كاسـر جـدار الخـوف


سـلامـه كــيلـه

خرج رياض الترك من السجن في نهاية ايار ،1998 ليعلن بعد عام ونصف عام ان سوريا تحتاج الى الديموقراطية، وانها تحتاج الى تجاوز النظام الشمولي، وسلطة الامن والديكتاتورية، وان ذلك كله قد صار ضرورة، بل ضرورة ملحة.

ربما رياض الترك هو الاول يعلن ذلك منذ ثلاثة عقود من تاريخ سوريا. وربما كان هذا الاعلان قد تأخر سنوات طويلة، نتيجة اقامته في زنزانة لمدة تقارب الثمانية عشر عاما. لكني اعتقد ان سوريا، بكل الظرف الاقليمي الدولي المحيط بها، وبكل الاخطار التي تتهددها، وكذلك بكل عمق الازمة الاقتصادية التي تعيشها، والتي سمّيت "ازمة الركود"، كانت في حاجة الى هذا الصوت، لكي تفيق من غفوة طالت، ولكي تعالج جروحا تقرّحت، وازمات باتت تحتاج الى حوار عميق وشفاف، وكذلك لكي تبحث عن طرق تحقيق الاصطفاف في معركة حقيقية مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.

عمل رياض الترك على ان يتحقق الانفراج، وان تصير الديموقراطية قضية ممكنة. ومحاضرته الاخيرة في منتدى جمال الاتاسي بداية شهر آب المنصرم، اكدت ذلك، ودعت الى حوار وطني شامل، وشددت على ان الحوار هو المدخل والضرورة. بغض النظر عن كل وصفنا للعقود الثلاثة الفائتة التي لم يكن يعدم المقدرة على وصفها وهو الذي قضى ما يقرب من ثلثيها في الزنزانة. لكنه ارتأى ان "توازن الضعف" (ضعف السلطة وضعف المعارضة) يفرض هذا المخرج للهروب من مخرج دموي ليست سوريا في حاجة اليه.

لا شك في ان صرخة رياض الترك الاولى كانت فاتحة حركة نقدية، عبر فيها مثقفون عن ملاحظاتهم وانتقاداتهم لطبيعة السلطة السورية ولممارساتها، تُوجّت ببيان المثقفين (بيان الـ99) ثم ببيان لجان احياء المجتمع المدني (بيان الالف)، وبانتشار المنتديات التي اخذت على عاتقها مناقشة اوضاع سوريا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي سعت الى تحقيق المطلب الديموقراطي، حقها في ان تستمر وان تكون مركز حوار عام.

مثلت ندوة رياض الترك في منتدى جمال الاتاسي الوحدة بين هم الفرد وهم مجمل الحركة التي وسمت بـ"ربيع دمشق"، رغم محاولة السلطة وأدها بالهجوم الذي قامت به

في شباط بداية هذا العام، ومجمل التضييقات على المنتديات بعد ذلك. لكن يبدو ان سوريا لم تحتمل هذه الحركة، ولم تحتمل ذلك الصوت، اذ بدت السلطة، رغم كل وعود التحديث والتغيير والاعتراف بالرأي الآخر، كارهة للتغيير والتحديث ورافضة الاعتراف بالرأي الآخر. كأن الممسكين بالسلطة يعملون على التمسك بالآليات القديمة نفسها، وبطريقة "الحكم" نفسه وعبر الاجهزة الامنية نفسها، لأنها "الطريقة المثلى" في الحكم، من دون ملاحظة حاجات المجتمع وازماته، وكذلك من دون ملاحظة استحقاقات الصراع مع الكيان الصهيوني، الذي يفرض جبهة شعبية متآلفة، كما يفرض في الاساس اعادة النظر في آليات التعامل "السلطوي"، وطريقة تمييز البشر، وكيفية التعاطي معهم.

وبدا ايضا ان المجتمع يحاول ان يتقدم بمطالبه وان يعمل لتحقيقها، لكن كان يتوضح ان قدراته مشلولة، واحزابه منهكة وربما مدمّرة، نتيجة ثلاثين سنة من القمع وسلطة الامن والاحكام العرفية. فلم تخرج الحركة عن فعل بضع مئات جلهم من المثقفين وجزء منهم ممن خرج من السجن.

