رحلة فى عيونِ الشمس الغائبة

(1)

كما أُبحرُ دوماً فى بحر كلماتى

يخطرُ ببالىِ أن أبحرَ فى مياه أحلامك

وأن ترسو سفينتى فى مرفأ ذكرياتك

لكننى أعرفُ وأعلمُ أنَّكِ

لن تسمعى صراخىِ أو تفهمىِ كلماتى

لن تترجمى الأشعار التى إعِتدت على سماعها

للغة التى تفهمينها

أو تستطيعى أن تحلقى فى فُلك همساتى

أعلمُ أنَّى سأبقىَ دونكَ مبحراً

ولن أجد مكاناً أو مرفأً على شواطئك الرملية

أعلمُ أنَّى سأظلُ دونك مسافراً

ليس لى عندك محطةً أو هوية

(2)

إنى أعرفُ جزيرتك

وأعرفُ الشواطىء التى كنتِ تلهى عليها

أذكرُ الطيور التى حلقت معها

والأشجار التى جلست تحتها

أحفظُ أنغامَ العصافير التى إعتِدت على سماعها

ولكن محظورٌ...

محظورٌ أن أقترب من غابات أنوثتك

محظورٌ أن أقرأ أشعارى

أو أرسلها لخلايا جسدك

محظورٌ أن أقطفَ أزهارِ الربيع التى تعطرتِ بها

وأغصانِ الأشجار التى تظللت تحتها

محظورٌ أن ألمس خيوط النور

التى تلحفتِ وتعطفتِ بها

محظورٌ أن أقتربَ من القصر

الذى سارت فيه خطواتك الأولى

نحو الحب والبشرية

فكل ما فى جزيرتك لى محظور

(3)

آيتها المبحرة بلا بحر

أعلمُ أنَّى سأظلُ مبحراً ليسَ فوق الماء

أو على الأرضِ أو فى السماء

إنما سأظلُ مبحراً فى عينيكِ

بلا بداية أو نهاية

سأظلُ مبحراً متحدياً الحيتان

التى سبحتِ معها

وشِعابَ المرجانِ التى إختبئت خلفها

سأظلُ مبحراً متحدياً هزيم الرعد

الذى مازحت نغماته شفتاكِ

سأظلُ مبحراً متحدياً مغيبَ عينيك

وفقدان ضياك

(4)

أيتها الشمسُ البعيدة القريبة

كم تعلَمناَ فى خطواتنا الأولى

أن الإبحار مع أو عكس التيار

لا يرهبه إعصارُ الليلِ أو النهار

فشواطئنا يا عمرى...

لا تعرفُ الحدود أو الأسوار

لا تفرق بين الأسماكِ الصغيرة والحيتان

لا تعرفُ الأعمار

أو الفرقَ بين الشمسِ والقمر

فلم يبق لنا يا عمرى

أن نبحرَ ضد تيار القدر

(5)

إنى لا أحبُ أن أبحرَ

لا فى البحور البيضاء أو الزرقاء

أو بحور الشعراء

لا أستطيع أن أبحرَ فى مياهك الإقليمية

ومعى أبناء البشرية

لا أستطيع أن أدخلَ مياه أعماقك

بلا عنوانٍ أو جنسية

فسفينتنا يا عمرى لا تبحر

ضد تيار الحب والحرية

(6)

إنى أحب أن أبحر فيك

فما أجمل أن تتعانق الشواطىء الزرقاء

مع الصخور

ما أجمل أن يتكلم القلبُ نيابةً عن الشفتين

عما يدور فى الصدور

ما أجملَ أن تبزغَ شمسُ حياتنا

مع أول نشيد الطيور

ما أجملَ أن نبحرَ فىِ مِياهِ أحلامنا

كما نبحرُ فى البحور

(7)

أعلمُ يا عمرى أن لاهدفَ من رحلاتى

ولا سببَ أن أصرح بأحلامى

ورحلاتى وآهاتى

أعلمُ أن السماءَ لا تعانقُ البحر

وأن النجومَ لا تتغزلُ بالشمسِ أو بالقمر

أعلمُ أن العيونَ محظورٌ الإبحار فيها

لكننى سأظلُ أبحر فيك

رغم أنف البشر

سأظلُ مبحراً فيك متحدياً

الأعاصير وسطوة الحر والمطر

سأظلُ أبحر فى عيونك إلى

أبد الدهر...

أبد الدهر...

أبد الدهر...

الأربعاء 18-10-1995م

عودة الى ديوان الشمس العذراء