الأمين العام للمؤتمر الشعبي في حوار شامل مع الأيام
الترابي: كفروني وألفوا الكتب إذا انفصل الجنوب فالمرض سينتقل ويصيب الغرب والشرق السياسة مثل لعبة الكرة فيها الخلاف وفيها التنافس ثلاث منقصات في مشاكوس.. والحكومة والحركة يريدان الانتصار فقط المقدمة قال زعيم المؤتمر الشعبي د. الترابي الإسلاميون ليسو هم الحركة السياسية الوحيدة التي دبرت انقلاباً في هذا البلد (فحزب الأمة كان الأول والشيوعي كان الثاني ونحن الثالث) وتابع (يريدون أن يجلس الترابي تحت قدميهم ويقبلها ويقول أعتذر لكم) –من الانقلاب- (طيب ليعتذر السادة الكبار الذين أيدوا عبود ويدانوا). ودعا لأن يترك الأمر للشعب (يدين من يدين ويعذر من يعذر). وذكر الترابي أن كل السياسيين خطاؤون والفساد لم يكن هنا بل في كل النظم وأكد الترابي ان من ضمن مكاسب الإنقاذ رفع تحرير المرأة والدخول على البترول وبسط التعليم ومن مثالبها الطغيان والكتمان وكبت الحريات فأصبح السودانيون الآن بدون وعي سياسي وقال إن الأمريكان يرون أن الديمقراطية قد تأتي لهم بتيارات من الإرادة الشعبية لا يريدونها فهم لا يتحدثون عنها ويقولون نريد السلام أولاً ثم نأتي بالديمقراطية لاحقاً ودعا الترابي الحكومة أن لا تجرب ما جرب وأخفق في دارفور (ومن الخير لها أن تسلك الطريق السياسي وإلا تجلس معهم بصفة ثنائية فإنه إذا أجدى ذلك في الجنوب فلن يجدي في دارفور). وقال (من الخير لنا مسليمن وغير مسلمين أن نتعايش في سلام وبحرية وأن نبسط رؤانا على الشعب ليأخذ الشعب ما يشاء) قال زعيم المؤتمر الشعبي د. الترابي إن المنقصة الأولى في مشاكوس أنها فرضت فرضاً والثانية أنها ثنائية سرية وثالثاً بها مبهمات الأمر الذي يلقي شكوكاً مريرة ويضعف ضمانات الاتفاقية. وعبر الترابي عن أسفه في أن يقول ان هناك (قوة تنزل من عل). وقلل الترابي مما يثار من اتفاق السلام كرس لنظامين يمهد للانفصال وقيام دولتين في السودان وقال (أنا لست يائساً فالعالم كله يقارب فالدول التي كانت تحترب وتتصارع في أروبا وكذلك أمريكا اللاتينية بدأت، وكذلك دول آسيا والدفع العالمي الآن قوة جامعة وواصلة وليست بفاصله). وقال الترابي: إذا صدقت الحكومة التي تتولى الأمر- الحكومة الانتقالية- فإن صدق الوفاء بأي اتفاقية ستبلغ الوحدة). وقلل الترابي من شأن المعونات الأجنبية لدعم السلام وقال (جربناها في افغانستان ووجدناها كلمات فقط). وعبر الترابي عن رجائه ألا يشهد هذا الجيل انفصال الجنوب لأنه إذا انفصل ربما أصابنا المرض غرباً وشرقاً فتمزق البلد هكذا فيصبح شريحة حول النبل. وإلى تفاصيل الحوار: د. الترابي آراؤك الفقهية دائماً ما تثير جدلاً في الساحة فهل هي آراء تمثل أيضا المؤتمر الشعبي؟ يا أخي هذا هو الاتجاه الذي يمثله المؤتمر الشعبي لأن المؤتمر الشعبي تجديدي ومنفتح ومتحرر من الرؤى التقليدية ولكن السودان إذا كانت تغزوه غزوات وحملات ثقافية، من الغرب مثلما يتلقى الناس العولمة ويخشون منها تغزوه كذلك حملة ثقافية تقليدية، والآن انتشرت في أوساط المساجد وهكذا فهم مشغولون بقضايا صغيرة (كالذبابة) وأشياء من هذا القبيل وكالذي يرتد لابد وأن يستتاب أو يقتل. وهكذا. (يعني احاديث محدودة تأتي في غير سياقها وقضايا فرعية صغيرة جداً. وهذه قضية ليست لها من قيمة لكن هي تمثل النزعة فنحن من أول أيامنا مؤمنون بأن الاجتهاد لابد وأن يتجدد (ولا نعيش إلا إذا نسبنا إلى الطرق ننتسب إلى الجيلاني والسماني والتجاني.. الناس تنسب لهم لأنهم كانوا أناساً خيرين، لكن لا ممكن إلى يوم القيامة لا تأتي فئة تجدد الذكر والفكر. فلابد للذكر أن يتجدد. تقرأ التاريخ وتبني عليه فتتقدم أنت، لأنه يواجهك السؤال: ما هو عطاؤك أنت؟ وما هو اسهامك أنت على مر الزمن؟ كثيراً من القضايا التي طرحتها عليك الآن هي قضايا المؤتمر الشعبي كله. ومثل أولئك الذين يعارضوننا لا ينشغلون بالقضايا الكلية مثل قضايا الحكم أو نظم الاقتصاد ولا نظم العلاقات العالمية. فقط ينشغلون بالقضايا الصغيرة وفي هذه القضية الصغيرة يكفرون الترابي ويكتبون الكتب، فلا تنشغل بهم كثيراً. وهذه المذاهب في العالم الإسلامي كلها أصبحت في طريق التلاشي. د. الترابي وجهت لك دعوة في وقت سابق من الدكتور جون قرنق لزيارته في رمبيك ماذا تم بشأن تلك الزيارة؟ أنا دعيت لزيارة عاصمتهم كما دعيت ايضا بلاد مجاورة اخرى، ولكن زيارة الجنوب تتطلب أن أذهب إلى بلد خارج الجنوب ومنه أسافر إليه، وهذا عسير وإذا سافرت من هنا مباشرة قد يحدث شيء للطائرة ولا تدري من الذي فعلها لو إذن لطائرة أن تسافر إلى تلك المناطق، فالطائرات تأتي من هناك عفواً لكن صدقني إذا تيسر لي الطريق فأنا ذاهب ما في ذلك شك. وأين وصل مستوى الاتصالات الآن بينكم والحركة الشعبية؟ حيناً بعد حين اتحدث إليهم ولكني اتحدث مع كل القيادات التي تفاوض هناك وأنا مع الخارج موصول يومياً أحادث بعضاً من الناس الذين يتصلون لبحث التطورات التي تجري. ذكرت القوى السياسية أن هناك العديد من النواقص في اتفاقيات السلام التي وقعت حتى الآن فهل يرى دكتور الترابي نفس ما تراه هذه الأحزاب ام أن له رأياً آخر؟ المنقصة الأولى في مشاكوس أنها فرضت فرضاً وفق ما أذاعه الإعلام العالمي بأنهم اعطوهم ساعتين ليوقعا فوقعا. وفي هذه المنقصة. أنا أشك في قدر الإخلاص لأنك لو وقعت بهذه الطريقة فأنت مكره وأنك لست مخلصاً في ما تعاهدت عليه والطرف الآخر كذلك, وهذا يلقي شكاً على الإخلاص وثانياً أنها كانت ثنائية سرية لم تنشر في السودان لا في إذاعة ولا في غيرها وهذه مصائر السودان وهذا مثال قد يعني أهل الغرب والشرق وكل ولايات السودان ويعني أفريقيا ويعني العالم أن يعرف كيف حل السودانيون مشاكلهم؟ ولكن الأمر حدث سراً، كأنه يقال لك ان تفعل بالجنوب مانشئت واترك لنا شمالنا نفعل به ما شئنا فيلقي الأمر شكوكاً مريرة جداً ويضعف ضمانات الاتفاقية. وثالثاً كانت فيها مبهمات في قضايا أنا متأكد أنها خلافية ولكن لتعجيل شيء وإنجاز سلام. تم التوقيع ليصفق الناس هنا للسلام وهكذا والمبهمات طبعاً تتفق عليها لأنها لا تعني شيئاً لي ولا لك ويمكن أن نوقع عليها فأصبحت فيها مبهمات كثيرة، وظننا أنه بعد ذلك تنزل لكن نزلت الاتفاقية الأخرى في نيفاشا فوقعت وقعةً غير طيبة على كثير من المؤسسات لأنها تعني انها إلى زوال وإلى تصفية مثل قوات التحرير لأن القوات للتحرير قد انتهت مهمتها فلابد أن تبدل. الآن في قضايا المناطق وحدود المنطقتين اللتين أعدت كل واحدة منهما لنفسها كل أسباب الانفصال أن اختارت ذلك. ومن بعد الاتفاقيات الأولى كل واحد يعد نفسه للانفصال إن شاء فالخيار قائم ولكن كل شيء موزون على أن الخيار نفسه مفتوح تماماً ومؤمن. واختلف على الحدود. أما الثروة اتفق على شيء منها، والبترول كذلك وبقية الضرائب والثروة القومية ماذا يفعل بها؟ وهذا وقف على الاتفاق على السلطة، من الذي يحكم السودان المشترك؟ هذه قضية لم يدخل فيها أصلاً الشرطة والأمن، كل هذه القضايا ما تزال تنتظر الاتفاق، وكذلك أبيي والمناطق الأخرى. لكن أبيي هي أعسر المناطق. والناس عادة في الحياة إذا تعثر الأمر بين خصمين يدخل طرف ثالث ليس من عل ولا القضاء بل على نفس مستوى الافق يعني صديق لكم وله معاً تثق فيه ويثق فيه الطرف الآخر ويحاول أن يطرح اطروحات تقارب بينكما حتى يقرب. والآن بأسف المرء أن يقول هناك قوة تنزل من عل والآن انشغلت وزهدت في أمر السودان لأن السودان حتى ولو قضى أمر الجنوب قامت قضية أخرى. والقضية الآن لم تعد قضية ذات قيمة انتخابية في أمريكا. هل تعتقد أن الاتفاقات السابقة كرست لقيام دولتين في السودان وقننت للانفصال خاصة إذا نظرنا إلى الجيشين ونظام معرفي إسلامي في الشمال ونظام غير إسلامي في الجنوب؟ أنا لست يأنس، فأنا أنظر إلى اتجاهات العالم كله يتقارب، فالدول التي كانت تحترب وتتصارع في أوربا تجمعت والدول في أمريكا اللاتينية بدأت تتجمع وكذلك الدول في آسيا، والدفع العالمي الآن قوة جامعة وواصلة وليس بفاصلة وصحيح أن الغضب يمكن أن ينزع إلى الفصل ولكني أحسب أنه إذا صدقت الحكومة التي تتولى الأمر (الحكومة الانتقالية) وإذا كانت كذلك ستصدق بالضرورة لأنها موزنة من قوى كثيرة لا يستطيع واحد أن يخون شيئاً، فالآخرون يعادلونه أو يعدلونه. فإذا صدق الوفاء بأي اتفاقية ستبلغ، وأنا لست بخيلاً.في نصيب الثروة الذي يعطي للجنوب لأنها ليست مبالغ يمكن أن تجدي الجنوب في فترة ست سنوات وأن تبلغ به قريباً من مستوى الشمال غير المتقدم. لكن ربما يبقى أغلب الجنوبيون الذين قدموا إلى الشمال هنا لأنهم موصولون ومرهونون إلى وظائف، وحياة (تعليم وصحة عمل) وربما يقدم كثير من الجنوبيين لبحث عن عمل وربما يقوم كثيرمن التجار القدامى وآخرون إلى الجنوب يبحثون عن مجالات استثمار لأموالهم الصغيرة على قدر ما أوتوا. وهذه اضمن لي من المعونات الأجنبية التي جربناها في أفغانستان ووجدناها كلمات. فالشعبان قد يتقاربا وتكون الصلة أوثق وأشد وذلك قد بين قاعدة, وطبعاً تعلم أنه ليست لنا حدود جغرافية حادة تفصلنا فكل المناطق الحدودية فيها توحد. وأرجو ألا يكون هذا الجيل قد شهد انفصال الجنوب لأنه إذا انفصل الجنوب ربما أصابنا المرض غرباً ثم يصيبنا شرقاً فنمزق البلد هكذا فيصبح شريحة حول النيل هنا فقط فماذا تسمي؟ يدور حديث الآن حول الشراكة بيني الحكومة والحركة كيف يرى الدكتور الترابي هذا الأمر؟ جون قرنق احسبه قد انصرف إلى القتال حيناً طويلاً وذلك يعني أن خبرته السياسية نسبياً أدنى لأنه لم يدخل في معمعان السياسة ويخوضها ويتبصر كل اتجاهات الآخرين ومدى الثقة وكيفية التصرفات وهؤلاء كذلك، فالسياسة مثل الكرة فيها لخلاف وفيها التنافس، لم يجربوها كثيراً ولا يؤثرون التنافس بل يؤثرون وطأة القوى من أول يوم إلى يومنا هذا فكلاهما لا أعتقد أنه يريد انتصاراً فقط ينسى الجنوب وقواه وينسى الشمال وقواه لن لن تجدي كثيراً. د. الترابي دائماً ما كان ينظر للشمال بأنه محرر للجنوب ولكن الآن وبرأي مراقبين انقلبت الموازين فأصبح الجنوب هو الذي يحرر الشمال ووصل الامر لدرجة انك عندما خرجت من السجن قلت لقد حررني الجنوب؟ التاريخ كله هكذا وأحيانا الضعفاء هم الذين يحررون الآخرين.. العرب حرروا الناس من الرومان وطغيان كسري رغم أنهم كانوا أضعف الناس.. ودائماً مبادارت التحرير قد تاتي من حيث لا تحتسب لأن الذي طغي علينا في السودان هو قوة وليست غلبة بثقة الشعب. وقامت قوة في الجنوب صارعت هذه القوة فوازنتها وإذا توزانت القوى دائماً ما يتحرر الضعفاء. وكذلك من تلقاء الغرب. رغم أننا لا نؤيده ونذكر الحكومة الطاغية انها لو عولت فقط على السلطة وأدوات السلطة ستجد في الأرض من يضارعها ويوزانها ونحن سنظل نتكلم ونتكلم حتى نرجع إلى السجن. فقد سجن منا عشرات والسودان سجن منه المئات لا يتكلم احد عنهم لكن في نظرنا سنتكلم ونعاني وندخل السجن ونخرج * دكتور الترابي بعد خروجه من السجن ركز كثيراً على كلمة الحريات والديمقراطية. في وقت أنت من انقلبت على الحرية والديمقراطية فكيف تفسر هذا التناقض؟ لقد تردد جوابي في هذا الجانب، وأنا تحدتث عن أن الحرية كبتت بالقوة العسكرية في أواخر عهد نميري ضد الإسلام من تلقاء الأمريكان بمقدمهم المباشر ونحن لم نكن ننافسه أو نصارعه في القوة ولكن رأي أن يلقي بنا في السجن. فقلنا إننا يجب أن ندخل إلى السلطة بالحرية ويقدر وزننا الذي يفوضنا إليه الشعب كما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة في أول الإسلام لكن من واجهنا بالقوة يمكن أن نواجهه بالقوة. ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه. ولكن في منهج ردنا على العدوان كنا نريد أن نرجع مباشرة لنمكن اللامركزية وبسط الحريات للقبائل وللجماهير. من خلال التجربة التي قمتم بها في الثلاثين من يونيو 89 يتساءل الشارع لماذا لا يعتذر الترابي للشعب عن هذا المسلك ويطلب العفو منه؟ طبعاً نحن لسنا الحركة السياسية الوحيدة التي دبرت انقلاباً في هذا البلد فحزب الأمة كان هو الأول والحزب الشيوعي كان الثاني ونحن الثالث.. والحزب الاتحادي هو حزب رفض أن يدخل هذه الساحة إلا أن يكون من كرام المواطنين الذي يؤيدون نظام عبود لأنه قام بغالبه من تراث أقرب إليهم. ثانياً: نحن تحدثنا عن الخطأ (ايش) تعني هذه اللغة ويريد بعض الناس بلغتهم هم يريدون أن أقول للفرد منهم اعتذر إليك وأرجو أن تعفو عني فأنا أعتذر إلى الله سبحانه وتعالى. فمن اليوم الثاني بعد خروجي شهدت الندوة في الجامعة وتحدثت عن أين كان الخطأ وأين كان الصواب، لكن بعض الناس على وتيرة!! ويريدون أن يجلس الترابي تحت أقدامهم ليقبلها ويقول لهم أعتذر إليكم (طيب) ليعتذر السادة الكبار الذين أيدوا عبود ويدانوا. فأنا أقول إنه في السياسة يجب أن نترك الأمر للشعب يدين من يدين ويسحب ثقته ورصيده ويعذر من يعذر حتى ولو أخطأ أو تجاوز، لأن كل السياسيين خطاؤون، والفساد لم يكن هنا بل في كل النظم وفسادات الرأي كل مرة هي التي تشغل صحفنا وكلامنا حتى يذهب هؤلاء ونبكي على الماضي (ما بكيتم من شيء إلا وبكيتم عليه) أنا أعرف السودانيين، فقد قامت الثورة ضد عبود من كل أنحاء البلد وبعدها خرج عبود بعد فترة إلى السوق جرى الناس وراءه يرددون (ضيعناك وضعنا وراك يا عبود) فهذه أخلاق الشعب، لكن أنا أتكلم عن التقويمات وهذا التقويم ليس من الترابي بل من كل المؤتمر الشعبي ومن كل حركة الإسلام. د. الترابي كيف تقيم تجربة حكم الإسلاميين في السودان؟ كانت محاولة للرجوع إلى الأول. دستور أشبه بدستور المدينة وانتخابات مثل انتخابات عثمان وعلي ولا تشبه ولاية العهد التي تأتي بالقوة وبسط حريات مثل المدينة وعهود مع الآخرين، وحاولنا هذه لكن من أول مرة (بتعصب) ولذلك مارسخت في الناس، والشعب لم يمارس حرية لذلك لم تعش. وماذا عن تجربة الإنقاذ في الحكم؟ تجربة الإنقاذ فيها مكاسب ومثالب، أما المكاسب فيها فهي دفع تحرير المرأة، والدخول على البترول، وبسط التعليم. ومن المآخذ فقد استمر منهج الحكم الذي فيه الطغيان والكتمان الذي يؤسس بيئة للفساد لأنه لا يوجد نقد، وكبتت الحريات فأصبح السودانيون الآن وكثير منهم بدون وعي سياسي وهذا قتل لروح الفاعلية في السودان واضطرب الاقتصاد كذلك فبعد تحرير كل شيء بدأ فيض الشركات والمؤسسات التي ارتدت مرة أخرى. وثالثاً إن أول الأمر كان مبسوطاً ليس له عصبيات ضد مناطق في السودان وكانت هناك روح انفتاح نحو الأقاليم كلها ولكنها ارتدت فأصبحت انغلاقاً. والإنقاذ كانت عندها دفعة دينية ولكن تحت وطأة الضغوط الخارجية أزلت السودان ولم تحفظ كرامته ثم لم تكسب شيئاً. الملاحظ أنك تتتحدث عن الحريات ولكنك لا تتحدث بصورة واسعة عن الديمقراطية؟ نعم: إن الدستور لما جاء تحدث عن حرية للأحزاب وللصحف لكن وقع صراع في قانون الصحافة بين رئيس الجمهورية والبرلمان. فدائماً الكلمات التي تكتب في الورق رأيناها في الدستور الذي أقسم عليه بعض الناس ثم الغوه كله ورأيناه في مشاكوس للزينة فقط. ورأيناه في جدة أيضا. فالشورى وحكم الشعب هذه توزانات قوى في الواقع. إذا لم أرها وأرى الموزمين التي بها تتوازن. فأقول صراحة لو تصدقوا سيقول أهل السودان ويشكروكم على أنكم أخذتم نصيبكم وكل الأنصبة لأهل السودان جميعاً وبقوتكم انبسط وليشكركم الأفارقة كلهم على أنكم عالجتم القضية. فلماذا لا تكسبون كسباً قومياً تاريخياً مع الكسب المحلي الخاص. د. الترابي طرحت أمريكا مبادرة الشرق الأوسط الكبير لتوطين الديمقراطية ويلاحظ أن هذه الديمقراطية معنى بها دول الشرق الأوسط الأوسط والسودان ليس من بينهامما جعل كثيرين يشككون في جدية أمريكا في التحول الديمقراطي للسودان ويقولون أنها تكيل بمعيارين معيار للشرق ومعيار للسودان، ما رأيك؟ أولاً الأمريكان في قضية الجنوب كانوا قد كفوا كثيراً عن الديمقراطية وقالوها فعلاً (إننا نريد السلام أولاً ثم تأتي الديمقراطية لاحقاً) بالرغم من أنهم وصلتهم رسائل منا. إن السلام لا يمكن أن يأتي بدون حرية، لكن الأمريكان لأسباب مختلفة يرون أن الديمقراطية ستأتي لهم بتيارات من الإرادة الشعبية لا يريدونها. وهم يريدون أن تطغي إرادتهم كما فعلوا في العراق.الآن يتحدثون عن الحرية والديمقراطية لأن كثيرين من العقلاء نصحوهم بأن الضغط المشتد على الحركات الإسلامية في البلاد العربية كالضغط على الغاز إذا لم يجد متنفساً أو مخرجاً سينفجر ولذلك فإن الإنفجارات التي يسمونها متطرفة أو إرهابية هذه تحدث في بلادهم هم وفي أوروبا كذلك.فالآن بدأ كثيرون منهم يقولون يجب أن ندعو إلى الديمقراطية ولكن عندما تأتي الديمقراطية ستأتي بما لا يرضيهم كما حدث في الجزائر وكذلك في تركيا. فهم الآن في حالة تردد شديد لا يدرون ماذا يفعلون. فالديمراطية عندهم قيمة ولكن حضارتهم قيمة أعلى إذا أطلقوا الديمقراطية ستلد حضارة أخرى وإرادة أخرى من الشعب. فالليبراليون موجودن في كل مكان ليست لهم قواعد أما أهل الدين والإسلام سيعبئون الناس من أندونيسيا وأتى المغرب ومن أمريكا نفسها إلى الشيشان. فمن الخير لنا مسلمين وغير مسليمن أن نتعايش في سلام وبحرية وأن نبسط رؤانا على الشعب ليأخذ الشعب ما يشاء ونترك قرار العواقب وإلا كلمة حكم الشعب تصبح بلا معنى. د. الترابي كيف ترى المخرج لمشكلة دارفور؟ دارفور هي مثال آخر في الشمال لما وقع في الجنوب لا تجدي فيه القوة ولا يجدي فيه شق أبناء المنطقة بعضهم على بعض أي عرب على زرقة أو غيرهم. فالظلم بدأ في دارفور منذ زمن بعيد ونحن لم نستدركه وغفل عنه الوطنيون. فمن الخير للحكومة ألا تجرب ما جرب واخفق. ومن الخير لها أن تسلك الطريق السياسي وألا تجلس معهم بصفة ثنائية. فإنه إذا أجدى في الجنوب فلن يجدي في دارفور والآن يخشى أن ينتشر ذلك الدفع إلى كردفان وحتى لا يتسع المرض فمن الخير لكل القوى السياسية أن تسارع لحل هذه المشكلة ومن الخير وقاية لمناطق أخرى الأ ينتشر إليها الداء باتباع الضرورات السياسية. ماهو موقفك إذا خرج اتفاق السلام بشراكة ثنائية بين الحكومة والحركة الشعبية؟ ستكون المعارضة. لأن الحكومة التي تقوم بالشراكة لن تكون حكماً.. لا للشعب الجنوبي ولا للشعب الشمالي الحكومة يجب أن تكون للشعب كله وسنحاول أن نجمع كل قوى المعارضة معاً لنعدل الاحتكار المشترك إلى توسعة، فإذا انتخب الناس وائتلف حزبان فهذه تصبح ليست احتكاراً.. والشراكة التي أقصدها ائتلافاً في إطار نواب منتخبين. نقلا عن صحيفة الأيام عودة |