ظلت الحركة محصورة ومحاصرة رغم الالحاح على ضرورة استمرارها، والدفع بها من اجل ان تتوسع.

عاد رياض الترك الى السجن، فهل تدافع هذه الحركة عن كاسر جدار الخوف الذي سمح بانطلاقها؟

سوريا تحتاج الى الديموقراطية لكي تنفض عن ذاتها كل آثار التدمير الذي احدثه القمع والاعتقال والغاء الرأي والسياسة، ولكي تعيد بناء ذاتها بما يسمح لها متابعة التقدم، لذا فان مسألة السعي الى تحقيق الديموقراطية حساسة، يجب ان تظل "مسألة نضال" عبر محاولات جادة. ولهذا يجب ان يخرج رياض الترك من السجن، وان يحاكم معتقلوه. ويجب الا تتكرر مظاهر الاعتقال التي راجت منذ نهاية السبعينات وصارت سمة سوريا بامتياز.

-----------------------------

وردة علي جبين رياض الترك

اسامة عرابي
عم صباحا سيدي، فما اجملك وانت تخطو درجات السجن بتؤدة ورصانة، هازئا ممن دأبوا علي الاستخفاف المهين بقضايا مجتمعنا وثقافتنا وعمدوا الي هدر وعي الذات بنفسها وبالآخر المختلف، من خلال جدل الانسان مع معطيات لحظته الموضوعية، اثر اسباغ صفة المطلق علي النسبي، والثابت علي المتحول، فيخرجون المعاني من سياقها الظرفي المحدد، لتكتسي عندهم بمدلول متعال مفارق لفضائه، طامحة الي طبخ مفاهيم موجهة، تهدف التكريس والتأبيد، والوصاية والترشيد فحرمونا من رحلة المعني الحر، وتركونا فريسة للتفسير الذرائعي غير مبالين باستجلاء ماهية العلاقة بين الدال والمدلول او بين الاشارة والمعني، او استنكاه جوهر علاقة الذات بالموضوع في علم الجمال، الامر الذي هيأ المناخ الملائم لنمو الوجدان القمعي، طامسين العقل النقدي غير معترفين باستقلاله الذاتي، ولا بقدرته علي الاقتراب من الحقيقة.
ما انبلك وانت تقود معركة التصدي للمؤسسة التي اضحت جوهرا ثابتا يتأبي علي الزمان والمكان، داعيا الي التسامح والتعددية، ملحا علي التساؤل القلق المتوفز، وانت محاصر بارهاب السلطة والغوغاء السياسية، فاضحا دور الدولة بوصفها انعكاسا لتناقضات البنية الاجتماعية، وتمثيلا لها، بعد ان غدت محض عائلة وحيدة، مكتفية بنفسها، يرفد بعضها بعضا بالمصالح الفئوية الضيقة، مما عاد بمفهوم الوطن الي نواته القبلية الأولي، وراح يستنفر مرجعياته الدينية والطائفية، مستعيدا بندول الزمن الدائري في القهر والاستبداد الذي يرين علي المجتمع كرأس الذئب الطائر.
ما اروعك وانت تري السجن امتدادا لوطن لا يملك هيكلة فضائه العمومي، وليس يستطيع الغاء كل ما لا يقع في نطاق التجربة المباشرة للذات كذات، وهي تنشد حريتها التي لا تتحقق بحال خارج حرية المجتمع، فالحرية كما علمتنا توق جمعي، ومطلب انساني، لذا بادرت الي نقد تجربة انظمة الدولة الناهضة بعد الاستقلال وعمدت الي تمحيصها وبيان تهافت ادعاءاتها الاشتراكية، واكدت علي طبيعة برجوازيتها البيروقراطية، التي