٌ آفِلٌ نَحوَ مَحوِهِ القَمحِي يَكتَهِلُ كَعُرجُونِ الفِضَّةِ عِندَ ذُبُولِ طَاقَةِ الذَّهَب ، مَا مِن أَحَدٍ يَرفَعُ جِدَاراً مُرَّاً فَوقَ كَنْزِهِ الأَثير ؛ سَيُسرَقُ ونُوَلِّي الأَدبَارَ ، كَعَادَتِنَا ، عِندَ مُنعَطَفِ نَجَاة ! *
آنَ أَنْ أَقولَ لِتلكَ الَّتيتُ بَ ذِّ رُ دمُوعَها عَلَى غَبَشِ الهَاتِف : لَيسَتْ عَلامَة استفهامٍ وَاحدةِ تَخُصُّ استِئصَالَناإِنَّها مَائةٌ لِسُؤالٍ وَاحِدٍ ، فَقَط :مَا الَّذي لَمْ نَخسَرْهُ ، بَعدُ ، بَعدَ البُعدِ التَّاسِع ؟
|
|
التَّحْت لمْ أَنزِلْ ، بَعدُ ، عَن حَامِضِي الأَثِيم لا أَتَذَاكَرُ أَحَدَاً مِنَ اللَّوَاتِي يُشَذِّبنَنِي بِنَدَّاهَةِ ابتِهَال لَنْ أُكَرِّرَ الشَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِي لأَخُضَّهَا مَاءً .. وَ .. أَكثَر . *
أَعرِفُ أَنَّ هذِهِ حِكَايَةَ جُبْنٍ مَا زِلتُ أُبَرهِنُهَا شَواطِئَ جَافَّة لِذَا سَأَضحَكُ عَليَّ كَي أَمسَحَ رِقَّتي الكَانَت عَن إِطَارِهَا العَائِم ثُمَّ أَسأَلُني : بِمَن سَيَبدَأُ الحِبرُ بَعدَهَا إِذْ مَزَجتُهُ الآنَ بِصَفوَةِ نَرجِس ؟ *
يَبدَأُ النُّعَاسُ بِتَخدِيرِهَا وتَقلِيمِ عَرَصَةِ أَرِيكَتي بِكُلِّ حُبُورِ سَرِيرِها – المَائِدَة فَمُنذُ قَلِيلٍ - يُشعِرُني بِكَثرَتهِ - وَهِيَ تَفتَحُ وَردَتَهَا المُنتَفِخَةَ بِأَصَابِع مَجدُولَةٍ قَبلَ ارتِمَاءِ ظِلِّهِ الثَّقِيلِ مِثلَ بَشَرِ حَائِط . *
تُرِيدُ تُرَطَّبُ لاستِخْرَاجِ حَيٍّ مِن مَيِّت فَمَن لِنُسخَتي الَّتي لَم تَزَلْ في التَّرَائِب ؟ *
لِيَكُنْ لَهَا ثَلاثَةُ مَدَاخِل تُعَبَّأُ حَوضَاً وَلي فُوَّهَةٌ وَاحِدَةٌ نَحوَ الفَرَاغ لِيَكُنْ .. أَمَّا أَنَّها تِلكَ الطَّائِرَةُ اليَمَامِيَّةُ الهَدِيل فَلَن تُعَكِّرَ صَفوَ أََنَامِلِي مُجَدَّدَاً ولَن أَبُوحَ لَهَا أَنَّها سَتَغدُو مُجَرَّدَ عَابِرَةٍ بِعِصيَانِهَا الخَائِف رَغمَ أََنَّني لَستُ رَاضِيَاً عَمَّا نَبَتَ مِن أَسفَلٍ أَعلاه . * |
|
هِيَ في هذَا الوَقتِ تَقُودُ خُطَايَ إِلَى حَيثُ الوَردَةِ في قَلبِ القَلبِ الظَّامِئِ لِلرَّائِحَةِ المَلْمُوسَةِ عَن بُعْدٍ .. كَيفَ أَجِيءُ إِلَيهَا الآنْ ؟ أَو تَأتِي في هذِي الوَحشَةِ نَحوَ بَقَاءِ العُزلَةِ وَحدِي مَعَهَا إِذْ يَنْتَفِضُ الحِضْنُ إِلَيهَا مِن كُوَّةِ رُوحٍ تَتَوَاثَبُ نَحوَ تَبَرعُمِ عِشقٍ فيَّ إِلَيهَا .. هَل أَقوَى أَنْ أَصرُخَ في هذِي اللَّيلَةِ نَحوَ الغَائِبَةِ / الحَاضِرَةِ : كَأَنِّي الوَردَةُ في طِينِ إِنَاءَينِ؟ أَنَا أَينْ ؟ هَل أَقوَى أَن أَهمِسَ في تَخيِيلي عَن صُورَتِها وَلَهَا: إِنِّي قَد مَسَّنِيَ العِطرُ المَسكُوبُ مِنَ الثَّغرِ الحَالِمِ ، إِذْ كَادَ الحَاكِمُ فِيهَا أَن يَأْسِرَنِي مُنذُ الكَلِمَاتِ الأُولَى ! إِنِّي أَعتَرِفُ بأني أُدخِلْتُ إِلَيهَا مِن بَابِ الجَسَدِ المُتَخَيَّلِ في صَحرَاءِ العَطَشِ إِلَيهَا.. لَن يَقدِرَ أَن يَقتُلَنَا بُعْدٌ .. مِن أَينَ أَتَيْتِ فَتُعطِيني تُفَّاحَةَ أَرْضٍ ؟ أَيَّتُهَا المُهرَةُ فَوقَ تَنَامِي سَهلِ الصَّدرِ، وَمَا يَحضِنُهُ مِن قَلبٍ تَوَّاقٍ لِعُيُونِكِ إِذ أَتَشَهَّاهَا الآنَ وَقَبْلاً .. يَا امرَأَةً أُنثَى مِن سِرٍّ أَتَصَاعَدُ شَوقَاً كَي أَنفُضَ عَنهُ سِتَارَتَهُ ، وَأَفُضَّ غِشَاءَ غِيَابِكِ عَنِّي.. كُونِي نَحوِي مِثلَ القَمَرِ المُطَّلِعِ عَلَيَّ فَأَنتِ القَمَرُ الآنَ يَقُودُ لِحَاظِي نَحوَ فرَاشِ عُذُوبَتِكِ البِكُرْ .. أَنتِ أَمِيرَةُ هذَا الوَقتِ وَكُلُّ مَوَاقِيتِ شُعُورِي .. هَل لِي مُتَّسَعٌ فِي بَاطِنِ صَدرِكِ ؟ يَا امرَأَةً أُنثَى تَحتَضِنُ كِتَابَ الشَّهَوَاتِ فَأَبقَى كَالأَمَلِ المُنتَصِبِ عَلَى عَتَبَةِ شَدوِي .. ها إِنِّي أُطْلِقُ نَاحِيَةَ الدَّهشَةِ مِنكِ إِلَيكِ كَلامَاً .. وَأَنَا لا أَقدِرُ أَغفُو الآنَ وَمَدُّ البَحرِ المِلحِيِّ المَسكُوبِ عَلَى بَابِ الشَّفَتَينِ يُطِيلُ الشَّوقَ إِلَيكِ لأبعَدَ مِن سُرُرِ النَّومْ .. أَنتَظِرُ هُتَافَ القَلبِ القَادِمِ مِنكِ ، وَلِي عُذْرٌ إِذ أَخَذَ العِشقُ يُبَرعِمُ فِيَّ الشَّهوَةَ نَحوَ تَبَرعُمِ عُمقٍ فِيكِ .. زَهرَةُ أَصوَاتِكِ فِيَّ الآنَ تُرَطَّبُ فِي حِضنِ الرُّوحِ وَجَسَدِي النَّارْ .. إِنِّي لامَستُ اللَّونَ فَكَيفَ سَأَلثُمُ بُرعُمَهَا فِي أَيِّ وَأَين ؟ ها أَنَذَا أَتَشَبَّهُ أَنِّي أَكمَلتُ جُرُوحِيَ ، لكِن لَمْ يَبقَ سِوَى جُرحِ السَّاقَيْن! * |
|
رَنِينُ فَرَاشَتِهَا يَتَقَوَّى مِثلَ وَرَقِ تَعلِيبٍ - يُشَاهِدُهُ ضِمنَاً - وهوَ يَنفضُ غُبَارَ استِرخَائِهَا تَحتَ حَلِيبِ مِقْصَلَتِه .. لِمَ المَائِدَةُ جَردَاءُ مِن كُلِّ سُوءٍ وهَضْم ؟ سَيُحَاوِلُ أَنْ يَخرُجَ مِن إِبْطِ دَعوَتِهَا مِثلَ شَعرَةٍ في عَجِينِ بَلهَاء . *
نَومُهُ حَلِيقُ الرَّأْسِ حِينَ تَشْرَنَهُ خَرِيفٌ يُغَرِّدُ عَلَى عَرْيِ غُصْنِ انتِصَارِه مَزهُوَّاً بِبُلبُلِ الرِّيحِ وأَثِيرِ الرَّمَادِي قَطَفَ زُرقَةَ الصَّيفِ عَن أُمِّهِ الأَرمَل لَمْ أَصرُخْ فَوقَ خَشَبِ كُرَّاسَةِ النَّدَم : آهِ .. مَا أَقسَى الغُرُوبَ الَّذِي يَتَنَاوَبُنِي مَوْمَسَةً تُبِيحُ مُوْمِسَةً تَتَعَاذَرُ كُلَّمَا أَنجَبَتنِي ! *
