وعي اللحظة الراهنة
ياسين الحاج صالح
القطب الأول هو حزب البعث المحرّر من السلطة، والثاني هو الحزب الإسلامي المتحرر من العنف والوحدانية العقائدية والسياسية، وقد يكون الثالث هو أطياف المعارضة غير الإسلامية التي قد يلعب التجمع الوطني دوراً في تنظيمها ان استطاع التحرر من ركوده والحفاظ على وحدته والانتقال إلى المبادرة السياسية والفكرية والبرنامجية. وقد نرى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية تقوم بأعظم عمل في تاريخها، ألا وهو الانقراض، وربما باستثناء الحزب الشيوعي (جماعة يوسف فيصل) الذي قد يقترب من القطب البعثي أو القطب المعارض غير الإسلامي. النقطة الهامة، على كل حال، هي أن هذا قد يكون طريق بناء الديمقراطية السورية لأنه يبدو أن نشوء قطب ديمقراطي حقيقي قادر على مواجهة السلطة وفرض تنازلات جدية عليها لمصلحة الحرية والاستقلال الاجتماعي غير وارد في المدى المنظور. الديمقراطية الممكنة في سوريا هي ديمقراطية توازنية تنبني على ضمانات متبادلة وعلى تعاهد صادق من الأطراف المشاركة في المصالحة الوطنية على نبذ العنف وتداول السلطة واعتبار الميثاق العالمي لحقوق الإنسان له قوة الدستور واستقلال السلطات وحرية الصحافة والنقابات. هذا هو السيناريو الأفضل، أو السيناريو الحلم لكن هناك سيناريو آخر-الكابوس: انفجار عام للوضع في البلد تحت وطأة العجز عن قيادة الإصلاح ( … ) واشتداد الفقر وعدوان إسرائيلي لا يمكن استبعاده في ظل شارون. هنا على الأرجح ستترك طبقة اللصوص البلد ليواجه مصيره ولن يردعها رادع من التلاعب بنقاط ضعف التماسك الوطني وستثبت أنها الجهة الوحيدة غير المستعدة للتخلي عن مصالحها ونزعتها الانتقامية.
(…) سوريا محتاجة إلى دولة قوية، دون أن يعني ذلك أنها عنيفة بالضرورة، وهذا غير متوفر اليوم.
قد يتوجب على المهتمين بالشأن العام وعي هذه الاحتمالات والارتفاع إلى مستوى المبادرة والوعي التاريخيين كيلا تأخذنا التغيرات على حين غرة كما حصل قبل عام من اليوم.
وقد تكون النقطة المركزية لوعينا وعملنا هي ان قضيتنا قضية الحرية وتطليق الاستبداد، مهما تكن إيديولوجيته ولونه، إلى غير رجعة .