تتوسل رأسمالية الدولة نظاما لها، يعادي بحكم تكوينه الطبقي، وعلاقات انتاجه غير الديمقراطية، المبادرات الجماهيرية، ومختلف صور المشاركة الاجتماعية. واخذت علي عاتقك مسؤولية صياغة المطالب الجذرية والحقيقية لبني وطنك المبتلين بالديكتاتورية البدوية والبوليسية، ولخصت لنا في محاضرتك الاخيرة ببلاغة سياسية نادرة، تجربة الثورة والثورة المضادة، في صراعها التناحري الذي لا ينتهي ولا يخمد اواره، مستخلصا العبرة والدرس، في شرطهما التاريخي المعمم. لذا لم تمارس الحرية كفعل مستقل، ولم تهجس بما لم يسمح به وجودنا الاجتماعي الضابط لايقاع حركتنا فنأيت بنفسك عن اسر وهم التحرر من عالم ينفي ارادة الانسان، ويعمد الي ارباك خطواته.
أليس من حق شعوبنا، بعد هذا التاريخ الطويل الحافل بالانجازات والانكسارات والتعرجات، ان تعمل جاهدة علي تجذير مباديء حقوق الانسان، في تربتها وذاكرتها المفعمتين بالاحزان، حتي تمسي قيما ضاغطة ومؤطرة لخطواتنا في حقول السياسة والاقتصاد والاجتماع؟ وهل اجرمت حين تساءلت عما يتعين علينا تقديمه، من اجل صونها كمرجعية ناظمة لتوجه رؤيوي، لا محيد عنه كمنهج تفكير، واسلوب حياة؟
لقد نجحت عسكريتاريا العالم الثالث، مستندة الي ترسانة بيروقرطيتها المدججة بالخبرات السلطوية، والارث الفكري المحافظ العتيق، في صنع ما اسماه الفلاسفة الالمان، في اوائل القرن التاسع عشر بدين الدولة الذي ينهض بعملية تأميم الصراع الاجتماعي، واضفاء صفة الشرعية الزائفة علي قوانينها واجراءاتها، وساهمت في اشاعة اوهام التحرر الذاتي، واقناع الجماهير بأنها قد ظفرت بآمالها الحقوقية والمطلبية، بدعوي اسبقية الاقتصادي علي الثقافي، والقومي علي الوطني، والاجتماعي علي السياسي، وبالتا
لي، اعطت لنفسها من الذرائع والمبررات، ما سوغ لها العبث بمصائر شعوبها، والتلاعب بمقدراتها، ونصب السلخانات البشرية واعواد المشانق، لكل من تسول له نفسه الامارة بالسوء، ان يدس أنفه في اي شأن داخلي، بعد ان غدوا رعايا لا مواطنين ف ي نظرها، او بتعبير عبد الله العروي ان اليوتوبيا اذا استطاعت ان تحجب النظر الي السلطة فانها بذلك تشكل عقبة كأداء، امام ظهور نظرية الدولة او مفهوم الدولة.
من هنا، صارت حرية الفكر والمعتقد والرأي والاجتماع، وصور الاحتجاج السلمي كافة، جرائم تستحق العقاب، نظرا الي طبيعة النواميس العالم ثالثية، التي تحكم مجري الحياة الاجتماعية، وينظمها مبدأ الكل في واحد، الذي اختزل ديناميات الدراما اليومية، وفق قانون الهوية او الذاتية الارسطي، او تبعا للقياس الصوري السكوني. وهذا من شأنه لا ريب ان يعوق السيولة الطبيعية، والتدفق الحر لغدران وجداول صيرورة الحقوق الطبيعية، لتصبح حقوقا مؤسسية مقننة، تسيجها قوانين ودساتير موجهة ومرشدة، تمليه
