قصيدة على جدار
(1)
خالدُ..يا إسماً يسيلُ الدمعُ لهُ من عينى
أأعددتَ الحقائبَ وآنَ الرحيلُ عنىِ
لتتركَ بعدكَ فىِ قلبىِ
براكينَ حزنٍ تتفجرُ منىِ
أتتركنىِ فىِ الجزيرةِ التىِ سيغمرها الماءُ
للجزيرةِ التىِ يحيا فيها الناسُ بقلاعٍ
وأسوارٍ ومدافع وحراس
للجزيرة ِالتىِ يفقدُ فيها الحُب طعمه
والشعرُ صوتهُ والرجولة التى تعطلت فيها الحواس
أتتركنىِ فىِ الجزيرةِ التىِ يرحلُ منها الأصدقاءُ
والعصافيرَ والأسماكَ ومعاييرِ الاِحساس
(2)
خالدُ يا رفيقَ عمرىِ
كن دوماً بقربى..جنبى
أعلمُ أننىِ أنشدُ المستحيل
وأنسجُ خيوطَ لقاءٍ من فراقٍ طويل
أعلم أن النجوم تستمع لأحزانى
وأن البحَر تصمتُ أمواجَه حين تلقانى
لأحدثهم عنك,عن قدوم الربيع والأزهارِ
والأنوارِ والأشجارِ والصباحِ الجميل
والعصافير مع قدومك والإبتسام
عن قدوم الشتاءِ والضباب والليل والكآبة
حين ترحل والغمام
فما زال إسمك يجرى فى عروقى فى أوديتى
وهضابى وجبالى كأجراسِ الكنائس وهديل الحمام
ما زالَ يدخُل نافذة غرفتى كلَ صباحٍ فتُحل على
أضواءٌ سماويةٌ وملائكةٌ وسلام
(3)
خالدُ يا رفيقَ عمرى
أعلمُ أنَ ألفَ قصيدة لن يضبطَ إيقاعَ
حزنى عليها وأن أفئدة البشر كلها
لا تسعُ لدموعى حين تحملُ الحقائبَ وتمضى
فالشوارع تنكمشُ هنا حين تغيب
والبلابلُ والطيورُ والكائناتُ تبقى
فى بياتٍ شتوى حتى تعود
فالمساء هنا يعزفُ على أرصفةِ الشوارعِ
موسيقى مالها أى عنوان
ودموعى ستكون أعمق
من مياه البحر الأزرق
حين تغيب
وأننى سأغرق أغرق
فى محيطٍ يسمى محيط الأحزان
(4)
خالدُ يا صديق عمرى
أرجوك أن لا ترحل قبلى ودعنى
أحيا وأموت على لقاءٍ بيننا
فما أجمل أن أحيا على بصيصٍ
من شعاع هذا اللقاء
ما أجملَ أن أراكَ طيراً مسافراً
تعانقُ السحاب تتمطى صهوة
هذا الهواء, وتعود لجزيرةٍ لا يمكثُ
فيها غيرنا تسمى جزيرة الأصدقاء
(5)
خالد ُأتذكرُ أحلامنا معاً
لهونا معا
أرضاً قبلت شفاهنا دون الأجناس
سماءاً تلحفتنا بسحابٍ أبيض
دون الناس
أشجار سروٍ تراقصت أغصانُها لنا كأجراس
زهرُ ربيعٍ تبسمَ لنا
وفراشٍ فىِ حلة أعراس
(6)
خالدُ أعرف أن أجراس
الرحيل لا تعرف فى هذا العالم غيرى
فتارةً تدقُ معلنةً رحيلُ شمسٍ عنى
رحيلُ أخٍ منى, صديقٍ رفيقٍ
لأتأمله وأودعه وأبكى
وأتلظى بنار الفراق والحريق
(7)
خالدُ ما زالت صورتك ترتسم
فى الأفق وقت الأصيل
ترتسم بألوان الشمس الراحلة لأجلك
بألوان نورٍ ووفاءٍ وحبٍ كبير
ما زلتُ دونك أسيرُ أفتقدُ ظلالك وخيالك
فدع مشاعرنا تبنى لنا جزيرة دون هذا البلد
ونمكثُ فيها إلى الأبد
وإلى الأبد
إلى الأبد
الجمعة 9-10-1996
عودة الى ديوان كان لى أصدقاء