أجراسُ الرحيل
(1)
عندما دقت أجراسُ رحيلك
وددتُ أن أقولَ لكِ...
لا ترحلى..
لا ترحلى..
فعينَّى ستبكى لرحيلك
كسحابِ تشرينَ الحزين
لـم أدرِ أن أشعارى ستتبعثرُ لرحيلك
كأوراقِ الخريف الباردة
وأن حروفىَ التى زينتها لك
ستذوب لوعةً وأنين
لـم أدرِ أن الربيعَ سيغادرُ لرحيلك
وأن الشجرَ والزهرَ سينادى عليك
ويقول لك...
لاترحلَى..
لاترحلَى..
لـم أدرِ أنَّنى سأقف أتأملُ رحيلك
كالصخرة ترتطمها أمواج الرحيل
وأن النورَ الذى كنتُ أحلقُ يوماً فى
سمَاه
سيعانقُه ليلٌ طويل
(2)
أيتها الشمس المغادرة...
عندما غادرتِ
هاجرت العصافير مع آخرُ خيوط رحيلك
فكم تاقت الأزهار لنورك
كم وددتُ أن أقولَ لكِ...
أنَّك الشمسَ الوحيدَةَ الدافَئة
فى هذا الكونِ
وأن أشعَّتك لن تؤلمنى
ولن تحرقنى
ولكنكَ أسرعتِ راحلةً
(3)
أيتها الشمسُ العذراء
عندما أخطُ كلماتى أخافُ الكلام
فكم تبصرتُ الفضاءَ
باحثاً عنك بين الغمام
محلقاً فى سمائك كالحمام
فعينىّ أيتها الشمس...
تخافُ أن تنامَ فى الظلام
تخافُ أن تبوحَ لكِ بالكلام
فكم أحببتُ لأجلكِ الآنام
مصلياً فى محرابكِ بسلام
كم وددتُ أن أقولَ للعالمِ
أننى أعيش
أعيشُ حين أراك
وأن أجَهرَ بصوتى للسماء..
والســــــــــهول
والجبال والوديان
أنك لست أحلام
أنك لست أوهام
ولكنك أسرعت راحلةً
(4)
أيتها الشمس المغادرة
يوماً عن عينى لـم تغادر
عندما كنتُ أنظرُ لكِ كانت
سفينةُ أحلامى تبحرُ
فى مياهك الدافئة
وكانت روحى تحلقُ بأجنحة الملائكة
مع كل بسمةٍ حانية
كم غردت العصافيرُ
على أغصانِ أشعارى
ورفرفت الفراشاتُ راقصةً لعينيك الزاهية
كم عزفتُ إسمكَ
على قيثارة أحلامى
وإنتظرتُ قدومكَ
راسماً إياهُ بأجملِ الألوانِ
وإنتظرتُ بزوغ فجركِ
لكنك أسرعت راحلةً
(5)
لـم يعد أيتها الشمسُ العذراء
أن أعزفَ على أوَتارَى
غير الآهات
فلم يبق منكِ غيرَ خيوطِ نورٍ وذكريات
كم وددتُ أن لا تفصل بيننا المسافات
كم وددتُ أن لا يفصلَ بيننا عمُرٌ وقدر
فأنت الشمسُ
وأنا القمر
مستحيلٌ علينا السفر
مستحيلٌ أن يسطعَ نورنا معاً للبشر
مستحيلٌ أن تكون أحلامنا هى القدر
الأربعاء 11-10-1995