ا درجة تطور ثقافة المجتمع، وتناغمها مع نشوء وارتقاء النظام السياسي السائد الذي تعبر به الجماعة السياسية الفاعلة شرط النخبة المهيمن تبعا لمواضعات ميكافيلية جائرة، الي رحابة فضاء العالم، وقد تحررت من نرجسية فردية، وم ن نموذج يفتش عن نقائه المجرد بمنأي عن اي تعيين مادي اجتماعي.
من هنا كان الحاح رياض الترك علي ضرورة ارساء ثقافة سياسية، رافدة ومغذية للديمقراطية، ومخصبة لآليات عملها. وذلك لن يتأت
ي حقي قة دون وضع الدولة الحديثة علي ارضي ة المشروعية العقلانية والفهم الفلسفي لماهية التاري خ، توطئة لبزوغ آفاق كوسمولوجية جديدة تحصن جهاز المناعة الداخلي للمجتمع المدني وتقويه ضد عوادي المصالح الانانية، وتحق ق القطيعة مع سلطة بطريركية تعمد الي تأبيد هياكل الاستبداد.
ان المأثرة الكبري لرياض الترك انه وعي مبكرا ان تكلس الجماعة السياسية عن الخروج من حالة التشرنق والانغلاق البراغماتي، وانشطار المرجعيات، ونكوص بعضها بدعوي الخصوصية الثقافية، وعجزها عن بلورة خطاب قادر علي تأسيس اجماع سياسي يحمي الديمقرطية من اجواء التنافس غير الصحي، ومن حروب التوظيف الاهلي للصراعات خارج الاطر القيمية والاخلاقية، يعكس لا شك في مجموعه وضعية اجتماعية رجراجة، لم تسعفهم علي اتخاذ موقف نقدي متجذر حيال معضلات الواقع الراهن، ولعل هذا ما هدف اليه الن تورين بضرورة ايلولة الديمقراطية والحال هكذا من وضعية معيشة الي فعل حر ، حتي لا تعمد القوي السياسية المهيمنة الي تمييعها بشكل اختزالي، يصيرها الي محض آلية عقاب جماعي، والي وسيط تقني لاغتراب الانسان ونفي فاعليته، في عالم ينهض علي تأبيد تسلط قطبي اوحد، وتكريس اوضاع وسياسات مجحفة علي نحو ما يتبدي في الجنوب اللبناني والحصار الاقتصادي ضد العراق واستمرار التمييز العنصري الصهيوني في فلسطين، وعدم الاعتراف بحق تقرير المصير للاقليات وبحق شعوب العالم في حياة آمنة من الجوع والفقر والمرض وحروب الابادة المروعة التي تشهدها مناطق عديدة.
الا يحق لنا ان نعمل جاهدين مع استاذنا الجليل رياض الترك علي نقل المجتمع من نمط القبيلة السائد، ومن كيان الطائفة المهيمن، الي مجتمع مدني: حداثي، يشيع قاعدة لا وجود لديمقراطية غير تعددية اصلا ، كما يقول ألن تورين، فتحل الفعالية محل العقم والحوار محل اللامبالاة والعدمية، في اطار نظرة تسعي الي تملك العالم معرفيا، وادراجه في بعده الموضوعي التاريخي.
حقا ان علي المثقف والمفكر ان يدافع عن حريته، باعتبارها قلعته الحصينة، وهاجسه الانساني الأسمي، والا فقد دوره وموقعه المنوطين به، ورضي لنفسه دور مقاول الافكار، وسماسرة توظيف الفساد، وهذا هو الدرس المستفاد من مسيرة الامين العام للحزب الشيوعي السوري المكتب السياسي ولهذا ايضا نطالب دون كلل بالافراج عنه.