قِطَافُ أَجنِحَتِهِ مَاثِلٌ لِمُرُوءتِهِ الخَبِيثَة أُرِيدُنِي - يَبتَعِدُ شِرَاعَ شَكٍّ يَرَاهُ تَابُوتَاً أَطوَلَ مِن جَنَازَتِه كَيفَ يُمحَى الأَلَمُ بِضَربَةِ فُرشَاةٍ جَائِعَةٍ كَأَنْ بَقَايَا مَا أَنَا كَأَنْ لِبلابَةً ، لَم تَعُدْ طَازِجَةً ، مَا هِيَ تَلُوبُنِي عَلَى غُصَينِ صَوتِهَا الَّذي نَثَرَتْهُ عَلَى بَيَاضِ شِعرٍ مُتَفْعَل . *
مَعصِيَةُ عَصَايَ اللا تَتَوَكَّأُ عَلَيَّ تَبُثُّنِي ( لِي ) خَاتَمَ الوَدَاعِ مِن فُسحَةِ عِكَارِ شَفَتَيهَا كَأَنْ سُخرِيَةً تَستَشِفُّ هُبُوطِي بَعدَ سِنَةِ ذُروَةٍ تَصَّانَعُ بِيَدَي أَسَف . *
بِهِ كُلُّ تَثلِيثِهَا المُتَوَّجِ عَلَى عَرشِ غُصَينِهِ الأَجوَف والأَضلاعُ بَارِزَةُ الذَّاكِرَةِ كَنِدَاءِ أَعمَى تَحَسَّسَ بِعَيْنِ استِشعَارِهِ شَفَا جُرُفِ نَجَاة لَمْ أَدُلُّهُ عَلَى أَوبَتِهِ فَيَدُلُّنِي عَلَى سَبَبِي كِلانَا هَارِبٌ مِن آخَرِهِ رَغمَ دَوَرَانِ الطَّرِيقِ حَولَ سَاقِيَةِ مَصَابِيحِهَا المُطفَأَة . *
أَنتَهِي وَلا تَكتَمِل كَأَنَّهَا نُسخَةُ بِدَايَةٍ أُخرَى لِبَريقِ فَجَواتٍ نُجُوم هِيَ لا تُغلِقُ أُكرَةَ كَفَنِي لِيَسنُدَ الشَّاعِرُ زَهْوَ ذَهَبِهِ إِلَى جِدَارِ هَوَاء وأَيضَاً ، هيَ تُعِيدُ جُنْحَ أَبوَابِهَا فَتَترُكُنِي مَطِيرَ صَيفٍ عَلَى بُردَةِ رَمْل . *
وَاجِفَاً ، أَتَلاصَقُ بِي ، كَعُنقُودِ نَحْلٍ مُدَلَّى بِحَبلِهِ السُّرِّيِّ هيَ خَانَتْنِي بِأَذرُعِ قَشِّهَا البَارِد أَنَا خُنتُهَا بِاختِفَائي .
|
|
المُذْبِحَة
** اللَّيلَك **
كَأَنْ دَائِمَاً / .. هُنَالِِِكَ لَيلَكٌ في أَزِقَّةِ إِيقَاعِهِ المُحَاصَر كَصَمتِ جَنَاحٍ شَاحِبِ الفَمِ يُطِيلُ تَحدِيقَهُ في حَدِيقَةٍ بَلهَاء بَل ها / يَدُهُ الصُّغرَى ؛ أَعلَى قَلِيلاً مِن فَزَّاعَةِ الوَقت والكُبرَى ؛ أَقَلُّ قَلِيلاً مِن ثِمَارِ رَفِيفِهِ المُجَفَّفَة .. وَحِيداً يُصَفِّقُ نَزْفَاً عَلَى آثَارِ أَصلابِ مَطَرِه كَأَنَّهُ ارتِطَامُ ضَوءٍ يَابِسٍ بِزُجَاجٍ مَرِيض .. أَقُولُنِي : دَعنِي ، أَيُّهَا الشِّعرُ ، أَنظُرُ من فَوقِ كَتِفَيَّ دَونَ أَنْ أَرَاك ؛ غَيرُ قَادِرٍ أَنتَ عَلَى وَقفِ مُذبِحَةٍ في تُرَاثِ الضُّلُوع أَو عَلَى الحُضُورِ ضِمنَ تَقوِيْمٍ مَشتَهَى أَو عَلَى خِيَانَتي .. تُبْ إِلَيَّ وَقَبلَهَا .. أَعطِنِي مِروَحَةَ صَوتِكَ كَي أَطرُدَ غُبَارَ عَثَرَاتي
أَو .. أَطرُدَني !
