حتى لا تغيب الشمس
(1)
ألا أيها الملاكُ الجميلُ
الذى بدا يوماً لعينىَّ
ألا أيتها النغـمُ الطويلُ
يوماً لم تسمعهُ أُذنىَّ
ألا أيها الملاكُ الطاهرُ
ألذى لـم يخطرُ أبداً على وجدانى
كيف أنسى لساناً أزالَ
وقراً جاثماً على أذنىَّ
كيفَ أنسى قلباً طاهراً
أنارَ قلبى وروحى ودنياى
أحييتِ قلباً ميتاً
وقد ظننتُ أنَ قلبى حى
أحييتُ روحاً تهيمُ علـى غير هُدى
بين جبلٍ تارةً وبين وادى
حلمٌ جميلٌ قد زالَ
بين ضحىً وبين عشَىَ
حلمٌ ليته ظلَّ ولن يزُال
من عقلى وإحساسى ومشاعرى
(2)
ألا أيتها الكعبةُ الطاهرة...
من أين جئت؟
وكيف جئت؟
ولِـمَ جئت؟
أسماءٌ أم أرضٌ أتت بك؟
قلباً أضحكتيه ولـم تدرِ أنك أبكيت
قلباً قد تحطمَ جدارُ خلجاته
وقد ظنَنتِ أنَّكِ بنيتِ ما هدمت
ألا أيتها الشمسُ العذراءُ.....
نوركَ أنارَ لى ظلاماً فغبتِ
نوركَ أطفأ نارَ الجراحِ فشفَيتِ
ألا أيتها الكعبة الطاهرة....
أتوجهُ إليكِ بصلاتىِ فهل سمعتِ؟ِ
أرتوى من بئركَ وليتكِ رويت
من يطُفأ فى قلبى ناراً أشعلتيها
وقد ظننتُ أنَّك أطفئتِ ما أشعلت
أسقيتنى كأساً وليتك ما سقيت
كنت تائهاً فإستـئنسـتُ بـك
لكنكَ ما لبثتِ أن هاجرتِ
ألا أيتها الشمس العذراء.....
ليتك ما رحلت أو غبت
ليتك ما رحلت أو غبت
(3)
ألا أيتها الشمسُ العذراءُ
صعبٌ أنَ أقولَ لكِ أنت حبيبتى
أنت أمَّى أنت أختى
أنت أحزانى وفرحتى
أنت حياتى وموتى
لكن يكفينى أن أقولَ لكِ....
أنكَ كنتِ يوماً شمسى
وأنوارٌ بدَت لعينىَّ فهديتِ
يا من كنتِ أجملُ أنغامى
وقطيراتٌ ندىَ من فمك تفتقت
فإذا بها نهرُ أحلامى
يكفينى أن أكونَ طيراً يغردُ لـك
فى غابتك الأنثوية
يكفينى أن أكونَ زهرةً بين يديك
فى حديقتك البنفسجية
يا معبد حبى..ماذا تقولين لقلبٍ
مسافرٍ بين محطاتِ العشق الأبدية
نسيتيه وقد كنتِ يوماً
أجملُ أحلامهِ السرمدية
ألا أيتها الشمسُ العذراء....
ليتك ما رحلت أو غبت
ليتك ما رحلت أو غبت
(4)
غِبت عن عينَّىَ ولا أدرى
لِـمَ أتيتِ ؟ ولـِمَ هاجرتِ ؟
كنتِ لى فجراً وأنواراً
بدت لى ويا ليتك بقيت
كان قلبى صحراءاً جرداءاً
فإذا بربيعك ينُبت أزهارى فأينعت
يا زهرةً بيضاء كانت أمام ناظرى
ماذا تقولين لقلبى الصغير
خلقتيه جديداً وليتك ما خلقت
متفردٌ بأحزانىِ وهواجسىِ تطاردنى
كطيٍرٍ مهاجرٍ فى سماء الحب فسجنت
ألا أيتُها الشمسُ
لِـمَ من سمائك هبطت؟
لـِمَ ملكت قلبى وفيه سكنت؟
تسكنينَ السماءَ وأسكنُ الأرض
ويا ليتك رضيت وقبلت
ألا أيتها الشمس العذراء.....
ليتك ما رحلت أو غبت
ليتك ما رحلت أو غبت
(5)
وعدتُ ليلاً أذكرُ شمسى
وأحلامى العذرية تطاردنى
فى صبحى وأمسى
هل أعودُ يا حلمى الضائع
وأسكنُ جنتك
وأهرب حينها من نفسى
أنا لا أنساك...
أنا لا أنساك...
ومن فى هذا الكون ينسى نور الشمسِ؟
(6)
قلتُ: أنساكِ وكم كرهتُ الظلامَ
والورَىَ نِيام
وإنتظرتك متطلعاً للفضاء
وخواطرى السماوية تعانقُ النجوم
كم نسجتُ صورتك فى مخيلتى
كل ذلك لـم يعد غير أحلام
(7)
لكنك تشرقين فى ضفاف العمر
حيناً وتأتين
تنسينى فلا تذكرين
فأنا فى عينيك قد أكون قصيدة شعرية
على صفحةٍ بيضاء أدبية
قرئتيها بعد أن كانت يوماً منسية
فإذا بأشعتك تؤلمنى
تحرقنى
تمزقُ كلماتى وأحلامى
لـم تبقِ لى غير آهاتى
فتمنيتُ أنَّكِ فى حياتى
ما أشرقت أو جئت
ليتنى ما عرفتك ولا أنا عرفت
ليتنى مت قبل أن أراك
وفى عينَّى
وأعماقى مت.
الخميس 14-9-1995م
عودة الى ديوان الشمس
العذراء