-----------------------------------

في محاسن التقدم: من هو رياض الترك؟

 

د. اياد السراج

وبعد انقضاء شهرين علي ليلة العرس الحافلة والكثيرة البهجة وعلي مائدة الافطار قالت في دلال اظنني بحاجة الي كشف طبي فتهللت اساريره فرحة وطلب امه المتلهفة علي التليفون ليعلن لها انه قريبا سيصبح ابا.
وفي المساء، سألته عن الاسم المفضل للطفل القادم، فأجابها بتلقائية احمد.. بالطبع علي اسم والدي.. او مريم، علي اسم والدتي ، وقطبت قليلا لكنها قالت تشاغله الا تريد اسماء عصرية؟ مثل دانا او دالية او جاكلين ، وادركت من عيونه اصراره فتحولت بالموضوع اريد لاطفالنا ان يكونوا اسعد الاطفال، وقد استشرت خبيرة في علم النفس .
فسأل وهو شاغل بالفول والبيض عن الحديث وماذا قالت الخبيرة ؟
قالت ان الطفل يحتاج الي ثلاث قواعد اساسية اولها علاقة عاطفية يطمئن اليها وهي قاعدة الحب والحنان، وهي التي توفرها الأم فسأل وماذا عن الأب؟ .
فاسترسلت كأنها لم تسمعه وثاني القواعد ان يكون هناك مكان ثابت يعتبره الطفل بيته وهو بذلك يكون قاعدة الأمان، وثالث القواعد هي الحدود، وهي منظومة الاخلاق والتعامل مع غيره من الناس يعرف من خلالها حدود حريته ويحترم حقوق الآخرين . فسأل مرة اخري، وماذا عن الأب؟ أليس لنا وجود في عقل هذه الخبيرة؟ .
فضحكت لتعلم يا سيدي ان الأب عنصر اساسي في القواعد الثلاث. فهو الذي يجعل من الأم سعيدة او شقية، وهو الذي يوفر البيت الآمن، وهو الذي يضع الحدود والنظام ، وبضحكة عالية طبعا كل ذلك لا يساوي شيئا امام اهمية دور الأم !
واستطردت لا تكتئب يا عزيزي وعلي كل الاحوال فان التفاهم والاحترام في العائلة هو الاساس، وعلينا كما تقول الخبيرة ان نتعامل مع الطفل علي انه انسان كامل متكامل له شخصيته وحاجاته واهتماماته وان نحترمه بكل ما له وما عليه ، ومضت قائلة ولمعلوماتك فقد قالت الخبيرة ان اسوأ العائلات هي تلك التي يكون الأب فيها رمزا للقوة في علاقته بالأم ومبالغا في نفس الوقت في دلال اولاده حيث ان نتيجة ذلك تكون علي الأغلب اولادا تعودوا علي الحصول علي كل ما يطلبونه عن طريق الأب وبرغم معارضة الأم، بل ان بعضهم يتجرأ علي الاعتداء علي امه .
فرد عليها انك تذكريني بالاحزاب الحاكمة في بعض البلاد العربية والتي تتربي الصفوة الحزبية فيها علي حجر الحاكم بامره وحين تقوي ذراعها فانها تعتدي علي الأمة ذاتها غير عابئة بالاخلاق او القانون .
فعادت تقول آن علينا ان نبني بيتنا كما تقول الخبيرة بطريقة تضمن الحوار الديمقراطي بين الكبير والصغير .
والتمعت عيناه وهو يقول الديمقراطية، انها الكلمة السحرية ثم منفعلا كان ثعبانا لدغه هل تعلمين انهم وضعوا رياض الترك مرة اخري في السجن؟ .
فسألته مندهشة وببراءة من هو رياض الترك؟ .
انه يا سيدتي احد السياسيين السوريين، وقد اعتقلوه قبل ايام، وكان قد تم الافراج عنه بعد اعتقال دام ثمانية عشر عاما في عهد حافظ الأسد، ويبدو ان الحرس القديم ما زال يخشي رجلا في السبعينات من عمره لمجرد انه يعبر عن رأيه .
وساخرا الفرق هذه المرة انهم اعتقلوه بأمر توقيف، لقد كانت المرة الأولي ثمانية عشر عاما في الحبس دون امر توقيف ودون تهمة ودون محاكمة، اننا يا سيدتي نتقدم !.
وسألته وما زالت الدهشة والحيرة علي وجهها وما دخل ذلك بأولادنا؟ .
فقال وصوته يتهدج بالانفعال الم تذكري ان الديمقراطية تبدأ داخل البيت، انني اظن ان ذلك ايضا ينطبق علي المجتمع العربي كله اذا شئنا التقدم، لكن المأساة هو ان ادعياء الثورة والتحرير والوحدة هم الد اعداء التقدم والديمقراطية، وقد استمرأوا في الحكم وذاقوا طعم السلطة والقوة فأصبح همهم الوحيد هو المحافظة علي نفوذهم وحماية مصالحهم ومصالح المنافقين حولهم .
ف
ردت وهي تحاول التخفيف من ثورته يجب الا نفقد الأمل فال عرب سينهضون يوما ما، وليس ذلك عل ي امة ببعيد ، ثم وهي تحيط بذراعيها حول رقبته وبما انك تؤمن الي هذا الحد بالديمقراطية، فهل يمكن ان نسمي الولد علي اسم ابيك والبنت علي اسم امي .