** الثَّيِّب **
كَأَنَّهَا ثِمَارٌ في ثَلاّجَةِ الشُّعُورِ أَو آنِيَةٌ مَصقُولَةٌ بَأَظَافِرَ طَازِجَةٍ وَفَرَحٍ لَئِيم .. كَيفَ أُرسِلُ أَخطَاءَ خُطُوَاتِي قَبلَ ارتِكَابِهَا ؟ أَينَ أَخطَائِي ؟ لَمْ تَزَلْ لامِعَةً أَحذِيَتُهُم في وُحُولِ أَسرَارِهَا الثَّيِّب ، ولَمْ تَزَلْ تُتقِنُ الدَّمعَ ( لا الشَّمعَ ) في حَضرَةِ مِرآتِهَا / أَعلَى مِن القَامَةِ وأَدنَى مِن مَذبَحَةٍ مُحَرشَفَةٍ في حَلْقِهَا اليَبَاب .. ثَمَّةَ مَن يُشعِلُ مَاءً في بُرُودَةِ جَذرِهَا المُضطَرِب ، وثَمَّةَ مَن يُطفِئُ الصَّبَاحَاتِ عَلَى وِسَادَة النَّدَم !
** الوِحَام **
مَضَبَّبٌ ذلِكَ الأَلَمُ مِن وِحَامِ النَّظَرَات يُرِيقُهَا بَرِيقَاً مَطَعَّمَاً بِالدُّوَار يَهُزُّهَا غِنَاءً بِمُوسِيقَى غِشَاءٍ مُنتَحَل .. لَم تَكُن بِلا مَلامِحَ ، أَو خُطُوطٍ نَاصِعَةِ اليَقِِين لكنَّهَا تَنمَحي رُوَيداً ؛ بِمَخَالِب عَميَاءٍ وَعَتمَةٍ مُؤرِّقَةٍ بِاجتِثَاثِ مِشكَاةِ البَصَر تَمُرُّ غِبطَتُهَا هَشَّةً فَوقَ أَدرَاجِ دَقَائِقِي المُجمَرَة آهِ .. لَو أَستَطِيعُ إِخفَاءهَا كَسَاحِرٍ مُزَوبَعٍ دَاخِلَ زُجَاجَةٍ مُرَوَّضَة ، وأَسُدُّ فُوَّهَتَهَا بِلاصِقِ حَيرَتِي !
** المَخَاض **
أَصَابِعُ أَوتَادٍ جَرِيْحَةٍ تَكَادُ تَتَلاشَى أَعمِدَةَ نَهَارٍ أَعشَى ؛ يَبصِرُ أَيَّ شَيءِ سِوى إِحسَاسِهِ اليَلمَسُهُ شِرَاعَ أُفُول .. ها سِكَّينَتُهُ تَطَّوَّحُ كَزِئبَقٍ مَبرِيِّ النَّواصِي تَطَالُ أَحشَاءَ ظِلِّي في تَغيِيبِ صَاحِبِهِ / أَنا : مَخَاضُ شَاهِدٍ أَمَامَ سَرِيرِ قَتَلَتِي وَخَلفِي جَنَازَةٌ دُعِيْتُ لإِتْمَامِهَا عَرَّافَاً آيِلاً لِلقَبرِ يَرسمُ عَشرَتَهُ بِقُفَّازَاتِ كَفَنٍ عَلَى جُدرَانِ قَهوَتِهِ المَالِحَة وأُسطُوَانِيٌّ عَزَاؤهُ ؛ إِذْ يَنتَصِبُ العَوِيلُ بُخَارَاً زَائِدَاً عَن حَاجَةِ الفَجِيعَةِ ومُغَادِرَاً سُرَادِقَهُ
بَعَينَيْ قَتَلَتِه ! ** السُّرِّي **
لَستِ مُعجِزَةً فِي عُنقُودِهَا الوَاجِفِ بِخُفَّيهِ المَنشُورَينِ عَلَى حِبَالِ احتِشَادِي .. رُبَّما وَردَةٌ / لكِنَّهَا تَغتَالُ رَونَقَهَا بِرَائِحَةٍ مُمَغنَطَةٍ رُبَّمَا طَائِرٌ / يَتَبَادَلُ جَنَاحَيهِ مِن يَدٍ إِلَى يَدٍ إِلَى جَاذِبِيَّةٍ مُتَنَاثِرَة أَو .. تُصبِحِينَ صَوتَاً في مَسَارِ سِلكِكِ السُّرِّيِّ وتُصبِحِينَ عَلَى نُعَاسِي !
** الفَاطِم **
كَأَنَّني دُونِي / .. خُذُونِي مَعَاً ؛ لا تَترُكُوا شَيئاً مِن تَفَاصِيلِي المُشتَبَهِ بِهَا فَكُلَّمَا عَاجَلَني قَمَرٌ حَارُّ اللِّسَانِ المَسنُون أَخطَأَتْهُ أَموَاهِي نَحوَ مَسَامَاتٍ في مَنَادِيلِ بُكَاء .. دَعُوني مَعَاً ؛ أَصرُخُ بِهُدُوءٍ ( أُزَيِّفُهُ لَكَ ) أَيُّهَا الضّرعُ المُزهَرُ الحَلَمَة : لا عَلَيكَ مِن دُخَانِ الحَنَانِ الأَجوَف سَآتي إِلَيَّ مُتَقَبِّبَاً بَطنَكَ اليَتَّسِعُ لأَكثَرَ مِن جُثَّةٍ تَجتَرُّ لُهَاثَهَا ، فَهُنَالِكَ نُزُلُ الخَدِيعَةِ تَمَامَاً ومَا قَبْلَهُ ؛ قُبْلَةٌ دُونَ هُبُوطِ حَمَائِمِهَا عَلَى مَلمَسِ نَجَاة !
** الحَاضِنَة **
عَسِيرٌ .. كَأَنْ لا رَادَّ لِي سِوَى فُسحَةٍ حَاضِنَةٍ فِي أَحشَائِهَا فَأََحتَفِظُ لِذَاتِي ذَاتَهَا المُتَأَرجِحَةَ بَينَ خَارِجٍ مُعتِمٍ ودَاخِلٍ مُتَلَهِّبٍ بِمَصابِيحِ ثَلجٍ أَزرَق ؛ ذلِكَ الَّذِي غَابَ عَن تَسَاقُطِ اليَرَاعِ عَلَى نَسِيجِ رَحمِهَا المُتَرَدِّد !
|
|
الفُلَّـة
مُنذُ لَحظَةٍ ، غَيرِ مَرغُوبٍ بِهَا ومَن بِهَا ، فِي 1917 كَانَت : استِدَاراتُ طَوقِ الحَيَاةِ حَولَ نَفَسِهَاكَسَاقِيَةِ حَرِيمٍوالأَلفَاظُ المَشبُوكَةُ بِدَبَابِيس :صَهٍ .. صَهٍ ؛تَختِمُ فَمَهَا الافتِرَاضِيَّوالصَّبِيُّ الوَردَةُ، قَبْلَ البُلُوغِ وافتِضَاحِ الرِّيقِ ،انتَبَهَ لِمَسَارِ عُصَارَتِهِ بِحَاسَّةِ الفُجَاءَةِ ، فَجَاءَتْرَفسَةُ الوَاشِي عَلَى جَبِينِجَنِينِ اللَّهفَةِ المُسَوَّرَةِ المَهدِبِنَوافِذ عَالِيَةٍ عَلَى أَصَابِعِ العُيونوارتِكَابُ العَائِلَةِ إِثمَ المَفَاتِيحِ المُصَاغَةِلِلضَّيَاعِوَغَيرُها كَثِيرٌ ، بَل وأَكثَرُ : صَنَعُوا شَاعِرَةً دُونَ صَيفِ رِيشٍ وَطَيَرَانِ هَوَاءٍ قَبْلَ أَنْ يَخلدُوا لِليَقَظَةِ الجَارِحَة ، لكِنَّهُم / لَمْ يَنتَبِهُوا لأَجنِحَةِ الإِيقَاعِ وَهِيَ تَعرُجُ مِن صِرَاطِهِم إِلَىجَحِيمِهَا بِطَاقَةِ شِعرٍ مُزَنَّرَةٍ بِهَمسٍ حَبِيسٍ وَلَعَنَاتٍحَتَّى مَطلَعِ المَوتِ في 2003 بَعدَ المِيلاد ! |
|
|
|