كاتب من فلسطين
qp18
-------------------------------
عن القدس العربي

-----------------------

اعتقال رياض الترك وربيع سورية

 

محمد زكريا السقال

في خطوة متوقعة أقدمت الأجهزة الأمنية في سورية علي اعتقال المناضل الديمقراطي رياض الترك. وبهذا تسقط الأحلام والآمال التي راهنت عليها الجماهير السورية بعد أن توسمت في الرئيس الشاب بشار الأسد بداية عهد جديد من الإصلاح ومحاربة الفساد والانفتاح علي الآخر حيث أعلن في خطاب القسم عن قبول الرأي الآخر وتعاون الأطراف للخروج من مأزق البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والذي لم يكن سببه كما يعرف الجميع رياض الترك ولا مجمل المعتقلين السياسيين الديمقراطيين. بل علي العكس فإن رياض الترك ومجمل الوطنيين السوريين كانوا من أحرص الناس وأكثرهم إقداماً علي تلمس هذه الأزمة من خلال تشخيصها وتحليلها ووضع حلول لها، أصاب هذا التشخيص أم أخطأ إلا أن أفضل حسناته أنه في الهواء الطلق وبصوت عال.
إلا أن إقدام الأجهزة الأمنية علي اعتقال المحامي رياض الترك برهن علي أن النظام لم يغير جلده وطبيعته وأن عقلية الجزمة والبسطار ما زالت قائمة وجاهزة للانقضاض لخنق كل بوادر الانفتاح الديمقراطي في سورية.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه وبشدة هل يستطيع النظام باعتقاله لأحد رموز المعارضة الديمقراطية أن يخرج من أزمته ويعيد للمواطن السوري أمنه وماهيته كبشر قادر علي التفكير والمشاركة في إنتاج سورية العروبة وسورية الوطن وإلغاء الجوع وسياسة التشبيح وقمع الرشاوي والفساد المعمم في أرجاء الوطن؟
هل يستطيع النظام إعادة الحياة والإنتاج لمؤسسات الدولة الاقتصادية إقطاعيات السرقة والنهب والخاسرة دائماً. هل يستطيع النظام خنق كل الأصوات التي تري الهاوية التي تنزلق إليها البلاد وبكل المعايير الوطنية والاقتصادية والاجتماعية؟
قد يكون النظام هو الأقوي في معادلة القمع وقد يكون تعميم الخوف وارداً إلا أن الوقائع تؤكد وبشكل صريح أن الأدواء التي تعاني منها سورية ستجبر الجميع، معارضة وسلطة علي الوقوف أمامها ولا خيار إلا لقاء المصارحة والحوار والتعاون علي مواجهة الأزمات الحادة التي تعصف في البلاد وإذ ترتفع كل الأصوات وعلي رأسها رياض الترك بالابتعاد عن أفكار الماضي وعقليته والتوجه بمطالبها وهمومها مباشرة للسلطات السورية والجماهير. هذا التوجه يحتم علي حاملي هموم التغيير وإيجاد مستقبل أفضل في قيادة السلطة بأن تتجاوب مع هذا التوجه وتفتح صدرها وعقلها من أجل الخروج من حالة التصحر والجفاف وبكل المعايير وإلغاء سياسة العسف والاضطهاد بل وإلغاء السجون والمعتقلات وإبعاد الأجهزة والمؤسسات الأمنية وكف يدها عن التسلط علي مصائر ورقاب الجماهير من أجل القضاء علي نهج وحيد في مخاطبة الوطن والمواطن.

كاتب من سورية يقيم في برلين

 عودة إلى صفحة البداية